التّحذير من الموت :
۰.يا ابنَ آدَمَ إنَّ أجَلَكَ أسْرَعُ شَيْءٍ إلَيكَ ، قَد أقبَلَ نَحوَكَ حَثيثاً يَطْلُبُكَ ، وَيوشِكُ أنْ يُدْرِكَكَ ، وكَأن قَد أوْفَيتَ أجَلَكَ ، وقَبَضَ المَلَكُ روحَكَ ، وصِرتَ إلى قَبرِكَ وَحيداً ، فَرَدَّ إليكَ فيهِ روحَكَ ، واقْتَحَمَ عَليكَ فيهِ مَلَكانِ ، ناكِرٌ ونكيرٌ لمُسائَلتِكَ وشَديدِ امتِحانِكَ .
أ لا وإنَّ أوَّلَ ما يَسْألانِكَ عَن رَبِّكَ الَّذي كنتَ تَعبُدُهُ ، وعَن نبيِّكَ الَّذي أُرْسِلَ إلَيكَ ، وعن دينِكَ الَّذي كُنتَ تَدِينُ بِهِ ، وعَن كِتابِكَ الَّذي كُنتَ تتْلُوهُ ، وعَن إمامِكَ الَّذي كُنتَ تَتَولاّهُ ، ثُمَّ عَن عُمُرِكَ فيما كُنتَ أفْنَيْتَهُ ، ومالِكَ مِن أيْنَ اكْتَسَبتَهُ وفيما أنتَ أنفقْتَهُ ، فخُذ حِذْرَكَ ، وانظُر لِنَفسِكَ ، وأعِدَّ الجَوابَ قَبلَ الاِمتِحانِ والمُسَائَلَةِ والاِختِبارِ .
فإنْ تَكُ مؤمِناً عارِفاً بدِينِكَ ، مُتَّبِعاً للصَّادِقينَ ، مُوالِياً لأوْلياءِ اللّه ِ لقَّاكَ اللّه ُ حُجَّتَكَ ، وأنْطَقَ لِسانَكَ بِالصَّوابِ ، وأحسَنْتَ الجَوابَ ، وبُشِّرْتَ بالرِّضوانِ والجَنَّةِ مِنَ اللّه عز و جل ، واسْتقْبَلَتْكَ الملائِكَةُ بالرَّوحِ والرَّيحانِ ، وإنْ لم تَكُن كذلِكَ تَلَجْلَجَ لِسانُكَ ، ودُحِضَتْ حُجَّتُكَ ، وعَيِيتَ عَنِ الجَوابِ ، وبُشِّرتَ بالنَّارِ ، واسْتقْبلَتْكَ مَلائِكَةُ العَذابِ بِنُزُلٍ مِن حَميمٍ ، وتصْلِيَةِ جَحيمٍ .
التّذكير بالمعاد :
۰.واعلَم يا ابنَ آدمَ أنَّ مِن وَراءِ هذا أعظَمَ وأفْظَعَ وأوْجَعَ للقلوبِ يومَ القِيامَةِ ، ذلِكَ يَومٌ مَجموعٌ لَهُ النّاسُ ، وذلِكَ يومٌ مَشهودٌ يَجْمَعُ اللّه ُ عز و جل فيهِ الأوَّلينَ والآخِرينَ ، ذلِكَ يومٌ يُنْفَخُ في الصُّورِ ، وتُبعْثَرُ فيهِ القبورُ ، وذلِكَ يومُ الآزِفَةِ إذِ القلوبُ لدَى الحَناجِرِ كاظِمينَ ، وذلِكَ يَومٌ لا تُقالُ فيهِ عَثرَةٌ ، ولا يُؤخَذُ مِن أحَدٍ فِدْيَةٌ ، وَلا تُقْبَلُ مِن أحَدٍ مَعْذِرَةٌ ، ولا لأَِحَدٍ فيهِ مُسْتقْبَلُ تَوبَةٍ ، لَيسَ إلاّ الجَزاءُ بِالحَسَناتِ والجَزاءُ بالسَّيِّئاتِ .