ويَرَوا رَأيَهُم ، فَقَد رَأَيتُ أن أكُفَّ عَنهُم ، وألّا أتَعَجَّلَ حَربَهُم ، وأن أتَأَ لَّفَهُم فيما بَينَ ذلِكَ لَعَلَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُقبِلَ بِقُلوبِهِم ، ويُفَرِّقَهُم عَن ضَلالَتِهِم ، إن شاءَ اللّهُ .
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما أخوَفَني أن يَكونَ هذا مُمالَأَةً لَهُم مِنهُ ، فَمُرهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ بِقِتالِهِم ، فَكَتَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، أمّا بَعدُ ، فَسِر إلَى القَومِ الَّذينَ ذَكَرتَ ، فَإِن دَخَلوا فيما دَخَلَ فيهِ المُسلِمونَ وإلّا فَناجِزهُم ، إن شاءَ اللّهُ .
فَلَمّا أتى قَيسَ بنَ سَعدٍ الكِتابُ فَقَرَأَهُ ، لَم يَتَمالَك أن كَتَبَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ :
أمّا بَعدُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَقَد عَجِبتُ لِأَمرِكَ ، أ تَأمُرُني بِقِتالِ قَومٍ كافّينَ عَنكَ ، مُفَرِّغيكَ لِقِتالِ عَدُوِّكَ ؟ ! وإنَّكَ مَتى حارَبتَهُم ساعَدوا عَلَيكَ عَدُوَّكَ ، فَأَطِعني يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وَاكفُف عَنهُم ، فَإِنَّ الرَّأيَ تَركَهُم ، وَالسَّلامُ . . .
فَبَعَثَ عَلِيٌّ مُحَمَّدَ بنَ أبي بَكرٍ عَلى مِصرَ وعَزَلَ عَنها قَيسا ۱ .
۶۶۷۳.تاريخ الطبري عن كعب الوالبي :إنَّ عَلِيّا كَتَبَ مَعَهُ [أي مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ ]إلى أهلِ مِصرَ كِتابا ، فَلَمّا قَدِمَ بِهِ عَلى قَيسٍ ، قالَ لَهُ قَيسٌ : ما بالُ أميرِ المُؤمِنينَ ؟ ! ما غَيَّرَهُ ؟ أدَخَلَ أحَدٌ بَيني وبَينَهُ ؟
قالَ لَهُ : لا ، وهذَا السُّلطانُ سُلطانُكَ !
قالَ : لا ، وَاللّهِ لا اُقيمُ مَعَكَ ساعَةً واحِدَةً . وغَضِبَ حينَ عَزَلَهُ ، فَخَرَجَ مِنها مُقبِلاً إلَى المَدينَةِ ، فَقَدِمَها ، فَجاءَهُ حَسّانُ بنُ ثابِتٍ شامِتا بِهِ ـ وكانَ حَسّانُ عُثمانِيّا ـ فَقالَ لَهُ : نَزَعَكَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، وقَد قَتَلتَ عُثمانَ ، فَبَقِيَ عَلَيكَ الإِثمُ ، ولَم يُحسِن لَكَ الشُّكرَ !