۶ / ۱۱ ـ ۲۱
المُناجاةُ الإِنجيلِيَّةُ
۳۷۳.بحار الأنوار: المُناجاةُ الإِنجيلِيَّةُ لِمَولانا عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ علیه السّلاموقَد وَجَدتُها في بَعضِ مَروِيّاتِ أصحابِنا ـــ رَضِيَ اللّهُ عَنُهم ـــ في كِتابِ أنيسِ العابِدينَ مِن مُؤلَّفاتِ بَعضِ قُدَمائِنا عَنهُ علیه السّلام، وهِيَ:
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللَّهُمَّ بِذِكرِكَ أستَفتِحُ مَقالي، وبِشُكرِكَ أستَنجِحُ سُؤالي، وعَلَيكَ تَوَكُّلي في كُلِّ أحوالي، وإيّاكَ أمَلي فَلا تُخَيِّب آمالي.
اللَّهُمَّ بِذِكرِكَ أستَعيذُ وأَعتَصِمُ، وبِرُكنِكَ ألوذُ وأَتَحَزَّمُ، وبِقُوَّتِكَ أستَجيرُ وأَستَنصِرُ، وبِنورِكَ أهتَدي وأَستَبصِرُ، وإيّاكَ أستَعينُ وأَعبُدُ، وإلَيكَ أقصِدُ وأَعمِدُ، وبِكَ اُخاصِمُ واُحاوِلُ۱، ومِنكَ أطلُبُ ما اُحاوِلُ، فَأَعِنّي يا خَيرَ المُعينينَ، وقِنِي المَكارِهَ كُلَّها يا رَجاءَ المُؤمِنينَ.
الحَمدُ للَّهِ المَذكورِ بِكُلِّ لِسانٍ، المَشكورِ عَلیٰ كُلِّ إحسانٍ، المَعبودِ في كُلِّ مَكانٍ، مُدَبِّرِ الاُمورِ، ومُقَدِّرِ الدُّهورِ، وَالعالِمِ بِما تُجِنُّهُ البُحورُ وتُكِنُّهُ الصُّدورُ ويُخفيهِ الظَّلامُ، ويُبديهِ النّورُ، الَّذي حارَ في عِلمِهِ العُلَماءُ، وسَلَّمَ لِحُكمِهِ الحُكَماءُ، وتَواضَعَ لِعِزَّتِهِ العُظَماءُ، وفاقَ بِسَعَةِ فَضلِهِ الكُرَماءُ، وسادَ بِعَظيمِ حِلمِهِ الحُلَماءُ.
وَالحَمدُ للَّهِ الَّذي لا يُخفَرُ۲ مَنِ انتَصَرَ بِذِمَّتِهِ، ولا يُقهَرُ مَنِ استَتَرَ بِعَظَمَتِهِ، ولا يُكدي۳ مَن أذاعَ شُكرَ نِعمَتِهِ، ولا يَهلِكُ مَن تَغَمَّدَهُ بِرَحمَتِهِ،
ذِي المِنَنِ الَّتي لا يُحصيهَا العادّونَ، وَالنِّعَمِ الَّتي لا يُجازيهَا المُجتَهِدونَ، وَالصَّنائِعِ الَّتي لا يَستَطيعُ دَفعَهَا الجاحِدونُ، وَالدَّلائِلِ الَّتي يَستَبصِرُ بِنورِهَا المَوجودونَ.
أحمَدُهُ جاهِراً بِحَمدِهِ، شاكِراً لِرِفدِهِ، حَمدَ مُوَفَّقٍ لِرُشدِهِ، واثِقٍ بِعَدلِهِ، لَهُ الشُّكرُ الدّائِمُ، وَالأَمرُ اللّازِمُ.
اللَّهُمَّ إيّاكَ أسأَلُ، وبِكَ أتَوَسَّلُ، وعَلَيكَ أتَوَكَّلُ، وبِفَضلِكَ أغتَنِمُ، وبِحَبلِكُ أعتَصِمُ، وفي رَحمَتِكَ أرغَبُ، ومِن نَقِمَتِكَ أرهَبُ، وبِقُوَّتِكَ أستَعينُ، وبِعَظَمَتِكَ أستَكينُ۴.
اللَّهُمَّ أنتَ الوَلِيُّ المُرشِدُ، وَالغَنِيُّ المُرفِدُ، وَالعَونُ المُؤيِّدُ، [وَ] الرّاحِمُ الغَفورُ، وَالعاصِمُ المُجيرُ، وَالقاصِمُ المُبيرُ۵، وَالخالِقُ الحَليمُ، وَالرّازِقُ الكَريمُ، وَالسّابِقُ القَديمُ.
عَلِمتَ فَخَبَرتَ، وحَلُمتَ فَسَتَرتَ، ورَحِمتَ فَغَفَرتَ، وعَظُمتَ فَقَهَرتَ، ومَلَكتَ فَاستَأثَرتَ، وأَدرَكتَ فَاقتَدَرتَ، وحَكَمتَ فَعَدَلتَ، وأَنعَمتَ فَأَفضَلتَ، وأَبدَعتَ فَأَحسَنتَ، وصَنَعتَ فَأَتقَنتَ، وجُدتَ فَأَغنَيتَ، وأَيَّدتَ فَكَفَيتَ، وخَلَقتَ فَسَوَّيتَ، ووَفَّقتَ فَهَدَيتَ.
بَطَنتَ الغُيوبَ، فَخَبَرتَ مَكنونَ أسرارِها، وحُلتَ بَينَ القُلوبِ وبَينَ تَصَرُّفِها عَلَى اختِيارِها، فَأَيقَنَتِ البَرايا أنَّكَ مُدَبِّرُها وخالِقُها، وأَذعَنَت أنَّكَ مُقَدِّرُها ورازِقُها، لا إلٰهَ إلّا أنتَ، تَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّاً كَبيراً.
اللَّهُمَّ إنّي اُشهِدُكَ وأَنتَ أقرَبُ الشّاهِدينَ، واُشهِدُ مَن حَضَرَني مِن مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ، وعِبادِكَ الصّالِحينَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ أجمَعينَ، أنّي أشهَدُ بِسَريرَةٍ زَكِيَّةٍ، وبَصيرَةٍ مِنَ الشَّكِّ بَريئَةٍ،
شَهادَةً أعتَقِدُها بِإِخلاصٍ وإيقانٍ، واُعِدُّها طَمَعاً فِي الخَلاصِ وَالأَمانِ، اُسِرُّها تَصديقاً بِرُبوبِيَّتِكَ، واُظهِرُها تَحقيقاً لِوَحدانِيَّتِكَ، ولا أصُدُّ عَن سَبيلِها، ولا اُلحِدُ في تَأويلِها: أنَّكَ أنتَ اللَّهُ رَبّي لا اُشرِكُ بِكَ أحَداً، ولا أجِدُ مِن دونِكَ مُلتَحَداً.
لا إلٰهَ إلّاَ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الواحِدُ الَّذي لا يَدخُلُ في عَدَدٍ، وَالفَردُ الَّذي لا يُقاسُ بِأَحَدٍ، عَلا عَنِ المُشاكَلَةِ وَالمُناسَبَةِ، وخَلا مِنَ الأَولادِ وَالصّاحِبَةِ. سُبحانَهُ مِن خالِقٍ ما أصنَعَهُ، ورازِقٍ ما أوسَعَهُ، وقَريبٍ ما أرفَعَهُ، ومُجيبٍ ما أسمَعَهُ، وعَزيزٍ ما أمنَعَهُ، (لَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلْأَعْلَیٰ فِى ٱلسَّمَٰوَ ٰتِ وَ ٱلْأَرْضِ وَ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ)۶.
وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً نَبِيُّهُ المُرسَلُ، ووَلِيُّهُ المُفَضَّلُ، وشَهيدُهُ المُستَعدَلُ، المُؤيَّدُ بِالنّورِ المُضيءِ، وَالمُسَدَّدُ بِالأَمرِ المَرضِيِّ، بَعَثَهُ بِالأَوامِرِ الشّافِيَةِ، وَالزَّواجِرِ النّاهِيَةِ، وَالدَّلائِلِ الهادِيَةِ، الَّتي أوضَحَ بُرهانَها، وشَرَحَ بُنيانَها، في كِتابٍ مُهَيمِنٍ عَلیٰ كُلِّ كِتابٍ، جامِعٍ لِكُلِّ رُشدٍ وصَوابٍ، فيهِ نَبَأُ القُرونِ، وتَفصيلُ الشُّؤونِ، وفَرضُ الصَّلاةِ وَالصِّيامِ، وَالفَرقُ بَينَ الحَلالِ وَالحَرامِ، فَدَعا إلیٰ خَيرِ سَبيلٍ، وشَفیٰ مِن هُيامِ الغَليلِ، حَتّیٰ عَلاَ الحَقُّ وظَهَرَ، وزَهَقَ الباطِلُ وَانحَسَرَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ صَلاةً دائِمَةً مُمَهَّدَةً، لا تَنقَضي لَها مُدَّةٌ، ولا يَنحَصِرُ لَها عِدَّةٌ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ما جَرَتِ النُّجومُ فِي الأَبراجِ، وتَلاطَمَتِ۷ البُحورُ بِالأَمواجِ، ومَا ادلَهَمَّ۸ لَيلٌ داجٍ، وأَشرَقَ نَهارٌ ذُو ابتِلاجٍ، وصَلِّ عَلَيهِ وآلِهِ ما تَعاقَبَتِ الأَيّامُ، وتَناوَبَتِ الأَعوامُ، وما خَطَرَتِ الأَوهامُ، وتَدَبَّرَتِ الأَفهامُ، وما بَقِيَ الأَنامُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ خاتَمِ الأَنبِياءِ وآلِهِ البَرَرَةِ الأَتقِياءِ، وعَلیٰ
عِترَتِهِ النُّجَباءِ، صَلاةً مَعروفَةً [مَقرونَةً] بِالتَّمامِ وَالنَّماءِ، وباقِيَةً بِلا فَناءٍ وَ[لاَ] انقِضاءٍ.
اللَّهُمَّ رَبَّ العالَمينَ، وأَحكَمَ الحاكِمينَ، وأَرحَمَ الرّاحِمينَ، أسأَ لُكَ مِنَ الشَّهادَةِ أقسَطَها، ومِنَ العِبادَةِ أنشَطَها، ومِنَ الزِّيادَةِ أبسَطَها، ومِنَ الكَرامَةِ أغبَطَها، ومِنَ السَّلامَةِ أحوَطَها، ومِنَ الأَعمالِ أقسَطَها، ومِنَ الآمالِ أوفَقَها، ومِنَ الأَقوالِ أصدَقَها، ومِنَ المَحالِّ أشرَفَها، ومِنَ المَنازِلِ ألطَفَها، ومِنَ الحِياطَةِ أكنَفَها، ومِنَ الرِّعايَةِ أعطَفَها، ومِنَ العِصمَةِ أكفاها، ومِنَ الرّاحَةِ [الرَّحمَةِ] أشفاها، ومِنَ النِّعمَةِ أوفاها، ومِنَ الهِمَمِ أعلاها، ومِنَ القِسَمِ أسناها، ومِنَ الأَرزاقِ أغزَرَها، ومِنَ الأَخلاقِ أطهَرَها، ومِنَ المَذاهِبِ أقصَدَها، ومِنَ العَواقِبِ أحمَدَها، ومِنَ الاُمورِ أرشَدَها، ومِنَ التَّدابيرِ أوكَدَها، ومِنَ الجُدودِ أسعَدَها، ومِنَ الشُّؤونِ أعوَدَها، ومِنَ الفَوائِدِ أرجَحَها، ومِنَ العَوائِلِ أنجَحَها، ومِنَ الزِّياداتِ أتَمَّها، ومِنَ البَرَكاتِ أعَمَّها، ومِنَ الصّالِحاتِ أعظَمَها.
اللَّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ قَلباً خاشِعاً زَكِيّاً، ولِساناً صادِقاً عَلِيّاً، ورِزقاً واسِعاً هَنيئاً، وعَيشاً رَغَداً مَرِيّاً، وأَعوذُ بِكَ مِن ضَنكِ المَعاشِ، ومِن شَرِّ كُلِّ ساعٍ وواشٍ، وغَلَبَةِ الأَضدادِ وَالأَوباشِ، وكُلِّ قَبيحٍ باطِنٍ أو فاشٍ، وأَعوذُ بِكَ مِن دُعاءٍ مَحجوبٍ، ورَجاءٍ مَكذوبٍ، وَحياءٍ مَسلوبٍ، وَاحتِجاجٍ مَغلوبٍ، ورَأيٍ غَيرِ مُصيبٍ.
اللَّهُمَّ أنتَ المُستَعانُ وَالمُستَعاذُ، وعَلَيكَ المُعَوَّلُ وبِكَ المَلاذُ، فَأَنِلني لَطائِفَ مِنَنِكَ فَإِنَّكَ لَطيفٌ، فَلا تَبتَلِيَنّي بِمِحَنِكَ فَإِنّي ضَعيفٌ، وتَوَلَّني بِعَطفِ تَحَنُّنِكَ يا رَؤُوفُ، يا مَن آوَى المُنقَطِعينَ إلَيهِ، وأَغنَى المُتَوَكِّلينَ عَلَيهِ، جُد بِغِناكَ عَن فاقَتي، ولا تُحَمِّلني
فَوقَ طاقَتي.
اللَّهُمَّ اجعَلني مِنَ الَّذينَ جَدّوا في قَصدِكَ فَلَم يَنكِلوا، وسَلَكُوا الطّريقَ إلَيكَ فَلَم يَعدِلوا، وَاعتَمَدوا عَلَيكَ فِي الوُصولِ حَتّیٰ وَصَلوا، فَرَوَّيتَ قُلوبَهُم مِن مَحَبَّتِكَ، وآنَستَ نُفوسَهُم بِمَعرِفَتِكَ، فَلَم يَقطَعهُم عَنكَ قاطِعٌ، ولا مَنَعَهُم عَن بُلوغِ ما أمَّلوهُ لَدَيكَ مانِعٌ، فَـــ (هُمْ فِى مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ)۹.
اللَّهُمَّ لَكَ قَلبي ولِساني، وبِكَ نَجاتي وأَماني، وأَنتَ العالِمُ بِسِرّي وإعلاني، فَأَمِت قَلبي عَنِ البَغضاءِ، وأَصمِت لِساني عَنِ الفَحشاءِ، وأَخلِص سَريرَتي عَن عَلائِقِ الأَهواءِ، وَاكفِني بِأَمانِكَ عَن عَوائِقِ الضَّرّاءِ، وَاجعَل سِرّي مَعقوداً عَلیٰ مُراقَبَتِكَ، وإعلاني مُوافِقاً لِطاعَتِكَ، وهَب لي جِسماً رَوحانِيّاً، وقَلباً سَماوِيّاً، وهِمَّةً مُتَّصِلَةً بِكَ، ويَقيناً صادِقاً في حُبِّكَ، وأَلهِمني مِن مَحامِدِكَ أمدَحَها، وهَب لي مِن فَوائِدِكَ أسمَحَها، إنَّكَ وَلِيُّ الحَمدِ، وَالمُستَولي عَلَى المَجدِ.
يا مَن لا يَنقُصُ مَلكوتَهُ عِصيانُ المُتَمَرِّدينَ، ولا يَزيدُ جَبَروتَهُ إيمانُ المُوَحِّدينَ، إلَيكَ أستَشفِعُ بِقَديمِ كَرَمِكَ أن لا تَسلُبَني ما مَنَحتَني مِن جَسيمِ نِعَمِكَ، وَاصرِفني بِحُسنِ نَظَرِكَ لي عَن وَرطَةِ۱۰ المَهالِكِ، وعَرِّفني بِجَميلِ اختِيارِكَ لي مُنجِياتِ المَسالِكِ، يا مَن قَرُبَت رَحمَتُهُ مِنَ المُحسِنينَ، وأَوجَبَ عَفوَهُ [مَغفِرَتَهُ] لِلأَوّابينَ، بَلِّغنا بِرَحمَتِكَ غَنائِمَ البِرِّ وَالإِحسانِ، وجَلِّلنا بِنِعمَتِكَ مَلابِسَ العَفوِ وَالغُفرانِ، وأَصحِب رَغَباتِنا بِحَياءٍ يَقطَعُها عَنِ الشَّهَواتِ، وَاحشُ قُلوبَنا نوراً يَمنَعُها مِنَ الشُّبُهاتِ، وأَودِع
نُفوسَنا خَوفَ المُشفِقينَ مِن سوءِ الحِسابِ، ورَجاءَ الواثِقينَ بِتَوفيرِ الثَّوابِ، فَلا نَغتَرَّ بِالإِمهالِ، ولا نُقَصِّرَ في صالِحِ الأَعمالِ، ولا نَفتُرَ مِنَ التَّسبيحِ بِحَمدِكَ فِي الغُدُوِّ وَالآصالِ.
يا مَن آنَسَ العارِفينَ بِطيبِ مُناجاتِهِ، وأَلبَسَ الخاطِئينَ ثَوبَ مُوالاتِهِ، مَتیٰ فَرِحَ مَن قَصَدَت سِواكَ هِمَّتُهُ! ومَتَى استَراحَ مَن أرادَت غَيرَكَ عَزيمَتُهُ! ومَن ذَا الَّذي قَصَدَكَ بِصِدقِ الإِرادَةِ فَلَم تُشَفِّعهُ في مُرادِهِ! أم مَن ذَا الَّذِي اعتَمَدَ عَلَيكَ في أمرِهِ فَلَم تَجُد بِإِسعادِهِ! أم مَن ذَا الَّذِي استَرشَدَكَ فَلَم تَمنُن بِإِرشادِهِ؟!
اللَّهُمَّ عَبدُكَ الضَّعيفُ الفَقيرُ، ومِسكينُكَ اللَّهيفُ المُستَجيرُ، عالِمٌ أنَّ في قَبضَتِكَ أزِمَّةَ التَّدبيرِ، ومَصادِرَ المَقاديرِ عَن إرادَتِكَ، وأَنَّكَ أقَمتَ بِقُدسِكَ حَياةَ كُلِّ شَيءٍ، وجَعَلتَهُ نَجاةً لِكُلِّ حَيٍّ، فَارزُقهُ مِن حَلاوَةِ مُصافاتِكَ ما يَصيرُ بِهِ إلیٰ مَرضاتِكَ، وهَب لَهُ مِن خُشوعِ التَّذَلُّلِ وخُضوعِ التَّقَلُّلِ في رَهبَةِ الإِخباتِ۱۱، وسَلامَةِ المَحيا وَالمَماتِ، ما تُحضِرُهُ كِفايَةَ المُتَوَكِّلينَ، وتُميرُهُ۱۲ بِهِ رِعايَةَ المَكفولينَ، وتُعيرُهُ۱۳ وَلايَةَ المُتَّصِلينَ المَقبولينَ.
يا مَن هُوَ أبَرُّ بي مِنَ الوالِدِ الشَّفيقِ، وأَقرَبُ إلَيَّ مِنَ الصّاحِبِ اللَّزيق۱۴، أنتَ مَوضِعُ اُنسي فِي الخَلوَةِ إذا أوحَشَنِي المَكانُ، ولَفَظَتنِي۱۵ الأَوطانُ، وفارَقَتنِي الاُلّافُ وَالجيرانُ، وَانفَرَدتُ في مَحَلٍّ ضَنكٍ، قَصيرِ السَّمكِ، ضَيِّقِ الضَّريحِ، مُطبَقِ الصَّفيحِ، مَهولٍ مَنظَرُهُ، ثَقيلٍ مَدَرُهُ، مُخَلّاةٍ بِالوَحشَةِ عَرصَتُهُ، مُغَشّاةٍ بِالظُّلمَةِ
ساحَتُهُ، عَلیٰ غَيرِ مِهادٍ ولا وِسادٍ، ولا تَقِدمَةِ زادٍ ولاَ اعتِدادٍ، فَتَدارَكْني [هُنالِكَ] بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَتِ الأَشياءَ أكنافُها، وجَمَعَتِ الأَحياءَ أطرافُها، وعَمَّتِ البَرايا ألطافُها، وعُد عَلَيَّ بِعَفوِكَ يا كَريمُ، ولا تُؤاخِذني بِجَهلي يا رَحيمُ.
اللَّهُمَّ ارحَم مَنِ اكتَنَفَتهُ سَيِّئاتُهُ، وأَحاطَت بِهِ خَطيئاتُهُ، وحَفَّت بِهِ جِناياتُهُ، بِعَفوِكَ ارحَم مَن لَيسَ لَهُ مِن عَمَلِهِ شافِعٌ، ولا يَمنَعُهُ مِن عَذابِكَ مانِعٌ، اِرحَمِ الغافِلَ عَمّا أظَلَّهُ۱۶، وَالذّاهِلَ عَنِ الأَمرِ الَّذي خُلِقَ لَهُ، اِرحَم مَن نَقَضَ العَهدَ وعَذَرَ۱۷، وعَلیٰ مَعصِيَتِكَ انطَویٰ وأَصَرَّ، وجاهَرَكَ بِجَهلِهِ ومَا استَتَرَ، اِرحَم مَن ألقیٰ عَن رَأسِهِ۱۸ قِناعَ الحَياءِ، وحَسَرَ عَن ذِراعَيهِ جِلبابَ الأَتقِياءِ، وَاجتَرَأَ عَلیٰ سَخَطِكَ بِارتِكابِ الفَحشاءِ، فيَا مَن لَم يَزَل عَفُوّاً غَفّاراً، ارحَم مَن لَم يَزَل مُسقَطاً عَثّاراً.
اللَّهُمَّ اغفِر لي ما مَضیٰ مِنّي، وَاختِم لي بِما تَرضیٰ بِهِ عَنّي، وَاعقِد عَزائِمي عَلیٰ تَوبَةٍ بِكَ مُتَّصِلَةٍ، ولَدَيكَ مُتَقَبَّلَةٍ، تُقيلُني بِها عَثَراتي، وتَستُرُ بِها عَوراتي، وتَرحَمُ بِها عَبَراتي، وتُجيرُني بِها إجارَةً مِن مَعاطِبِ انتِقامِكَ، وتُنيلُني بِهَا المَسَرَّةَ بِمَواهِبِ إنعامِكَ، يَومَ تَبرُزُ الأَخبارُ، وتَعظُمُ الأَخطارُ، وتُبلَى الأَسرارُ، وتُهتَكُ الأَستارُ، وتَشخَصُ القُلوبُ وَالأَبصارُ، (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ)۱۹، إنَّكَ مَعدِنُ الآلاءِ وَالكَرَمِ، وصارِفُ اللَأواءِ۲۰ وَالنِّقَمِ.
