۶ / ۱۱ ـ ۴
مُناجاةُ الرّاجينَ
۳۵۳.المناقب لابن شهر آشوب عن طاووس اليمانيـــ في ذِكرِ أحوالِ الإِمامِ زَينِ العابِدينَ علیه السّلام ـــ: رَأَيتُهُ يَطوفُ مِنَ العِشاءِ إلَى السَّحَرِ ويَتَعَبَّدُ، فَلَمّا لَم يَرَ أحَدا رَمَقَ السَّماءَ بِطَرفِهِ وقالَ:
إلٰهي! غارَت نُجومُ سَماواتِكَ، وهَجَعَت عُيونُ أنامِكَ، وأَبوابُكَ مُفَتَّحاتٌ لِلسّائِلينَ، جِئتُكَ لِتَغفِرَ لي وتَرحَمَني وتُرِيَني وَجهَ جَدّي مُحَمَّدٍ صلّی الله علیه و آله في عَرَصاتِ القِيامَةِ.
ثُمَّ بَكیٰ وقالَ:
وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ! ما أرَدتُ بِمَعصِيَتي مُخالَفَتَكَ، وما عَصَيتُكَ إذ عَصَيتُكَ وأَنَا بِكَ شاكٌّ، ولا بِنَكالِكَ جاهِلٌ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، ولٰكِن سَوَّلَت لي نَفسي، وأَعانَني عَلیٰ ذٰلِكَ سَترُكَ المُرخیٰ بِهِ عَلَيَّ، فَأَنَا الآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني؟ وبِحَبلِ مَن أعتَصِمُ إن قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟ فَوا سَوأَتاه غَداً مِنَ الوُقوفِ بَينَ يَدَيكَ إذا قيلَ لِلمُخِفّينَ: جوزوا، ولِلمُثقِلينَ: حُطّوا، أمَعَ المُخِفّينَ أجوزُ، أم مَعَ المُثقِلينَ أحُطُّ؟! وَيلي! كُلَّما طالَ عُمُري كَثُرَت خَطايايَ ولَم أتُب، أما آنَ لي أن أستَحِيَ مِن رَبّي؟!.
ثُمَّ بَكیٰ، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ:
أتُحرِقُني بِالنّارِ يا غايَةَ المُنیٰ | | فَأَينَ رَجائي ثُمَّ أينَ مَحَبَّتي |
أتَيتُ بِأَعمالٍ قِباحٍ رَدِيَّةٍ | | وما فِي الوَریٰ خَلقٌ جَنیٰ كِجِنايَتي |
ثُمَّ بَكیٰ وقالَ:
سُبحانَكَ! تُعصیٰ كَأَ نَّكَ لا تَریٰ، وتَحلُمُ كَأَنَّكَ لَم تُعصَ، تَتَوَدَّدُ إلیٰ خَلقِكَ بِحُسنِ الصَّنيعِ كَأَنَّ بِكَ الحاجَةَ إلَيهِم، وأَنتَ يا سَيِّدِي الغَنِيُّ عَنهُم.
ثُمَّ خَرَّ إلَى الأَرضِ ساجِداً.
۱