فكتب إليه معاوية : من عِندِ عَبدِ اللّه ِ مُعاوِيَةَ أميرِ المُؤمِنينَ إلى الحُسَينِ بن عَلِيٍّ :
سلامٌ عليكَ ، أمَّا بَعدُ ؛ فإنَّ كتابَكَ ورَدَ عَلَيَّ تذكُر أنَّ عِيْراً مرَّت بِكَ مِنَ اليَمَنِ تَحمِلُ مالاً وَحُلَلاً وَعَنْبَراً وَطِيْباً إليَّ لأُودِعَها خَزَائِنَ دِمَشقَ ، وأعُلُّ بها بَعدَ النَّهَلِ بني أبي ، وأنَّكَ احتَجتَ إليها فَأخَذتَها وَلَم تَكُن جَديراً بِأَخذِها إذْ نَسَبتَها إليَّ ؛ لأنَّ الوالي أحقُّ بالمالِ ، ثُمَّ عَلَيهِ المَخرَجُ مِنهُ ، وَأيمُ اللّه ِ ، لو تُرِكَ ذلِكَ حَتَّى صارَ إليَّ ، لم أبْخَسْكَ حَظَّكَ مِنهُ ، وَلكنِّي قَد ظَنَنتُ يابنَ أخي أنَّ في رأسِكَ نَزْوَةً ، وَبِوُدِّي أن يَكونَ ذلِكَ في زَماني فَأَعرِفَ لَكَ قَدرَكَ ، وأتجاوَزَ عن ذلِكَ ، وَلكنِّي واللّه ِ ، أتخوَّفُ أنْ تُبتلى بِمَن لا يُنظِرُكَ فُواقَ ناقَةٍ .
وكتب في أسْفَل كتابه :
يا حسينُ بنَ عليّ ليس ماجِئتَ بالسَّائغِ يوماً في العِلَلْ
أَخذُكَ المالَ وَلم تُؤْمَرْ بهِإنَّ هذا مِن حُسينٍ لعَجَلْ
قَد أجزْناها وَلَم نَغْضَبْ لَهاواحتمَلْنا مِن حُسَينٍ ما فَعَلْ
يا حُسينُ بنَ عليٍّ ذَا الأمَللَكَ بعدِي وَثْبَةٌ لا تُحْتَمَلْ
وبِوُدِّي أنَّني شاهِدُهافأليها مِنكَ بالخُلْقِ الأجَلْ
إنَّني أرْهَبُ أنْ تَصْلَى بِمَنعِندَهُ قَد سَبَقَ السّيفُ العَذَلْ ۱
وهذِهِ سَعَةُ صَدرٍ وفراسَةٌ صادِقةٌ . ۲