239
مكاتيب الأئمّة ج3

۷

كتابه عليه السلام إلى جابر الجعفيّ

في أمره بالجنون

عليّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حَمَّاد ، عن محمّد بن أُورَمَة ، عن أحمد بن النَّضْر ، عن النُّعْمان بن بشير ، قال : كنت مُزَامِلاً لجابر بن يزيد الجُعْفيّ ۱ ، فلمَّا أنْ كنَّا بالمدينة دخَل على أبي جعفر عليه السلام ، فودَّعَه وخرج من عنده ، وهو مسْرورٌ
حتّى وردْنا الاُخَيْرِجَة ۲ أوّل منزل نَعْدِل من فَيْدَ إلى المدينة يوم جُمُعة ، فصلَّيْنا الزَّوال ، فلمَّا نهَض بنا البعير إذا أنا برجل طُوال آدَم معه كتابٌ ، فناولَه جابراً ، فتناولَه فقبَّلَه وَوَضعَه على عينيه ، وإذا هو من محمّد بن عليّ إلى جابر بن يزيد وعليه طينٌ أسود رَطْبٌ ، فقال له :
متى عهدُك بسَيِّدي؟
فقال : السَّاعة .
فقال له : قبْل الصَّلاة أو بعد الصَّلاة؟
فقال : بعد الصَّلاة .
ففَكَّ الخاتَم ، وأقْبل يقْرؤه ، ويَقْبِضُ وجْهَه ، حتّى أتى على آخره ، ثمَّ أمسك الكتاب ، فما رأيتُه ضاحكاً ولا مسرورا حتّى وافى الكوفة ، فلمَّا وَافَيْنا الكوفةَ ليلاً بِتُّ لَيْلَتي ، فلمَّا أصْبحت أتيتُه إعْظاماً له ، فوجدْتُه قد خرَج عليَّ وفي عنُقه كِعَابٌ ، قد علَّقها وقد ركِب قصَبةً وهو يقول :
مَنْصُورَ ۳ بن جُمْهُورأميراً غيرَ مأْمور
وأبياتاً من نَحْو هذا . فنظَر في وجْهي ، ونظرْت في وجهه ، فلم يقُل لي شيئاً ، ولم أقل له ، وأقبلتُ أبكِي لمَّا رأيتُه ، واجْتمَع عليَّ وعليه الصِّبْيان والنَّاس ، وجاء حتّى دخَل الرَّحَبَة ، وأقبل يَدُور مع الصِّبْيان ، والنَّاس يقولون :
جُنَّ جابر بن يزيد ، جُنَّ ، فوَ اللّه ِ ما مَضَت الأيَّام حتّى ورَد كتاب هِشام بن عبد المَلِك إلى وَالِيه ، أنِ انْظُر رجلاً يقال له جابر بن يزيد الجُعْفيّ ، فاضرب عُنُقَه ، وابْعث إليَّ برأْسه .
فالْتفت إلى جُلَسائه فقال لهم : مَن جابر بن يزيد الجُعْفِيّ؟
قالوا : أصلَحك اللّه ُ ، كان رجلاً له عِلم وفضْلٌ وحدِيثٌ ، وحجَّ فجُنَّ ، وهو ذَا في الرَّحَبة مع الصِّبْيان على القَصَب ، يَلْعَب معهم .
قال : فأشْرَف عليه فإذا هو مع الصِّبْيان ، يلْعَب على القَصَب .
فقال : الحمد للّه ِ الَّذي عافاني من قتْله .
قال : ولم تَمْض الأيَّام ، حتّى دخَل مَنْصُور بن جُمْهُور الكوفةَ ، وصنَع ما كان يقول جابر . ۴

