قالَ : ما أنصَفَكَ عَلِيٌّ ، قَتَلَ أولادَكَ وبَقّى أولادَهُ !
فَقالَ عَدِيٌّ : ما أنصَفتُ عَلِيّا إذ قُتِلَ وبَقيتُ بَعدَهُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : أما إنَّهُ قَد بَقِيَت قَطرَةٌ مِن دَمِ عُثمانَ ما يَمحوها إلّا دَمُ شَريفٍ مِن أشرافِ اليَمَنِ .
فَقالَ عَدِيٌّ : وَاللّهِ إنَّ قُلوبَنَا الَّتي أبغَضناكَ بِها لَفي صُدورِنا ، وإنَّ أسيافَنَا الَّتي قاتَلناكَ بِها لَعَلى عَواتِقِنا ، ولَئِن أدنَيتَ إلَينا مِن الغَدرِ فِترا لَنُدِنيَنَّ إلَيكَ مِنَ الشَّرِّ شِبرا ، وإنَّ حَزَّ الحُلقومِ وحَشرَجَةَ الحَيزومِ لَأَهوَنُ عَلَينا مِن أن نَسمَعَ المَساءَةَ في عَلِيٍّ ، فَسَلِّمِ السَّيفَ يا مُعاوِيَةُ لِباعِثِ السَّيفِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : هذِهِ كَلِماتُ حُكمٍ فَاكتُبوها . وأقبَلَ عَلى عَدِيٍّ مُحادِثا لَهُ كَأَ نَّهُ ما خاطَبَهُ بِشَيءٍ ۱ .
۶۶۰۳.المحاسن والمساوئ :إنَّ عَدِيَّ بنَ حاتِمٍ دَخَلَ عَلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ فَقالَ : يا عُدِيُّ ، أين الطَّرَفاتُ ؟يَعني بَنيهِ طَريفا وطارِفا وطَرَفَةَ .
قالَ : قُتِلوا يَومَ صِفّينَ بَينَ يَدَي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه .
فَقالَ : ما أنصَفَكَ ابنُ أبي طالِبٍ إذ قَدَّمَ بَنيكَ وأخَّرَ بَنيهِ !
قالَ : بَل ما أنصَفتُ أنَا عَلِيّا إذ قُتِلَ وبَقيتُ !
قالَ : صِف لي عَلِيّا . فَقالَ : إن رَأَيتَ أن تُعفِيَني .
قالَ : لا اُعفيكَ .
قالَ : كانَ وَاللّهِ بَعيدَ المَدى ، وشَديدَ القُوى ، يَقولُ عَدلاً ، ويَحكُمُ فَصلاً ، تَتَفَجَّرُ الحِكمَةُ مِن جَوانِبِهِ ، وَالعِلمُ مِن نَواحيهِ ، يَستَوحِشُ مِنَ الدُّنيا وزَهرَتِها ، ويَستَأنِسُ بِاللَّيلِ ووَحشَتِهِ ، وكانَ واللّهِ غَزيرَ الدَّمعَةِ ، طَويلَ الفِكرَةِ ، يُحاسِبُ نَفسَهُ إذا خَلا ،