85
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

يعملون به غالباً ، إلاّ ما كان من الكتب المعتمدة فيعملون به حينئذٍ مع عدم المعارض ، فذكره وعمل به وأشار إلى الواقع» . ۱

روايات الكتب الأربعة مأخوذة من الاُصول والكتب المعتبرة

قد عَرَفتَ أنّ المصادر الأولية لحديث الشيعة كتب معتبرة تسمّى الاُصول ، والشارح جزم هنا بأنّ المشايخ الثلاثة نقلوا في كتبهم من هذه الاُصول ومن سائر الكتب المعتبرة من الجوامع الّتي اُلّفت قبل زمان ثقة الإسلام الكليني ، وتركوا الشواذ من الأخبار الّتي نقلت في الكتب غير المعتبرة ، فصار هذا منشأ حكم الصَدوقين بصحَّة كتبهما .
وقد صرّح بذلك في مواضع :
منها : ما تقدّم آنفاً ضمن كلامه في خاتمة شرح المشيخة ، فراجع .
ومنها : قوله بعد قول الصَدوق : «والمرأة الحائض إذا رأت الطهر في السفر .. . » ، حيث قال : «رواه الكليني عن العدّة ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام . والظاهر أنّ الكليني أخذ الخبر من كتاب الحسن بن محبوب ، كما هو طريقة الشَّيخ والصَدوق ، أو من كتاب أبي عبيدة ؛ لأنّ الاُصول كانت عندهم ، ولهذا حكم الكليني والصَدوق بصحَّة كتابهما ، فلا يضر الضعف بسهل بن زياد» . ۲
ومنها : قوله بعد قول الصَدوق : «وقال أمير المؤمنين عليه السلام صيام شهر الصبر .. .» ، حيث قال : «روى الكليني في الحَسِن كالصحيح عن الحلبي ـ والظاهر أنّ الصَدوق أخذه من كتابه ، فيكون صحيحاً لصحَّة طريقه إلى كتابه أيضاً ، وإن كان الظاهر من التتبع أنّ الكليني رحمه الله أيضاً أخذه من كتابه ، لأنّ طريقه إليه في أكثر أخبار الحلبي واحد ،

1.روضة المتّقين ، ج ۱۱ ، ص ۱۱۷ .

2.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ ـ ۲۶۶ . وللتفصيل اُنظر : المصدر نفسه ، ج ۲ ، ص ۳۶۲ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
84

ما ذكره الصَدوق هو متون الأخبار المسندة فلا يظن به أنّه اجتهاده ، بل اجتهاد الأخباريين ترجيح بعض الأخبار على بعض للقرائن الّتي تظهر لهم في الصحَّة أو الأصحية ...» . ۱

دأب القُدَماء على العمل بأخبار تكررت في الكتب بأسانيد مختلفة

صرّح جمع من العُلَماء بأنّ الحديث ينقسم عند القُدَماء إلى صحيح وضعيف ، فكلّ حديث تكرر في أصل أو أصلين ( فصاعدا ) من الاُصول المعتبرة والكتب المعتمدة بأسانيد مختلفة ، يطلقون عليه تسمية الصحيح ، لأنّ ذلك عندهم كاشف عن وجود أصل للحديث . وبالتكرار يخرج الحديث عن حدّ الغرابة ويصير مستفيضاً ، ويعدون ما يقابل ذلك ـ وهو الحديث الّذي لم يشتهر نقله في الاُصول والكتب المعتبرة ـ ضعيفاً .
ثمّ إنّ الكليني والصَدوق رحمهماالله قد سلكا هذا المنهج حيث كانا على رأس القُدَماء . وقد سار المتأخّرون على منهج القُدَماء عن طريق تتبع كتبهم . ومن المواضع الّتي يستفاد منها ذلك المنهج قول الصَدوق في كتاب الوصية (باب الوصي يمنع الوارث ماله . . . ) حيث قال ـ بعد نقل حديث عن الكليني ـ ما نصّه : «قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : ما وجدت هذا الحديث إلاّ في كتاب محمّد بن يعقوب ، وما رويته إلاّ من طريقه ، حدّثني به غير واحد ، منهم محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضى الله عنه عن محمّد بن يعقوب» . ۲
ويقول الشارح في توضيح كلام الشَّيخ الصَدوق ومنهج القُدَماء في تصحيح الأخبار والعمل بها ما لفظه : «لما كان دأبهم في العمل بالخبر تكرره في الكتب بأسانيد مختلفة وبه يصير الخبر أمّا متواتراً أو مستفيضاً ، ولو لم يكن كذلك كان خبراً واحداً ولا

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۷۹ .

2.المصدر السابق ، ج ۱۱ ، ص ۱۱۷ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5583
صفحه از 296
پرینت  ارسال به