129
مكاتيب الأئمّة ج3

مكاتيب الأئمّة ج3
128

۱۱

كتابُه عليه السلام إلى أشراف البصرة

في دعوتهم إلى كتاب اللّه وسنّة النبيّ صلى الله عليه و آله

أبو مِخْنَف قال : حدَّثني الصّقعب بن زهير ، عن أبي عثمان النّهديّ ، قال : كتَب حسينُ مع مولىً لهم يقال له سليمان ،وكتب بنُسخة إلى رؤوس الأخماس بالبصرة ، وإلى الأشراف ؛ فكتب إلى مالك بن مِسْمَع البَكريّ ، وإلى الأحْنَف بن قَيْس ۱ ،
وإلى المنذر بن الجارود ۲ ، وإلى مسعود بن عمرو ، وإلى قَيْس بن الهيثم ، وإلى
عمرو بن عبيد اللّه بن مَعمَر ، فجاءت منه نسخةً واحدة إلى جميع أشرافها :
أمَّا بَعدُ ؛ فَإنَّ اللّه اصْطَفى مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله على خَلْقِهِ ، وأكرَمَهُ بنُبوَّتِهِ ، واخْتارَهُ لِرِسالَتِهِ ، ثُمَّ قبَضَه اللّه ُ إلَيهِ ، وَقَد نصَح لِعبادِهِ ، وَبلَّغَ ما أُرْسِلَ بهِ صلى الله عليه و آله وكُنَّا أهلَه وأولياءَهُ وأوصياءَهُ ، ووَرَثَتَهُ ، وأحَقَّ النَّاسِ بمِقامهِ في النَّاسِ ، فَاستَأثَرَ عَلَينا قَومُنا بِذلِكَ ، فرَضِينا وَكَرِهْنا الفُرقَةَ ، وَأحبَبنا العافِيَةَ ، وَنَحنُ نَعلَمُ أنَّا أحَقُّ بِذلِكَ الحَقِّ المستَحَقِّ عَلَينا مِمَّن تَوَلاَّهُ ، وقد أحسنوا وَأَصلَحوا ، وَتَحَرَّوا الحَقَّ ، فَرَحِمَهُم اللّه ُ ، وغَفَر لَنا وَلَهُم .
وَقَد بَعَثتُ رسولي إلَيكُم بِهذا الكِتابِ ، وَأنَا أدْعُوكُم إِلى كِتابِ اللّه ِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ، فإنَّ السُّنَّة قَد أُميْتَت ، وإنَّ البِدعَةَ قَد أُحيِيتْ ، وَإنْ تَسمَعوا قَولي ، وَتُطيعوا أَمري ، أَهدِكُم سبيلَ الرَّشادِ ، والسَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ اللّه ِ .