لا إلهَ إلّا أنتَ، عَلَيكَ أعتَمِدُ، وبِكَ أستَعينُ، وأَنتَ حَسبي، وكَفیٰ بِكَ وَكيلاً، يا مالِكَ خَزائِنِ الأَقواتِ، وفاطِرَ أصنافِ البَرِيّاتِ، وخالِقَ سَبعِ طَرائِقَ مَسلوكاتٍ مِن فَوقِ سَبعِ أرَضينَ مُذَلَّلاتٍ، العالي في وَقارِ العِزِّ وَالمَنَعَةِ، وَالدّائِمُ في كِبرِياءِ الهَيبَةِ وَالرِّفعَةِ، وَالجَوادُ بِنَيلِهِ عَلیٰ خَلقِهِ مِن سَعَةٍ، لَيسَ لَهُ حَدٌّ ولا أمَدٌ، ولا يُدرِكُهُ تَحصيلٌ ولا عَدَدٌ، ولا يُحيطُ بِوَصفِهِ أحَدٌ.
الحَمدُ لِلهِ خالِقِ أمشاجِ۲۱ النَّسَمِ، ومولِجِ الأَنوارِ فِي الظُّلَمِ، ومُخرِجِ المَوجودِ مِنَ العَدَمِ، وَالسّابِقِ الأَزَلِيَّةِ بِالقِدَمِ، وَالجَوادِ عَلَى الخَلقِ بِسَوابِغِ۲۲ النِّعَمِ، وَالعَوّادِ عَلَيهِم بِالفَضلِ وَالكَرَمِ، الَّذي لا يُعجِزُهُ كَثرَةُ الإِنفاقِ، ولا يُمسِكُ خَشيَةَ الإِملاقِ، ولا يَنقُصُهُ إدرارُ الأَرزاقِ، ولا يُدرَكُ بِأَناسِيِّ الأَحداقِ، ولا يوصَفُ بِمُضامَّةٍ ولاَ افتِراقٍ.
أحمَدُهُ عَلیٰ جَزيلِ إحسانِهِ، وأَعوذُ بِهِ مِن حُلولِ خِذلانِهِ، وأَستَهديهِ بِنورِ بُرهانِهِ، واُؤمِنُ بِهِ حَقَّ إيمانِهِ.
وأَشهَدُ أن لا إلهَ إلّاَ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الَّذي عَمَّ الخَلائِقَ جَدواهُ۲۳، وتَمَّ حُكمُهُ فيمَن أضَلَّ مِنهُم وهَداهُ، وأَحاطَ عِلماً بِمَن أطاعَهُ وعَصاهُ، وَاستَولیٰ عَلَى المُلكِ بِعِزٍّ أبَدٍ فَحَواهُ، فَسَبَّحَت لَهُ السَّماواتُ وأَكنافُها، وَالأَرضُ وأَطرافُها، وَالجِبالُ وأَعرافُها۲۴، وَالشَّجَرُ وأَغصانُها، وَالبِحارُ وحيتانُها، وَالنُّجومُ في مَطالِعِها، وَالأَمطارُ في مَواقِعِها، ووُحوشُ الأَرضِ وسِباعُها، ومَدَدُ الأَنهارِ وأَمواجُها، وعَذبُ المِياهِ واُجاجُها۲۵، وهُبوبُ الرّيحِ وعَجاجُها، وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيهِ وَصفٌ وتَسمِيَةٌ، أو يُدرِكُهُ حَدٌّ يَحويهِ، مِمّا يُتَصَوَّرُ فِي الفِكرِ، أو يُتَمَثَّلُ بِجِسمٍ أو قَدَرٍ، أو يُنسَبُ إلیٰ عَرَضٍ أو جَوهَرٍ، مِن صَغيرٍ حَقيرٍ، أو خَطيرٍ كَبيرٍ،
مُقِرّاً لَهُ بِالعُبودِيَّةِ [بالوحدانيّةِ] خاشِعاً، مُعتَرِفاً لَهُ بِالوَاحدانِيَّةِ طائِعاً، مُستَجيباً لِدَعوَتِهِ خاضِعاً، مُتَضَرِّعاً لِمَشِيَّتِهِ مُتَواضِعاً، لَهُ المُلكُ الَّذي لا نَفادَ لِدَيمومِيَّتِهِ، ولاَ انقِضاءَ لِعِدَّتِهِ.
وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ الكَريمُ، ورَسولُهُ الطّاهِرُ المَعصومُ، بَعَثَهُ وَالنّاسُ في غَمرَةِ الضَّلالَةِ ساهونَ، وفي غِرَّةِ الجَهالَةِ لاهونَ، لا يَقولونَ صِدقاً، ولا يَستَعمِلونَ حَقّاً، قَدِ اكتَنَفَتهُمُ القَسوَةُ، وحَقَّت عَلَيهِمُ الشِّقوَةُ، إلّا مَن أحَبَّ اللَّهُ إنقاذَهُ، ورَحِمَهُ وأَعانَهُ، فَقامَ مُحَمَّدٌ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وآلِهِ فيهِم مُجِدّاً في إنذارِهِ، مُرشِداً لِأَنوارِهِ، بِعَزمٍ ثاقِبٍ، وحُكمٍ واجِبٍ، حَتّیٰ تَأَلَّقَ شِهابُ الإِيمانِ، وتَفَرَّقَ حِزبُ الشَّيطانِ، وأَعَزَّ اللَّهُ جُندَهُ، وعُبِدَ وَحدَهُ.
ثُمَّ اختارَهُ اللَّهُ فَرَفَعَهُ إلیٰ رَوحِ جَنَّتِهِ، وفَسيحِ كَرامَتِهِ، فَقَبَضَهُ تَقِيّاً زَكِيّاً راضِياً مَرضِيّاً طاهِراً نَقِيّاً، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ)۲۶، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وعَلیٰ آلِهِ وأَقرَبيهِ، وذَوي رَحِمِهِ ومَواليهِ، صَلاةً جَليلَةً جَزيلَةً، مَوصولَةً مَقبولَةً، لاَ انقِطاعَ لِمَزيدِها، ولاَ اتِّضاعَ لِمَشيدِها، ولاَ امتِناعَ لِصُعودِها، [حتّیٰ] تَنتَهي إلیٰ مَقَرِّ أرواحِهِم، ومَقامِ فَلاحِهِم، فَيُضاعِفُ اللَّهُ لَهُم تَحِيّاتِها، ويُشَرِّفُ لَدَيهِم صَلَواتِها، فَتَتَلَقّاهُم مَقرونَةً بِالرَّوحِ وَالسُّرورِ، مَحفوفَةً بِالنَّضارَةِ وَالنّورِ، دائِمَةً بِلا فَناءٍ ولا فُتورٍ.
اللَّهُمَّ اجعَل أكمَلَ صَلَواتِكَ وأَشرَفَها، وأَجمَلَ تَحِيّاتِكَ وأَلطَفَها، وأَشمَلَ بَرَكاتِكَ وأَعطَفَها، وأَجَلَّ هِباتِكَ وأرأَفَها، عَلیٰ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وأَكرَمِ الاُمِّيّينَ۲۷، وعَلیٰ أهلِ بَيتِهِ الأَصفِياءِ الطّاهِرينَ، وعِترَتِهِ النُّجَباءِ المُختارينَ، وشيعَتِهِ الأَوفِياءِ المُوازِرينَ، مِن أنصارِهِ وَالمُهاجِرينَ، وأَدخِلنا في شَفاعَتِهِ يَومَ الدّينِ، مَعَ مَن دَخَلَ في زُمرَتِهِ مِنَ المُوَحِّدينَ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ.
اللَّهُمَّ أنتَ المَلِكُ الَّذي لا يُمَلَّكُ، وَالواحِدُ الَّذي لا شَريكَ لَكُ، يا سامِعَ السِّرِّ وَالنَّجویٰ، ويا دافِعَ الضُّرِّ وَالبَلویٰ، ويا كاشِفَ العُسرِ وَالبُؤسیٰ، وقابِلَ العُذرِ وَالعُتبیٰ، ومُسبِلَ السِّترِ عَلَى الوَریٰ، جَلِّلني مِن رَأفَتِكَ بِأَمرٍ واقٍ، وسُمني۲۸ مِن رِعايَتِكَ بِرُكنٍ باقٍ، وأَوصِلني بِعِنايَتِكَ إلیٰ غايَةِ السِّباقِ، وَاجعَلني بِرَحمَتِكَ مِن أهلِ الرِّعايَةِ لِلميثاقِ، وَاعمُر قَلبي بِخَشيَةِ ذَوِي الإِشفاقِ، يا مَن لَم يَزَل فِعلُهُ بي حَسَناً جَميلاً، ولَم يَكُن بِسَترِهِ عَلَيَّ بَخيلاً، ولا بِعُقوبَتِهِ عَلَيَّ عَجولاً، أتمِم عَلَيَّ ما ظاهَرتَ مِن تَفَضُّلِكَ، ولا تُؤاخِذني بِما سَتَرتَ عَلَيَّ عِندَ نَظَرِكَ.
سَيِّدي! كَم مِن نِعمَةٍ ظَلَلتُ لِأَنيقِ بَهجَتِها لابِساً، وكَم أسدَيتَ عِندي مِن يَدٍ قَد طَفِقتَ۲۹ بِهدايَتِها مُنافِساً، وكَم قَلَّدتَني مِن مِنَّةٍ ضَعُفَت قُوايَ عَن حَملِها، وذَهِلَت فِطنَتي عَن ذِكرِ فَضلِها، وعَجَزَ شُكري عَن جَزائِها، وضِقتُ ذَرعاً بِإِحصائِها، قابَلتُكَ فيها بِالعِصيانِ، ونَسيتُ شُكرَ ما أولَيتَني فيها مِنَ الإِحسانِ، فَمَن أسوَأُ حالاً مِنّي إن لَم تَتَدارَكني بِالغُفرانِ، وتوزِعني شُكرَ مَا اصطَنَعتَ عِندي مِن فَوائِدِ الاِمتِنانِ، فَلَستُ مُستَطيعاً لِقَضاءِ حُقوقِكَ إن لَم تُؤيِّدني بِصُحبَةِ تَوفيقِكَ.
سَيِّدي! لَولا نورُكَ عَميتُ عَنِ الدَّليلِ، ولَولا تَبصيرُكَ ضَلَلتُ عَنِ السَّبيلِ، ولَولا تَعريفُكَ لَم اُرشَد لِلقَبولِ، ولَولا تَوفيقُكَ لَم أهتَدِ إلیٰ مَعرِفَةِ التَّأويلِ.
فَيا مَن أكرَمَني بِتَوحيدِهِ، وعَصَمَني عَنِ الضَّلالِ بِتَسديدِهِ، وأَلزَمَني إقامَةَ حُدودِهِ، لا تَسلُبني ما وَهَبتَ لي مِن تَحقيقِ مَعرِفَتِكَ، وأَحيِني بِيَقينٍ أسلَمُ بِهِ مِنَ الإِلحادِ في صِفَتِكَ، يا خَيرَ مَن رَجاهُ الرّاجونَ، وأَرأَفَ مَن لَجَأَ إلَيهِ اللّاجونَ، وأَكرَمَ مَن قَصَدَهُ
المُحتاجونَ، ارحَمني إذَا انقَطَعَ مَعلومُ عُمُري، ودَرَسَ ذِكري وَامتَحیٰ أثَري، وبُوِّئتُ فِي الضَّريحِ مُرتَهَناً بِعَمَلي، مَسؤولاً عَمّا أسلَفتُهُ مِن فارِطِ زَلَلي، مَنسِيّاً كَمَن نُسِيَ فِي الأَمواتِ مِمَّن كانَ قَبلي.
رَبِّ! سَهِّل لي تَوبَةً إلَيكَ، وأَعِنّي عَلَيها، وَاحمِلني عَلیٰ مَحَجَّةِ الإِخباتِ لَكَ، وأَرشِدني إلَيها، فَإِنَّ الحَولَ وَالقُوَّةَ بِمَعونَتِكَ، وَالثَّباتَ وَالاِنتِقالَ بِقُدرَتِكَ.
