269
مكاتيب الأئمّة ج3

مكاتيب الأئمّة ج3
268

۲۵

وصيّته عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفيّ

في الوعظ

۰.الإمام الباقر عليه السلام :يا جابِرُ اغْتَنِم مِن أهلِ زمانِكَ خَمْساً :
اغتنم خمسا :
إنْ حَضَرتَ لم تُعرَفْ ، وإنْ غِبْتَ لم تُفْتَقَدْ ، وإنْ شَهِدتَ لَم تُشاوَر ، وإنْ قُلتَ لم يُقْبَل قَولُكَ ، وإنْ خَطَبتَ لم تُزَوَّج .
اُوصيك بخمسٍ :
وَأُوصيكَ بِخَمسٍ : إنْ ظُلِمتَ فلا تَظلِمْ ، وإنْ خَانوكَ فلا تَخُنْ . وإنْ كُذِّبتَ فَلا تَغْضَب ، وإنْ مُدِحتَ فلا تَفرَحْ ، وإنْ ذُمِمْتَ فلا تَجزَعْ . وَفَكِّر فيما قِيلَ فيكَ ، فإنْ عَرَفتَ مِن نَفسِكَ ما قِيلَ فيكَ ، فسُقُوطُكَ مِن عَينِ اللّه ِ جَلَّ وَعَزَّ عِندَ غَضَبِكَ من الحقِّ ، أعظَمُ عَلَيكَ مُصيبَةً مِمَّا خِفْتَ مِن سُقوطِكَ مِن أعيُنِ النَّاسِ ، وإنْ كُنتَ عَلى خِلافِ ما قيلَ فِيكَ ، فثوابٌ اكتَسبْتَهُ مِن غَيرِ أنْ يَتْعَبَ بَدَنُكَ .
علامة الأولياء :
واعلَم بأنَّك لا تكونُ لنا ولِيّاً حتَّى لَو اجتَمَعَ عَلَيكَ أهْلُ مِصرِكَ وَقَالوا : إنَّكَ رَجُلُ سَوءٍ لَم يَحزُنكَ ذلِكَ ، وَلَو قالوا : إنَّكَ رَجُلٌ صالِحٌ لم يَسُرَّك ذلِكَ ، ولكِنِ اعرِضْ نَفسَكَ عَلى كتابِ اللّه ِ ، فإنْ كُنتَ سالِكاً سَبيلَهُ ، زَاهِداً في تَزْهيدِهِ ، راغِباً في تَرْغيبهِ ، خائِفاً مِن تَخويفِهِ فاثْبُتْ وأبْشِر ، فإنَّهُ لا يَضُرُّكَ ما قِيلَ فيكَ . وإنْ كُنتَ مُبائِناً لِلقُرآنِ ، فماذا الَّذي يَغرُّكَ مِن نَفسِكَ .
في أحوال المؤمن :
إنَّ المُؤمِنَ مَعْنيٌّ بِمُجاهَدة نفسِهِ لَيغلِبَها عَلى هَواها ، فمَرَّةً يُقيمُ أوَدَها ۱ ويُخالِفُ هَواها في مَحَبَّةِ اللّه ِ ، وَمَرَّةً تَصْرَعُهُ نَفسُهُ فَيَتَّبِعُ هَواها فَيُنْعِشُهُ اللّه ُ ۲ فينْتَعِشُ ، وَيُقيلُ اللّه ُ عَثْرَتَه فَيَتذكَّرُ ، ويفزَعُ إلى التّوبَةِ والمَخَافَةِ فيزدادُ بَصيرَةً وَمَعرِفَةً لِما زيدَ فيهِ مِنَ الخَوفِ ، وَذلِكَ بأنَّ اللّه َ يَقولُ : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَـائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ» ۳ .
في القناعة :
يا جابِرُ ؛ استَكثِرْ لِنَفسِكَ مِنَ اللّه ِ قَليلَ الرِّزقِ تَخَلُّصاً إلى الشُّكرِ ، واستَقْلِل مِن نفسِكَ كَثيرَ الطَّاعَةِ للّه ِ إزْراءً عَلى النَّفسِ ۴ وَتَعرُّضاً للعَفوِ .
في أهمية العلم :
