من مسّ ميّتا واجب » الّتي جاءت في إحدى نسخ كتاب من لا يحضره الفقيه «وفي بعض النسخ ، وفي نسخ التهذيب ، «غسل من غسّل» بدله ۱ والمراد به المسّ أيضا» .
والمثال الآخر الّذي يدلّ على الجهود الواسعة للمجلسي في الاطّلاع على نسخ متعددة لتحقيق لفظة واحدة أو مقطع قصير من متن حديث ، وهو ما يُعتبر من مصاديق النوع الثاني ، أي تحقيق متن الحديث اعتماداً على الأحاديث الاُخرى .
يتضح المصداق الآخر لهذا الجهد فيما قام به عند شرحه لخطبة الوسيلة للإمام علي عليه السلام . فقد قارن المجلسي رحمه الله كُلّ متن هذه الخطبة المطوّلة في كتاب من لا يحضره الفقيه مع ثلاثة كتب اُخرى ، هي : نهج البلاغة ، والكافي ، وأمالي الصَّدوق ، ثُمَّ بيّن فروقاتها واحداً واحداً بكلّ صبر وأناة ، يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال : «مفتضحات النوائب» بدلاً من «مفظعات النوائب» ، و«لا نصب أوضع من الغضب» بدلاً من «لا نسب .. . » ، و«وإن سعد بالرضا» بدلاً من «أو أسعده بالرضا» في نهج البلاغة . ۲
وقد كشف المجلسي رحمه الله ـ عن طريق هذه المراجعات الكثيرة إلى النسخ المختلفة ـ عن كثير من سقطات ونواقص وزيادات النُسّاخ والرواة الّتي تجعل إسناد أو فهم الحديث يواجه صعوبة عسيرة ، وأشار إلى كُلّ واحد من هذه الموارد ، فقال في باب الطهارة عند شرحه لحديث : لما دخل الناس في الدين أفواجاً أتتهم الأزد .. . : «والظاهر أنّه سقط من العبارة شيء ، ويؤيّده ما رواه الصَّدوق في العلل» . ۳
وسبب هذا التحقيق والإرجاع إلى كتب ونسخ اُخرى ، هو النقل المباشر لهذه القضية من قبل الإمام الصادق عليه السلام الّذي لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه و آله ولم يشهد واقعة
1.أي بدلاً من «المسّ» «الغسل» . وجاء على هذا النحو أيضاً في النسخ المطبوعة ، اُنظر : كتاب من لايحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۵ .
2.روضة المتّقين ، ج ۱۳ ، ص ۱۶۹ ـ ۱۷۳ ؛ وللاطّلاع على مثال آخر اُنظر : ج ۱۳ ص ۶۱ وج ۸ ص ۱۰ و۵۴.
3.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۱۷۲ .