157
الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي

من مشايخ الإجازة البحت ، بل لا يستبعد جعله صحيحاً سيّما على قانون الشَّيخ من أنّ الأصل العدالة ، أو لأنّ النهي وقع عن العمل بخبر الفاسق ، والمجهول ليس منه ، بل لا يجوز تفسيقه . وبعض المتأخّرين اصطلحوا على أنّ مرادنا بالفاسق غير معلوم العدالة وهذا الاصطلاح باطل ، بل حرام على الظاهر ، وهم أخطؤوا فيه تجاوز اللّه عنّا وعنهم ، مع أنّهم أفتوا بأنّه لو قال أحد لمستور الحال : يافاسق . فإنّه يُفَسّق ويُعَزَّر ، بل يجب أن يقال : إنّه غير معلوم العدالة أو لا نعرف حاله» . ۱
ثمّ إنّك قد عَرَفتَ أيضاً ممّا نقلناه عن اللوامع أنّ الشارح قال : بأنّ ما اتّصف بعض رجال سنده بوصف رجال الحديث المُوَثَّق ، والبعض الآخر بوصف رجال الخبر الحَسن لم يسمّ باسم خاصٍ وأنّه لابُدّ من لحوقه بالمُوَثَّق أو الحَسن ، وقد قال نحو ذلك في الروضة أيضاً ، إلاّ أنّه أضاف إلى ذلك تفصيلاً آخر ، حيث قال ـ في شرح خبر نقله الصَدوق عن أبي بصير ـ : «طريق الصَدوق إلى أبي بصير مذكور في الفهرست ، مشتمل على ممدوح ومُوَثَّق ، وهذا النوع من الخبر لم يسمّ باسم على اصطلاح المتأخّرين . والظاهر أنّه منوط على اعتقاد الفقيه في الحَسن والمُوَثَّق ، فإن كان عنده الحَسِن أحسن فالحديث مُوَثَّق ، وبالعكس حَسن ؛ لأنّه تابع لأخسّ الرجال كالنتيجة أو تابع لأحوالهم فإنّها مختلفة غاية الاختلاف ، فإنّ الحَسِن باعتبار حمران أو الكاهلي أو إبراهيم بن هاشم مقدّم على مُوَثَّق علي بن أبي حمزة أو ابنه الحسن أو السكوني وأضرابهم ، والمُوَثَّق بأبان بن عثمان والحسن بن علي بن فضّال وعبداللّه بن بكير مقدّم على الحَسن بسلام ومثنى بن عبد السلام ومثنى بن الوليد» . ۲
هذا آخر قول الشارح في عدم تسمية هذا النوع ، لكن نرى بعد عصر الشارح أنّ بعض أهل الدراية ـ بعد أن قال : إنّ القوي بمعناه الأعمّ هو ما يدخل فيه جميع ما

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۵ ـ ۳۹۶ .

2.المصدر السابق ، ج ۱ ، ص ۸۸ ـ ۸۹ .


الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
156

الخبر القوي

قد عَرَفتَ آنفاً أنّ الشارح فرّق بين ما رواه الراوي الّذي صرّح عُلَماء الرجال بضعفه ، وبين ما رواه الراوي الّذي لم يُنَصّ عليه بمدح ولا ذمّ ، فسمّى هذا الحديث بالمجهول واعتَقَدَ أنّه أقوى ممّا رواه الضعيف ؛ لأنّه يمكن أن يكون ثقة ، فالظنّ الحاصل بصدور روايته عن المعصوم أقوى بالنسبة إلى ما رواه الراوي الضعيف .
ثمّ قال بعد ذلك ـ بفاصل قريب ـ : « .. . وسمّيتُ مجهول الحال قوياً ، كما فعل الشهيد الأوّل عليه الرحمة» . ۱
هذا ما قاله الشارح في اللوامع (باللغة الفارسية) وأمّا في الروضة فقال في آخر شرح خطبة الفقيه : « .. . ونحن مَيَّزنا في هذا الكتاب (الراوي) المجهول الحال من الضعيف ، وإن كان المعروف بين الأكثر عدم الفرق .
وبعضهم يسمّي المجهول بالقوي ويعمل به بناء على أنّ الأصل العدالة ، أو على أنّ العلم بالفسق مانع من القبول ؛ لقوله تعالى «إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ» ۲ . والأكثر على أنّ الفسق مانع بناء على أنّ الألفاظ وضعت للمعاني الواقعية وإن كان التكليف بحسب ظنّ الراوي فلا يحصل ظنّ عدم المانع إلاّ بظنّ العدالة ، وإن كان يمكن أن يقال : إنّ الإيمان والإسلام يكفي في ظنّ عدم الفسق» . ۳
فترى في هذه العبارة تفصيل ما تقدّم من اللوامع في وجه قوة مروي الراوي المجهول بالنسبة إلى مروي الضعيف ، وقد أكّد ذلك في شرح رجال الفقيه ونفى البُعد عن الحكم بصحَّة مروي المجهول إذا كان من مشايخ الإجازة ، فقال في ترجمة علي بن الحسين السَعْدآبادي : «جعل بعض الأصحاب حديثه حسناً ولابأس به ؛ لأنّه

1.لوامع صاحبقراني ، ج ۱ ، ص ۱۰۵ . راجع النص الأصلي باللغة الفارسية في نهاية الكتاب ، الملحق رقم ۵ .

2.الحجرات : ۶ .

3.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۹ .

  • نام منبع :
    الأُسس الحديثيّة و الرّجاليّة عند العلّامة الشّيخ محمّد تقي المجلسي
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدرضا جدیدی نژاد و عبدالهادی مسعودی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5538
صفحه از 296
پرینت  ارسال به