يا مَن هُوَ أرحَمُ لي مِنَ الوالِدِ الشَّفيقِ، وأَبَرُّ بي مِنَ الوَلَدِ الرَّفيقِ، وأَقرَبُ إلَيَّ مِنَ الجارِ اللَّصيقِ، قَرِّبِ الخَيرَ مِن مُتَناوَلي، وَاجعَلِ الخِيَرَةَ العامَّةَ فيما قَضَيتَ لي، وَاختِم لي بِالبِرِّ وَالتَّقویٰ عَمَلي، وأَجِرني مِن كُلِّ عائِقٍ يَقطَعُني عَنكَ، و[أعِذني مِن] كُلِّ قَولٍ وفِعلٍ يُباعِدُني مِنكَ، وَارحَمني رَحمَةً تَشفي بِها قَلبي مِن كُلِّ شُبهَةٍ مُعتَرِضَةٍ، وبِدعَةٍ مُمرِضَةٍ.
سَيِّدي! خابَ رَجاءُ مَن رَجا سِواكَ، وظَفِرَت يَدُ مَن بِحاجَتِهِ ناجاكَ، وضَلَّ مَن يَدعُو العِبادَ لِكَشفِ ضُرِّهِم إلّا إيّاكَ، أنتَ المُؤمَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَالمَفزَعُ في كُلِّ كُربَةٍ وضَرّاءَ، وَالمُستَجارُ بِهِ مِن كُلِّ فادِحَةٍ ولَأواءٍ، لا يَقنَطُ مِن رَحمَتِكَ إلّا مَن تَوَلّیٰ وكَفَرَ، ولا يَيأَسُ مِن رَوحِكَ إلّا مَن عَصیٰ وأَصَرَّ، أنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، تَوَفَّني مُسلِماً وأَلحِقني بِالصّالِحينَ.
يا مَن لا يَحرِمُ زُوّارَهُ عَطاياهُ، ولا يُسلِمُ مَنِ استَجارَهُ وَاستَكفاهُ، أمَلي واقِفٌ عَلى جَدواكَ، ووَجهُ طَلِبَتي مُنصَرِفٌ عَمَّن سِواكَ، وأَنتَ المَليءُ بِتَيسيرِ الطَّلِباتِ، وَالوَفِيُّ بِتَكثيرِ الرَّغَباتِ، فَأَنجِح لِيَ المَطلوبَ مِن فَضلِكَ بِرَحمَتِكَ، وَاسمَح لي بِالمَرغوبِ فيهِ مِن بَذلِكَ بِنِعمَتِكَ.
سَيِّدي! ضَعُفَ جِسمي، ودَقَّ عَظمي، وكَبُرَ سِنّي، ونالَ الدَّهرُ
مِنّي، ونَفَدَت مُدَّتي، وذَهَبَت شَهوَتي، وبَقِيَت تَبِعَتي، فَجُد بِحِلمِكَ عَلیٰ جَهلي، وبِعَفوِكَ عَلیٰ قَبيحِ فِعلي، ولا تُؤاخِذني بِما كَسَبتُ مِنَ الذُّنوبِ العِظامِ في سالِفِ الأَيّامِ.
سَيِّدي! أنَا المُعتَرِفُ بِإِساءَتي، المُقِرُّ بِخَطائي، المَأسورُ بِإِجرامي، المُرتَهَنُ بِآثامي، المُتَهَوِّرُ بِإِساءَتي، المُتَحَيِّرُ عَن قَصدِ طَريقي، انقَطَعَت مَقالَتي، وضَلَّ عُمُري، وبَطَلَت حُجَّتي في عَظيمِ وِزري، فَامنُن عَلَيَّ بِكَريمِ غُفرانِكَ، وَاسمَح لي بِعَظيمِ إحسانِكَ، فَإِنَّكَ ذو مَغفِرَةٍ لِلطّالِبينَ، شَديدُ العِقابِ لِلمُجرِمينَ.
سَيِّدي! إن كانَ صَغُرَ في جَنبِ طاعَتِكَ عَمَلي، فَقَد كَبُرَ في جَنبِ رَجائِكَ أمَلي.
سَيِّدي! كَيفَ أنقَلِبُ مِن عِندِكَ بِالخَيبَةِ مَحروماً، وظَنّي بِكَ أنَّكَ تَقلِبُني بِالنَّجاةِ مَرحوماً؟!
سَيِّدي! لَم اُسَلِّط عَلیٰ حُسنِ ظَنّي بِكَ قُنوطَ الآيِسينَ، فَلا تُبطِل لي صِدقَ رَجائي لَكَ فِي الآمِلينَ.
سَيِّدي! عَظُمَ جُرمي إذ بارَزتُكَ بِاكتِسابِهِ، وكَبُرَ ذَنبي إذ جاهَرتُكَ بِارتِكابِهِ، إلّا أنَّ عَظيمَ عَفوِكَ يَسَعُ المُعتَرِفينَ، وجَسيمَ غُفرانِكَ يَعُمُّ التَّوّابينَ.
سَيِّدي! إن دَعاني إلَى النّارِ مَخشِيُّ عِقابِكَ، فَقَد دَعاني إلَى الجَنَّةِ مَرجُوُّ ثَوابِكَ.
سَيِّدي! إن أوحَشَتنِي الخَطايا مِن مَحاسِنِ لُطفِكَ، فَقَد آنَسَنِي اليَقينُ بِمَكارِمِ عَطفِكَ، وإن أنامَتنِي الغَفلَةُ عَنِ الاِستِعدادِ لِلِقائِكَ، فَقَد أيقَظَتنِي المَعرِفَةُ بِقَديمِ آلائِكَ، وإن عَزَبَ عَنّي تَقديمٌ لِما يُصلِحُني۳۰، فَلَم يَعزُب إيقاني بِنَظَرِكَ إلَيَّ فيما يَنفَعُني، وإنِ انقَرَضَت بِغَيرِ ما أحبَبتَ مِنَ السَّعيِ أيّامي، فَبِالإِيمانِ أمضَيتُ [بِكَ] السّالِفاتِ مِن أعوامي.
سَيِّدي! جِئتُ مَلهوفاً قَد لَبِستُ عُدمَ فاقَتي، وأَقامَني مُقامَ الأَذِلّاءِ بَينَ يَدَيكَ ضُرُّ حاجَتي.
سَيِّدي! كَرُمتَ فَأَكرِمني إذ كُنتُ مِن سُؤالِكَ، وجُدتَ بِمَعروفِكَ فَاخلُطني بِأَهلِ نَوالِكَ.
اللَّهُمَّ ارحَم مِسكيناً لا يُجيرهُ إلّا عَطاؤُكَ، وفَقيراً لا يُغنيهِ إلّا جَدواكَ.
سَيِّدي! أصبَحتُ عَلیٰ بابٍ مِن أبوابِ مِنَحِكَ سائِلاً، وعَنِ التَّعَرُّضِ بِسِواكَ عادِلاً، ولَيسَ مِن جَميلِ امتِنانِكَ رَدُّ سائِلٍ مَلهوفٍ، ومُضطَرٍّ لاِنتِظارِ فَضلِكَ المَألوفِ.
سَيِّدي! إن حَرَمتَني رُؤيَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ فِي دارِ السَّلامِ، وأَعدَمتَني طَوفَ الوَصائِفِ وَالخُدّامِ، وصَرَفتَ وَجهَ تَأميلي بِالخَيبَةِ في دارِ المُقامِ، فَغَيرَ ذلِكَ مَنَّتني نَفسي مِنكَ، يا ذَا الطَّولِ وَالإِنعامِ.
سَيِّدي! وعِزَّتِكَ لَو قَرَنتَني فِي الأَصفادِ، ومَنَعتَني سَيبَكَ مِن بَينِ العِبادِ، ما قَطَعتُ رَجائي عَنكَ، ولا صَرَفتُ انتِظاري لِلعَفوِ مِنكَ.
سَيِّدي! لَو لَم تَهدِني إلَى الإِسلامِ لَضَلَلتُ، ولَو لَم تُثَبِّتني إذاً لَزَلَلتُ، ولَو لَم تُشعِر قَلبِيَ الإِيمانَ بِكَ ما آمَنتُ ولا صَدَّقتُ، ولَو لَم تُطلِق لِساني بِدُعائِكَ ما دَعَوتُ، ولَو لَم تُعَرِّفني حَقيقَةَ مَعرِفَتِكَ ما عَرَفتُ، ولَو لَم تَدُلَّني عَلى كَريمِ ثَوابِكَ ما رَغِبتُ، ولَو لَم تُبَيِّن لي أليمَ عِقابِكَ ما رَهِبتُ، فَأَسأَلُكَ تَوفيقي لِما يوجِبُ ثَوابَكَ، وتَخليصي مِمّا يَكسِبُ عِقابَكَ.
سَيِّدي! إن أقعَدَنِي التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبقِ مَعَ الأَبرارِ، فَقَد أقامَتنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلى مَدارِجِ الأَخيارِ.
سَيِّدي! كُلُّ مَكروبٍ إلَيكَ يَلتَجِئُ، وكُلُّ مَحزونٍ إيّاكَ يَرتَجي، سَمِعَ
العابِدونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعوا، وسَمِعَ المُوَلّونَ عَنِ القَصدِ بِجودِكَ فَرَجعوا، وسَمِعَ المَحرومونَ بِسَعَةِ فَضلِكَ فَطَمِعوا، حَتَّى ازدَحَمَت عَصائِبُ العُصاةِ مِن عِبادِكَ بِبابِكَ، وعَجَّت إلَيكَ الأَلسُنُ بِأَصنافِ الدُّعاءِ في بِلادِكَ، فَكُلُّ أمَلٍ ساقَ صاحِبَهُ إلَيكَ مُحتاجاً، وكُلُّ قَلبٍ تَرَكَهُ وَجيبُ الخَوفِ إلَيكَ مُهتاجاً.
سَيِّدي! وأَنتَ المَسؤولُ الَّذي لا تَسوَدُّ لَدَيهِ وُجوهُ المَطالِبِ، ولَم يَردُد راجيهِ فَيُزيلَهُ عَنِ الحَقِّ إلَى المَعاطِبِ.
سَيِّدي! إن أخطَأتُ طَريقَ النَّظَرِ لِنَفسي بِما فيهِ كَرامَتُها، فَقَد أصَبتُ طَريقَ الفَرَجِ بِما فيهِ سَلامَتُها.
سَيِّدي! إن كانَت نَفسِي استَعبَدَتني مُتَمَرِّدَةً عَلَيَّ بِما يُرجيها، فَقَدِ استَعبَدتُهَا الآنَ عَلیٰ ما يُنجيها.
سَيِّدي! إن أجحَفَ بي زادُ الطَّريقِ فِي المَسيرِ إلَيكَ، فَقَد أوصَلتُهُ بِذَخائِرِ ما أعدَدتُهُ مِن فَضلِ تَعويلي عَلَيكَ.
سَيِّدي! إذا ذَكَرتُ رَحمَتَكَ ضَحِكَت لَها عُيونُ مَسائلي، وإذا ذَكَرتُ عُقوبَتَكَ بَكَت لَها جُفونُ وَسائِلي.
سَيِّدي! أدعوكَ دُعاءَ مَن لَم يَدعُ غَيرَكَ في دُعائِهِ، وأَرجوكَ رَجاءَ مَن لَم يَقصِد غَيرَكَ بِرَجائِهِ.
سَيِّدي! وكَيفَ أرُدُّ عارِضَ تَطَلُّعي إلیٰ نَوالِكَ، وإنَّما أنَا في هٰذَا الخَلقِ أحَدُ عِيالِكَ؟!