1. جابر بن يزيد في معجم رجال الحديث : قال النّجاشيّ : جابر بن يزيد ، أبو عبد اللّه وقيل : أبو محمّد الجعفيّ ، عربيّ ، قديم . نسبه : ابن الحرث بن عبد يغوث بن كعب بن الحرث بن معاوية بن وائل بن مرار بن جعفيّ ، لقي أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهماالسلام ومات في أيامه ، سنة ثمان وعشرين ومائة ، روى عنه جماعة غمز فيهم ، وضُعِّفوا ، منهم : عمرو ابن شمر ، ومفضل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان في نفسه مختلطاً . وكان شيخنا أبو عبد اللّه : محمّد بن محمّد بن النّعمان رحمه اللّه ، ينشدنا أشعاراً كثيرة في معناه ، يدلّ على الاختلاط ، ليس هذا موضعاً لذكرها ، وقلّ ما يورد عنه شيء في الحلال والحرام . له كتب منها : التفسير ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن هارون قال : حدّثنا أحمد بن محمّدبن سعيد ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن خاقان النهديّ ، قال : حدّثنا محمّد بن عليّ أبو سمينة الصيرفيّ ، قال : حدّثنا ربيع بن زكريا الوراق ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن جابر ، وهذا عبد اللّه بن محمّد يقال له : الجعفيّ ، ضعيف ، وروى هذه النسخة : أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن جعفر بن عبد اللّه المحمّديّ ، عن يحيى بن جندب ( حبيب ) الذارع ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، وله كتاب النّوادر ، أخبرنا أحمد بن محمّد الجنديّ ، قال : حدّثنا محمّد بن همام ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك ، قال : حدّثنا القاسم بن الرّبيع الصّحاف ، قال : حدّثنا محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن المنخل بن جميل ، عن جابر ، وله كتاب الفضائل ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن هارون ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن أحمد بن الحسن القطوانيّ ، عن عباد بن ثابت ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، به ، وكتاب الجمل ، وكتاب صفين ، وكتاب النّهروان ، وكتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وكتاب مقتل الحسين عليه السلام ، روى هذه الكتب : الحسين بن الحصين العميّ ، قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن معلّى ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا الغلابيّ ، وأخبرنا ابن نوح ، عن عبد الجبّار بن شيران ، الساكن نهر خطى ، عن محمّد بن زكريّا الغلابيّ ، عن جعفر بن محمّد بن عمّار ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بهذه الكتب ، ويضاف إليه رسالة أبي جعفر إلى أهل البصرة ، وغيرها من الأحاديث والكتب ، وذلك موضوع واللّه أعلم . وقال الشّيخ (ص۱۵۸) : جابر بن يزيد الجعفيّ ، له أصل ، أخبرنا به ابن أبي جيّد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرّحمان بن أبي نجران ، عن المفضّل بن صالح ، عنه ، ورواه حميد بن زياد ، عن إبراهيم بن سليمان ، عن جابر ، وله كتاب التّفسير ، أخبرنا به جماعة من أصحابنا ، عن أبي محمّد هارون بن موسى التّلكعبريّ ، عن أبي عليّ بن همام ، عن جعفر بن محمّد بن مالك ، ومحمّد بن جعفر الرّزاز ، عن القاسم بن الرّبيع ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن منخل بن جميل ، عن جابر بن يزيد . وعدّه في رجاله في أصحاب الباقر عليه السلام (ص۶) ، قائلاً : جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد يغوث الجعفيّ . توفّي سنة (۱۲۸) على ما ذكر ابن حنبل . وقال يحيى بن معين : مات سنة ۱۳۲ . وقال القتيبي : هو من الأزد .