التصدير
انسابَ الحديث من بعد عصر صدوره بين طيّات التاريخ وثناياه ، وكان أصحاب المعصومين أوّل من أخذوا على عاتقهم مهمّة نقل وفهم وتدوين الحديث. ومن بعدهم اهتمّ المحدّثون المتبحّرون الشيعة بأمر الحديث وركّزوا جهودهم عليه.
ولاشكّ في أنّ معرفة الاُسس والاُصول الّتي اعتمدها أصحاب المعصومين، ومحدثو العهود الاُولى تمثل مفتاحاً تُحلّ به الكثير من العُقد المستعصية في فهم الحديث. وفي مجال إسناد الروايات وعلم الرجال بذل الكثير من قدماء الأصحاب جهوداً كبرى وألّفوا كتباً مهمّة في هذا الحقل، بيد أنّ أكثرها قد عفا عليها الزمن ، ولم تصل إلى أيدي المتأخّرين ، وتتجلّى هذه المشكلة أكثر ما تتجلّى بشأن المؤلّفات الّتي كتبت حتّى القرنين الرابع والخامس ، ولكن من حسن الحظّ أنّ الكثير من هذه الاُسس والاُصول الحديثية ممّا كان مدوّناً في المصادر القديمة ، أو ما كان قد نُقل منها مشافهة عبر الأجيال، قد وصلت إليهم في القرون الوسطى(من التاريخ الهجري) ، أو أنّهم انتزعوها اجتهاداً واستناداً إلى المصادر المتوفّرة يومذاك، ولكن بمعلومات تتناسب مع طبيعة ذلك العصر، في ما كان قد سُجّل بين ثنايا المتون ذات الصِّلة بالحديث.
وانطلاقاً ممّا سبق ذكره، فإنّ دراسة الكتب المتعلّقة بالحديث ـ وخاصّة شرح الأحاديث ـ تكشف لنا عن مثل هذه الاُسس والاُصول في التعامل مع الحديث.