سَيِّدي! كَيفَ اُسكِتُ بِالإِفحامِ لِسانَ ضَراعَتي وقَد أقلَقَني ما اُبهِمَ عَلَيَّ مِن تَقديرِ عاقِبَتي؟!
سَيِّدي! قَد عَلِمتَ حاجَةَ جِسمي إلیٰ ما قَد تَكَفَّلتَ لي مِنَ الرِّزقِ أيّامَ حَياتي، وعَرَفتَ قِلَّةَ استِغنائي عَنهُ بَعدَ وَفاتي، فَيامَن سَمَحَ لي بِهِ مُتَفَضِّلاً فِي العاجِلِ، لا تَمنَعنيهِ يَومَ حاجَتي إلَيهِ فِي الآجِلِ، فَمِن شَواهِدِ نَعماءِ الكَريمِ إتمامُ نَعمائِهِ، ومِن مَحاسِنِ آلاءِ الجَوادِ إكمالُ آلائِهِ.
إلٰهي! لَولا ما جَهِلتُ مِن أمري لَم أستَقِلكَ عَثَراتي، ولَولا ما ذَكَرتُ مِن شِدَّةِ التَّفريطِ لَم أسكُب عَبَراتي. سَيِّدي! فَامحُ مُثبَتاتِ العَثَراتِ لِمُسبَلاتِ العَبَراتِ، وهَب كَثيرَ السَّيِّئاتِ بِقَليلِ الحَسَناتِ.
سَيِّدي! إن كُنتَ لا تَرحَمُ إلّاَ المُجِدّينَ في طاعَتِكَ، فَإِلیٰ مَن يَفزَعُ المُقَصِّرونَ؟ وإن كُنتَ لا تَقبَلُ إلّا مِنَ المُجتَهِدينَ، فَإِلیٰ مَن يَلجَأُ الخاطِئونَ؟ وإن كُنتَ لا تُكرِمُ إلّا أهلَ الإِحسانِ، فَكَيفَ يَصنَعُ المُسيئونَ؟ وإن كانَ لا يَفوزُ يَومَ الحَشرِ إلّاَ المُتَّقونَ، فَبِمَن يَستَغيثُ المُذنِبونَ؟
سَيِّدي! إن كانَ لا يَجوزُ عَلَى الصِّراطِ إلّا مَن أجازَتهُ بَراءَةُ عَمَلِهِ، فَأَنّیٰ بِالجَوازِ لِمَن لَم يَتُب إلَيكَ قَبلَ دُنُوِّ أجَلِهِ؟ وإن لَم تَجُد إلّا عَلیٰ مَن عَمَّرَ بِالزُّهدِ مَكنونَ سَريرَتِهِ، فَمَن لِلمُضطَرِّ الَّذي لَم يُرضِهِ بَينَ العالَمينَ سَعيُ نَقِيَّتِهِ؟
سَيِّدي! إن حَجَبتَ عَن أهلِ تَوحيدِكَ نَظَرَ تَغَمُّدِكَ بِخَطيئاتِهِم، أوبَقَهُم۳۱ غَضَبُكَ بَينَ المُشرِكينَ بِكُرُباتِهِم.
سَيِّدي! إن لَم تَشمَلنا يَدُ إحسانِكَ يَومَ الوُرودِ، اختَلَطنا فِي الخِزيِ يَومَ الحَشرِ بِذَوِي الجُحودِ، فَأَوجِب لَنا بِالإِسلامِ مَذخورَ هِباتِكَ، وأَصفِ ما كَدَّرَتهُ الجَرائِمُ بِصَفحِ صِلاتِكَ.
سَيِّدي! لَيسَ لي عِندَكَ عَهدٌ اتَّخَذتُهُ، ولا كَبيرُ عَمَلٍ أخلَصتُهُ، إلّا أنّي واثِقٌ بِكَريمِ أفعالِكَ، راجٍ لِجَسيمِ إفضالِكَ، عَوَّدتَني مِن جَميلِ تَطَوُّلِكَ عادَةً أنتَ أولیٰ بِإِتمامِها، ووَهَبتَ لي مِن خُلوصِ مَعرِفَتِكَ حَقيقَةً أنتَ المَشكورُ عَلیٰ إلهامِها.
سَيِّديٰ ما جَفَّت هذِهِ العُيونُ لِفَرطِ بُكائِها، ولا جادَت هذِهِ الجُفونُ بِفَيضِ مائِها، ولا أسعَدَها نَحيبُ الباكِياتِ الثّاكِلاتِ لِفَقدِ عَزائِها، إلّا لِما أسلَفَتهُ مِن عَمدِها وخَطائِها، وأَنتَ القادِرُ سَيِّدي عَلیٰ كَشفِ غَماها.
سَيِّدي! أمَرتَ بِالمَعروفِ وأَنتَ أولیٰ بِهِ مِنَ المَأمورينَ، وحَضَضتَ عَلیٰ إعطاءِ السّائِلينَ وأَنتَ خَيرُ المَسؤولينَ، ونَدَبتَ إلیٰ عِتقِ۳۲ الرِّقابِ وأَنتَ خَيرُ المُعتِقينَ، وَحَثثتَ عَلَى الصَّفحِ عَنِ المُذنِبينَ وأَنتَ أكرَمُ الصّافِحينَ.
سَيِّدي! إن تَلَونا مِن كِتابِكَ سَعَةَ رَحمَتِكَ أشفَقنا من مُخالَفَتِكَ وفَرِحنا بِبَذلِ رَحمَتِكَ، وإذا تَلَونا ذِكرَ عُقوبَتِكَ جَدَدنا في طاعَتِكَ وفَرِقنا مِن أليمِ نَقِمَتِكَ، فَلا رَحمَتُكَ تُؤمِنُنا۳۳، ولا سَخَطُكَ يُؤیِسُنا.
سَيِّدي! كَيفَ يَتَمَنَّعُ مَن فيها مِن طَوارِقِ الرَّزايا، وقَد رُشِقَ في كُلِّ دارٍ مِنها سَهمٌ مِن سِهامِ المَنايا؟
سَيِّدي! إن كانَ ذَنبي مِنكَ قَد أخافَني فَإِنَّ حُسنَ ظَنّي بِكَ قَد أجارَني، وإن كانَ خَوفُكَ قَد أربَقَني۳۴ فَإِنَّ حُسنَ نَظَرِكَ لي قَد أطلَقَني.
سَيِّدي! إن كانَ قَد دَنا مِنّي أجَلي ولَم يُقَرِّبني مِنكَ عَمَلي، فَقَد جَعَلتُ الاِعتِرافَ بِالذَّنبِ أوجَهَ وَسائِلِ عِلَلي.
سَيِّدي! مَن أولیٰ بِالرَّحمَةِ مِنكَ إن رَحِمتَ، ومَن أعدَلُ فِي الحُكمِ مِنكَ إن عَذَّبتَ؟!
سَيِّدي! لَم تَزل بَرّاً بي أيّامَ حَياتي، فَلا تَقطَع لَطيفَ بِرِّكَ بي بَعدَ وَفاتي.
سَيِّدي! كَيفَ آيَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ بي بَعدَ مَماتي، وأَنتَ لَم تُوَلِّني إلّا جَميلاً في حَياتي؟!
سَيِّدي! عَفوُكَ أعظَمُ مِن كُلِّ جُرمٍ، ونِعمَتُكَ مَمحاةٌ لِكُلِّ إثمٍ.
سَيِّدي! إن كانَت ذُنوبي قَد أخافَتني، فَإِنَّ مَحَبَّتي لَكَ قَد آمَنَتني، فَتَوَلَّ مِن أمري ما أنتَ أهلُهُ، وعُد بِفَضلِكَ عَلیٰ مَن قَد غَمَرَهُ جَهلُهُ.
يا مَنِ السِّرُّ عِندَهُ عَلانِيَةٌ، ولا تَخفیٰ عَلَيهِ مِنَ الغَوامِضِ خافِيَةٌ، فَاغفِر لي ما خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِن أمري، وخَفِّف بِرَحمَتِكَ مِن ثِقلِ الأَوزارِ ظَهري.
سَيِّدي! سَتَرتَ عَلَيَّ ذُنوبي فِي الدُّنيا ولَم تُظهِرها، فَلا تَفضَحني بِها فِي القِيامَةِ وَاستُرها، فَمَن أحَقُّ بِالسَّترِ مِنكَ يا سَتّارُ، ومَن أولیٰ مِنكَ بِالعَفوِ عَنِ المُذنِبينَ يا غَفّارُ؟!
إلٰهي! جودُكَ بَسَطَ أمَلي، وسَترُكَ قَبِلَ عَمَلي، فَسُرَّني بِلِقائِكَ عِندَ اقتِرابِ أجَلي.
سَيِّدي! لَيسَ اعتِذاري إلَيكَ اعتِذارَ مَن يَستَغني عَن قَبولِ عُذرِهِ، ولا تَضَرُّعي تَضَرُّعَ مَن يَستَنكِفُ عَن مَسأَلَتِكَ لِكَشفِ ضُرِّهِ، فَاقبَل عُذري يا خَيرَ مَنِ اعتَذَرَ إلَيهِ المُسيؤونَ، وأَكرَمَ مَنِ استَغفَرَهُ الخاطِئونَ.
سَيِّدي! لا تَرُدَّني في حاجَةٍ قَد أفنَيتُ عُمُري في طَلَبِها مِنكَ، ولا أجِدُ غَيرَكَ مَعدِلاً بِهاَ عَنكَ.
سَيِّدي! لَو أرَدتَ إهانَتي لَم تَهدِني، ولَو أرَدتَ فَضيحَتي لَم تَستُرني، فَأَدِم إمتاعي بِما لَهُ هَدَيتَني، ولا تَهتِك عَمّا بِهِ سَتَرتَني.
سَيِّدي! لَولا مَا اقتَرَفتُ مِنَ الذُّنوبِ ما خِفتُ عِقابَكَ، ولَولا ما عَرَفتُ مِن كَرَمِكَ ما رَجَوتُ ثَوابَكَ، وأَنتَ أكرَمُ الأَكرَمينَ بِتَحقيقِ آمالِ الآمِلينَ، وأَرحَمُ مَنِ استُرحِمَ فِي التَّجاوُزِ عَنِ المُذنِبينَ.
سَيِّدي! ألقَتنِي الحَسَناتُ بَينَ جودِكَ وإحسانِكَ، وأَلقَتنِي السَّيِّئاتُ بَينَ عَفوِكَ وغُفرانِكَ، وقَد رَجَوتُ أن لا يَضيعَ بَينَ ذَينَ وذَينَ مُسيءٌ مُرتَهَنٌ بِجَريرَتِهِ۳۵، ومُحسِنٌ مُخلِصٌ في بَصيرَتِهِ.
سَيِّدي! إنّي۳۶ شَهِدَ لِيَ الإِيمانُ بِتَوحيدِكَ، ونَطَقَ لِساني بِتَمجيدِكَ، ودَلَّنِي القُرآنُ عَلیٰ فَواضِلِ جودِكَ، فَكَيفَ لا يَبتَهِجُ رَجائي بِتَحقيقِ مَوعودِكَ، و[كيفَ] لا تَفرَحُ اُمنِيَّتي بِحُسنِ مَزيدِكَ؟!
سَيِّدي! إن غَفَرتَ فَبِفَضلِكَ، وإن عَذَّبتَ فَبِعَدلِكَ، فَيا مَن لا يُرجیٰ إلّا فَضلُهُ، ولا يُخشیٰ إلّا عَدلُهُ، اُمنُن عَلَيَّ بِفَضلِكَ، ولا تَستَقصِ عَلَيَّ في عَدلِكَ.