وَادفَع عَن نَفسِكَ حاضِرَ الشَّرِّ بِحاضِرِ العِلمِ . واستعمِل حاضِرَ العلِم بِخالِصِ العَمَلِ . وَتَحرَّز في خالِصِ العَمَلِ مِن عَظيمِ الغَفلَةِ بِشِدَّة التَّيقُّظِ . واستَجلِبْ شِدَّةَ التَّيقُّظِ بِصدقِ الخَوفِ .
واحذَر خَفِيَّ التَّزيُّنِ بحِاضِرِ الحَياةِ ، وتَوَقَّ مُجازَفَةَ الهَوى بِدَلالَةِ العَقلِ . وقِفْ عند غَلَبَةِ الهَوى باستِرشادِ العِلمِ .
واستَبْقِ خالِصَ الأعمالِ لِيومِ الجَزاءِ .
وَانزِلْ ساحَةَ القَناعَةِ باتِّقاءِ الحِرْصِ ، وَادفَعْ عَظيمَ الحِرصِ بإيثارِ القَناعَةِ .
واستَجلِب حَلاوَةَ الزَّهادَةِ بِقِصَرِ الأمَلِ . واقطَع أسبابَ الطَّمَعِ بِبَرد اليأسِ .
وَسُدَّ سَبيلَ العُجْبِ بِمَعرِفَةِ النَّفسِ . وَتَخَلَّص إلى راحَةِ النَّفسِ بِصِحَّةِ التَّفويضِ .
فيما يخصُّ البدنَ والقلب :
واطلب راحَةَ البَدَنِ بإجمامِ ۵ القَلبِ . وَتَخَلّص إلى إجمامِ القَلبِ بقِلَّةِ الخَطأ . وَتَعَرَّض لِرِقَّة القلبِ بِكَثْرةِ الذِّكرِ في الخلوَاتِ . وَاستَجلِب نُورَ القَلْبِ بِدَوامِ الحُزنِ .
التحذير من إبليس :
وَتَحَرَّز مِن إبليسَ بالخَوفِ الصَّادِقِ . وإيَّاكَ والرَّجاءَ الكاذِبَ ، فَإنَّهُ يُوقِعُكَ في الخَوفِ الصَّادِقِ .
التحبّب إلى اللّه :
وَتَزَيَّنْ للّه ِ عز و جل بالصِّدقِ في الأعْمالِ . وَتَحَبَّبْ إلَيهِ بِتَعجيلِ الانتقالِ .
وَإيَّاك وَالتَّسويفَ ، فَإنَّهُ بَحرٌ يَغْرَقُ فيهِ الهَلْكَى .
وإيَّاكَ والغَفلَةَ ، ففيها تَكونُ قَساوَةُ القَلبِ .
وَإيَّاك وَالتَّوانِيَ فيما لا عُذرَ لَكَ فِيهِ ، فَإلَيهِ يَلْجَأ النَّادِمونَ .
مواعظ للتوبة :
واسترجِع سالِفَ الذُّنوبِ بِشِدَّة النَّدَمِ ، وكَثرةِ الاستِغفارِ .
وَتَعرَّضْ للرَّحْمَةِ وَعَفْوَ اللّه ِ بِحُسْنِ المُراجَعَةِ ، وَاستَعِنْ على حُسْنِ المُراجَعَةِ بِخالِصِ الدُّعاءِ وَالمُناجاةِ في الظُّلَمِ .
في الشكر وطلب الرزق :
وَتَخَلَّص إلى عَظيمِ الشُّكرِ باستِكثارِ قَليلِ الرِّزقِ ، واستِقلالِ كَثيرِ الطَّاعَةِ .
واستجلِب زيادَةَ النِّعَمِ بِعَظيمِ الشُّكرِ والتَّوسُّلِ إلى عَظيمِ الشُّكرِ بِخَوفِ زَوَالِ النِّعَمِ .
في طلب العزّ ودفع الذلّ :
وَاطلُب بَقاءَ العِزِّ بإماتَةِ الطَّمَعِ . وَادفَع ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ اليَأسِ ، وَاستَجْلِبْ عِزَّ اليأسِ بِبُعدِ الهِمَّةِ ، وَتَزَوَّدْ مِنَ الدُّنيا بِقِصَرِ الأمَلِ .
وبادِر بانْتهازِ البُغْيَةِ ۶
