قالَ : ثُمَّ انقَطَعَ نَفَسُهُ ، وَاصفَرَّ لَونُهُ حتَّى خَشتُ ۱
عَلَيهِ ، وَدَخَلَ الحُسَينُ صَلواتُ اللّه ِ عَلَيهِ والأسودُ بنُ أبي الأسودِ ، فانكبَّ عليه حتَّى قَبَّلَ رأسه وبَينَ عَينيهِ ، ثمَّ قعد عنده ۲ و تسارَّا جميعاً ، فقال ۳ أبو الأسود :
إنَّ اللّه ۴ ، إنَّ الحسن قد نعيت إليه نفسه ، وقد أوصى إلى الحسين عليه السلام .
وتوفي عليه السلام في يوم الخميس في آخر صفر ، سنة خمسين من الهجرة ، وله سبعة وأربعون سنة ۵ . ۶
۱۹
وصيَّتُه عليه السلام إلى الحسين عليه السلام
۰.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه عن بَكْر بن صالح ، قال الكُلَيْنِيُّ وعدَّة من أصحابنا عن ابن زِياد ، عن محمَّد بن سليمان الدَّيْلميِّ ، عن هارون بن الجَهْم ، عن محمَّد بن مسلم ، قال :
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :لمَّا حَضَر الحسن بن عليّ عليهماالسلام الوفاة ، قال للحسين عليه السلام :
يا أخي، إنِّي أُوصيكَ بوصيَّةٍ فَاحفَظها: إذا أنا مِتُّ فَهَيِّئنِي ، ثُمَّ وَجِّهنِي إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأُحْدِثَ بِهِ عَهداً ، ثُمَّ اصرِفني إلى أُمِّي عليهاالسلام ، ثُمَّ رُدَّني فادفنِّي بِالبَقيعِ ، وَاعلَم أنَّهُ سَيُصيبُني مِن عائِشةَ ما يعلَمُ اللّه ُ ، والنَّاسُ صَنِيعُها عَداوَتُها للّه ِِ وَلِرَسولِهِ ، وَعَداوَتُها لَنا أَهلَ البَيتِ .
فَلمَّا قُبِضَ الحَسَنُ عليه السلام وَوُضِع عَلى السَّريرِ ثُمَّ انطلَقوا بِهِ إلى مُصَلَّى رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يُصلِّي فيهِ عَلى الجَنائِزِ ، فَصلَّى عَلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام ، وَحُمِلَ وَأُدخِلَ إلى المَسجِدِ .
فَلمَّا أُوقِفَ عَلى قبر رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، ذهَب ذو العُوَينَين إلى عائِشَةَ ، فَقالَ لَها :
إنَّهُم قَد أقبَلوا بِالحَسَنِ لِيَدفُنوا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه و آله ، فَخَرَجَت مبادِرةً عَلى بَغلٍ بِسَرجٍ ، فَكانَت أوَّلَ امرَأةٍ رَكِبَت في الإسلام سَرجاً .
فَقالَت : نَحُّوا ابنَكُم عَن بَيتي ، فَإنَّهُ لا يُدفَنُ في بَيتي ، وَيُهتَكُ عَلى رَسولِ اللّه ِ حِجابُهُ .
فَقالَ لها الحُسَينُ عليه السلام : قدِيماً هتَكتِ أنتِ وَأبوكِ حِجابَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وَأدخَلتِ عَلَيهِ بَيتَهُ مَن لا يُحِبُّ قُربَهُ ، وَإنَّ اللّه َ سائِلُكِ عَن ذلِكَ يا عائِشةُ . ۷
وفي رواية اُخرى :
عن سهل ، عن محمَّد بن سليمان ، عن هارون بن الجَهْم ، عن محمَّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
لمَّا احْتُضر الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، قالَ للحُسَينِ :
يا أخي، إنِّي أُوصيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحفَظها ، فَإذا أنا مِتُّ فَهَيِّئنِي ، ثُمَّ وَجِّهنِي إلى رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، لأُحدِثَ بِهِ عَهداً ، ثُمَّ اصرِفني إلى أُمِّي فاطِمَةَ عليهاالسلام ، ثُمَّ رُدَّني فَادفِنِّي بِالبَقيعِ ، واعلَم أنَّهُ سَيُصيبُني مِنَ الحُمَيرَاء ما يَعلمُ النَّاسُ مِن صَنِيعِها ، وَعداوَتِها للّه ِِ وَلِرَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، وعَداوَتِها لَنا أهلَ البَيت .
فَلَمَّا قُبِضَ الحَسَنُ عليه السلام ، ووضِعَ عَلى سَريرِهِ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلى مُصلَّى رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يُصَلِّي فيهِ عَلى الجَنائِزِ ، فَصُلِّي عَلى الحَسَنِ عليه السلام ، فَلَمَّا أن صُلِّي عَلَيهِ حُمِلَ ، فَأُدخِلَ المَسجِدَ فَلَمَّا
أُوقِفَ عَلى قَبرِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بَلَغَ عائِشَةَ الخَبَرُ ، وَقيلَ لها : إنَّهُم قَد أقبَلوا بِالحَسَنِ بنِ عليٍّ لِيُدفَنَ مَعَ رَسولِ اللّه ِ ، فَخَرَجَتْ مُبادِرَةً عَلى بَغْلٍ بِسَرجٍ فَكانَت أوَّلَ امرَأَةٍ رَكبَت في الإسلامِ سَرجاً ، فَوَقَفَت ، وَقالَت : نَحُّوا ابنَكُم عَن بَيتي ، فَإنَّهُ لا يُدفَنُ فيهِ شَيءٌ ولا يُهتَكُ عَلى رَسولِ اللّه ِ حِجابُهِ .