فكلُّ مَن قَرأ ذلِكَ الكِتابَ مِن أشرافِ النَّاسِ كَتمَهُ ، غيرَ المُنذر بنِ الجارودِ ، فإنَّه خشيَ بزعمه أن يكون دَسيساً من قِبَل عُبيدِ اللّه ِ ، فَجاءَهُ بالرُّسولِ مِنَ العَشِيَّةِ الَّتي يُريدُ صبيحتَها أن يسبِقَ إلى الكوفَةِ ، وأقرأه كتابَه ، فَقدَّمَ الرَّسولَ فضَربَ عُنُقَهُ ، وصَعِدَ عُبَيدُ اللّه ِ مِنبرَ البَصرَةِ ، فحَمِدَ اللّه وَأثنَى عَلَيهِ ، ثُمَّ قال :
أمَّا بَعدُ ، فَوَاللّه ِ ، ما تُقْرَنُ بي الصّعْبةُ ، ولا يُقعقَعُ لي بالشَّنآن ، وَإنِّي لَنِكْلٌ ۳ لِمَن عاداني ، وسَمٌّ لِمَن حارَبَني ، أُنصِفُ القارَةَ مَن راماها .
يا أهلَ البَصرَةِ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ ولاَّني الكوفَةَ وأنَا غادٍ إليها الغَداةَ ، وقَدِ استَخلَفتُ عَلَيكُم عُثمانَ بنَ زِيادِ بنِ أبي سُفيانَ ، وإيَّاكُم والخِلافَ والإرجافَ ، فَوَالَّذي لا إلهَ غيرُهُ ، لَئِن بَلَغَني عن رَجُلٍ مِنكُم خِلافٌ لأقتُلَنَّهُ وعَريفَهُ وَوَلِيَّهُ ، وَلآخُذَنَّ الأدنى بالأقصى حتَّى تَستَمِعوا لي ، وَلا يكونَ فيكُم مُخالِفٌ ولا مُشاقٌّ ، أنَا ابنُ زياد أشبَهتُهُ من بَينِ مَن وَطى ء الحصى ، ولَم ينتزعني شبَه خالٍ ، ولا ابنُ عَمٍّ .
ثمَّ خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان بن زياد ، وأقبل إلى الكوفة ، ومعه مسلم بن عمرو الباهليّ ، وشُريك بن الأعور الحارثيّ ۴ ، وحَشَمه وأهل بيته ، حتَّى دخل الكوفة ، وعليه عِمامةٌ سوداء ، وهو متلثّم ، والنَّاس قد بلغهم إقبال حسين إليهم ، فهم ينتظرون قدومَه فظنُّوا حينَ قدم عبيد اللّه أنَّه الحسين ، فأخذ لا يمرُّ على جماعة من النَّاس إلاَّ سلّموا عليه ، وقالوا مرحباً بك يابن رسول اللّه ، قدمتَ خيرَ مَقْدَم ، فرأى من تباشيرهم بالحسين عليه السلام ما ساءه .
فقال مسلم بن عمرو لمَّا أكثروا : تأخَّروا ، هذا الأميرُ عُبيد اللّه بن زياد ، فأخذ حين أقْبَل على الظّهر ، وإنَّما معه بضعة عشر رجلاً ، فلمَّا دخل القصر وعلم النَّاس أنَّه عبيداللّه بن زياد دَخلَهم من ذلك كآبة وحُزن شَديدٌ ، وغاظ عبيدَ اللّه ما سمع منهم ، وقال :
ألا أرى هؤلاء كما أرى ۵ .
وفي الأخبار الطّوال :
وقد كان الحسين بن عليّ رضى الله عنه كتَب كتاباً إلى شيعته من أهل البصرة مع مولى له يسمّى سلمان نسخته :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ إلى مالِك بنِ مِسمَعٍ ، والأحنَفِ بنِ قَيسٍ ، والمُنذِرِ بنِ الجارودِ ، وَمَسعودِ بنِ عمرو ، وقيس بن الهيثم :
سلامٌ عَلَيكُم ، أمَّا بَعدُ ؛ فإنِّي أدعوكُم إلى إِحياءِ مَعالِمِ الحَقِّ ، وإماتَةِ البِدَعِ ، فَإنْ تُجيبوا تَهتَدوا سُبُلَ الرَّشادِ ، وَالسَّلامُ . ۶

