141
مكاتيب الأئمّة ج3

۱۵

كتابُه عليه السلام إلى أهل الكوفة

قبل وصوله إلى كربلاء يرغّبهم في نصرته

كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة قبلَ الوصولِ إلى كربلاء :
قال ابن أعثم الكوفيّ : أصبح الحسين من وَراء عذيب الهجانات ۱ ، قال : وإذا بالحُرّ بن يزيد ، قد ظهر له أيضاً في جيشه ، فقال الحسين :
ما وَراءَكَ يابنَ يَزيد ! أليسَ قَد أمَرتَنا أنْ نأخُذَ عَلى الطَّريقِ فَأَخذنا وَقَبِلنا مَشوَرَتكَ؟
فقال : صدقتَ ، ولكنَّ هذا كتابُ عُبيدِ اللّه بن زياد ، قد وَرد عليَّ يُؤنِّبني وَيُعنِّفني في أمرِكَ .
فقالَ الحُسينُ : فَذَرْنا حَتَّى نَنزِلَ بِقَريَةِ نينوى ۲ أو الغاضِرِيّةِ ۳ .
فَقالَ الحُرُّ : لا واللّه ِ ، ما أَستطيعُ ذلِكَ ، هذا رَسولُ عُبَيدِاللّه ِ بنِ زيادٍ مَعي ، وَرُبَّما بَعَثهُ عَيناً عَلَيَّ .
قال : فأقبَلَ الحسينُ بنُ عليٍّ عَلى رَجُلٍ من أصحابهِ يقال له زهير بن القين البجليّ ۴ ، فقال له : يابن بنت رسول اللّه ! ذَرْنا حتَّى نُقاتِل هؤلاء القَومَ ، فإنَّ قتالَنا السَّاعَةَ نحنُ وإيَّاهم أيسرُ عَلَينا وَأهوَنُ من قتال مَن يأتينا من بعدهم .
فـقال الـحسين : صَـدَقتَ يا زُهـيرُ ! ولكِنْ ما كُنتُ بالَّذي أُنذِرُهم بِـقِتالٍ حَتَّى يبتدروني .
فقال له زهير : فَسِر بنا حتَّى نصيرَ بِكَربلاءَ ، فإنَّها عَلى شاطِى ءِ الفُراتِ ، فنكونَ هنالِكَ ، فَإِن قاتلونا ۵ قاتلناهم ، واستعنّا باللّه عليهم .
قال : فدمعت عينا الحسين ، ثمَّ قال :
اللَّهمَّ! ثُمَّ اللَّهمَّ! إنِّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ والبلاءِ !
قال : ونزَل الحسين في موضعه ذلك ، ونزَل الحرّ بن يزيد حذاءَه في ألْف فارِس ، ودَعا الحسين بدَواةٍ وبَياضٍ ، وكتَب إلى أشراف الكوفة ممَّن كان يظنُّ أنَّه على رأيه .
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ إلى سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ ، والمُسَيَّبِ بنِ نَجْبَةٍ ، ورُفاعَةَ بنِ شَدَّادٍ ، وعبدِاللّه بن والِ ، وجَماعَةِ المُؤمِنينَ :
أمَّا بعدُ ؛ فَقَد عَلِمتُم أنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله قَد قالَ في حَياتِهِ : مَن رَأى سُلطاناً جائِراً مُسْتَحِلاًّ لِحُرَمِ أو تارِكاً ۶ لِعَهدِ اللّه ِ ، ومُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَعَمِلَ في عِبادِ اللّه ِ بالإثْمِ والعُدوانِ ، ثُمَّ لَم يُغَيِّر عَلَيهِ ۷ بِقَولٍ وَلا فِعلٍ ، كانَ حَقَّاً ۸ عَلى اللّه ِ أَن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ ؛ وَقَد عَلِمتُم أنَّ هؤلاءِ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وَتَوَلَّوا عن طاعَةِ الرَّحمنِ ، وأظهَروا الفَسادَ ، وَعَطَّلُوا الحُدودَ ، واسْتأثَروا ۹ بالْفَيء ، وَأحَلُّوا حَرَامَ اللّه ِ ، وَحَرَّموا حَلالَهُ .
وأنا أحَقُّ مِن غيري بِهذا الأمرِ لِقَرابَتي مِن رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وَقَد أتَتْني كُتُبُكُم ، وَقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكم بِبَيْعَتِكُم ، أنَّكُم ۱۰ لا تَخذُلُوني ، فَإنْ وَفَيْتُم لي بِبَيْعَتِكُم فَقَد اسْتوفَيتُم حَقَّكُم وحَظَّكُم وَرُشدَكُم ، ونفسي مَعَ أنْفُسِكُم ، وَأهلي وَوَلَدي مَعَ أَهاليكُم وأولادِكم ، فَلَكُم فِيَّ ۱۱ أُسْوَةٌ ، وإنْ لَم تفعَلوا وَنَقَضْتُم عَهدَكُم وَمَواثيقَكُم وَخَلَعْتم بَيعَتَكُم ، فَلَعَمْرِي ما هِيَ مِنكُم بِنُكرٍ ۱۲ ، لقد فعَلْتُموها بِأبي وَأَخي وَابنِ عَمِّي ، هَلِ المَغرُورُ إلاَّ مَن اغْترَّ بِكُم ، فَإنَّما حَقَّكُم ۱۳ أَخطَأتُم ، وَنَصيبَكُم ضَيَّعْتُم ، وَمَن نَكَثَ فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفسِهِ ، وسَيُغْني اللّه ُ عَنكُم ـ وَالسَّلامُ ـ .