عِندَ إمكانِ الفُرْصَةِ ، وَلا إمكانَ كالأيَّامِ الخالِيَةِ مَعَ صِحَّةِ الأبدانِ .
وصايا قصار :
وَإيِّاكَ والثِّقَةَ بِغَيرِ المَأمونِ ، فَإنَّ لِلشَّرِّ ضَراوَةً ۷ كضَراوَةِ الغِذاءِ .
وَاعلَم أنَّهُ لا عِلمَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ ، ولا سَلامَةَ كَسَلامَةِ القَلبِ .
وَلا عَقلَ كَمُخالَفَةِ الهَوى .
وَلا خَوْفَ كَخَوْفٍ حاجِزٍ .
وَلا رجاءَ كَرَجاءٍ مُعِينٍ .
وَلا فَقرَ كَفَقرِ القَلبِ .
وَلا غِنى كغِنى النَّفسِ .
وَلا قُوَّةَ كَغَلَبةِ الهَوَى .
وَلا نُورَ كَنورِ اليَقينِ .
وَلا يَقينَ كاستِصغارِكَ الدُّنيا .
وَلا مَعرِفَةَ كَمَعرِفَتِكَ بِنَفسِكَ .
وَلا نِعمَةَ كالعافِيَةِ .
وَلا عافِيَةَ كَمُساعَدَةِ التَّوفيقِ .
وَلا شَرَفَ كَبُعدِ الهِمَّةِ .
وَلا زُهدَ كَقِصَرِ الأمَلِ .
وَلا حِرصَ كالمُنافَسَةِ ۸ فِي الدَّرَجاتِ .
وَلا عَدْلَ كالإنصافِ .
وَلا تَعَدِّيَ كالجَوْرِ .
وَلا جَورَ كَمُوافَقَةِ الهَوى .
وَلا طاعَةَ كأداءِ الفَرائِضِ .
وَلا خَوفَ كالحُزنِ .
وَلا مُصيبَةَ كَعَدَمِ العَقلِ .
وَلا عَدمَ عَقلٍ كَقِلَّةِ اليَقينِ .
وَلا قِلَّةَ يَقينٍ كَفَقْدِ الخَوْفِ .
وَلا فَقدَ خَوفٍ كَقِلَّةِ الحُزنِ عَلى فَقْدِ الخَوْفِ .
وَلا مُصيبَةَ كاستهانَتِكَ بالذَّنبِ وَرِضاكَ بالحالَةِ الَّتي أنتَ عَلَيها .
ولا فَضيلَةَ كالجِهادِ .
ولا جِهادَ كَمُجاهَدَةِ الهَوى .
ولا قُوَّةَ كَرَدِّ الغَضَبِ .
ولا مَعصِيَةَ كَحُبِّ البَقاءِ .
ولا ذُلَّ كَذُلِّ الطَّمَعِ .
وَإيَّاكَ والتَّفريطَ عِندَ إمكانِ الفُرْصَةِ ، فَإنَّهُ مَيَدانٌ يَجري لِأهلِهِ بالخُسرانِ . ۹

1. الاَوَد : العوج . وقد يأتي بمعنى القوّة .

2. نعشه اللّه : رفعه وأقامه وتداركه من هلكة وسقطة . وينعش أي ينهض ـ وينشط .

3. الأعراف :۲۰۱ .

4. أزرى على النفس : عابها وعاتبها . ويحتمل أنْ يكون : ازدراء ـ من باب الافتعال ـ أي احتقاراً واستخفافاً .

5. الجمام ـ بالفتح ـ : الراحة . واجمّ نفسه أي: تركها .

6. البغية : مصدر بغى الشيء أي طلبه ، وانتهاز البغية : اغتنامها والنهوض إليها مبادراً .

7. الضراوة : مصدر ضرى بالشيء ، أي لهج به وتعوده وأولع به .

8. المنافسة : المفاخرة والمباراة .

9. تحف العقول : ص ۲۸۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۶۲ ح ۱ نقلاً عنه.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17898
صفحه از 340
پرینت  ارسال به