فَقال لها الحُسَينُ بنُ عَليٍّ صَلَواتُ اللّه ِ عَليهِما : قَدِيماً هَتَكتِ أنتِ وَأبوكِ حِجابَ رَسولِ اللّه ِ ، وَأدخَلتِ بَيتَهُ مَن لا يُحِبُّ رَسولُ اللّه ِ قُربَهُ ، وَإنَّ اللّه َ سائلُكِ عَن ذلِكَ يا عائشةُ ، إنَّ أخي أمرَني أن أُقَرِّبَهُ مِن أبيهِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله لِيُحدِثَ بِهِ عَهداً .
وَاعلَمي أنَّ أخي أعلَمُ النَّاسِ بِاللّه ِ وَرَسولِهِ ، وَأعلمُ بِتأْويلِ كِتابِهِ مِن أن يَهتِكَ عَلى رَسولِ اللّه ِ سِترَهُ ، لِأنَّ اللّه َ تَبارَكَ وَتَعالى يَقولُ : « يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ » ۸ ، وَقَد أَدخَلتِ أنتِ بَيتَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله الرِّجالَ بِغَيرِ إذنِهِ ، وَقَد قالَ اللّه ُ عز و جل : « يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَ اتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ » ۹ ، وَلَعَمري لَقَد ضَربتِ أنتِ لِأبِيكِ وَفارُوقِهِ عِندَ أُذُنِ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله المَعاوِلَ ، وَقالَ اللّه ُ عز و جل : « إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَ اتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى » ۱۰ ، ولَعَمرِي لَقَد أدخَلَ أبوكِ وفارُوقُهُ عَلى رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بِقُربِهِما مِنهُ الأذَى ، وَما رَعَيا مِن حَقِّهِ ما أمَرَهُما اللّه ُ بهِ عَلى لِسانِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، إنَّ اللّه َ حَرَّمَ مِنَ المُؤمِنينَ أمواتاً ما حَرَّمَ مِنهُم أحياءً ، وَتَاللّه ِ يا عائشةُ ، لو كانَ هذا الَّذي كرِهْتِيهِ مِن دَفْنِ الحَسَنِ عِندَ أبيهِ رَسول اللّه صلوات اللّه عليهما جائِزاً فيما بَينَنا وَبَينَ اللّه ِ لعلِمتِ أنَّهُ سَيُدفَنُ ، وإنْ رُغِمَ مَعطِسُكِ .
قال : ثُمَّ تكلَّم محمَّد بن الحنفِيَّة ، وقال : يا عائشة يَوماً على بَغْلٍ ، ويَوماً عَلى جَمَلٍ فما تَمْلِكِينَ نَفسَكِ ، ولا تمْلِكين الأرضَ عَداوَةً لِبني هاشِمٍ .
قال : فأقبلت عليه ، فقالت : يا ابن الحنفيَّة ، هؤلاء الفواطِمُ يتكَلَّمُونَ ، فَما كلامُكَ؟
فقال لَها الحسين عليه السلام : وَأنَّى تُبعِدينَ مُحَمَّداً مِنَ الفَوَاطِمِ ؟ فَوَ اللّه ِ لَقَد وَلَدَتهُ ثلاثُ فَوَاطِمَ ، فاطِمَةُ بنتُ عِمرانَ بنِ عائِذ ٍ بنِ عَمروٍ بنِ مَخزُومٍ ، وَفاطِمَةُ بِنتُ أسَد ٍ بنِ هاشمٍ ، وفاطِمةُ بنتُ زائدةَ بنِ الأصَمِّ بنِ رَوَاحةَ بنِ حِجْرٍ بنِ عَبدِ مَعِيصٍ بنِ عامِرٍ .في وصاياه
قال : فقالت عائشة لِلْحسين عليه السلام : نَحُّوا ابنَكُم ، واذهبوا بهِ فَإنَّكُم قَومٌ خَصِمُون .
قال : فمضَى الحسين عليه السلام إلى قَبرِ أُمِّهِ ، ثُمَّ أخرَجَهُ فَدَفَنَهُ بالبَقيعِ . ۱۱
1. وفي نسخة : «خشيت» .
2. وفي نسخة : «عنه جميعاً» و ليس فيه «و تسارا» .
3. وفي نسخة : «فقال أسود بن أبي الأسود : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون» .
4. وفي نسخة : «إنّا للّه » .
5. وفي نسخة : «و دفن بالبقيع» .
6. كفاية الأثر : ص ۲۲۶.
7. الكافي : ج ۱ ص ۳۰۰ ح ۱ ، مدينة المعاجز : ج ۳ ص ۳۴۰ الرّقم۹۲۲ نحوه.
8. الأحزاب : ۵۳ .
9. الحجرات : ۲ .
10. الحجرات : ۳ .
11. الكافي : ج ۱ ص ۳۰۲ ح ۳ وراجع : دلائل الإمامة : ص ۱۶۰.