105
مكاتيب الأئمّة ج3

الفصل الثّاني : مكاتيبه عليه السلام في عهد يزيد

۵

كتابُه عليه السلام إلى يزيد

في التّبري من أعماله

قال ابن أعثم : وإذا كتاب يزيد بن معاوية ۱ قد أقْبَل من الشَّام إلى أهل المدينة
على البَرِيد من قريش وغيرهم من بني هاشم ۲ ، وفيه هذه الأبيات :
يا أيُّها الرَّاكِبُ الغادي لِطَيَّتهِعَلى عُذافِرَةٍ في سَيرِهِ قحمُ عَلى نَأيِ المَزارِ بِها اللّه ُ والرَّحِمُ
وَمَوقِفٍ بِفِناءِ البَيتِ يَنشُدُهُعَهدُ الإلهِ وما تُوفي بهِ الذِّمَمُ
غَنَّيتُمُ قَومَكُم فَخرَاً بِأُمِّكُمُأُمٌّ لعَمري حَصانٌ بَرَّةٌ كَرَمُ
هِيَ الَّتي لا يُداني فَضلَها أحَدٌبِنتُ الرَّسولِ وَخَيرُ النَّاسِ قَد عَلِموا
وَفَضلُها لَكُمُ فَضلٌ وَغَيرُكُمُمِن يَومِكُم لَهُمُ في فَضلِها قَسَمُ
إنِّي لَأَعلَمُ حَقَّاً غيرَ ما كَذِبٍوَالطَّرفُ يَصدُقُ أحياناً وَيَقتَصِمُ
أن سوفَ يُدرِكُكُم ما تَدَّعونَ بِهاقَتلَى تَهاداكُمُ العُقبانُ والرَّخَمُ
يا قَومَنا لا تَشُبُّوا الحَربَ إذ سَكَنَتتَمَسَّكوا بِحبالِ الخَيرِ وَاعتَصِموا
قَد غَرَّتِ الحَربُ مَن قد كانَ قَبلَكُممِنَ القُرونِ وَقَد بادَت بِها الأُمَمُ
فَأنصِفوا قَومَكُم لا تَهلِكوا بَذَخاًفَرُبَّ ذي بَذَخٍ زَلَّت بِهِ القَدَمُ
قال : فنظر أهل المدينة إلى هذه الأبيات ، ثمَّ وجَّهوا بها وبالكتاب إلى
الحسين بن عليّ رضى الله عنه ، فلمَّا نظر فيه ، عَلِم أنَّه كتابُ يزيد بن معاوية ، فكتَب الحسين[ عليه السلام ]الجواب :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
فَإنْ كَذَّبوكَ فَقُل لي عَمَلي وَلَكُم عَمَلُكُم ، أنْتم بَريئُونَ مِمَّا أعمَلُ ، وَأنَا بَريء مِمَّا تَعملونَ ـ والسَّلامُ ـ .
قال: ثمَّ جمَع الحسين[ عليه السلام ] أصحابه الَّذين قد عزموا على الخروج معه إلى العراق ، فأعطى كلّ واحد منهم عشرَة دنانير وجَمَلاً يحمل عليه زاده ورَحله ، ثمَّ إنَّه طاف بالبيت وبالصَّفا والمروة ؛ وتهيَّأ للخروج ، فحمل بناته وأخواته على المحامل . ۳