سَيِّديٰ أدعوكَ دُعاءَ مُلِحٍّ لا يَمَلُّ مَولاهُ، وأَتَضَرَّعُ إلَيكَ تَضَرُّعَ مَن أقَرَّ عَلي نَفسِهِ بِالحُجَّةِ في دَعواهُ، وخَضَعَ لَكَ خُضوعَ مَن يُؤمِّلُكَ لآِخِرَتِهِ ودُنياهُ، فَلا تَقطَع عِصمَةَ رَجائي، وَاسمَع تَضَرُّعي، وَاقبَل دُعائي، وثَبِّت حُجَّتي عَلیٰ ما اُثبِتُ مِن دَعوايَ.
سَيِّدي! لَو عَرَفتُ اعتِذاراً مِنَ الذَّنبِ لَأَتَيتُهُ، فَأَنَا المُقِرُّ بِما أحصَيتَهُ وجَنَيتُهُ، وخالَفتُ أمرَكَ فيهِ فَتَعَدَّيتُهُ، فَهَب لي ذَنبي بِالاِعتِرافِ، ولا تَرُدَّني في طَلِبَتي عِندَ الاِنصِرافِ.
سَيِّدي! قَد أصَبتُ مِنَ الذُّنوبِ ما قَد عَرَفتَ، وأَسرَفتُ عَلیٰ نَفسي بِما قَد عَلِمتَ، فَاجعَلني عَبداً إمّا طائِعاً فَأَكرَمتَهُ، وإمّا عاصِياً فَرَحِمتَهُ.
سَيِّدي! كَأَنّي بِنَفسي قَد اُضجِعَت بِقَعرِ حُفرَتِها، وَانصَرَفَ عَنهَا المُشَيِّعونَ مِن جيرَتِها، وبَكیٰ عَلَيهَا الغَريبُ لِطولِ غُربَتِها، وجادَ عَلَيها بِالدُّموعِ المُشفِقُ مِن عَشيرَتِها، وناداها مِن شَفيرِ القَبرِ ذو مَوَدَّتِها، ورَحِمَهَا المُعادي لَها فِي الحَياةِ عِندَصَرعَتِها، ولَم يَخفَ عَلَى النّاظِرينَ إلَيها
فَرطُ فاقَتِها، ولا عَلیٰ مَن قَد رَآها تَوَسَّدَتِ الثّریٰ عَجزُ حيلَتِها، فَقُلتَ: مَلائِكَتي، فَريدٌ نَأیٰ عَنهُ الأَقرَبونَ، وبَعيدٌ جَفاهُ الأَهلونَ، ووَحيدٌ فارَقَهُ المالُ وَالبَنونَ، نَزَلَ بي قَريباً، وسَكَنَ اللَّحدَ غَريباً، وكانَ لي في دارِ الدُّنيا داعِياً، ولِنَظَري لَهُ في هذَا اليَومِ راجِياً، فَتُحسِنُ عِندَ ذلِكَ ضِيافَتي، وتَكونُ أشفَقَ عَلَيَّ مِن أهلي وقَرابَتي.
إلٰهي وسَيِّدي! لَو أطبَقَت ذُنوبي ما بَينَ ثَرَى الأَرضِ إلیٰ أعنانِ السَّماءِ، وخَرَقَتِ النُّجومَ إلیٰ حَدِّ الاِنتِهاءِ، ما رَدَّنِيَ اليَأسُ عَن تَوَقُّعِ غُفرانِكَ، ولا صَرَفَنِيَ القُنوطُ عَنِ انتِظارِ رِضوانِكَ.
سَيِّدي! قَد ذَكَرتُكَ بِالذِّكرِ الَّذي ألهَمتَنيهِ، ووَحَّدتُكَ بِالتَّوحيدِ الَّذي أكرَمتَنيهِ، ودَعَوتُكَ بِالدُّعاءِ الَّذي عَلَّمتَنيهِ، فَلا تَرحَمني بِرَحمَتِكَ الجَزاءَ الَّذي وَعَدتَنيهِ، فَمِنَ النِّعمَةِ لَكَ عَلَيَّ أن هَدَيتَني بِحُسنِ دُعائِكَ، ومِن إتمامِها أن توجِبَ لي مَحمودَةَ جَزائِكَ.
سَيِّدي! أنتَظِرُ عَفوَكَ كَما يَنتَظِرُهُ المُذنِبونَ، ولَستُ أيأَسُ مِن رَحمَتِكَ الَّتي يَتَوَقَّعُهَا المُحسِنونَ.
إلهي وسَيِّدِي! انهَمَلَت بِالسَّكبِ عَبَراتي حينَ ذَكَرتُ خَطايايَ وعَثَراتي، وما لَها لا تَنهَمِلُ وتَجري وتَفيضُ ماؤُها وتَذري ولَستُ أدري إلیٰ ما يَكونُ مَصيري، وعَلیٰ ما يَتَهَجَّمُ عِندَ البَلاغِ مَسيري، يا اُنسَ كُلِّ غَريبٍ مُفرَدٍ آنِس فِي القَبرِ وَحشَتي، ويا ثانِيَ كُلِّ وَحيدٍ ارحَم فِي الثَّریٰ طولَ وَحدَتي.
سَيِّدي! كَيفَ نَظَرُكَ لي بَينَ سُكّانِ الثَّریٰ؟ وكَيفَ صَنيعُكَ بي في دارِ الوَحشَةِ وَالبِلیٰ؟ فَقَد كُنتَ بي لَطيفاً أيّامَ حَياةِ الدُّنيا، يا أفضَلَ المُنعِمينَ في آلائِهِ، وأَنعَمَ المُفضِلينَ في نَعمائِهِ، كَثُرَت أياديكَ فَعَجَزتُ عَن إحصائِها، وضِقتُ ذَرعاً في شُكري لَكَ بِجَزائِها، فَلَكَ الحَمدُ عَلیٰ ما أولَيتَ مِنَ التَّفَضُّلِ، ولَكَ الشُّكرُ عَلیٰ ما أبلَيتَ مِنَ التَّطَوُّلِ.
يا خَيرَ مَن دَعاهُ الدّاعونَ، وأَفضَلَ مَن رَجاهُ الرّاجونَ، بِذِمَّةِ الإِسلامِ أتَوَسَّلُ إلَيكَ، وبِحُرمَةِ القُرآنِ أعتَمِدُ عَلَيكَ، وبِمُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِهِ أستَشفِعُ وأَتَقَرَّبُ [إلَيكَ]، وأُقَدِّمُهُم أمامَ حاجَتي إلَيكَ فِي الرَّغَبِ وَالرَّهَبِ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلیٰ مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِهِ الطّاهِرينَ، وَاجعَلني بِحُبِّهِم يَومَ العَرضِ عَلَيكَ نَبيهاً، ومِنَ الأَنجاسِ وَالأَرجاسِ نَزيهاً، وبِالتَّوَسُّلِ بِهِم إلَيكَ مُقَرَّباً وَجيهاً، يا كَريمَ الصَّفحِ وَالتَّجاوُزِ، ومَعدِنَ العَوارِفِ وَالجَوائِزِ، كُن عَن ذُنوبي صافِحاً مُتَجاوِزاً، وهَب لي مِن مُراقَبَتِكَ ما يَكونُ بَيني وبَينَ مَعاصيكَ حاجِزاً.
سَيِّدي! إنَّ مَن تَقَرَّبَ مِنكَ لَمَكينٌ مِن مُوالاتِكَ، وإنَّ مَن تَحَبَّبَ إلَيكَ لَقَمينٌ بِمَرضاتِكَ، وإنَّ مَن تَعَرَّفَ بِكَ لَغَيرُ مَجهولٍ، وإنَّ مَنِ استَجارَ بِكَ لَغَيرُ مَخذولٍ.
سَيِّدي! أتُراكَ تُحرِقُ بِالنّارِ وَجهاً طالَما خَرَّ ساجِداً بَينَ يَدَيكَ، أم تُراكَ تَغُلُّ إلَى الأَعناقِ أكُفّاً طالَما تَضَرَّعَت في دُعائِها إلَيكَ، أم تُراكَ تُقَيِّدُ بِأَنكالِ۳۷ الجَحيمِ أقداماً طالَما خَرَجَت مِن مَنازِلِها طَمَعاً فيما لَدَيكَ، مَنّاً مِنكَ عَلَيها لا مَنّاً مِنها عَلَيكَ؟!
سَيِّدي! كَم مِن نِعمَةٍ لَكَ عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِندَها شُكري، وكَم مِن بَلِيَّةٍ ابتَلَيتَني بِها عَجَزَ عَنها صَبري، فَيا مَن قَلَّ شُكري عِندَ نِعَمِهِ فَلَم يَحرِمني، وعَجَزَ صَبري عِندَ بَلِيَّتي فَلَم يَخذُلني، جَميلُ فَضلِكَ عَلَيَّ أبطَرَني، وجَليلُ حِلمِكَ عَنّي غَرَّني.
سَيِّدي! قَويتُ بِعافِيَتِكَ عَلیٰ مَعصِيَتِكَ، وأَنفَقتُ نِعمَتَكَ في سَبيلِ مُخالَفَتِكَ، وأَفنَيتُ عُمُري في غَيرِ طاعَتِكَ، فَلَم يَمنَعكَ جُرأَتي عَلیٰ ما عَنهُ نَهَيتَني، ولاَ انتِهاكي ما مِنهُ حَذَّرتَني، أن سَتَرتَني بِحِلمِكَ السّاتِرِ،
وحَجَبتَني عَن عَينِ كُلِّ ناظِرٍ، وعُدتَ بِكَريمِ أياديكَ حينَ عُدتُ بِارتِكابِ مَعاصيكَ، فَأَنتَ العَوّادُ بِالإِحسانِ، وأَ نَا العَوّادُ بِالعِصيانِ.
سَيِّدي! أتَيتُكَ مُعتَرِفاً لَكَ بِسوءِ فِعلي، خاضِعاً لَكَ بِاستِكانَةِ ذُلّي، راجِياً مِنكَ جَميلَ ما عَرَّفتَنيهِ مِنَ الفَضلِ الَّذي عَوَّدتَنيهِ، فَلا تَصرِف رَجائي مِن فَضلِكَ خائِباً، ولا تَجعَل ظَنّي بِتَطَوُّلِكَ كاذِباً.
سَيِّدي! إنَّ آمالي فيكَ يَتَجاوَزُ آمالَ الآمِلينَ، وسُوالي إيّاكَ لا يُشبِهُ سُوالَ السّائِلينَ؛ لِأَنَّ السّائِلَ إذا مُنِعَ امتَنَعَ عَنِ السُّوالِ، وأَنَا فَلا غَناءَ بي عَنكَ في كُلِّ حالٍ.
سَيِّدي! غَرَّني بِكَ حِلمُكَ عَنّي إذ حَلُمتَ، وعَفوُكَ عَن ذَنبي إذ رَحِمتَ، وقَد عَلِمتُ أنَّكَ قادِرٌ أن تَقولَ لِلأَرضِ: خُذيهِ؛ فَتَأخُذَني، ولِلسَّماءِ: أمطِريهِ حِجارَةً؛ فَتُمطِرَني، ولَو أمَرتَ بَعضي أن يَأخُذَ بَعضاً لَما أمهَلَني، فَامنُن عَلَيَّ بِعَفوِكَ عَن ذَنبي، وتُب عَلَيَّ تَوبَةً نَصوحاً تُطَهِّرُ بِها قَلبي.
