النّقطة المهمّة الَّتي ينبغي ألّا ننساها في مثل هذه الموضوعات هي دور المفتعِلين للحوادث والمُرجِفين . وقد وقف حسن بن زين الدين المشهور بصاحب المعالم على دور الاُمويّين في اختلاق هذه الحادثة ، وأكّده باحثون مثل السيّد جعفر مرتضى العاملي .
وسيتيسّر علينا فهم هذه النّقطة إذا عرفنا أنّ ابن عبّاس ـ نظرا إلى مكانته السامية وسمعته العلميّة الَّتي لا تُنكَر ـ كان المدافع الشجاع عن عليّ وآل عليّ عليهم السلام في ذلك العهد الاُموي الأسود ، كما كان المنتقد الجريء للاُمويّين والكاشف عن فضائحهم . علما أ نّنا لا نقول بعصمته ، ولا ننكر احتمال خطئه ، بَيْدَ أ نّا نستبعد قبول جميع ما جاء في كتب التاريخ حول هذا الموضوع ، ولا نراه لائقا بشأن ابن عبّاس ۱ .
ولذا قال ابن أبي الحديد : قد أشكل عليَّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النّقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام ، خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه ، وقد ذكر في أكثر كتب السِّيَر ، وإن صرفته إلى عبد اللّه بن عبّاس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد وفاته ، وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه من أهل أمير المؤمنين عليه السلام ، والكلام يُشعر بأنّ الرجل المخاطب من أهله وبني عمّه ، فأنا في هذا الموضع من المتوقّفين ! ۲