۲۶
وصيّته عليه السلام لعامّة النّاس
۰.أُوصيكُم بِتقوى اللّه ِ وَأُحَذِّرُكُم أيّامَهُ ، وَأَرفَعُ لَكُم أَعلامَهُ ، فَكَأنَّ المَخوفَ قَد أَفِدَ بمَهولِ وُرودهِ ، ونكيرِ حُلولِهِ وبَشِع مَذاقِهِ ، فاعْتَلق مُهَجَكُم وحالَ بَينَ العَمَلِ وَبَينَكُم ، فبادِروا بِصِحَّة الأجسامِ في مُدَّة الأَعمارِ ، كأنَّكم ببَغَتاتِ طَوارقِهِ فتنْقُلُكُم مِن ظَهرِ الأرضِ إلى بَطنِها ، وَمِن عُلُوِّها إلى سُفلِها ، وَمِن أُنْسِها إلى وَحشَتِها ، ومن رَوحِها وضَوئِها إلى ظُلمَتِها ، وَمِن سَعَتِها إلى ضِيقِها ؛ حَيث لا يُزارُ حَميمٌ ولا يُعاد سَقيمٌ ولا يُجابُ صَريخٌ .
أعانَنا اللّه ُ وإيَّاكم عَلى أهوالِ ذلِكَ اليَومِ ، ونجَّانا وإيَّاكم مِن عقابهِ ، وأوْجَبَ لنا وَلَكُم الجَزيلَ مِن ثَوابِهِ .
عِبادَ اللّه ِ ، فَلَو كانَ ذلِكَ قَصِرَ مَرْماكُم ومَدى مَظعَنِكُم ، كان حَسْبُ العامِلِ شُغلاً يَستفْرِغُ عَلَيهِ أحزانَهُ ويَذْهَلُهُ عَن دُنياه وَيُكثِرُ نَصَبَه لِطَلَبِ الخَلاصِ مِنهُ ، فَكَيفَ وَهُو بَعدَ ذلِكَ مُرتَهَنٌ بِاكتسابِهِ ، مُستَوقَفٌ عَلى حِسابهِ ، لا وَزيرَ لَهُ يَمنَعُه ولا ظَهيرَ عَنهُ يَدفَعُهُ ، وَيَومَئِذٍ لا يَنفَعُ نَفساً إيمانُها لَم تَكُن آمَنتْ مِن قَبلُ أو كَسَبتْ في إيمانِها خَيراً ، قل انتظروا إنَّا مُنتَظِرونَ .
أُوصيكُم بِتقوى اللّه ِ ، فَإنَّ اللّه َ قَد ضَمِنَ لِمَن اتَّقاهُ أنْ يحوِّله عَمَّا يَكرَهُ إلى ما يُحِبُّ ويَرزُقُهُ من حَيثُ لا يَحتَسِبُ .
فإيَّاكَ أنْ تَكونَ مِمَّن يَخافُ عَلى العِبادِ مِن ذُنوبِهِم ، ويأمَنُ العُقوبَةَ مِن ذَنبِهِ ، فَإنَّ اللّه َ تبارَكَ وَتعالى لا يُخْدَعُ عَن جَنَّتِهِ ، ولا يُنالُ ما عِندَهُ إلاَّ بِطاعَتِهِ إن شاءَ اللّه ُ . ۱