75
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

أسلَمتَ ؛ أكانَ إسلامُكَ يُذهِبُ عَنكَ ما تَجِدُهُ مِن بُغضِ ذلِكَ القاتِلِ وشَنَآنِهِ ؟ كَلّا ، إنَّ ذلِكَ لَغيرُ ذاهِبٍ ، هذَا إذا كانَ الإِسلامُ صَحيحا ، وَالعَقيدَةُ مَحَقَّقَةً ، لا كَإِسلامِ كَثيرٍ مِنَ العَرَبِ ؛ فَبَعضُهُم تَقليدا ، وبَعضُهُم لِلطَّمَعِ وَالكَسبِ ، وبَعضُهُم خَوفا مِنَ السَّيفِ ، وبَعضُهُم عَلى طَريقِ الحَمِيَّةِ وَالِانتِصارِ ، أو لِعَداوَةِ قَومٍ آخَرينَ مِن أضدادِ الإِسلامِ وأعدائِهِ .
وَاعلَم أنَّ كُلَّ دَمٍ أراقَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِسَيفِ عَلِيٍّ عليه السلام وبِسَيفِ غَيرِهِ ؛ فَإِنَّ العَرَبَ بَعدَ وَفاتِهِ عليه السلام عَصَبَت ۱ تِلكَ الدِّماءَ بِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام وَحدَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَم يَكُن في رَهطِهِ مَن يَستَحِقُّ في شَرعِهِم وسُنَّتِهِم وعادَتِهِم أن يُعصَبَ بِهِ تِلكَ الدِّماءُ إلّا بِعَلِيٍّ وَحدَهُ ، وهذِهِ عادَةُ العَرَبِ إذا قُتِلَ مِنها قَتلى طالَبَت بِتِلكَ الدِّماءِ القاتِلَ ؛ فَإِن ماتَ أو تَعَذَّرَت عَلَيها مُطالَبَتُهُ ، طالَبَت بِها أمثَلَ النّاسِ مِن أهلِهِ . . . .
سَأَلتُ النَّقيبَ أبا جَعفَرٍ يَحيَى بنَ أبي زَيدٍ رَحِمَهُ اللّهُ ! فَقُلتُ لَهُ : إنّي لَأَعجَبُ مِن عَلِيٍّ عليه السلام ! كَيفَ بَقِيَ تِلكَ المُدَّةَ الطَّويلَةَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ وكَيفَ مَا اغتيلَ وفُتِكَ ۲ بِهِ في جَوفِ مَنزِلِهِ ، مَعَ تَلَظِّي الأَكبادِ عَلَيهِ ؟ !
فَقالَ : لَولا أنَّهُ أرغَمَ أنفَهُ بِالتُّرابِ ، ووَضَعَ خَدَّهُ في حَضيضِ الأَرضِ لَقُتِلَ ، ولكِنَّهُ أخمَلَ نَفسَهُ ، وَاشتَغَلَ بِالعِبادَةِ وَالصَّلاةِ وَالنَّظَرِ فِي القُرآنِ ، وخَرَجَ عَن ذلِكَ الزِّيِّ الأَوَّلِ وذلِكَ الشِّعارِ ، ونَسِيَ السَّيفَ ، وصارَ كَالفاتِكِ يَتوبُ ويَصيرُ سائِحا فِي الأَرضِ ، أو راهِبا فِي الجِبالِ .
ولَمّا أطاعَ القَومَ الَّذينَ وَلُّوا الأَمرَ ، وصارَ أذَلَّ لَهُم مِنَ الحِذاءِ ، تَرَكوهُ وسَكَتوا

1.أي قرنوا هذه الحال به ونسبوها إليه (اُنظر النهاية : ج۳ ص۲۴۴) .

2.فَتَك بالرجل فَتْكا : انتهز منه غِرّة فقتله أو جرحه ، وكلّ من قتل رجلاً غارّا فهو فاتك (لسان العرب : ج۱۰ ص۴۷۲) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
74

رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِثلُ ما كانَ لَهُ ، فَلِذلِكَ عَدَلوا عَنهُ ومالوا إلى سِواهُ ۱ .

