۳۹ ـ وأمَّا حَقُّ المُسْتَشِيرِ :
۰.فَإنْ حضرَكَ لَهُ وجْهُ رأيٍ جَهِدتَ لَهُ في النَّصيحَةِ ، وأشَرتَ عَلَيهِ بِما تعلَمُ ، أنَّكَ لَو كُنتَ مكانَهُ عَمِلتَ بهِ ، وذلِكَ لِيَكُن مِنكَ في رَحمَةٍ ولِينٍ ، فَإنَّ اللِّينَ يؤنِسُ الوَحشَةَ ، وإنَّ الغَلِظ يُوحِشُ مَوضِعَ الأُنْسِ وإنْ لم يَحضُرْكَ لَهُ رأيٌ ، وعَرَفْتَ لَهُ مَن تَثِقُ بِرَأيهِ ، وتَرْضى بِهِ لِنَفسِكَ دَلَلْتَهُ عَلَيهِ ، وأرْشَدْتَهُ إلَيهِ ، فَكُنتَ لَم تأْ لُهُ خَيراً ، ولَم تدَّخِرْهُ نُصْحاً ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .
۴۰ ـ وأمَّا حقُّ المُشِير عَلَيكَ :
۰.فلا تَتَّهِمْهُ فيما لا يُوافِقُكَ عَلَيهِ مِن رأيهِ إذا أشارَ عَلَيكَ ، فإنَّما هِيَ الآراءُ وتَصرُّفُ النَّاسِ فيها واختِلافُهُم ، فَكُن عَليهِ في رأيهِ بالخيارِ إذا اتَّهمْتَ رأيَهُ ، فأمَّا تُهمَتُهُ فلا تَجوزُ لَكَ إذا كان عِندَكَ مِمَّن يَستَحِقُّ المُشاوَرَةَ ، ولا تَدع شُكرَهُ على ما بَدا لَكَ من إشْخاصِ رأيهِ وحسْن وجهِ مَشورَتِهِ ، فإذا وافَقَكَ حَمِدْتَ اللّه َ ، وقَبِلتَ ذلِكَ مِن أخيكَ بالشُّكرِ والإرصادِ بالمُكافَأةِ في مثلها إنْ فزَع إلَيكَ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
۴۱ ـ وأمَّا حَقُّ المسْتَنْصِحِ :
۰.فإنَّ حَقَّهُ أنْ تُؤدِّيَ إلَيهِ النَّصيحَةَ على الحَقِّ الَّذي تَرى لَهُ أنَّهُ يَحمِلُ ، ويَخرُجُ المَخْرَجَ الَّذي يَلِينُ على مَسامِعِهِ ، وتُكَلِّمَهُ مِنَ الكلامِ بِما يُطيقُهُ عَقلُهُ ، فإنَّ لِكُلِّ عَقلٍ طَبقَةً مِنَ الكلامِ يعرِفُهُ ويَجْتَنِبُهُ ، وليَكُن مذهَبُكَ الرَّحمَةَ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
۴۲ ـ وأمَّا حقُّ النَّاصح :
۰.فأنْ تُلينَ لَهُ جَناحَكَ ، ثمَّ تَشْرَئِبَّ لَهُ قلْبَكَ ، وتَفتَح لَهُ سمعَكَ حَتَّى تَفْهَمَ عَنهُ
نَصيحَتَهُ ، ثُمَّ تَنْظُرَ فيها ، فَإنْ كانَ وُفَّقَ فيها للصَّوابِ حَمِدتَ اللّه َ على ذلِكَ وقبِلْتَ مِنهُ ، وعَرَفْتَ لَهُ نَصيحَتَهُ ، وإنْ لمْ يَكُن وُفِّقَ لَها ۱ فيها رَحِمْتَهُ ، وَلَمْ تَتَّهِمْهُ ، وعَلِمتَ أنَّهُ لَم يأْلُكَ نُصْحاً ، إلاَّ أنَّهُ أخطَأ ، إلاَّ أن يكون عندك مُسْتَحقَّاً للتُّهمَة ، فلا تَعْبأْ بشيْء من أمره على كلّ حالٍ ، ولا قوَّة إلاَّ باللّه ِ .