1. الأحْنَفُ بنُ قَيْس الأحنف بن قيس بن معاوية ، أبو بحر التّميميّ السّعديّ ، والأحنف لقب له لحَنَفٍ (الحَنَفُ في القَدَمينِ : إقبال كلّ واحدة منهما على الاُخرى بإبهامها . (لسان العرب : ج ۹ ص ۵۶) . كان أحنف الرجلين ، واسمه الضحّاك وقيل : صخر ، من كبار تميم (سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۸۷ الرقم ۲۹ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۴۲۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۱۰ وفيه : وكان سيّد قومه ) . أسلم على عهد النّبيّ صلى الله عليه و آله (سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۸۷ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۳۴۶ ، الاستيعاب : ج ۱ ص ۲۳۰) ، لكنّه لم يَرَهُ (الاستيعاب : ج ۱ ص ۲۳۰ الرقم ۱۶۱ ، اُسد الغابة :ج۱ ص ۱۷۹ الرقم ۵۱ ، الإصابة : ج ۱ ص ۳۳۲ الرقم ۴۲۹ ) . حُمِدَ بالحلم والسّيادة ، وربّما أفرط مترجموه في نقل بعض الأمثلة من حلمه وسيادته (سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۹۱ الرقم ۲۹ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۳۴۵ ، وفيات الأعيان : ج ۲ ص ۴۹۹ وفيهما : يُضرب به المثل في الحلم) . وكان الأحنف من اُمراء الجيش في فتح خراسان أيّام عمر (المعارف لابن قتيبة : ص ۴۲۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۱۳) . وفتح مَرْو في عصر عثمان (تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۳۱۰ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۲۱ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۴۲۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۱۳) . واعتزل الإمامَ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في حرب الجمل (تاريخ الطبري : ج۴ ص ۵۰۰ ، الأخبار الطّوال : ص ۱۴۸ ؛ الجمل : ص ۲۹۵ ) ، فتبعه أربعة آلاف من قبيلته تاركين عائشة (الجمل : ص ۲۹۵ ؛ تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۵۰۱) ، ودَعته عائشة إلى اللِّحاق بها ، فلم يُجِب ودحض موقفها بكلام بصير واعٍ (اُسد الغابة : ج ۱ ص ۱۷۹ الرقم ۵۱ ) . وكان من قادة جيش الإمام عليه السلام في معركة صفّين (وقعة صفّين : ص ۱۱۷ و ص ۲۰۵ ؛ سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۸۷ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۴۶ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۲۹۹ ) ، واقترح أن يمثّل الإمام عليه السلام في التّحكيم بدل أبي موسى (وقعة صفّين : ص ۵۰۱ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۵۲ ، الأخبار الطّوال : ص ۱۹۳) . واعتزل في فتنة ابن الحضرميّ ولم يدافع عن الإمام عليه السلام . وكانت سياسته ترتكز على المسامحة والموادعة ، ومسايرة قومه وقبيلته ، والابتعاد عن التّوتّر (الكامل في التّاريخ : ج ۲ ص ۴۱۵) . وكانت له منزلة حسنة عند معاوية (سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۹۵) ، لكنّه لم يتنازل عن مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والثَّناء عليه وتعظيمه يومئذٍ (العقد الفريد : ج ۳ ص ۸۷ ، وفيات الأعيان : ج ۲ ص ۵۰۴ ) . وكاتَبه الإمام الحسين عليه السلام قبل ثورته فلم يُجِبه (عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۱ ص ۲۱۱) . وإن صحّ هذا (أي عدم استجابته لدعاء الإمام عليه السلام ) ؛ فهو دليل على ركونه إلى الدّنيا ، وتزعزع عقيدته . وكانت تربطه بمصعب بن الزّبير صداقة ، من هنا رافقه في مسيره إلى الكوفة (الطبقات الكبرى : ج ۷ ص ۹۷ ، تاريخ الطبري : ج ۶ ص ۹۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۰۱ ) . مات الأحنف سنة ۶۷ ه (تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۲۰۳ ، سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۹۶ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۰۲ ) . تاريخ مدينة دمشق عن عبد اللّه بن المبارك : قيل للأحنف بن قيس : بأيّ شيء سوّدك قومك ؟ قال : لو عاب النّاس الماءَ لم أشربه (تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۱۶ ، سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۴ ص ۹۱) . الجمل ـ في ذكر حرب الجمل ـ : بعث إليه [عليٍّ عليه السلام ] الأحنفُ بن قيس رسولاً يقول له : إنّي مقيم على طاعتك في قومي ؛ فإن شئتَ أتيتك في مئتين من أهل بيتي فعلتُ ، وإن¨ شئتَ حبست عنك أربعة آلاف سيف من بني سعد . فبعث إليه أمير المؤمنين عليه السلام : بل احبس وكُفّ . فجمع الأحنف قومه ، فقال : يا بني سعد ! كُفّوا عن هذه الفتنة ، واقعدوا في بيوتكم ؛ فإن ظهر أهل البصرة فهم إخوانكم لم يُهيّجوكم ، وإن ظهر عليٌّ سلمتم . فكَفّوا وتركوا القتال (الجمل : ص ۲۹۵ ) . الجمل : لمّا جاء رسول الأحنف وقد قدم على عليّ عليه السلام بما بذل له من كفّ قومه عنه ، قال رجل : يا أمير المؤمنين ، من هذا ؟ قال : هذا أدهى العرب وخيرُهم لقومه . فقال عليّ عليه السلام : كذلك هو ، وإنّي لأُمثِّلُ بينه وبين المغيرة بن شعبة ؛ لزِمَ الطائفَ ، فأقام بها ينتظر على من تستقيم الاُمّة ! فقال الرّجل : إنّي لأحسب أنّ الأحنف لأسرع إلى ما تحبّ من المغيرة (الجمل : ۲۹۶) . وقعة صفّين ـ في ذكر إعزام الحكمين في آخر حرب صفّين ـ : قام الأحنف بن قيس إلى عليّ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي خيّرتك يوم الجمل أن آتيك فيمن أطاعني وأكفّ عنك بني سعد ، فقلت : كفّ قومك فكفى بكفّك نصيرا ، فأقمت بأمرك . وإنّ عبد اللّه بن قيس رجل قد حلبت أشطره فوجدته قريب القعر كليل المُدية ، وهو رجل يمانٍ ، وقومه مع معاوية . وقد رُمِيتَ بحجر الأرض وبمن حارب اللّه ورسوله ، وإنّ صاحب القوم من ينأى حتّى يكون مع النّجم ، ويدنو حتّى يكون في أكفّهم . فابعثني وواللّه لا يحلّ عقدة إلاّ عقدتُ لك أشدّ منها . فإن قلت : إنّي لست من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ فابعث رجلاً من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، غير عبد اللّه بن قيس ، وابعثني معه . فقال عليّ : إنّ القوم أتَوني بعبد اللّه بن قيس مُبَرْنَسا ، فقالوا : ابعث هذا ؛ فقد رضينا به . واللّه بالغُ أمره (وقعة صفّين : ص ۵۰۱) . وقعة صفّين ـ بعد ذكر دعوة الإمام عليه السلام أهل البصرة لقتال معاوية ، وقراءة ابن عبّاس كتابه عليه السلام عليهم ـ : فقام الأحنف بن قيس فقال : نعم ، واللّه لنجيبنّك ، ولنخرجَنَّ معك على العسر واليسر ، والرّضا والكره ، نحتسب في ذلك الخير ، ونأمل من اللّه العظيم من الأجر (وقعة صفّين :ص ۱۱۶) . تاريخ مدينة دمشق : إنّ الأحنف بن قيس دخل على معاوية ، فقال : أنت الشّاهر علينا سيفكَ يومَ صفّين ، والمخذِّل عن أُمّ المُؤمنين ؟ ! فقال : يا معاوية ! لا تردّ الاُمورَ على أدبارها ؛ فَإنّ السُّيوفَ الّتي قاتلناك بها على عواتقنا ، والقلوب الّتي أبغضناك بها بين جوانحنا ، واللّه لا تمدّ إلينا شبرا من غدرٍ إلاّ مددنا إليك ذراعا من خَتْر ، وإن شئت لتستصفينّ كدر قلوبنا بصفوٍ من عفوك . قال : فإنّي أفعل (تاريخ مدينة دمشق : ج ۲۴ ص ۳۲۶ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۲ ص ۲۳۰ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۸۶ وفيهما من «لا تردّ الاُمور . . .» ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۳۵۱ وفيه إلى : «جوانحنا» ، وفيات الأعيان : ج ۲ ص ۵۰۰ كلّها نحوه) . العقد الفريد عن أبي الحباب الكندي عن أبيه : إنّ معاوية بن أبي سفيان بينما هو جالس وعنده وجوه النّاس ، إذ دخل رجل من أهل الشّام، فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن لعن عليّا ، فأطرق النّاس وتكلّم الأحنفُ ، فقال: يا أمير المؤمنين ! إنّ هذا القائل ما قال آنفا ، لو يعلم أنّ رضاك في لعن المرسلين للعنهم ! فاتّقِ اللّه ودَع عنك عليّا ؛ فقد لقي ربّه ، واُفرد في قبره ، وخلا بعمله ، وكان واللّه ـ ما علمنا ـ المُبرِّز بسبقه ، الطاهر خُلقه ، الميمون نقيبته ، العظيم مصيبته . فقال له معاوية : يا أحنف ! لقد أغضيت العين على القذى ، وقلت بغير ما ترى ، وايم اللّه لتصعدنّ المنبر فلتلعنه طوعا أو كرها ، فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين ! إن تُعفِني فهو خير لك ، وإن تجبرني على ذلك فواللّه لا تجري به شفتاي أبدا ، قال : قم فاصعد المنبر . قال الأحنف : أما واللّه مع ذلك لاُنصفنّك في القول والفعل . قال : وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني ؟ قال : أصعد المنبر ، فأحمد اللّه بما هو أهله ، واُصلّي على نبيّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ أقول : أيّها النّاس ، إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليّا ، وإنّ عليّا ومعاوية اختلفا فاقتتلا ، وادّعى كلّ واحد منهما أنّه بُغي عليه وعلى فئته ؛ فإذا دعوت فأمِّنوا رحمكم اللّه . ثمّ أقول : اللهمّ العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه ، والعن الفئة الباغية ، اللهمّ العنهم لعنا كثيرا . أمِّنوا رحمكم اللّه ! يا معاوية ! لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي . فقال معاوية : إذن نُعفيك يا أبا بحر (العقد الفريد : ج ۳ ص ۸۷ ، وفيات الأعيان : ج ۲ ص ۵۰۴ ) .

