69
مكاتيب الأئمّة ج3

مكاتيب الأئمّة ج3
68

۲۰

ما زُعِمَ أنّه عليه السلام أوصى به أخاه الحسين عليه السلام

۰.قال أبو عمر : روينا من وجوه : أنَّ الحسن بن عليّ لمَّا حضرته الوفاةُ ، قال للحسين أخيه :يا أخي ، إنَّ أباكَ حِينَ قُبِضَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله استَشرَفَ لِهذا الأَمرِ ، وَرَجا أنْ يَكونَ صاحِبَهُ ، فَصرَفَهُ اللّه ُ عَنهُ ، وَوَلِيَها أبو بكر ، فَلَمَّا حَضَرت أبا بكر الوَفاةُ تشوَّف لَها أيضاً ، فصُرِفَت عَنهُ إلى عُمَرَ ، فَلَمَّا قُبض عمرُ جَعلَها شورى بَينَ سِتَّةٍ هُو أحَدُهُم ، فَلَم يشكَّ أنَّها لا تَعدوهُ ، فَصُرِفَت عَنهُ إلى عُثمانَ ، فلمَّا هلَكَ عُثمانُ بُويِعَ لَهُ ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيف وطلبها ، فما صفا لَهُ شَيءٌ مِنها ، وإنِّي واللّه ِ ما أرى أنْ يَجمَعَ اللّه ُ فينا أهلَ البَيتِ النُّبوَّةَ والخِلافَةَ ، فَلا أعرِفَنَّ ما استَخَفَّكَ سُفهاءُ أهلِ الكُوفَةِ فَأَخرَجوكَ .
وَقَد كُنتُ طَلَبتُ إلى عائِشَةَ إذا مِتُّ أنْ أُدفَنَ في بَيتِها مَعَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
فَقالَت : نَعَم وَإنِّي لا أدري ، لَعَلَّهُ كانَ ذلِكَ مِنها حَياءً ، فَإِذا أنَا مِتُّ فاطلُب ذلِكَ إِلَيها ، فَإنْ طابَت نَفسُها فادُفنِّي في بَيتِها ، وَما أظُنُّ إلاَّ القومَ سَيمنَعونَكَ إِذا أردَتَ ذلِكَ ، فَإنْ فَعَلُوا فَلا تُراجِعْهُم في ذلِكَ ، وادفنِّي في بَقيعِ الغَرْقَدِ ۱ ، فَإنَّ لي بِمَن فيهِ أُسوَةً .