وفي أصحاب الصادق عليه السلام (ص۳۰) قائلاً : جابر بن يزيد ، أبو عبد اللّه الجعفيّ ، تابعيّ ، أسند عنه ، روى عنهما عليهماالسلام . وعدّه البرقي في أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام . وعدّه المفيد في رسالته العدديّة ، ممّن لا مطعن فيهم ، ولا طريق لذمّ واحد منهم . وعدّه ابن شهرآشوب من خواص أصحاب الصّادق عليه السلام .المناقب : الجزء ۴ في فصل تواريخه وأحواله . وقال العلاّمة في الخلاصة ، في القسم الأوّل (۲) من الباب (۳) من فصل الجيم قال : السيّد عليّ بن أحمد العقيقيّ العلويّ : روى عن أبي عمّار بن أبان ، عن الحسين بن أبي العلاء ، أنّ الصادق عليه السلام ترحّم عليه ، وقال : إنّه كان يصدق علينا . وقال ابن عقدة : روى أحمد بن محمّد بن البراء الصائغ ، عن أحمد بن الفضل بن حنان بن سدير ، عن زياد بن أبي الحلال : أنّ الصادق عليه السلام ، ترّحم على جابر ، وقال : إنّه كان يصدق علينا ، ولعن المغيرة ، وقال : إنّه كان يكذب علينا . وقال ابن الغضائريّ : إنّ جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ ، ثقة ، في نفسه ، ولكن جلّ من روى عنه ضعيف ، فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفيّ ، ومفضل بن صالح ، والسّكونيّ ، ومنخل بن جميل الأسديّ . (انتهى محل الحاجة من كلام العلامّة) . وروى جابر الجعفيّ عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، وروى عنه قبيصة . كامل الزّيارات : باب ثواب من زار الحسين عليه السلام يوم عاشورا ۷۱ ، الحديث ۱ . وروى جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وروى عنه ثابت الحذاء . تفسير القميّ : سورة البقرة ، في تفسير قوله تعالى : «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم . . . » . وقال الكشي (۷۸) جابر بن يزيد الجعفيّ : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير قالا : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفيّ فقلت : أنا أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام ، فلمّا دخلت ابتدأني ، فقال : رحم اللّه جابراً الجعفيّ كان يصدق علينا ، لعن اللّه المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا . حمدويه قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء ، قال : دخلت المسجد حين قتل الوليد ، فإذا النّاس مجتمعون . قال : فأتيتهم فإذا جابر الجعفيّ ، عليه عمامة خزّ حمراء وإذا هو يقول : حدّثني وصيّ الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، محمّد بن عليّ عليه السلام ، قال : فقال النّاس : جُنّ جابر جُنَّ جابر . وذكر فيه روايات أُخر مادحةً ، إلاّ أنّ كلّها ضعيفة ، وهي كما يلي : آدم بن محمّد البلخيّ قال : حدّثنا عليّ بن الحسن بن هارون الدقاق ، قال : حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثني عليّ بن سليمان ، قال : حدّثني الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عليّ بن حسان ، عن المفضل بن عمر الجعفيّ ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تفسير جابر فقال : لا تُحَدِّث بهِ السَّفَلَةَ فَيُذيعونَهُ ، أما تَقرأ في كتاب اللّه ِ عَزَّوجَلَّ : «فإذا نقر في النّاقور» إنّ منّا إماماً مُستتراّ فإذا أرادَ اللّه ُ إظهارَ أمرِهِ نَكَتَ في قَلبِهِ ، فظَهَرَ ، فَقامَ بِأمرِ اللّه ِ . . . جبرئيل بن أحمد : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن جبلة الكنانيّ ، عن ذريح المحاربيّ ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جابر الجعفيّ وما روى فلم يجبني ، وأظنّه قال : سألته بجمع فلم يجبني ، فسألته الثّالثة فقال لي : يا ذُريحُ، دَع ذِكرَ جابِرٍ ، فَإنّ السَّفلَةَ إذا سَمِعُوا بِأحاديثِهِ شَنَّعوا ، أو قالَ أذاعُوا . . . عليّ بن محمّد قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمر بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، قال : رَوَيتُ خَمسينَ ألفَ حَديثٍ ما سَمِعَهُ أحدٌ مِنِّي . جبرئيل بن أحمد : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : حدّثني أبو جعفر عليه السلام بسبعينَ ألفِ حَديثٍ ، لَم أُحَدِّثها أحَداً قَطُّ وَلا أُحَدِّثُ بِها أحَدَاً أبداً . قال جابر : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ، إنّك قد حملتني وقراً عظيماً بما حدّثتني به من سرّكم الّذي لا أحدّث به أحداً ، فربما جاش في صدري ، حتّى يأخذني منه شبه الجنون . قال : يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبَّان ، فاحفر حفيرة ودلّ رأسك فيها ، ثمّ قل : حدّثني محمّد بن عليّ بكذا وكذا . نصر بن الصباح قال : حدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمّد البصريّ ، قال : حدّثنا عليّ بن عبد اللّه ، قال : خرج جابر ، ذات يوم ، وعلى رأسه قوصره ، راكباً قصبة ، حتّى مرّ على سكك الكوفة ، فجعل النّاس يقولون جنّ جابر ، جنّ جابر ، فلبثنا بعد ذلك أياماً فإذا كتاب هشام ، قد جاء بحمله إليه ، قال : فسأل عنه الأمير ، فشهدوا عنده أنّه قد اختلط ، وكتب بذلك إلى هشام ، فلم يتعرض له ، ثّم رجع إلى ما كان من حالته الأولى . نصر بن الصباح ، قال : حدّثنا إسحاق بن محمّد ، قال : حدّثنا فضيل ، عن محمّد بن زيد الحافظ (الحامض) ، عن موسى بن عبد اللّه ، عن عمرو بن شمر ، قال : جاء قوم إلى جابر الجعفيّ فسألوه أنْ يعينهم في بناء مسجدهم . قال : ما كنت بالّذي أعين في بناء شيء ويقع منه رجل مؤمن فيموت ، فخرجوا من عنده وهم يبخلونه ، ويكذبونه ، فلمّا كان من الغد ، أتموا الدّراهم ، ووضعوا أيديهم في البناء فلمّا كان عند العصر ، زلت قدم البناء فوقع ، فمات . نصر ، قال : حدّثنا إسحاق ، قال : حدّثنا عليّ بن عبيد ، ومحمّد بن منصور الكوفيّ ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صدقة ، عن عمرو بن شمر ، قال : جاء العلاء بن شريك ، برجل من جعفيّ ، قال : خرجت مع جابر ، لمّا طلبه هشام ، حتّى انتهى إلى السّواد ، قال : فبينا نحن قعود ، وراع قريب منا ، إذ لعبت نعجة من شاته إلى حمل ، فضحك جابر ، قلت له : ما يضحكك يا أبا محمّد قال : إنّ هذه النّعجة دعت حملها ، فلم يجئ . فقالت له : تنح عن ذلك الموضع ، فإنْ الذئب عام أول أخذ أخاك منه . فقلت : لأعلمن حقيقة هذا أو كذبه ، فجئت إلى الرّاعي ، فقلت : يا راعي تبيعني هذا الحمل . قال : فقال : لا . فقلت : ولم؟ قال : لانّ أمّه أفره شاة في الغنم ، وأغزرها درة ، وكان الذئب أخذ حملاً لها عند عام الأوّل ، من ذلك الموضع ، فما رجع لبنها ، حتّى وضعت هذا : فدرت . فقلت : صدق ، ثمّ أقبلت ، فلمّا صرت على جسر الكوفة ، نظر إلى رجل معه خاتم ياقوت ، فقال له يا فلان خاتمك هذا البرّاق أرنيه . قال : فخلعه فأعطاه ، فلمّا صار في يده رمى به في الفرات ، قال الآخر : ما صنعت قال : تحبّ أنْ تأخده قال : نعم فقال : بيده إلى الماء ، فأقبل الماء يعلو بعضه على بعض ، حتّى إذا قرب ، تناوله وأخذه . وروى عن سفيان الثوري ، أنّه قال : جابر الجعفيّ ، صدوق في الحديث إلاّ أنّه كان يتشيّع . وحكى عنه أنّه قال : ما رأيت أورع بالحديث من جابر . نصر بن الصباح ، قال : حدّثني إسحاق بن محمّد البصريّ ، قال : حدّثنا محمّد بن منصور ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عمرو بن شمر قال ، قال : أتى رجل جابر بن يزيد ، فقال له جابر : تريد أنْ ترى أبا جعفر عليه السلام قال : نعم ، فمسح على عيني ، فمررت وأنا أسبق الريح ، حتّى صرت إلى المدينة ، قال : فبقيت أنا لذلك متعجبا إذ فكرت ، فقلت : ما أحوجني إلى وتد أوتده ، فإذا حججت عاماً قابلاً نظرت هيهنا هو أم لا ، فلم أعلم إلاّ وجابر بين يدي يعطيني وتداً . قال ففزعت ، قال : فقال هذا عمل العبد بإذن اللّه ، فكيف لو رأيت السّيد الأكبر ، قال : ثمّ لم أره . قال : فمضيت حتّى صرت إلى باب أبي جعفر عليه السلام فإذا هو يصيح بي : أدخل ، لا بأس عليك ، فدخلت فإذا جابر عنده . قال : فقال لجابر : يا نوح غرقتهم أولاً بالماء ، وغرقتهم آخراً بالعلم ، فإذا كسرت فأجبره . قال : ثمّ قال من أطاع اللّه أطيع ، أي البلاد أحبّ إليك قال : قلت الكوفة . قال بالكوفة فكن . قال : سمعت أخا النّون بالكوفة . قال : فبقيت متعجباً من قول جابر ، فجئت فإذا به في موضعه الّذي كان فيه قاعداً ، قال : فسألت القوم هل قام أو تنحى قال : فقالوا ، لا ، وكان سبب توحيدي أنْ سمعت قوله بالإلهيّة في الأئمّة . هذا حديث موضوع لا شكّ في كذبه ، ورواته كلّهم متّهمون بالغلو والتّفويض . حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، وحمدويه بن نصير ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عروة بن موسى ، قال : كنت جالساً مع أبي مريم الحناط ، وجابر عنده جالس ، فقام أبو مريم فجاء بدورق من ماء بئر مبارك بن عكرمة ، فقال له جابر : ويحك يا أبا مريم ، كأنّي بك قد استغنيت عن هذه البئر ، واغترفت من ههنا من ماء الفرات . فقال له أبو مريم : ما ألوم النّاس أنْ يسمونا كذّابين ـ وكان مولى لجعفر عليه السلام ـ كيف يجئ ماء الفرات إلى ههنا ، قال : ويحك إنّه يحفر هيهنا نهر ، أوله عذاب على النّاس ، وآخره رحمة يجري فيه ماء الفرات فتخرج المرأة الضعيفة والصبي ، فيغترف منه ، ويجعل له أبواب في بني رواس وفي بني موهبة وعند بئر بني كندة ، وفي بني فزارة حتّى تتغامس فيه الصبيان ، قال عليّ : إنّه قد كان ذلك ، وإنّ الّذي حدث على عروة بعلانيّة إنّه قد سمع بهذا الحديث قبل أنْ يكون . ثمّ إنّ الكشي ذكر رواية ذامَّة ، وقال : حدّثني حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أحاديث جابر ، فقال : ما رأيته عند أبي قطّ ، إلاّ مرّة واحدة ، وما دخل علي قطّ . أقول : الّذي ينبغي أنْ يقال : أنّ الرّجل لابدّ من عدّه من الثّقات الأجلاء لشهادة ابن قولويه وعليّ بن إبراهيم ، والشّيخ المفيد في رسالته العدديّة وشهادة ابن الغضائريّ ، على ما حكاه العلاّمة ، ولقول الصادق عليه السلام في صحيحة زياد إنّه كان يصدق علينا ، ولا يعارض ذلك ، قول النّجاشي إنّه كان مختلطاً ، وإنّ الشّيخ المفيد ، كان ينشد أشعاراً تدل على الاختلاط ، فإنّ فساد العقل ـ لو سلّم ذلك في جابر ، ولم يكن تجنُّنا كما صرّح به فيما رواه الكلينيّ في الكافي : الجزء۱ ، كتاب الحجة۴ ، باب أنّ الجنّ يأتون الأئمّة سلام اللّه عليهم ، فيسألونهم عن معالم دينهم۹۸ ، الحديث۷ ـ لا ينافي الوثاقة ، ولزوم الأخذ برواياته ، حين اعتداله وسلامته . وأمّا قول الصادق عليه السلام ، في موثقة زرارة (بابن بكير) : ما رأيته عند أبي إلاّ مرّة واحدة ، وما دخل عليّ قطّ ، فلابدّ من حمله على نحو من التّورية ، إذ لو كان جابر لم يكن يدخل سلام اللّه عليه ، وكان هو بمرأى من النّاس ، لكان هذا كافياً في تكذيبه وعدم تصديقه ، فكيف اختلفوا في أحاديثه ، حتّى احتاج زياد ، إلى سؤال الإمام عليه السلام عن أحاديثه على أن عدم دخوله على الامام عليه السلام لا ينافي صدقه في أحاديثه ، لاحتمال أنّه كان يلاقي الإمام عليه السلام في غير داره : فيأخذ منه العلوم والأحكام ، ويرويها ، إذن لا تكون الموثقة معارضة للصحيحة الدالة على صدقه في الأحاديث المؤيدة بما تقدّم من الرّوايات الدالة على جلالته ومدحه ، وأنّه كان عنده من أسرار أهل البيت سلام اللّه عليهم . كما يؤيد ذلك ما رواه الصفّار ، في بصائر الدّرجات ، في الحديث۴ ، من الباب۱۳ ، من الجزء۲ : من أنّ الصّادق عليه السلام أراه ملكوت السّماوات والأرض . ثمّ إنّ النّجاشيّ ذكر أنّه قلّ ما يورد عنه شيء في الحلال والحرام ، وهذا منه غريب ، فإنّ الرّوايات عنه في الكتب الأربعة كثيرة ، رواها المشايخ ، ولعله ـ قدس اللّه نفسه ـ يريد بذلك أنّ أكثر رواياته لا يعتنى بها ، لأنّه رواها الضعفاء ـ كما قال : روى عنه جماعة غمز فيهم ، وُضعِّفوا ـ فيبقى ما روته عنه الثّقات ، وهي قليلة في أحكام الحلال والحرام . وطريق الصدوق إليه : محمّد بن عليّ ماجيلويه ـ رضي اللّه عنه ـ ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، وهو كطريق الشّيخ ، ضعيف . طبقته في الحديث وقع بعنوان جابر بن يزيد في إسناد جملة من الرّوايات تبلغ سبعة عشر موردا . فقد روى عن أبي جعفر،وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ، وعن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ . وروى عنه زكريّا بن الحر، وشريك، وعبيد اللّه بن غالب ، وعمرو بن شمر ، ومحمّد بن فرات خال أبي عمّار الصيرفيّ ، ومرازم ، ومفضّل بن صالح ، أبو جميلة . ووقع بعنوان جابر بن يزيد الجعفيّ في إسناد جملة من الرّوايات أيضاً تبلغ تسعة موارد . فقد روى عن أبي جعفر عليه السلام ، وعن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ . وروى عنه الحسن بن سريّ ، وشريك ، وعمرو بن شمر ، والمفضل بن عمر ، وهشام بن سالم . ووقع بعنوان جابر الجعفيّ في إسناد جملة من الرّوايات أيضاً تبلغ تسعة موارد أيضاً . فقد روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ، وعن سويد بن غفلة . وروى عنه إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، وسفيان الثوريّ ، وعبد القهّار ، وعبد اللّه بن غالب ، وعمر بن أبان ، وعمرو بن شمر ، والعرزميّ .(معجم رجال الحديث : ج ۴ ص ۱۷ الرقم۲۰۲۵) . وفي تهذيب التهذيب : جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفيّ أبو عبد اللّه ، ويقال : أبو يزيد . ثمّ ذكر ما مرّ من الميزان وزاد : عن زهير بن معاوية : كان جابر إذا قال سمعت أو سألت فهو من أصدق النّاس . وسئل شريك عن جابر فقال : ماله؟ العدلُ الرضيّ ، ومدّ بها صوته(تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۴۱۰ الرقم۱۰۳۷) . وقال ابن حبّان : حدّثنا ابن فارس ، ثنا محمّد بن رافع ، رأيت أحمد بن حنبل في مجلس يزيد بن هارون ومعه كتاب زهير عن جابر وهو يكتبه فقال : يا أبا عبد اللّه ! تنهوننا عن حديث جابر وتكتبونه! قال : نعرفه .(المجروحين : ج ۱ ص ۲۰۹) إلى غير ذلك من كلماتهم ، وما تحمله أكابرهم منه .