سَيِّدي! أنتَ نوري في كُلِّ ظُلمَةٍ، وذُخري لِكُلِّ مُلِمَّةٍ، وعِمادي عِندَ كُلِّ شِدَّةٍ، وأَنيسي في كُلِّ خَلوَةٍ ووَحدَةٍ، فَأَعِذني من سوءِ مَواقِفِ الخائِنينَ، وَاستَنقِذني مِن ذُلِّ مَقامِ الكاذِبينَ.
سَيِّدي! أنتَ دَليلُ مَنِ انقَطَعَ دَليلُهُ، وأَمَلُ مَنِ امتَنَعَ تَأميلُهُ، فَإِن كانَ ذُنوبي حالَت بَينَ دُعائي وإجابَتِكَ، فَلَم يَحُل كَرَمُكَ بَيني وبَينَ مَغفِرَتِكَ، وإنَّكَ لا تُضِلُّ مَن هَدَيتَ، ولا تُذِلُّ مَن والَيتَ، ولا يَفتَقِرُ مَن أغنَيتَ، ولا يُسعَدُ مَن أشقَيتَ.
وعِزَّتِكَ! لَقَد أحبَبتُكَ مَحَبَّةً استَقَرَّت في قَلبي حَلاوَتُها، وأَنِسَت نَفسي بِبِشارَتِها، ومُحالٌ في عَدلِ أقضِيَتِكَ أن تَسُدَّ أسبابَ رَحمَتِكَ عَن مُعتَقِدي مَحَبَّتِكَ.
سَيِّدي! لَولا تَوفيقُكَ ضَلَّ الحائِرونَ، ولَولا تَسديدُكَ لَم يَنجُ المُستَبصِرونَ، أنتَ سَهَّلتَ لَهُمُ السَّبيلَ حَتّى وَصَلوا، وأَنتَ أيَّدتَهُم بِالتَّقویٰ حَتّیٰ عَمِلوا، فَالنِّعمَةُ عَلَيهِم مِنكَ جَزيلَةٌ، وَالمِنَّةُ مِنكَ لَدَيهِم مَوصولَةٌ.
سَيِّدي! أسأَ لُكَ مَسأَلَةَ مِسكينٍ ضارِعٍ۳۸، مُستَكينٍ خاضِعٍ، أن تَجعَلَني مِنَ الموقِنينَ خُبراً وفَهماً، وَالمُحيطينَ مَعرِفَةً وعِلماً.
[إلٰهي وسَيِّدِي! قَد عَلِمتُ] أنَّكَ لَم تُنزِل كُتُبَكَ إلّا بِالحَقِّ، ولَم تُرسِل رُسُلَكَ إلّا بِالصِّدقِ، ولَم تَترُك عِبادَكَ هَمَلاً ولا سُدیٰ، ولَم تَدَعهُم بِغَيرِ بَيانٍ ولا هُدیٰ۳۹، ولَم تَرضَ مِنهُم بِالجَهالَةِ وَالإِضاعَةِ، بَل خَلَقتَهُم لِيَعبُدوكَ، ورَزَقتَهُم لِيَحمَدوكَ ودَلَلتَهُم عَلیٰ وَحدانِيَّتِكَ لِيُوَحِّدوكَ، ولَم تُكَلِّفهُم مِنَ الأَمرِ ما لا يُطيقونَ، ولَم تُخاطِبهُم بِما يَجهَلونَ، بَل هُم بِمَنهَجِكَ عالِمونَ، وبِحُجَّتِكَ مَخصوصونَ، أمرُكَ فيهِم نافِذٌ، وقَهرُكَ بِنَواصيهِم آخِذٌ، تَجتَبي مَن تَشاءُ فَتُدنيهِ، وتَهدي مَن أنابَ إلَيكَ مِن مَعاصيكَ فَتُنجيهِ، تَفَضُّلاً مِنكَ بِجَسيمِ نِعمَتِكَ عَلیٰ مَن أدخَلتَهُ في سَعَةِ رَحمَتِكَ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ، وأَرأَفَ الرّاحِمينَ.
سَيِّدي! خَلَقتَني فَأَكمَلتَ تَقديري، وصَوَّرتَني فَأَحسَنتَ تَصويري، فَصِرتُ بَعدَ العَدَمِ مَوجوداً، وبَعدَ المَغيبِ شَهيداً، وجَعَلتَني بِتَحَنُّنِ رَأفَتِكَ تامّاً سَوِيّاً، وحَفِظتَني فِي المَهدِ طِفلاً صَبِيّاً، ورَزَقتَني مِنَ الغِذاءِ سائِغاً هَنيئاً، ثُمَّ وَهَبتَ لي رَحمَةَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ، وعَطَفتَ عَلَيَّ قُلوبَ الحَواضِنِ وَالمُرَبِّياتِ، كافِياً لي شُرورَ الإِنسِ وَالجانِّ، مُسَلِّماً لي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقصانِ، حَتّیٰ أفصَحتُ ناطِقاً بِالكَلامِ، ثُمَّ أنبَتَّني [أنمَيتَني] زائِدَاً في
كُلِّ عامٍ، وقَد أسبَغتَ عَلَيَّ مَلابِسَ الإِنعامِ، ثُمَّ رَزَقتَني مِن ألطافِ المَعاشِ، وأَصنافِ الرِّياشِ، وكَنَفتَني بِالرِّعايَةِ في جَميعِ مَذاهِبي، وبَلَّغتَني ما اُحاوِلُ مِن سائِرِ مَطالِبي إتماماً لِنِعمَتِكَ لَدَيَّ، وإيجاباً لِحُجَّتِكَ عَلَيَّ، وذٰلِكَ أكثَرُ مِن أن يُحصِيَهُ القائِلونَ، أو يُثنِيَ بِشُكرِهِ العامِلونَ، فَخالَفتُ ما يُقَرِّبُني مِنكَ، وَاقتَرَفتُ ما يُباعِدُني عَنكَ، فَظاهَرتَ عَلَيَّ جَميلَ سِترِكَ، وأَدنَيتَني بِحُسنِ نَظَرِكَ وبِرِّكَ، ولَم يُباعِدني عَن إحسانِكَ تَعَرُّضي لِعِصيانِكَ، بَل تابَعتَ عَلَيَّ في نِعَمِكَ، وعُدتَ بِفَضلِكَ وكَرَمِكَ [بَل تابعتَ عَلَيَّ كرمَكَ وَإنعامَكَ، وعُدتَ عَليَّ فضلَكَ وعَوائِدَ إحسانِكَ]، فَإِن دَعَوتُكَ أجَبتَني، وإن سَأَلتُكَ أعطَيتَني، وإن شَكَرتُكَ زِدتَني، وإن أمسَكتُ عَن مَسأَلَتِكَ ابتَدَأتَني، فَلَكَ الحَمدُ عَلیٰ بَوادي أياديكَ وتَواليها، حَمداً يُضاهي آلاءَكَ ويُكافيها.
سَيِّدي! سَتَرتَ عَلَيَّ فِي الدُّنيا ذُنوباً ضاقَ عَلَيَّ مِنهَا المَخرَجُ، وأَ نَا إلیٰ سَترِها عَلَيَّ فِي القِيامَةِ أحوَجُ، فَيامَن جَلَّلَني بِسِترِهِ عَن لَواحِظِ المُتَوَسِّمينَ، لا تُزِل سِترَكَ عَنّي عَلیٰ رُؤوسِ العالَمينَ.
سَيِّدي! أعطَيتَني فَأَسنَيتَ۴۰ حَظّي، وحَفِظتَني فَأَحسَنتَ حِفظي، وغَذَّيتَني فَأَنعَمتَ غِذائي، وحَبَوتَني فَأَكرَمتَ مَثوايَ، وتَوَلَّيتَني بِفَوائِدِ البِرِّ وَالإِكرامِ، وخَصَصتَني بِنَوافِلِ الفَضلِ وَالإِنعامِ، فَلَكَ الحَمدُ عَلیٰ جَزيلِ جودِكَ، ونَوافِلِ مَزيدِكَ، حَمداً جامِعاً لِشُكرِكَ الواجِبِ، مانِعاً مِن عَذابِكَ الواصِبِ۴۱، مُكافِئاً لِما بَذَلتَهُ مِن أقسامِ المَواهِبِ.
سَيِّديٰ عَوَّدتَني إسعافي بِكُلِّ ما أسأَلُكَ، وإجابَتي إلیٰ تَسهيلِ كُلِّ ما اُحاوِلُهُ، وأَ نَا أعتَمِدُكَ في كُلِّ ما يَعرِضُ لي مِنَ الحاجاتِ،
واُنزِلُ بِكَ كُلَّ ما يَخطُرُ بِبالي مِنَ الطَّلِباتِ، واثِقاً بِقَديمِ طَولِكَ، ومُدِلّا بِكَريمِ تَفَضُّلِكَ، وأَطلُبُ الخَيرَ مِن حَيثُ تَعَوَّدتُهُ، وأَلتَمِسُ النُّجحَ مِن مَعدِنِهِ الَّذي تَعَرَّفتُهُ، وأَعلَمُ أنَّكَ لا تَكِلُ اللّاجينَ إلَيكَ إلیٰ غَيرِكَ، ولا تُخلِي الرّاجينَ لِحُسنِ تَطَوُّلِكَ مِن نَوافِلِ بِرِّكَ.
سَيِّدي! تَتابَعَ مِنكَ البِرُّ وَالعَطاءُ، فَلَزِمَنِي الشُّكرُ وَالثَّناءُ، فَما مِن شَيءٍ أنشُرُهُ وأَطويهِ مِن شُكرِكَ، ولا قَولٍ اُعيدُهُ واُبديهِ في ذِكرِكَ، إلّا كُنتَ لَهُ أهلاً ومَحَلّا، وكانَ في جَنبِ مَعروفِكَ مُستَصغَراً مُستَقَلّا.
سَيِّدي! أستَزيدُكَ مِن فَوائِدِ النِّعَمِ، غَيرَ مُستَبطِئٍ مِنكَ فيهِ سَنِيَّ الكَرَمِ، وأَستَعيذُ بِكَ مِن بَوادِرِ النِّقَمِ، غَيرَ مُخيلٍ۴۲ في عَدلِكَ خَواطِرَ التُّهَمِ.
سَيِّدي! عَظُمَ قَدرُ مَن أسعَدتَهُ بِاصطِفائِكَ، وعَدِمَ النَّصرَ مَن أبعَدتَهُ مِن فِنائِكَ.
سَيِّدي! ما أعظَمَ رَوحَ قُلوبِ المُتَوَكِّلينَ عَلَيكَ، وأَنجَحَ سَعيَ الآمِلينَ لِما لَدَيكَ.
سَيِّدي! أنتَ أنقَذتَ أولِياءَكَ مِن حَيرَةِ الشُّكوكِ، وأَوصَلتَ إلیٰ نُفوسِهِم حَبَرَةَ۴۳ المُلوكِ، وزَيَّنتَهُم بِحِليَةِ الوَقارِ وَالهَيبَةِ، وأَسبَلتَ عَلَيهِم سُتورَ العِصمَةِ وَالتَّوبَةِ، وسَيَّرتَ هِمَمَهُم في مَلَكوتِ السَّماءِ، وحَبَوتَهُم بِخَصائِصِ الفَوائِدِ وَالحِباءِ، وعَقَدتَ عَزائِمَهُم بِحَبلِ مَحَبَّتِكَ، وآثَرتَ خَواطِرَهُم بِتَحصيلِ مَعرِفَتِكَ، فَهُم في خِدمَتِكَ مُتَصَرِّفونَ، وعِندَ نَهيِكَ وأَمرِكَ واقِفونَ، وبِمُناجاتِكَ آنِسونَ، ولَكَ بِصِدقِ الإِرادَةِ مُجالِسونَ، وذٰلِكَ بِرَأفَةِ تَحَنُّنِكَ عَلَيهِم، وما أسدَيتَ مِن جَميلِ مَنِّكَ إلَيهِم.
