مراجعة نفس تلك الاُصول ؛ حيث كان الكثير منها فاقدا للتبويب وأيضا يتطلّب من المراجع صرف الوقت الطويل.
وكان من جملة العوامل أيضا أنّ الكثير من تلك الكتب كانت حيازتها بحاجة إلى مال كثير خارج عن قدرة الأفراد.
ومن الملاحظ أنّه بعد مضي جيلين أو ثلاثة لم تعتنِ الحوزات الدينية بتلك الكتب، ونشأت الزعامة الدينية في هذه الأجواء، لذلك لم تولها الاهتمام والرعاية المناسبة.
ولذا نجد جلّ الكتب التي كتبها فضلاء المسلمين ـ الموالين لأهل البيت عليهمالسلام ـ في التاريخ والمغازي والفضائل قد انعدمت. ولكن مع ذلك فإنّ ما ورد منها في كتب القوم كثير، وذلك لم يكن عن اختيار ورغبة منهم بل عن اضطرار ؛ لأنّهم لو أعرضوا عنها لما بقي لهم شيء. وبذلك اعترف الذهبي في مقدّمة أحد كتبه الرجالية في جوابه عن الاعتراض القائل: لماذا ينقل كثيرا في كتبه عن رواة الشيعة؟
واستمرّت هذه المرحلة إلى عصرنا الحاضر باستثناء بعض الفترات التي تخلّلته ؛ كالعصر الصفوي الذي ازدهرت فيه أيضا حركة علم الحديث ؛ فإنّ معظم التراث الشيعي الموجود اليوم هو إمّا من نسخة مستنسَخة في ذلك العصر، وإمّا من نسخة مستنسَخة عن نسخة كتبت في ذلك العصر. ولا يخفى على المحصّلين الدور الهامّ الذي كان لعلماء هذا العصر في تنشيط حركة علم الحديث التي كان من نماذجها المهمّة ما قام به العلمان المجلسيّ والشيخ الحرّ العامليّ رحمهمااللهمن جهود مضنية في هذا المجال ؛ فإنّ الكثير من النسخ الخطّية إمّا ترجع إليهما أو ترجع إلى نسخة استنسخت عن نسخهما.
فهذه ثلاث مراحل من مراحل ضياع التراث الإسلامي، والسياسة كانت أهمّ عامل مؤثر في طمسه، وكان لها تأثير سلبي شديد ومباشر على اقتصاد المجتمع، خصوصا طبقة العلماء المناوئين للسياسة الحاكمة، ولم يكن التأثير الاقتصادي في كثير من