۴
كتابه عليه السلام إلى معاوية
في ترغيبه باتّباع الحقّ
كتب معاوية إلى الحسن بن علي عليهماالسلام :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
أمَّا بعدُ ؛ فإنَّ اللّه عز و جل يَفعلُ في عبادهِ ما يشاءُ «لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ » ۱ فاحْذَر أنْ تكونَ مَنيَّتُكَ على يَد رُعاعٍ مِنَ النَّاسِ ، وَايأس مِن أنْ تَجِدَ فينا غَميزةً ۲ ، وإن أنت أعرَضتَ عمَّا أنت فيهِ وَبايعتَني ، وفَيتُ لَكَ بما وَعَدتُ ، وَأجَزتُ لَكَ ما شَرَطتُ ، وأكونُ في ذلِكَ كما قالَ أعشى بني قَيسٍ بنِ ثَعلبة :
وَإنْ أحَدٌ أسدى إليكَ أمانَةًفَأَوفِ بِها تُدْعَى إذا مِتَّ وافِياً
وَلا تَحسُدِ المَولَى إذا كان ذا غِنىًوَلا تجْفُه إنْ كان فِي المالِ فانِياً
ثُمَّ الخلافَةُ لَكَ مِن بعدي ، فَأنتَ أولى النَّاسِ بها ، والسَّلامُ .
فأجابه الحسن بن علي عليهماالسلام :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
أمَّا بَعدُ ؛ وَصَلَ إليَّ كِتابُكَ ، تَذكُرُ فيهِ ما ذَكَرتَ ، فَتَركتُ جَوابَكَ خَشيَةَ البَغي عَلَيكَ ، وبِاللّه ِ أَعوذُ مِن ذلِكَ ، فاتَّبِعِ الحَقَّ تَعلَم أنِّي مِن أهلهِ ، وَعَلَيَّ إثمٌ أنْ أَقولَ فأكذِبُ ، والسَّلام .
فلمَّا وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه ، ثمَّ كتب إلى عمَّاله على النّواحي نسخة واحدة :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ، ومن قِبَله من المسلمين .
سلام عليكم ، فإنِّي أحمد إليكم اللّه الَّذي لا إله إلاَّ هو ، أمَّا بعدُ ؛ فالحمد للّه الَّذي كفاكم مُؤنَةَ عَدوِّكم ، وَقَتَلَةَ خَليفَتِكُم ، إنَّ اللّه َ بلُطْفهِ ، وحُسنِ صُنْعِهِ ، أتاحَ لِعليِّ بن أبي طالبٍ رَجُلاً من عباده ، فاغتالَهُ فقَتَلهُ ، فتَرَك أصحابَهُ مُتفرِّقينَ مُختَلِفينَ ، وَقد جاءَتنا كُتُبُ أشرافِهِم وقادَتِهِم يَلتَمسونَ الأمانَ لِأنفُسِهِم وَعشائِرِهِم ؛ فَأقبِلوا إليَّ حِينَ يأتيكُم كِتابي هذا بِجُندِكُم وجُهدِكُم وَحُسنِ عِدَّتِكُم ، فَقَد أصَبتم بِحَمدِ اللّه ِ الثَأرَ ، وبَلَغتُمُ الأمَلَ ، وَأهلَكَ اللّه ُ أهلَ البغي والعُدوانِ ، والسَّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللّه ِ وبَرَكاتُهُ . ۳