۱۶ ـ وأمَّا حقُّ سائسِكَ بالمُلكِ :
۰.فَنحْوٌ مِن سائِسِكَ بالسُّلطانِ إلاَّ أنَّ هذا يملِكُ ما لا يَمْلِكهُ ذاكَ ، تلْزَمُكَ طاعَتُهُ فيما دَقَّ وجَلَّ مِنكَ ، إلاَّ أنْ يُخْرِجَكَ من وُجوبِ حَقِّ اللّه ِ ، ويَحولَ بينَكَ وبَينَ حَقِّهِ وحُقوقِ الخَلْقِ ، فإذا قَضَيْتَهُ رَجَعْت إلى حَقِّهِ فتشاغَلْتَ بِه ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
ثُمَّ حُقوقُ الرَّعِيَّةِ
۱۷ ـ فأمَّا حقوق رعيَّتك بالسُّلْطان :
۰.فأنْ تعْلَم أنَّك إنَّما اسْتَرْعَيْتَهم بِفَضلِ قُوَّتِكَ عَلَيهم ، فإنَّه إنَّما أحلَّهُم مَحَلَّ الرَّعيَّةِ لَكَ ضَعْفُهم وذُلُّهم ، فَما أوْلى من كَفاكَهُ ضَعْفَه وذُلَّهُ ، حتَّى صيَّرَهُ لَكَ رَعِيَّةً ، وصَيَّر حُكْمَكَ علَيهِ نافِذاً لا يَمْتَنِعُ مِنكَ بعِزَّةٍ ولا قُوَّةٍ ، ولا يَسْتنْصِرُ فيما تَعاظَمَهُ مِنكَ إلاَّ باللّه ِ بالرَّحْمَةِ والحِياطَةِ والأناةِ ، وما أوْلاك إذا عَرَفْت ما أعْطاكَ اللّه ُ من فَضلِ هَذه العِزَّةِ ، والقُوَّةِ الَّتي قَهرْتَ بِها أنْ تكونَ للّه ِ شاكِراً ، ومَن شَكَرَ اللّه َ أعْطاهُ فيما أنْعَمَ عَلَيهِ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
۱۸ ـ وأمَّا حقُّ رعيَّتك بالعلم :
۰.فأنْ تعلَم أنَّ اللّه َ قَد جَعَلَكَ لَهم فيما آتاك مِنَ العِلم وَوَلاَّكَ مِن خِزَانَةِ الحِكمَةِ ، فإنْ أحْسنْتَ فيما ولاَّكَ اللّه ُ من ذلِكَ ، وقُمْتَ بهِ لَهُم مَقامَ الخازِنِ الشَّفيقِ النَّاصِحِ لِمَولاهُ في عَبيدِهِ ، الصَّابرِ المحْتَسِبِ الَّذي إذا رأى ذا حاجَةٍ أخرَجَ لَه مِنَ الأموالِ الَّتي في يَديهِ كُنتَ راشِداً ، وكُنتَ لذلِكَ آمِلاً مُعتَقِداً ، وإلاَّ كُنتَ لَهُ خائِناً ، ولِخَلْقهِ ظالِماً ، ولسَلبهِ وعزِّهِ متعَرِّضاً .
۱۹ ـ وأمَّا حقُّ رعيَّتك بملك النِّكاح :
۰.فأنْ تعلَمَ أنَّ اللّه َ جَعَلَها سَكَناً ، ومُسْتَرَاحاً ، وأُنْساً وواقِيَةً ، وكذلِكَ كُلُّ واحِدٍ
مِنكُما يجِب أنْ يَحمَدَ اللّه َ على صاحِبهِ ، و يعلَم أنَّ ذلِكَ نِعْمَةٌ مِنهُ عَلَيهِ ، ووجَبَ أنْ يُحْسِنَ صُحْبَةَ نِعْمَة اللّه ِ ، ويُكرِمَها ويَرْفَقَ بها ، وإنْ كانَ حقُّكَ عَلَيها أغْلظَ وطاعَتُك بها ألْزمَ فيما أحبَبتَ وَكَرِهتْ ، ما لم تَكُن مَعصِيَةً فَإنَّ لها حَقُّ الرَّحمَةِ والمُؤانَسَةِ ، ومَوْضِعُ السُّكونِ إليها قضاءُ اللَّذَّةِ الَّتي لابُدَّ من قضائِها ، وذلِكَ عَظيمٌ ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .