23
الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة

وقراءة هذه المجموعة هي في الحقيقة قراءة لمجموعة من الأحاديث المتنوّعة كلّ التنوّع، ويرى الباحث عند مراجعته للمصادر ـ المشار إليها في الهامش ـ كيفية مجيء الأحاديث المتّحدة والمتشابهة في كتب الأخبار ؛ حيث يستطيع المقارنة بينها، وتحصل له من خلال مقارنتها معلومات كثيرة عن كيفية ورود الروايات المتّحدة في المصادر الحديثية، وسير الحديث في زمن المتقدمين، ودراسة أخطاء النسخ، ودراسة أسانيدها وتصحيحها، وحجم الروايات المتكرّرة ومعرفة مصادرها وما وصلت إليه دراسة علم الحديث عند الأصحاب، وما ينبغي القيام به من أعمال تناسب حركتنا العلمية، وتدارك بعض النواقص المطروحة فيها، إضافة إلى مادّتها الغنية المستخرجة من مناهل أهل بيت الرسالة والوصاية ؛ من الأحكام، والمواعظ، والحكم، ومكارم الأخلاق، وأخبار السماء والعالم ؛ والتوحيد، والعقائد، وفضل بعض الأعمال، ومسائل اُخرى مهمّة لا يعرفها إلاّ الأوحدي من العلماء.

إنّ من تأمّل في هذا الكتاب يقف على حقائق بيّنة كثيرة في مختلف العلوم والمعارف التي ترتبط بالنبيّ وآله ـ صلوات اللّه‏ عليهم أجمعين ـ والتي ربّما لم تكن بهذه الكثرة في الكتب الاُخرى بالنظر إلى حجمه الصغير، وإن كان اُسلوبه غير مألوف للمراجعين ؛ لعدم رؤيتهم لمثله. فالمراجع من خلال الاطلاع على متون هذه المجموعة وما نقل عنها في مجاميعنا الحديثية تحصل له صورة عن طبيعة كتب الحديث عند أصحاب الأئمّة الأطهار ؛ ولذا ينحلّ باتضاح هذه الصورة كثير من إبهامات المجاميع الحديثية المتقدّمة التي حصلت نتيجة الجهل بكيفية نقل الرواية وانتزاعها من اُصولها وإيرادها بأشكال جديدة في تلك المجاميع، والتي يمكن بواسطتها فهم كثيرٍ من هذه الإبهامات التي لأجلها يخدش أحيانا في حجيّة كثير من الأخبار.

ومن خلال قراءة أحاديث هذه المجموعة تنعكس طبيعة اُصول القدماء والأحاديث الموجودة فيها، وكيفية أخذ أصحاب الجوامع الحديثية من هذه الاُصول،


الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة
22

التي دُوّنت على أساس هذه الاُصول ؛ ولذا نرى أنّها لم تأتِ في الكتب الأربعة وأمثالها من كتب الأخبار، إلاّ ما جاء من باب الغفلة أو الاشتباه في الاستنباط. ونحن ورعايةً منّا للأمانة العلمية أوردناها كما هي ؛ ذلك أنّها تبيّن الصورة العامة للاُصول الأوّلية في المتقدّمين.

والنكتة الاُخرى التي يجب الإشارة إليها هي أنّ جُلّ الكتب الحديثية الموجودة في عصرنا لم تأخذ عن هذه الاُصول مباشرةً، بل بواسطة بعض الجوامع الحديثية ومصنفات الفحول من الرواة، كابن أبي عمير والحسين بن سعيد ومحمّد بن أبي نصر البزنطي والبرقي وغيرهم ممن أدركوا أصحاب هذه الاُصول، وحضروا عندهم، وأخذوا أخبارهم، وأدرجوها في كتبهم. وكانت هذه الاُصول من منابع علمهم وذخائر فضلهم، وكان ما ينتخبونه منها موردَ رأيهم وحكمهم وفتواهم وعملهم، وإذا كان بعض أخبارها من المتعارضات فربّما يظهر من إيرادها في كتبهم أنهم يعملون بها من باب التخيير أو الترجيح بينها. وثمّة أسرار اُخرى في هذه المجموعة لا تزال مكتومة.

ونظرا لأنّ أصحاب هذه الاُصول عاصروا الأئمّة الأطهار عليهم‏السلام وأخذوا عنهم الحديث مباشرة أو بواسطة من أخذ عنهم واشترك في مجلس الإمام عليه‏السلام، لذلك يرى المراجع نفسه كأنّه يعيش في تلك الأعصار مع الأئمّة الأطهار وأصحابهم الأخيار، وهي نعمة عظيمة وافتخار كبير، والحمد للّه.

خصائص المجموعة

تمتاز هذه المجموعة عن سائر الكتب الاُخرى بخصائص ومميّزات يقف عليها المراجع عند التأمّل والتدقيق فيها. فمن خصائصها أنّها تتألّف من مجموعة روايات متفرّقة يكتنف بعضها الغموض وعدم الوضوح في المعنى ما لم تقترن بروايات اُخرى متّحدة معها في الموضوع، أو تخالف بحسب ظاهرها الأخبار الاُخرى، فيجب التفقّه فيها بالجمع بينها، وإعمال القواعد والاُصول اللازمة للعمل بالحديث.

  • نام منبع :
    الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة
    سایر پدیدآورندگان :
    ضیاء الدین محمودى
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3531
صفحه از 428
پرینت  ارسال به