سَيِّدي! بِكَ وَصَلوا إلیٰ مَرضاتِكَ، وبِكَرَمِكَ استَشعَروا مَلابِسَ مُوالاتِكَ.
سَيِّدي! فَاجعَلني مِمَّن ناسَبَهُم مِن أهلِ طاعَتِكَ، ولا تُدخِلني فيمَن جانَبَهُم مِن أهلِ مَعصِيَتِكَ، وَاجعَل مَا اعتَقَدتُهُ مِن ذِكرِكَ خالِصاً مِن شُبَهِ الفِتَنِ، سالِماً مِن تَمويهِ الأَسرارِ وَالعَلَنِ، مَشوباً بِخَشيَتِكَ في كُلِّ أوانٍ، مُقَرَّباً مِن طاعَتِكَ فِي الإِظهارِ وَالإِبطانِ، داخِلاً فيما يُؤيِّدُهُ الدّينُ ويَعصِمُهُ، خارِجاً مِمّا تَبنيهِ الدُّنيا وتَهدِمُهُ، مُنَزَّهاً عَن قَصدِ أحَدٍ سِواكَ، وَجيهاً عِندَكَ يَومَ أقومُ لَكَ وأَلقاكَ، مُحَصَّناً مِن لَواحِقِ الرِّئاءِ، مُبَرَّءاً مِن بَوائِقِ۴۴ الأَهواءِ، عارِجاً إلَيكَ مَعَ صالِحِ الأَعمالِ بِالغُدُوِّ وَالآصالِ، مُتَّصِلاً لا يَنقَطِعُ بَوادِرُهُ، ولا يُدرَكُ آخِرُهُ، مُثبَتاً عِندَكَ فِي الكُتُبِ المَرفوعَةِ في عِلِّيّينَ، مَخزوناً [لَدَيكَ] فِي الدّيوانِ المَكنونِ الَّذي يَشهَدُهُ المُقَرَّبونَ، ولا يَمَسُّهُ إلّاَ المُطَهَّرونَ.
اللَّهُمَّ أنتَ وَلِيُّ الأَصفِياءِ وَالأَخيارِ، ولَكَ الخَلقُ وَ[إلَيكَ] الاِختِيارُ، وقَد ألبَستَني فِي الدُّنيا ثَوبَ عافِيَتِكَ، وأَودَعتَ قَلبي صَوابَ مَعرِفَتِكَ، فَلا تُخلِني فِي الآخِرَةِ عَن عَواطِفِ رَأفَتِكَ، وَاجعَلني مِمَّن شَمِلَهُ عَفوُكَ، ولَم يَنَلهُ سَطوَتُكَ.
يا مَن يَعلَمُ عِلَلَ الحَرَكاتِ وحَوادِثَ السُّكونِ، ولا تَخفیٰ عَلَيهِ عَوارِضُ الخَطَراتِ في مَحالِّ الظُّنونِ، اجعَلنا مِنَ الَّذينَ أوضَحتَ لَهُمُ الدَّليلَ عَلَيكَ، وفَسَحتَ لَهُمُ السَّبيلَ إلَيكَ، فَاستَشعَروا مَدارِعَ الحِكمَةِ، وَاستَطرَقوا سُبُلَ التَّوبَةِ، حَتّیٰ أناخوا في رِياضِ الرَّحمَةِ،
وسَلِموا مِنَ الاِعتِراضِ بِالعِصمَةِ، إنَّكَ وَلِيُّ مَنِ اعتَصَمَ بِنَصرِكَ، ومُجازي مَن أذعَنَ بِوُجوبِ شُكرِكَ، لا تَبخَلُ بِفَضلِكَ، ولا تُسأَلُ عَن فِعلِكَ، [سُبحانَكَ] جَلَّ ثَناؤُكَ، وفَضُلَ عَطاؤُكَ، وتَظاهَرَت نَعماؤُكَ، وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ، فَبِتَسييرِكَ يَجري سَدادُ الاُمورِ، وبِتَقديرِكَ يَمضِي انقِيادُ التَّدبيرِ، تُجيرُ ولا يُجارُ مِنكَ، ولا لِراغِبٍ مَندوحَةٌ عَنكَ.
سُبحانَكَ! لا إلٰهَ إلّا أنتَ، عَلَيكَ تَوَكُّلي، وإلَيكَ يَفِدُ أمَلي، وبِكَ ثِقَتي، وعَلَيكَ مُعَوَّلي، ولا حَولَ لي عَن مَعصِيَتِكَ إلّا بِتَسديدِكَ، ولا قُوَّةَ لي عَلیٰ طاعَتِكَ إلّا بِتَأييدِكَ، لا إلٰهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ، وخَيرَ الغافِرينَ.
وصَلَّى اللَّهُ عَلیٰ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وعَلیٰ أهلِ بَيتِهِ الطّاهِرينَ، وأَصحابِهِ المُنتَجَبينَ، وسَلَّمَ تَسليماً كَثيراً، وحَسُبنَا اللَّهُ وَحدَهُ، ونِعمَ المُعينُ.
يا خَيرَ مَدعُوٍّ ويا خَيرَ مَسؤلٍ، ويا أوسَعَ مَن أعطیٰ، وخَيرَ مُرتَجیٰ، اُرزُقني وأَوسِع عَلَيَّ مِن واسِعِ رِزقِكَ رِزقاً واسِعاً مُبارَكاً طَيِّباً حَلالاً لا تُعَذِّبُني عَلَيهِ، وسَبِّب لي ذٰلكَ مِن فَضلِكَ إنَّكَ عَلیٰ كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ.۴۵
1.. في نسخة: «اُجادِل»، وهو الأنسب.
2.. الخُفارة: الذمام. وأخفرتُ الرجلَ: إذا نقضت عهده وذمامه، والهمزة فيه للإزالة؛ أي أزلت خفارته (النهاية: ج ۲ ص ۵۲ «خفر»).
3.. أكدى الرجلُ: قَلَّ خيرُه: وقيل: المكدي من الرجال: الذي لا يثوب له مال ولا ينمي (لسان العرب: ج ۱۵ ص ۲۱۶ «كدا»).
4.. استَكان: خَضَعَ (النهاية: ج ۲ ص ۳۸۵ «سكن»).
5.. المُبيرُ: المُهلِكُ (النهاية: ج ۱ ص ۱۶۱ «بور»).
6.. الروم: ۲۷.
7.. في المصدر: «طلاطمة» والتصویب من الصحیفة السجّادیة الجامعة: ص۴۳۸.
8.. ادلَهَمَّ: كَثف واسوَدّ (لسان العرب: ج ۱۲ ص ۲۰۶ «دلهم»).
9.. الأنبياء: ۱۰۲ ـ ۱۰۳.
10.. الوَرطَةُ: الهُوَّة العميقة في الأرض، ثمّ استُعيرت للبليّة التي يعسر منها المخرج (مجمع البحرين: ج ۳ص ۱۹۲۶ «ورط»).
11.. الإخباتُ: الخُشوعُ والتواضِعُ (مجمع البحرين: ج ۱ ص ۴۸۸ «خبت»).
12.. في المصدر: «وتُمَيِّزُهُ»، وما أثبتناه من الصحیفة السجادیة الجامعة: ص ۴۴۲. يقال: فلان يمير أهله: إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم (مجمع البحرين: ج ۳ ص ۱۷۳۷ «مير»).
13.. في المصدر: «وتُعِزُّهُ» وما أثبتناه من الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۲.
14.. فلان بلزقي وبلصقي ولزيق: أي بجنبي (مجمع البحرين: ج ۵ ص ۲۳۲ «لزق»).
15.. لَفَظَهُ: رَمى بهِ (المصباح المنير: ص ۵۵۵ «لفظ»).
16.. كذا في المصدر، وفي بعض النسخ والصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۳ «أضلّه».
17.. في الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۳ «غَدَرَ».
18.. في نسخة: «وجهه»، وهو الأنسب.
19.. غافر: ۵۲.
20.. الّلأواءُ: الشدَّة وضيق المعيشة (النهاية: ج ۴ ص ۲۲۱ «لأو»).
21.. الأمشاجُ: أي أخلاط من الدم ـ النطفة ـ (مفردات ألفاظ القرآن: ص ۷۶۹ «مشج»).
22.. في المصدر: «بسوابق»، وما اُثبت من الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۴.
23.. الجدوى: العطيّة، كالجَداء (لسان العرب: ج ۱۴ ص ۱۳۴ «جدو»).
24.. في المصدر: «أعراقها»، وما اُثبت من بعض نسخ المصدر ومن الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۵. والأعراف ـ جمع عُرف ـ: وهو كلّ عال مرتفع (لسان العرب: ج ۹ ص ۲۴۲ «عرف»).
25.. الاُجاج: شديد الملوحه والحرارة: (مفردات ألفاظ القرآن: ص ۶۴ «أجج»).
26.. الأنعام: ۱۱۵.
27.. في الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۴۶ «وأكرم المُرسَلينَ المبعوث في الاُمّيّين».
28.. في الصحیفة السجّادیّة الجامعة: ص ۴۴۷ «اشملني».
29.. طفق فلانٌ بما أراد: أي ظَفِر (لسان العرب: ج ۱۰ ص ۲۲۵ «طفق»).
30.. في الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۵۰ «وإن عَزُبَ لُبّي عَن تَقديمِ ما يُصلِحُني».
31.. أَوبَقه: أهلكه (لسان العرب: ج ۱۰ ص ۳۷۰ «وبق»).
32.. في المصدر: «عتيق»، والتصويب من الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص ۴۵۵.
33.. في نسخة: «فلا مكرُكَ یُؤمِننا».
34.. الرَّبقُ: حَبلٌ فيه عدّة عري يُشَدُّ به البُهُمُ الصغار، وربقه: جَعل رأسه في الربقة ـ أي قيّده ـ (تاج العروس: ج ۱۳ ص ۱۵۹ «ربق»). وفي نسخة كما في الصحیفة السجّادیة الجامعة: ص ۴۵۵ «أوبقني».
35.. الجَريرَةُ: الجِنايَةُ والذنب (النهاية: ج ۱ ص ۲۵۸ «جرر»).
36.. في نسخة: «إذا» بدل «إنّي».
37.. أنكال: قُيود ثِقال، ويقال: أغلال (مجمع البحرين: ج ۳ ص ۱۸۳۴ «نكل»).
38.. الضارِعٌ: النَّحيفُ الضاوي الجِسم (النهاية: ج ۳ ص ۸۴ «ضرع»).
39.. زاد هنا في نسخة: «ولَم تأمُرهُم إلّا بِالطاعَةِ».
40.. السناءُ: ارتفاع القدر والمنزلة عند اللّه تعالى (مجمع البحرين: ج ۲ ص ۸۹۶ «سنا»).
41.. الواصِبُ: الواجِبُ الثابِتُ (مجمع البحرين: ج ۳ ص ۱۹۴۰ «وصب»).
42.. هكذا في المصدر: وفي نسخ اُخرى: «محيل» و«مجيل».
43.. الحَبَرة: النِعمة وسِعَةُ العيش (النهاية: ج ۱ ص ۳۲۷ «حبر»).
44.. بَوائِقُهُ: أي غَوائلُه وشرُورُه (النهاية: ج ۱ ص ۱۶۲ «بوق»).
45.. بحار الأنوار: ج ۹۴ ص ۱۵۳ ح ۲۲ نقلاً عن كتاب أنيس العابدين من مؤلّفات بعض قدمائنا.