أقول : نقلها العلاّمة المجلسيّ رحمه الله عن الخصال أوَّلاً ، ثمَّ عن الأمالي للصدوق رحمه الله ، ثمَّ عن تحف العقول ، وقال : إنَّما أوردناه مكرَّراً للاختلاف الكثير بينهما ، وقوة سند الأوَّل ، وكثر فوائد الثَّاني . أرى أنْ نقتفي أثره في نقل النَّصَّين :
نصُّ الأمالي :
حدَّثنا الشَّيخ الجليل أبو جعفر مُحمّد بنُ عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رضى الله عنه ، قال : حدَّثنا عليُّ بن أحمد بن موسى رضى الله عنه ، قال : حدَّثنا محمّد بن جعفر الكوفيّ الأسديّ ، قال : حدَّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ ، قال : حدَّثنا عبداللّه بن
أحمد ، قال : حدَّثنا إسماعيل بن الفضل ، عن ثابت بن دينار الثُّماليّ ، عن سيِّد العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، قال :
«حَقُّ نفسِكَ عَلَيكَ : أنْ تَستعمِلَها بِطاعَةِ اللّه ِ عز و جل .
و حَقُّ اللِّسانِ : إكرامُهُ عَن الخَنى ، وَتعويدُهُ الخَيرَ ، وتَركُ الفُضُولِ الَّتي لا فائِدَةَ لَها .. . ۱
نصُّ تُحَفِ العُقولِ :
الحسنُ بن عليِّ بن شُعْبَة في تُحَف العقول ، في مواعظ السَّجَّاد عليه السلام ، قال في رسالَته عليه السلام المعروفَة برسالة الحقوق :
اعلَمْ رَحِمَكَ اللّه ُ ، أنَّ للّه ِ عَلَيكَ حُقوقا مُحِيطَةً بِكَ ، في كلِّ حَرَكَةٍ تَحرَّكْتَها ، أوْ سَكَنَةٍ سَكَنْتَها ، أوْ منزِلَةٍ نَزلْتَها ، أوْ جارِحَةٍ قلَبْتَها ، أوْ آلةٍ تَصَرَّفْتَ بِها بَعْضُها أكبَرُ من بعضٍ ، وأكبرُ حُقوق اللّه ِ عَلَيكَ ما أوْجَبَهُ لِنَفسِهِ تَبارَكَ وَتَعالى مِن حَقِّهِ الَّذي هُو أصلُ الحُقوقِ ومِنهُ تفَرَّعُ ، ثمَّ أوْجَبَهُ عَلَيكَ لِنَفسِكَ من قَرْنِكَ إلى قَدَمِكَ عَلى اختِلافِ جَوارِحِكَ .
فجعَل لِبَصَرِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، ولِسَمعِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، ولِلِسانِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، وَلِيَدِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، ولرِجْلِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، ولِبَطْنِكَ عَليكَ حَقّاً ، ولِفَرْجِكَ عَلَيكَ حقَّاً ، فَهذِه الجَوارِحُ السَّبْعُ الَّتي بِها تكونُ الأفْعال ، ثُمَّ جَعَل عز و جل لأفعالِكَ عَلَيكَ حُقوقاً ، فجَعَلَ لِصَلاتِكَ عَليكَ حَقَّاً ، ولِصَومِكَ عَليكَ حَقّاً ، و لِصَدَقَتِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، وَلِهَدْيِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، ولأَفعالِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، ثُمَّ تَخرُجُ الحُقوقُ مِنكَ إلى غَيرِكَ مِن ذوي الحُقوقِ الواجِبَةِ عَلَيكَ ، وأوجَبُها عَلَيكَ حُقوقُ أئمَّتِكَ ، ثُمَّ حُقوقُ رَعِيَّتِكَ ، ثُمَّ حُقوقُ رَحِمِكَ ؛ فهذهِ حُقوقٌ يَتَشَعَّبُ مِنها حُقوقٌ .