2. المُنْذِرُ بنُ الجارُودِ العَبدِيّ المنذر بن الجارود العبديّ ، واسم الجارود بشر بن عمرو بن حبيش ، من صحابة الإمام عليّ عليه السلام (تاريخ مدينة دمشق : ج ۶۰ ص ۲۸۱ ) ، وكان على قسم صغير من جيشه في معركة الجمل (الجمل : ص ۳۲۱ ؛ تاريخ الطّبري : ج ۴ ص ۵۰۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۶۰ ص ۲۸۳ ، الإصابة : ج ۶ ص ۲۰۹ وفيه : كان شهد الجمل مع عليّ) . ولاّه الإمام عليه السلام على إصْطَخر (الطّبقات الكبرى : ج ۵ ص ۵۶۱ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۳۹ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۶۰ ص ۲۸۱ ، الإصابة : ج ۶ ص ۲۰۹ ) ، وكان حسن الظّاهر لكنّه مضطرب الباطن ، وليس له ثبات . خان المنذرُ الإمامَ عليه السلام في بيت المال ، واستأثر بقسم منه لنفسه ، فكتب إليه الإمام عليه السلام كتابا عنّفه فيه . وبعد استلامه كتابَ الإمام جاء إلى الكوفة ، فعزله الإمام عليه السلام ، وحكم عليه بدفع ثلاثين ألف درهم ، وحبسه ، ثمّ أطلقه بشفاعة صَعصَعة بن صُوحان (أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۹۱ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۰۳ ) . ولي بعض المناطق في أيّام عبيد اللّه بن زياد (الأخبار الطّوال : ص ۲۳۱ ، الفتوح : ج ۵ ص ۳۷ ) ، الّذي كان صهره (الطّبقات الكبرى : ج ۵ ص ۵۶۱ و ج۷ ص ۸۷ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۶۰ ص ۲۸۳ ، الإصابة : ج ۶ ص ۲۰۹ ) . وعندما عزم الإمام الحسين عليه السلام على نهضته العظمى كاتب كثيرا من الشّخصيّات المعروفة ودعاهم إلى نصرته والدّفاع عَنِ الحقِّ . وكان المنذر أحد الّذين راسلهم الإمام عليه السلام ، لكنّه سلّم الرسالة والرسول إلى عبيداللّه بن زياد ، فياعجبا من فعلته هذه (راجع : تاريخ الطّبري : ج ۵ ص ۳۵۷ ، الكامل في التّاريخ : ج ۲ ص ۵۳۵ و۵۳۶ ، الأخبار الطّوال : ص ۲۳۱ ، الفتوح : ج۵ ص ۳۷ ) ! مات المنذر سنة ۶۱ ه (الطّبقات الكبرى : ج ۵ ص ۵۶۱ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۶۰ ص ۲۸۵ ، الإصابة : ج ۶ ص ۲۰۹ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۸۰ وفيه مات في سنة ۶۲ ه ) . الغارات عن الأعمش : كان عليّ عليه السلام ولّى المنذر بن الجارود فارسا فاحتاز مالاً من الخراج ، قال : كان المال أربعمئة ألف درهم ، فحبسه عليّ عليه السلام ، فشفع فيه صعصعة بن صوحان إلى عليّ عليه السلام وقام بأمره وخلّصه (الغارات : ج ۲ ص ۵۲۲ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۹۱) . تاريخ اليعقوبي عن غياث : [إنّ عليّا عليه السلام ] كتب إلى المنذر بن الجارود ، وهو على إصطخر : أمّا بَعدُ ، فَإنّ صلاحَ أبيكَ غَرَّني مِنكَ ، فَإذا أنتَ لا تَدَعُ انقيادا لِهواكَ أَزرى ذلِكَ بِكَ . بَلَغني أنّكَ تَدَعُ عَمَلَكَ كثيرا ، وتَخرُجُ لاهِيا بِمِنبَرها ، تَطلُبُ الصَّيدَ وَتَلعَبُ بِالكِلابِ ، وَاُقسِمُ لَئِن كانَ حَقّا لَنُثيبَنَّكَ فِعلَكَ ، وجاهِلُ أهلِكَ خَيرٌ مِنكَ ، فأقبل إليَّ حِينَ تَنظُرُ في كتابي ، وَالسَّلامُ . فأقبَلَ فعزلَهُ وأغرمه ثلاثين ألفا ، ثمّ تركها لصعصعة بن صوحان بعد أن أحلفه عليها ، فحلف (تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۰۳) .

