كتاب معاني الأخبار للصدوق .
وعلى العموم في الكثير من الحالات هناك قرائن تفيد العلم ، والظاهر أنّ مثل هذا الخبر يجب العمل به ، كما يقول أكثر العُلَماء .
الثالث : خبر الواحد ، وهو الخبر الّذي لا يحصل العلم به سواء كان راويه شخصاً واحداً أو ألف شخص ، وإذا نقل ثلاثة أشخاص أو أكثر خبراً وحصل منه ظن متاخم للعلم وقريب منه ، يُسمّى هذا الخبر مستفيضاً . وهو من أفراد خبر الواحد . وهناك من لا يقرّون حجّية خبر الواحد ، لكنّ البعض منهم يعتبرون هذا النوع حجّة وغيره ليس بحجّة ، وهناك جماعة لا يقرّون حجيّة كلا القسمين ، ويستدلّون على ذلك بالآيات والأخبار الّتي نهت عن اتباع الظن وكلّ ما لا يفيد العلم .
والأظهر هو أنّه يمكن العمل بخبر الواحد ؛ لأنّه كان مدار أصحاب الأئمّة المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم ـ طيلة زمن مديد يربو على مئتي سنة . وكان كلّ واحد من أصحاب أئمة الهدى ـ صلوات اللّه عليهم ـ متى ما وصله خبر منهم كان يعمل به ، من غير أن ينظر إلى التواتر أو الآحاد . وكان أئمة الهدى يأمرون شيعتهم بأخذ أحاديثهم عنهم والعمل بها من غير فرق بين المتواتر والمحفوف بالقرائن والمستفيض وخبر الواحد ، إلاّ عند الضرورة حينما يكون هناك معارض للخبر ، وأمروا الكثير من أصحابهم بالرجوع إلى الأصحاب ، والحال أنّ نهاية صفتهم الوثاقة والفضل والعلم .
وقد كتبتُ رسالة في هذا الباب تضم الأخبار المتواترة الدالة على حجّية أخبار الآحاد ، وظواهر الآيات أيضاً تدلّ على ذلك مثل الآية « فَلَوْلاَ نَفَرَ » كما مر ، والآية «إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» أي إذا جاءكم فاسق بخبر تأملوا فيه ولا تعملوا به حتّى يظهر لكم صدقة ، ومفهوم هذه الآية هو إذا جاءكم غير الفاسق أو العادل بخبر لا تتأمّلوا فيه واعملوا به» . ۱