1. يزيد بن معاوية ولد في سنة خمس وعشرين هـ ق (تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۲۵۰) ، وكنية يزيد أبو خالد ، . . . كانت أُمّه مَيْسُون بنت بَحْدل بن الأنيف بن وَلْجة بن قنافة الكلبي (الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۰۶ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۹۹ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۲۹ و۳۳۸) ، وأبوه معاوية بن أبي سفيان . في الأنساب : كان يزيد آدمَ جَعْداً ، معصوباً ، أحور العينين ، طُوالاً ، بوجهه أثرُ جُدَرِي (أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۰۰) . في الأنساب : معاوية ، وخالد ، وعبداللّه الأكبر ، وأبا سفيان ، أُمّهم أُمّ خالد بنت (أبي) هاشم بن عُتْبة بن رَبيعة بن عبد شمس ، وكان اسمها فاختة ، وتُلقّب حَبّة ؛ وعبداللّه الأصغر الَّذي يقال له : الأُسْوار ، وعمر ، وعاتكةَ تزوَّجها عبدالملك بن مروان ، فولدت له يزيد بن عبدالملك ، أُمّهم أُمّ كُلْثوم بنت عبداللّه بن عامر بن كُرَيْز ؛ (وعبدالرَّحمن) ، وعبدَاللّه الَّذي يقال له أصغر الأصاغر ، وعثمان ، وعُتْبة الأعور ، ويزيد ، ومحمَّداً ، وأبا بكر ، وأُمّ يزيد ، لأُمّهات أولادٍ شَتَّى ، وأُمّ عبدالرَّحمن ، ورَمْلَة ، فتزوَّج أُمَّ يزيد الأصبغُ بن عبدالعزيز بن مروان ، وأمَّا رَمْلَة وأُمّ عبدالرَّحمن فتزوّجهما عبّاد بن زياد واحدة بعد أُخرى (أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۷۷ وراجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۵۰۰) . في الطبري : فيه (أي في سنة ستين) بويع ليزيد بن معاوية بالخلافة بعد وفاة أبيه ، للنصف من رجب في قول بعضهم ، وفي قول بعضٍ : لثمانٍ بقيِنَ منه ـ على ما ذكرنا قبلُ من وفاة والده معاوية ـ فأقرّ عبيداللّه بن زياد على البصرة ، والنُّعمان بن بشير على الكوفة (تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۳۸) . وفي الثِّقات : تولى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يوم الخميس من شهر رجب ، في اليوم الَّذي مات فيه أبوه . . . وكان ليزيد بن معاوية يوم وُلّي أربع وثلاثون وشهر (الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۰۶) . وفي تاريخ خليفة : كانت خلافته ثلاث سنين وثمانية أشهر . . . حدَّثنا ابن نمير : . . . فكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر (تاريخ خليفة لابن خياط : ص ۱۹۴ ، وراجع : أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۷۵) . قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله في يزيد : يزيد لا يبارك اللّه في يزيد ـ ثمَّ ذرفت عيناه صلى الله عليه و آله ، ثمَّ قال : ـ نُعي إليَّ حسين ، وأُتيت بتربته ، وأُخبرت بقاتله ، والَّذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلاَّ خالف اللّه بين صدورهم وقلوبهم ، وسلَّط عليهم شِرارهم ، وألبسهم شِيعاً . (المعجم الكبير : ج ۳ ص ۱۲۰ ح ۲۸۶۱ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۰ كلاهما عن معاذ) . وفي كنز العمَّال : رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : يزيد لا بارك اللّه في يزيد الطَّعان اللَّعان ؛ أما إنَّه نعي إليّ حبيبي سُخيلي (المولود المحبَّب إلى أبويه) حسين أُتيت بتربته ، ورأيت قاتله ، أما إنَّه لا يقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه إلاّ عمّهم اللّه بعقاب (كنز العمّال : ج ۱۲ ص ۱۲۸ ح ۳۴۳۲۴) . في الأنساب : عن الكلبي وأبي مخنف وغيرهما ، قالوا : كان يزيد بن معاوية أوَّلَ مَن أظهر شُرْبَ الشَّراب ، والاستهتارَ بالغناء ، والصَّيد ، واتِّخاذ القيان والغِلمان ، والتَّفكّهُ بما يضحك منه المترفون من القرود ، والمعاقرة بالكلاب والدِّيكة ، ثمَّ جرى على يده قتل الحسين ( عليه السلام ) ، وقَتْلُ أهل الحَرَّة ، ورَمْيُ البيت وإحراقه ، . . . (أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۹۹ عن العُمري ، عن الهيثم بن عديّ ، عن ابن عيَّاض وعوانة ، عن هشام بن الكلبي وراجع : ص ۳۳۷ و۳۶۹ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۸۳) . في مروج الذَّهب : وكان يزيد صاحب طرب ، وجوارح ، وقُرُود ، وفهود ، ومنادمة على الشَّراب ، وجلس ذات يوم على شرابه ، وعن يمينه ابن زياد ، وذلك بعد قتل الحسين ، فأقبل على ساقيه فقال : اسْقِني شَربَةً تُرَوِّي مُشَاشِيثُمَّ مِل فاسقِ مِثلَها ابنَ زِيادِ صاحبَ السِّرِّ والأَمانَةِ عِنديوَلِتَسديدِ مَغنَمي وَجِهادِي ثمَّ أمر المغنين فغنوا به . وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق ، وفي أيَّامه ظهر الغِناء بمكَّة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر النَّاس شرب الشَّراب . وكان له قرد يكنّى بأبي قيس ، يحضره مجلس منادمته ، ويَطرح له متَّكأ ، وكان قرداً خبيثاً ، وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذُلّلَتْ لذلك بسرج ولِجام ، ويسابق بها الخيل يوم الحَلْبة . فجاء في بعض الأيَّام سابقاً ، فتناول القصبة ، ودخل الحجرة قبل الخيل ، وعلى أبي قيس قَبَاء من الحرير الأحمر والأصفر مشمر ، وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان بشَقائق ، وعلى الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش مُلمَّع بأنواع من الألوان . . . وليزيد وغيره [من بني أميَّة] أخبار عجيبة ، ومثالب كثيرة : من شرب الخمور ، وقتل ابن بنت الرَّسول ، ولعن الوصيّ ، وهدم البيت ، وإحراقه ، وسفك الدِّماء ، والفسق والفجور ، وغير ذلك ممَّا قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه ، كوروده فيمَن جحد توحيده ، وخالف رسله (مروج الذهب : ج ۳ ص ۷۷ وص۸۱ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۰۰ ؛ رجال الكشي : ج ۱ ص ۲۵۸) . في الثِّقات : قد بعث يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المزني إلى المدينة لِستِّ ليال بَقِينَ من ذي الحجَّة سنة ستٍّ وستين ، فقتل مسلم بن عقبة بالمدينة خلقاً من أولاد المهاجرين والأنصار ، واستباح المدينة ثلاثة أيَّام نهباً وقتلاً ، فسميت هذه الوقعة «وقعة الحَرَّة» (الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۱۴ وراجع : مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۸۳) . وفي بعض آثار شهادة الحسين عليه السلام : قال الإمام الصادق عليه السلام ـ لأبي الدَّوَانِيق ـ : إنَّه لم يَنَلْ منَّا أهلَ البيْت أحدٌ دماً إلاَّ سَلَبَهُ اللّه مُلْكَهُ . . .إنَّ هذا المُلْك كان في آل أبي سُفْيَانَ ، فلمَّا قَتَلَ يزيدُ حُسَيْناً سَلَبَهُ اللّه مُلْكَهُ فَوَرَّثَهُ آلَ مَرْوَانَ . . . (الكافي : ج ۲ ص ۵۶۳ ح ۲۲ عن معاوية بن عمّار والعلاء بن سيابة وظَريف بن ناصح ، بحار الأنوار : ج ۴۷ ص ۲۰۹ ح ۵۱) . وفي مقتل الحسين : ذكر أبو الحسن السَّلامي البيهقيّ في تاريخه عن ابن عبَّاس ، أنَّه قال : لا يمهّل اللّه يزيد بعد قتله الحسين ، وأنَّه قال سبب زوال الدَّولة عن يزيد بن معاوية ، واللّه ِ ، قتله الحسين (مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۸۳) . وفي