فَلَمَّا ماتَ الحَسَنُ أتى الحُسينُ عائِشَةَ يَطلُبُ ذلِكَ إلَيها ، فَقالَت : نَعَم حُبَّاً وَكَرامَةً .
فبلَغَ ذلِكَ مَروانَ ، فَقالَ مَروانُ : كَذِب وكَذِبَت ، واللّه ِ ، لا يُدفَنُ هُناكَ أبَداً ، مَنعوا عُثمانَ مِن دَفنِهِ فِي المَقبَرَةِ ، ويُريدونَ دَفْن حَسَنٍ في بَيتِ عائِشَةَ !
فَبَلَغَ ذلِكَ حُسيناً ، فَدَخلَ هُو وَمَن مَعهُ فِي السِّلاحِ ، فَبلَغَ ذلِكَ مَروانَ فاستلأمَ في الحَديدِ أيضاً ، فبَلغَ ذلِكَ أبا هُريرَة ، فَقال :
واللّه ِ ، ما هُو إلاَّ ظُلم ، يُمنَعُ حَسَنٌ أنْ يُدفَنَ مَعَ أبيهِ ، واللّه ِ إنَّه لاَبنُ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
ثمَّ انطَلَقَ إلى حُسَينٍ ، فَكَلَّمَهُ وناشَدَهُ اللّه َ ، وقالَ لَهُ : ألَيسَ قَد قَالَ أخوكَ :
إنْ خِفتَ أنْ يكون قِتالٌ فَرُدَّني إلى مَقبَرَةِ المُسلِمينَ؟
وَلَم يَزَل بهِ حَتَّى فعل ، وَحَمَلَهُ إلى البقيعِ ، وَلَم يَشهَدهُ يَومَئِذٍ مِن بني أُميَّةَ إلاَّ سَعيدُ بنُ العاص ، وَكانَ يَومئذٍ أميراً عَلى المَدينَةِ ، قَدَّمَهُ الحُسين في الصَّلاةِ عَلَيهِ ، وَقالَ : هي السُّنَّة . ۲
وقد قال في خلاصة عبقات الأنوار ما نصُّه: لقد افتروا كذبا فزعموا أنّ الإمام الحسن أوصى إلى أخيه الإمام الحسين عليه السلام (ج۴ ص ۲۴۴).
والواقع أنَّ هذه الوصية تتضمن تناقضات واضحة، ويمكن أن نشير إليها كالآتي:
۱ ـ طريقة خطابه عليه السلام لأخيه الحسين «إنّ أباك» غير مستساغة.
۲ ـ استشراق أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة، وكأنّ النبي صلى الله عليه و آله لم ينصّ عليه.
۳ ـ كيف يصرف اللّه الحقَّ عن أهله؟ وهو الذي قال في محكم كتابه مخاطبا رسوله الكريم ـ في حجّة الوداع ـ في شأن تبليغ ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام : « وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ » .
۴ ـ عدم إمكان صدور عبارة مثل: «حتّى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها» عن الإمام الحسن عليه السلام بحقّ والدهِ، وهو يعلم عصمته وحكمته واتباعه لأمر اللّه .
۵ ـ «واني واللّه لا أرى أن يجمع اللّه فينا أهل البيت النبوّة والخلافة» هل يعقل أن يقول الحسن ذلك؟ وأن يجهل أمير المؤمنين عليه السلام هذه الحقيقة؟
۶ ـ قوله: «فلا أعرفَنَّ ما استخفَّك سفهاءُ أهل الكوفة فأخرجوك... الخ» أليس في هذا ـ إن صحَّ ـ حجّة على الحسين عليه السلام في خروجه إلى الكوفة؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا خالف الحسين وصية أخاه؟
۷ ـ نفت هذه الرواية ما اجمع عليه المؤرخون في العامة والخاصة، من أنّ عائشة ركبت على بغل وقالت: «نحّوا ابنكم عن بيتي» وقالت: «لا تدخلوا بيتي من لا أحب» وهذه الرواية تُثبت البراءة لعائشة وانّ التقصير من مروان لا منها.
۸ ـ ما نقله صاحب ذخائر العقبى من أنَّ أبا هريرة كان يتوسل بالحسين عليه السلام في سبيل عدم تضييع وصية أخيه الحسن، وهذا أعجب العجب، أفيكون الحسين محتاجا لمثل هذا النصح؟ أو يكون أبو هريرة أحرص من الحسين على إنفاذ وصية أخيه. وهو الذي نفّذها كاملة ولم يرق في أمر أخيه محجمة من دم.
هذا كلّه ما يخصّ مناقشة أقسام من متن هذه الوصية التي نسبت إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام .
وأمّا ما يخصّ سندَ هذه الوصيّة فنقول:
إنّ الأسانيد التي نقلت بها هذه الوصيّة ضعيفة جدّا، مع اضطراب متونها، ولم تذكر في مصادر أبناء العامّة المعتبرة عندهم، مضافا إلى كونها لم ترد في مصدر واحدٍ من مصادر الشيعة، بل على العكس عدَّها بعض علماء الشيعة من الافتراءات.

1. بقيع الغرقد : هو مقبرة أهل المدينة ، وسمّى بذلك لأنّه كان فيه غرقد ، وهو ضرب من شجر العضاه وشجر الشّوك .

2. ذخائر العقبى للطبري : ص ۲۴۴ وراجع: سِيَر أعلام النبلاء: ج ۳ ص ۲۷۸ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17940
صفحه از 340
پرینت  ارسال به