۶۱۰۷.معرفة الصحابة عن ابن عبّاس :قالَ عُثمانُ لِعَلِيٍّ : ما ذَنبي إن لَم تُحِبُّكَ قُرَيشٌ وقَد قَتَلتَ مِنهُم سَبعينَ رَجُلاً ؛ كَأَنَّ وُجوهَهُم سُيوفُ الذَّهَبِ ؟ ۲

۶۱۰۸.الغاراتـ في وَصفِ الوَليدِ بنِ عُقبَةَ ـ:هُوَ مِن مُبغِضي عَلِيٍّ عليه السلام وأعدائِهِ وأعداءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ؛ لِأَنَّ أباهُ قَتَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بِيَدِ عَلِيٍّ صَبرا ۳ يَومَ بَدرٍ بِالصَّفراءِ ۴ . ۵

۶۱۰۹.شرح نهج البلاغة :إنَّ قُريشا كُلَّها كانَت تُبغِضُهُ أشَدَّ البُغضِ ، ولَو عَمَّرَ عُمَرَ نوحٍ ، وتَوَصَّلَ إلَى الخِلافَةِ بِجَميع أنواعِ التَّوصُّلِ ؛ كَالزُّهِد فيها تارَةً ، والمُناشَدَةِ بِفَضائِلِهِ تارَةً ، وبِما فَعَلَهُ فِي ابتِداءِ الأَمرِ مِن إخراجِ زَوجَتِهِ وأطفالِهِ لَيلاً إلى بُيوتِ الأَنصارِ ، وبِمَا اعتَمَدَهُ إذ ذاكَ مِن تَخَلُّفِهِ في بَيتهِ وإظهارِ أنَّهُ قَدِ انعَكَفَ عَلى جَمعِ القُرآنِ ، وبِسائِرِ أنواعِ الحِيَلِ فيها ، لَم تَحصُل لَهُ إلّا بِتَجريدِ السَّيفِ كَما فَعَلَ في آخِرِ الأَمرِ . ولَستُ ألومُ العَرَبَ ، لا سِيَّما قُرَيشا في بُغضِها لَهُ ، وانحِرافِها عَنهُ ؛ فَإِنَّهُ وَتَرَها ، وسَفَكَ دِماءَها ، وكَشَفَ القِناعَ في مُنابَذَتِها ، ونُفوسُ العَرَبِ وأكبادُها كَما تَعلَمُ !
ولَيسَ الإِسلامُ بِمانِعٍ مِن بَقاءِ الأَحقادِ فِي النُّفوسِ ، كَما نُشاهِدُهُ اليَومَ عِيانا ، وَالنّاسُ كَالنّاسِ الاُوَلِ ، وَالطَّبائِعُ واحِدَةٌ ، فَاحسَب أنَّكَ كُنتَ مِن سَنَتَينِ أو ثَلاثٍ جاهِلِيّا أو مِن بَعضِ الرّومِ ، وقَد قَتَلَ واحِدٌ مِنَ المُسلِمينَ ابنَكَ أو أخاكَ ، ثُمَّ

1.عيون أخبار الرضا : ج۲ ص۸۱ ح۱۵ ، علل الشرائع : ص۱۴۶ ح۳ وفيه «المحاربين» بدل «المحادّين» .

2.معرفة الصحابة : ج۱ ص۸۶ ح۳۳۸ .

3.الصَّبْر ـ هنا ـ : نَصْبُ الإنسان للقتل ، وأصل الصَّبر : الحبس ، وكلّ ذي روح يُصبر حيّا ، ثمّ يُرمى حَتّى يُقتل فقد قُتل صبرا (لسان العرب : ج۴ ص۴۳۸) .

4.وادي الصفراء : من ناحية المدينة ، وهو وادٍ كثير النخل والزرع والخير في طريق الحاجّ ، وسلكه رسول اللّه صلى الله عليه و آله غير مرّة ، وبينه وبين بدر مرحلة (معجم البلدان : ج۳ ص۴۱۲) .

5.الغارات : ج۲ ص۵۱۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27958
صفحه از 532
پرینت  ارسال به