203
مكاتيب الأئمّة ج3

۲۰ ـ وأمَّا حقُّ رعيَّتك بمِلْك اليمِين :

۰.فأنْ تعلَم أنَّه خلْقُ ربِّكَ ولَحْمُكَ ودمُكَ ، وأنَّك تملِكُهُ لا أنتَ صَنَعْتَهُ دونَ اللّه ِ ، ولا خَلقْتَ لَهُ سَمْعاً ولا بَصَراً ، ولا أجْريت لَهُ رِزقاً ، ولَكِنَّ اللّه َ كَفاكَ ذلِكَ . ثُمَّ سَخَّرُهُ لَكَ وائْتَمَنك علَيهِ ، واسْتوْدَعَكَ إيَّاه لتَحْفَظَهُ فيهِ ، وتسيرَ فيهِ بِسيرَتِهِ ، فتُطْعِمَهُ مِمَّا تأكُلُ ، وتُلْبِسَهُ مِمَّا تَلْبَسُ ، وَلا تكلِّفَه ما لا يُطِيقُ ، فإنْ كرِهتَهُ خَرجتَ إلى اللّه ِ مِنهُ ، واسْتبدَلتَ بِه ، ولم تُعذِّب خَلْقَ اللّه ِ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

وأمَّا حقُّ الرَّحِم

۲۱ ـ فحقُّ أمِّك :

۰.فأنْ تعلَم أنَّها حمَلَتْكَ حَيثُ لا يَحمِلُ أحَدٌ أحَداً ، وأطعَمَتْكَ مِن ثَمرَةِ قَلْبها ما لا يُطْعِمُ أحدٌ أحَداً ، وإنَّها وَقَتْكَ بِسَمعِها وبَصَرِها ويَدِها ورِجْلِها وشَعْرِها وبَشَرِها وجَميعِ جوارِحِها ، مُسْتبْشِرةً بذلِكَ ، فَرِحَةً مُوابِلَةً ، محْتمِلَةً لِما فيهِ مَكروهُها وألَمُها وثِقْلُها وغَمُّها ، حَتَّى دفعَتْها عَنكَ يَدُ القدْرة ، وأخْرجَتكَ إلى الأرضِ ، فرَضِيتْ أنْ تَشْبَعَ وتجوعُ هي ، وتَكْسوَكَ وتعْرى وتُرْوِيَكَ وتَظْمأُ وتُظلَّكَ وتَضْحى ، وتُنعِّمَك بِبُؤسِها ، وَتُلَذِّذَكَ بالنَّوْمِ بِأرقِها ، كان بطْنُها لَكَ وِعاءً ، وحُجْرها لَكَ حُواءً ، وثَدْيُها لَكَ سِقاءً ، ونفْسُها لَكَ وِقاءً ، تباشِرُ حَرَّ الدُّنيا وبَرْدَها لَكَ ودونَكَ ، فتَشْكُرها على قَدْرِ ذلِكَ ، ولا تَقْدر علَيهِ إلاَّ بعَوْنِ اللّه ِ وتَوْفيقِهِ .


مكاتيب الأئمّة ج3
202

۱۶ ـ وأمَّا حقُّ سائسِكَ بالمُلكِ :

۰.فَنحْوٌ مِن سائِسِكَ بالسُّلطانِ إلاَّ أنَّ هذا يملِكُ ما لا يَمْلِكهُ ذاكَ ، تلْزَمُكَ طاعَتُهُ فيما دَقَّ وجَلَّ مِنكَ ، إلاَّ أنْ يُخْرِجَكَ من وُجوبِ حَقِّ اللّه ِ ، ويَحولَ بينَكَ وبَينَ حَقِّهِ وحُقوقِ الخَلْقِ ، فإذا قَضَيْتَهُ رَجَعْت إلى حَقِّهِ فتشاغَلْتَ بِه ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

ثُمَّ حُقوقُ الرَّعِيَّةِ

۱۷ ـ فأمَّا حقوق رعيَّتك بالسُّلْطان :

۰.فأنْ تعْلَم أنَّك إنَّما اسْتَرْعَيْتَهم بِفَضلِ قُوَّتِكَ عَلَيهم ، فإنَّه إنَّما أحلَّهُم مَحَلَّ الرَّعيَّةِ لَكَ ضَعْفُهم وذُلُّهم ، فَما أوْلى من كَفاكَهُ ضَعْفَه وذُلَّهُ ، حتَّى صيَّرَهُ لَكَ رَعِيَّةً ، وصَيَّر حُكْمَكَ علَيهِ نافِذاً لا يَمْتَنِعُ مِنكَ بعِزَّةٍ ولا قُوَّةٍ ، ولا يَسْتنْصِرُ فيما تَعاظَمَهُ مِنكَ إلاَّ باللّه ِ بالرَّحْمَةِ والحِياطَةِ والأناةِ ، وما أوْلاك إذا عَرَفْت ما أعْطاكَ اللّه ُ من فَضلِ هَذه العِزَّةِ ، والقُوَّةِ الَّتي قَهرْتَ بِها أنْ تكونَ للّه ِ شاكِراً ، ومَن شَكَرَ اللّه َ أعْطاهُ فيما أنْعَمَ عَلَيهِ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

۱۸ ـ وأمَّا حقُّ رعيَّتك بالعلم :

۰.فأنْ تعلَم أنَّ اللّه َ قَد جَعَلَكَ لَهم فيما آتاك مِنَ العِلم وَوَلاَّكَ مِن خِزَانَةِ الحِكمَةِ ، فإنْ أحْسنْتَ فيما ولاَّكَ اللّه ُ من ذلِكَ ، وقُمْتَ بهِ لَهُم مَقامَ الخازِنِ الشَّفيقِ النَّاصِحِ لِمَولاهُ في عَبيدِهِ ، الصَّابرِ المحْتَسِبِ الَّذي إذا رأى ذا حاجَةٍ أخرَجَ لَه مِنَ الأموالِ الَّتي في يَديهِ كُنتَ راشِداً ، وكُنتَ لذلِكَ آمِلاً مُعتَقِداً ، وإلاَّ كُنتَ لَهُ خائِناً ، ولِخَلْقهِ ظالِماً ، ولسَلبهِ وعزِّهِ متعَرِّضاً .

۱۹ ـ وأمَّا حقُّ رعيَّتك بملك النِّكاح :

۰.فأنْ تعلَمَ أنَّ اللّه َ جَعَلَها سَكَناً ، ومُسْتَرَاحاً ، وأُنْساً وواقِيَةً ، وكذلِكَ كُلُّ واحِدٍ
مِنكُما يجِب أنْ يَحمَدَ اللّه َ على صاحِبهِ ، و يعلَم أنَّ ذلِكَ نِعْمَةٌ مِنهُ عَلَيهِ ، ووجَبَ أنْ يُحْسِنَ صُحْبَةَ نِعْمَة اللّه ِ ، ويُكرِمَها ويَرْفَقَ بها ، وإنْ كانَ حقُّكَ عَلَيها أغْلظَ وطاعَتُك بها ألْزمَ فيما أحبَبتَ وَكَرِهتْ ، ما لم تَكُن مَعصِيَةً فَإنَّ لها حَقُّ الرَّحمَةِ والمُؤانَسَةِ ، ومَوْضِعُ السُّكونِ إليها قضاءُ اللَّذَّةِ الَّتي لابُدَّ من قضائِها ، وذلِكَ عَظيمٌ ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17910
صفحه از 340
پرینت  ارسال به