قال : ثُمَّ طوى الكِتابَ ، وخَتَمَهُ وَدَفَعَهُ إلى قَيس بن مُسْهِرٍ الصَّيداويّ وَأَمَرَهُ أن يسيرَ إلى الكوفَةِ . ۱۴

1. عُذيب الهجانات : هو من منازل حاجّ الكوفة ، وقيل هو حدّ السّواد (معجم البلدان : ج ۴ ص ۹۲) .

2. نينوى : ناحية بسواد الكوفة ، منها كربلاء الحسين عليه السلام (معجم البلدان : ج ۵ ص ۳۳۹) .

3. الغاضرية : قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء .

4. زهير بن القين من أصحاب الحسين عليه السلام ، عظيم الشّأن قتل بكربلاء رحمه الله (رجال الطّوسي : ص ۱۰۱ الرّقم۹۸۳ ، رجال ابن داوود : ص ۹۹ الرّقم۶۴۶) ، وجعله الحسين عليه السلام يوم الطّف على الميمنة ، ثم برز زهير بن القين ، فقتل مئة وعشرين رجلاً . حين حضرت صلاة الظّهر أمر الحسين عليه السلام زهير بن القين وسعيد بن عبداللّه الحنفيّ أن يتقدّما أمامه بنصف من تخلّف معه ثمّ صلّى بهم صلاة الخوف (الملهوف : ۱۶۵) . وقد سلّم عليه في الزّيارة الرّجبيّة وكذلك في الزيارة الّتي خرجت من النّاحية المقدّسة وفيها : السّلام على زهير بن القين البجليّ القائل للحسين عليه السلام وقد أذن له في الانصراف : لا واللّه لا يكون ذلك أبداً (أ) أترك ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أسيراً في يد الأعداء وأنجو أنا ! لا أراني اللّه ذلك اليوم (الإقبال : ج ۳ ص ۷۷ ، المزار الكبير : ص ۴۹۳ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۷۱) .

5. في الطّبري : «فإن منعونا» بدل «قاتلونا» .

6. في الطّبري : «ناكثاً» بدل «تاركاً» .

7. في الطّبري : «لم يعتبر» بدل «يغيّر» .

8. في الطّبري : «حقيقاً» بدل «حقّاً» .

9. في الطّبري : «استثاروا» بدل «استأثروا» .

10. وفي نسخة : زاد : «لا تُسلِّموني و» .

11. وفينسخة : «وبي» .

12. في الكامل في التاريخ : «بنكير» بدل «بنكر» .

13. في الطّبري والكامل في التاريخ : «فحظّكم» بدل «حقّكم» .

14. الفتوح : ج ۵ ص ۸۰ وراجع : الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۳ ، تاريخ الطّبري : ج ۵ ص ۴۰۹ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۱.


مكاتيب الأئمّة ج3
140

وكانَ مُسلِمٌ كتبَ إليهِ قَبلَ أنْ يُقتلَ بِسَبعٍ وعِشرينَ لَيلَةٍ ، وكَتبَ إليهِ أهلُ الكوفَةِ :
إنَّ لَكَ هاهُنا مئةَ ألفَ سَيفٍ فَلا تَتَأخَّر .
فأقبلَ قَيس بن مُسْهِرٍ إلى الكوفَةِ بِكِتابِ الحُسَينِ عليه السلام حتَّى إذا انْتهى إلى القادِسيَّةِ ، أخذَه الحُصَينُ بنُ نُمَيرٍ فأنْفَذَه ۱ إلى عُبيدِاللّه ِ بنِ زيادٍ ، فَقالَ لَهُ عُبيدُاللّه ِ :
اصعد فسُبَّ الكذَّابَ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ .
فصَعِدَ قيسٌ فحَمِد اللّه َ وَأَثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أيُّها النَّاسُ ، إنَّ هذا الحُسينَ بنَ عَلِيٍّ خيرُ خَلقِ اللّه ِ ابنُ فاطمةَ بنتِ رَسولِ اللّه ِ ، وَأنَا رَسولُهُ إلَيكُم فَأَجيبوهُ ، ثُمَّ لَعَنَ عُبيدَاللّه ِ بنَ زِيادٍ وأباهُ ، واستَغفَرَ لِعَلِيّ بن أبي طالبٍ عليه السلام وصَلَّى عَلَيهِ .
فأمرَ بهِ عُبَيدُاللّه ِ أنْ يُرمى بهِ من فَوقِ القَصرِ ، فرَمَوا بهِ فَتَقَطّعَ . ۲

1. وفي نسخة : «فبعث به» .

2. الإرشاد : ج ۲ ص ۷۰ وراجع : روضة الواعظين : ج ۱ ص ۳۹۵ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۵ ، مثير الأحزان : ص ۳۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۰ ؛ أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۱۶۷ ، الأخبار الطوال : ص ۲۴۵ ، تاريخ الطّبري : ج ۵ ص ۳۹۵ ، البداية والنّهاية : ج ۸ ص ۱۶۸.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17804
صفحه از 340
پرینت  ارسال به