الأنساب : المدائني والهيثم وغيرهما : . . . ذكر لي شيخ من أهل الشَّام أنَّ سبب وفاة يزيد أنَّه حمل قرده على الأتان وهو سكران ، ثمَّ ركض خلفها ، فاندقَّت عُنقه أو انقطع في جوفه شيء . وحدَّثني محمَّد بن يزيد الرّفاعيّ ، حدَّثني عمّي ، عن ابن عيّاش قال : خرج يزيد يتصيَّد بحُوَّارين وهو سَكْران ، فركب وبين يديه أتان وحشيَّة قد حمل عليها قرداً ، وجعل يُركض الأتانَ ويقول : أبا خَلَفٍ إحْتَلْ لِنفسِكَ حيلَةًفَلَيسَ عَلَيها إن هَلَكْتَ ضَمانُ فسقط ، فاندقَّت عُنقه (أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۰۰ وراجع : البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۵۸) . في الثِّقات : قد قيل إنَّ يزيد بن معاوية سكر ليلة ، وقام يرقصُ ، فسقط على رأسه ، وتناثر دماغه فمات (الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۱۴) . في مقتل الحسين : ـ فيما قاله الحصين لرجل من أهل الشَّام : ما سبب موت يزيد ـ؟ قال : إنَّه شرب من الليل شراباً كثيراً ، فأصبح مخموراً ، فذرعه القيء ، فلم يزل حتَّى قذف عشرين طستاً من قيء ودم ، فمات (مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۸۳) . في كامل الزيارات : عبدالرَّحمن الغنويّ قال : فو اللّه ، لقد عوجل الملعون يزيد ، ولم يتمتّع بعد قتله بما طلب ، ولقد أخذ مغافصة ، بات سكراناً ، وأصبح ميّتاً ، كأنَّه مطليّ بقار أخذ على أسف (كامل الزيارات : ص ۱۳۲ ح ۱۴۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۳۶ ح ۲۷ وج۴۵ ص ۳۰۹ ح ۱۰) . في الثِّقات : توفي يزيد بن معاوية بحُوَّارين قرية من قرى دمشق ، لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوَّل ، سنة أربع وستين ، وهو يومئذٍ ابن ثمان وثلاثين . . . وصلّى عليه ابنه معاوية بن يزيد . . . وقبره بدمشق (الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۱۴ وراجع : تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۹۴ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۳۷۶ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۳۶) . وفي الأنساب : لمَّا صار عبداللّه بن عليّ [عبداللّه بن عليّ الأصغر ، يكنى أبا محمَّد ، مات في سنة سَبْع وأربعين ومئة ، وهو ابن اثنين وخمسين سنة] على نهر أبي فطرس [قرب الرّملة في فلسطين] ، أمر فنودي في بني أُميَّة بالأمان ، فاجتمعوا إليه ، فعجّلت الخراسانيَّة إليهم بالعمد فقتلوهم ، وقتل عبداللّه جماعةً منهم ومن أشياعهم ، وأمر بنبش قبر معاوية ، فما وُجِد من معاوية إلاَّ خطّ ، ونبش قبر يزيد بن معاوية ، فوُجد من يزيد سلاميَّات رجله ، ووُجد من عبد الملك بن مروان بعض شؤون رأسه . . . و جمع ما وُجد في القبور ، فأحرق (أنساب الأشراف : ج ۴ ص ۱۴۴) .

2. وفي البداية والنّهاية : أنّ يزيد بن معاوية كتب إلى ابن عبّاس يخبره بخروج الحسين إلى مكّة ، وأحسبه قد جاءه رجال من أهل المشرق فمنّوه بالخلافة ، وعندك منهم خبر وتجربة ، فإنْ كان قد فعل فقد قطع راسخ القرابة ، وأنت كبير أهل بيتك ، والمنظور إليه فاكففه عن السّعي في الفرقة (البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۴) .

3. الفتوح : ج ۵ ص ۶۸ وراجع : تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين عليه السلام : ص ۲۰۳ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ص ۲۱۸ ، البداية والنّهاية : ج ۸ ص ۱۷۷.


مكاتيب الأئمّة ج3
104
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17705
صفحه از 340
پرینت  ارسال به