15
الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة

العلميّة لاستخراج لآلئها وإحيائها كما فعل ابن أبي عمير.

وكان من جملة الأسباب التي دعت إلى ذلك أنّ الرواة المتظلّعين ـ أمثال ابن أبي عمير ـ كانوا ينتخبون الأحاديث التي تمتاز بأهمّية خاصّة عندهم ؛ كعدم ورودها عن شخص آخر، أو أنّ الرواية في ذلك المعنى قليلة، أو وجود غموض في بعضها، أو احتواء الرواية على بعض الإيضاحات أو المعاني الإضافية.

ولأغراض معيّنة كانوا يلخّصون بعض كتب الرواية والاُصول التي كانت تنسب إلى الأشخاص، وكانوا يحتفظون بذلك المنتخب عندهم بصورة مستقلة، أو أنّ هذه الكتب لم تكن لهم وإنّما كانوا يستعيرونها من أصحابها لعدم القدرة على الشراء، فينقلون ما يهمّهم من الأحاديث ثمّ يردّونها إلى أصحابها. ولذا نرى أنّ الكتب المنسوبة إلى الأفراد بصورة مطلقة متعدّدة ويختلف بعضها مع بعض ؛ ولأجل ذلك نجد أصحاب الفهارس يقولون: «له كتاب»، وأحيانا يضيفون: «إنّ لكتابه روايات متعدّدة ؛ فهي مختلفة ومتعدّدة باختلاف رواتها». ومن هنا نرى لأصحاب كتب مجموعتنا هذه روايات كثيرة عن الإمام المعصوم مباشرة، ولا وجود لها في هذا الكتاب ؛ وهذا يثبت وجود كتب اُخرى لهم غير هذا الكتاب.

وهذه التلخيصات لم تكن منحصرة بكتب الرواية، بل أصحاب الأئمّة عليهم‏السلام أنفسهم لم يرووا جميع ما كانوا يسمعونه من الإمام، بل كانوا يلخّصونه ويحصرونه بالمهمّ منه ـ من جهتهم ـ وبنتائجه ؛ ولذا كانت الروايات المختلفة للحديث الواحد تجيء مختلفة من حيث التفصيل والتلخيص ؛ كما في الحديث (۳۲) من كتاب عاصم من مجموعتنا هذه، التي يصحّ لكلّ منها إطلاق أنّها من أصله أو من كتابه.

ولولا وجود هذه النسخة من الاُصول، والمقارنة بين أحاديث أصحابها والأحاديث التي وردت عنهم في الكتب الاُخرى، وبينها وبين الأحاديث المتّحدة معها أو المشابهة لها التي وردت في كتب الأخبار عن الرواة الآخرين، والمتاعب التي تحمّلناها في سبيل تحقيقها، لَما كان لنا حلّ كثير من هذه الإبهامات.


الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة
14

سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الاُصول التي رواها أهل العلم من حملة حديث أهل البيت وأقدمها ؛ لأنّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنّما هو عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأمير المؤمنين عليه‏السلام والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذرّ، ومن جرى مجراهم ممّن شهد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله و أمير المؤمنين عليه‏السلام وسمع منهما. وهو من الاُصول التي ترجع الشيعة إليها ويعوّل عليها»۱.

وفي فهرست ابن النديم ـ عند ذكر أسماء كتب أبان بن تغلب ـ قال: «كتاب من الاُصول في الرواية على مذاهب الشيعة»۲.

فظهر من هذه الكلمات: أنّ الأصل كان يطلق على كلّ كتاب للرواية، وفي الغالب كان ينسب إلى جامعه بالهيئة الخاصّة، وأحيانا ـ وبضرب من التأويل ـ كان ينسب للرواة له، وكان له صورة خاصة متعارفة في ذلك العصر.۳

ويظهر من بعض القرائن أنّ بعض كتب الرواية والاُصول ـ التي كانت تنسب إلى الأشخاص ـ كان حصيلة جلسات إملاء الحديث وقراءته، وبعد انتهاء الجلسة كانوا يجيزون لتلامذتهم كتابتها وروايتها عنهم. ولكن ليس معنى هذا القول أنّ جميع الاُصول التي رويت كانت بهذه الصورة وأنّ لأصحابها جلسات منظّمة، بل إنّ بعض الاُصول لم يروِها إلاّ شخص واحد، كما يظهر من بعض كتب الأخبار ؛ فمثلاً: كتاب خلاد في مجموعتنا هذه لم يرد إلاّ من طريق ابن أبي عمير، ولم نعثر له في كتب أصحابنا إلاّ على رواية واحدة، فكلّ ما نقلوه عنه كان من ضمن كتابنا هذا لا غير. ولا يعقل أن يكون رجل متّصفاً برواية الحديث وروايته بهذه القلّة التي لا تتجاوز مجلساً واحداً من مجالس الحديث! وإن كان لا يستبعد وجود روايات اُخرى ورواةٍ آخرين له ولأمثاله لم تصل أخبارهم إلينا. واندرست آثارهم، ولم تكن لرواتها القدرة

1.. الغيبة للنعماني : ص۱۰۱.

2.. فهرست ابن النديم : ص۲۷۶.

3.. لمزيد من الاطّلاع راجع كتاب نهاية الدراية : ص ۵۲۲ ـ ۵۳۵ .

  • نام منبع :
    الأصول الستة عشر من الأصول الأولیة
    سایر پدیدآورندگان :
    ضیاء الدین محمودى
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3718
صفحه از 428
پرینت  ارسال به