فحُقوقُ أئمَّتِكَ ثَلاثَةٌ : أوجَبُها عَليكَ : حَقُّ سائِسِكَ بالسُّلطانِ ، ثُمَّ سائِسِكَ بِالعِلمِ ، ثُمَّ حَقُّ سائِسِكَ بالمُلكِ ؛ وكُلُّ سائِسٍ إمامٌ .
وحُقوقُ رَعِيَّتِكَ ثَلاثَةٌ أوجَبُها عَلَيكَ : حَقُّ رعِيَّتِكَ بالسُّلطانِ ، ثُمَّ حقُّ رعِيَّتِكَ بالعِلمِ ، فَإنَّ الجاهِلَ رَعيَّةُ العالِمِ ، وَحَقُّ رعِيَّتِكَ بالمُلكِ مِنَ الأزْواجِ وما ملَكتَ مِنَ الأيْمانِ .
وحُقوقُ رَحِمِكَ كَثيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بقَدْرِ اتِّصالِ الرَّحِمِ في القَرابَةِ فأوْجَبُها عَلَيكَ : حَقُّ أُمِّكَ ، ثُمَّ حَقُّ أبيكَ ، ثُمَّ حَقُّ وُلْدِكَ ، ثُمَّ حَقُّ أخيكَ ثُمَّ الأقرَبُ فالأقْرَبُ ، والأوَّلُ فالأَوَّلُ ، ثُمَّ حَقُّ مولاكَ المُنْعِمِ عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَولاكَ الجارِيَةُ نِعمتُكَ عَلَيهِ ، ثُمَّ حَقُّ ذي المَعروفِ لَدَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ مُؤذِّ نِكَ بالصَّلاةِ ، ثُمَّ حَقُّ إمامِكَ في صَلاتِكَ ، ثُمَّ حَقُّ جَلِيسكَ ، ثُمَّ حَقُّ جارِكَ ، ثُمَّ حَقُّ صاحِبِكَ ، ثُمَّ حَقُّ شَريكِكَ ، ثُمَّ حَقُّ مالِكَ ، ثُمَّ حَقُّ غَريمِكَ الَّذي تُطالِبُهُ ، ثُمَّ حقُّ غَريمِكَ الَّذي يُطالِبُكَ ، ثُمَّ حَقُّ خَلِيطِكَ ، ثُمَّ حَقُّ خصْمِكَ المُدَّعي عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ خَصمِكَ الَّذي تَدَّعي عَلَيهِ ، ثُمَّ حَقُّ مُسْتَشيرِكَ ، ثُمَّ حَقُّ المُشيرِ عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ مُسْتَنْصِحِكَ ، ثُمَّ حَقُّ النَّاصِحِ لَكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَن هُو أكبرُ مِنكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَن هُوَ أصغَرُ مِنكَ ، ثُمَّ حقُّ سائِلِكَ ، ثُمَّ حقُّ مَن سألْتَهُ ، ثُمَّ حَقُّ مَن جرَى لَكَ عَلَى يَديْهِ مَساءَةٌ بقول ، أو فِعلٍ ، أوْ مَسَرَّةٌ بذلِكَ بقول أوْ فعل ، عَن تَعَمُّدٍ مِنهُ ، أوْ غيرِ تَعَمُّدٍ مِنهُ ، ثُمَّ حَقُّ أهلِ مِلَّتِكَ عامَّةً ، ثُمَّ حَقُّ أهلِ الذِّمَّةِ ، ثُمَّ الحُقوقُ الجارِيَةُ بِقدْرِ عِلَلِ الأحوالِ ، وتَصرُّفِ الأسبابِ ؛ فَطُوبى لِمَن أعانَهُ اللّه ُ على قَضاءِ ما أوجَبَ عَلَيهِ مِن حُقوقِهِ وَوَفَّقَهُ وَسدَّدَهُ .