2. أخاريج وأخرجة والخرج إسم موضع بالمدينة .

3. في المصدر : «أجد منصور» ، والصواب ما أثبتناه من المصادر الاُخرى .

4. الكافي :ج ۱ ص ۳۹۶ ح ۷ ، الاختصاص : ص ۶۷ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ۳ ص ۳۲۳ ، بحار الأنوار : ج ۲۷ ص ۲۳ ح ۱۵ وج۴۶ ص ۲۸۲ ح ۸۵.


مكاتيب الأئمّة ج3
238

۶

كتابُه عليه السلام إلى جابر بن يزيد الجعفيّ

في الكتمان

۰.جبريل بن أحمد،حدَّثني الشّجاعيّ،عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن النَّضر، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا شابٌّ ، فقال :«مَن أنتَ ؟»
قُلتُ : مِن أهْلِ الكوفَةِ .
قال : «مِمَّن؟»
قلت : مِن جُعفِيّ .
قال : «ما أقدمَكَ إلى هاهنا؟»
قُلتُ : طَلَبُ العِلمِ .
قال : «مِمَّنْ؟»
قُلتُ : مِنكَ .
قال : «فإذا سألَكَ أحَدٌ مِن أينَ أنتَ؟ فَقُلْ مِن أهْلِ المَدينَةِ»
قالَ : قُلتُ : أسألك قَبلَ كُلِّ شَيءٍ عَنْ هذا ، أَيَحِلُّ لي أن أكذِبَ؟
قال : «ليس هذا بِكَذِبٍ ، مَنْ كانَ في مَدينَةٍ ، فَهُو مِن أهْلِها حَتَّى يَخرُجَ » .
قال : ودفع إليَّ كِتاباً ، وقالَ لِي :
«إنْ أنتَ حَدَّثتَ بهِ حَتَّى تهلِكَ بَنو أُمَيَّةَ ، فَعَلَيكَ لَعنتي ولَعنَةُ آبائِي ، وَإذا أَنتَ كَتَمتَ مِنهُ شَيْئاً بَعدَ هلاكِ بَني أُمَيَّةَ فَعَلَيكَ لَعنَتي وَلَعنَةُ آبائِي» .
ثُمَّ دَفَعَ إليَّ كِتاباً آخَرَ ، ثُمَّ قَالَ :
«وهاكَ هذا ، فَإنْ حَدَّثْتَ بِشَيْءٍ مِنهُ أبَداً فَعَلَيكَ لَعنَتي ولَعنَةُ آبائِي » . ۱

1. رجال الكشي : ج ۲ ص ۴۳۸ ح ۳۳۹ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۲۰۰ وفيه إلى «فهو من أهلِها حتّى يخرج» ، بحارُ الأنوارِ : ج ۲ ص ۷۰ ح ۲۸ نقلاً عنه.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17899
صفحه از 340
پرینت  ارسال به