الفصل الأوّل : مكاتيبه عليه السلام في حياة أبيه عليه السلام
۱
كتابُه عليه السلام في قوَّة الإيمان
في تفسير فرات الكوفيّ : قال : حدَّثني عليّ بن الحسين عليه السلام ـ معنعنا ـ : عن الأصبغ بن نباتة ۱ ، قال : كتب عبداللّه بن جُندب ۲ إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام :
جعلتُ فِداك إنِّي ۳ فيَّ ضَعف ، فقوِّني .
قال : فأمر عليّ الحسن ابنه أنْ : اُكتب إليه كتاباً ، قال : فكتب الحسن عليه السلام :
في علم أهل البيت عليهم السلام وصفة شيعتهم
«إنَّ محمَّداً صلى الله عليه و آله كان أمينَ اللّه ِ في أرضِهِ فَلَمَّا أن قُبِضَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه و آله ، وكنَّا أهلَ بيتهِ ، فنحنُ أمناءُ اللّه ِ في أرضهِ ، عندنا علمُ المنايا والبلايا ، وإنَّا لنَعرِفُ الرّجُلَ إذا رأيناهُ بِحقيقَةِ الإيمانِ وحقيقَةِ النِّفاقِ ، وإنَّ شيعَتنا لَمعروفونَ بأسمائِهم وأنسابِهم ، أخذَ اللّه ُ الميثاقَ علينا وعلَيهِم ۴ ، يَرِدونَ مَوارِدَنا ويَدخُلونَ مَداخِلَنا ، لَيسَ على مِلَّةِ أبينا إبراهيمَ غَيرُنا وغَيرُهُم ، إنَّا يَومَ القِيامَةِ آخِذينَ بِحُجزَةِ نَبيِّنا ، وإنَّ نبيَّنا آخِذٌ بِحُجزَةِ النُّورِ ، وإنَّ شِيعَتَنا آخذون ۵ بِحُجزَتِنا .
مَن فَارَقَنا هلَكَ ، ومَن اتَّبعَنا لَحِقَ بِنا ، والتَّاركُ لِوِلايَتِنا كافِرٌ ، والمُتَّبِعُ لِوِلايَتِنا مُؤمِنٌ ، لا يُحِبُّنا كافِرٌ ولا يُبغِضُنا مُؤمِنٌ ، ومَن ماتَ وهُوَ مُحِبُّنا كان حَقّاً علَى اللّه ِ أنْ يبعَثَهُ مَعَنا .
نحنُ نورٌ لِمَن تَبِعَنا ، وهُدىً لِمَن اقْتدى بِنا ، ومَن رَغِبَ عَنَّا فليسَ مِنَّا ، ومَن لَم يَكُن مِنَّا فَلَيسَ مِنَ الإسلام ِ في شَيءٍ .
بِنا فَتَحَ اللّه ُ الدِّينَ ، وبِنا يَختِمُهُ ، وبِنا أطعَمَكُم اللّه ُ عُشبَ الأَرضِ ، وبِنا مَنَّ اللّه ُ
علَيكُم ۶ مِنَ الغَرَقِ ، وبِنا يُنقِذُكُمُ اللّه ُ في حَياتِكُم وفِي قُبورِكُم وفي مَحشَرِكُم وَعِندَ الصِّراطِ والميزانِ ، وعِندَ ورودكم الجِنانَ .
1. أصْبَغُ بنُ نُباتَة
أصبغ بن نباتة التّمِيمي الحنظليّ المُجاشِعيّ . كان من خاصّة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، ومن الوجوه البارزة بين أصحابه ، وأحد ثقاته عليه السلام ، وهو مشهور بثباته واستقامته على حبّه عليه السلام . وصفته النُّصوص التّاريخيّة القديمة بأنّه شيعيّ ، وأنّه مشهور بحبّ عليّ عليه السلام . وكان من شرطة الخميس ، ومن اُمرائهم . عاهد الإمام عليه السلام على التّضحية والفداء والاستشهاد .
وشهد معه الجمل ، وصفِّين . وكان معدوداً في أنصاره الأوفياء المخلصين . وهو الَّذي روى عهده إلى مالك الأشْتَر ؛ ذلك العهد العظيم الخالد !
وكان من القلائل الّذين اُذن لهم بالحضور عند الإمام عليه السلام بعد ضربته . وعُدّ الأصبغ في أصحاب الإمام الحسن عليه السلام أيضاً . (راجع : رجال الطّوسي : ص ۹۳ الرّقم ۹۱۹ ، تهذيب المقال : ج ۱ ص ۱۹۸ ـ ۲۰۴ ) .
2. أقول : الصَّحيح جندب بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جندب من أصحاب الكاظم والرّضا عليهماالسلام ، ولا يوجد في أصحاب عليّ عليه السلام من اسمه عبد اللّه بن جندب ، وقد عنونه كتب المعاجم والرّجال والتّاريخ كقاموس الرّجال ج : ۲ ، ومعجم الحديث ج ۴ ، وتنقيح المقال : ج ۱ ، وأعيان الشّيعة ج ۴ ، والإصابة ج ۱ ، وأسد الغابة : ج ۱ . وروى هذا الكتاب عن الإمام الرّضا عليه السلام كتبه إلى عبد اللّه جندب ، راجع : مكاتيب الإمام الرّضا عليه السلام : ص ۱۵۶ .
3. في نسخة : «إنّ» بدل «إنّي» .
4. وفي نسخة : «منّا ، ومنهم» .
5. في المصدر : «آخذين» وما أثبتناه هو الصحيح ، كما في بحار الأنوار .
6. و في نسخة : «آمنكم اللّه » .