3. يقال : رجلٌ نَكَلٌ وَنِكلٌ ، أي : يُنكَّلُ به أعداؤهُ ، وفيه : «إنّ اللّه يُحبّ النَّكَلَ ، قيل : وما ذاك؟ قال : الرَّجل القويّ المجرّب المُبدئ المعيد (النهاية : ج ۵ ص ۱۱۶) .

4. شريك بن الأعور اسم الأعور الحارث بن عبد يغوث بن خلف بن سلمة بن دهي المذحجيّ ، كان من شيعة عليّ عليه السلام ، شهد الجمل وصفّين مع عليّ عليه السلام ، ومات شريك بن الأعور في دار هانئ بالكوفة من مرضه أيّام ابن زياد . (راجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۷ ، سِيَر أعلام النُّبلاء :ج۳ ص ۲۹۹ ، إكمال الكمال : ج ۳ ص ۴۰۰) .

5. تاريخ الطّبري : ج ۵ ص ۳۵۷ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۷۸ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۱ ص ۲۱۱ ، الكامل في التّاريخ : ج ۲ ص ۵۳۵ ، الفتوح : ج ۵ ص ۳۷ ، البداية والنّهاية : ج ۸ ص ۱۵۷ وص۱۷۰ .

6. الأخبار الطّوال : ص ۲۳۱.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    علی احمدی میانجی، تحقیق: مجتبی فرجی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17896
صفحه از 340
پرینت  ارسال به