367
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

فَسَيَّرَهُم ـ وهُم تِسعَةُ نَفَرٍ ـ إلى مُعاوِيَةَ ، فيهِم : مالِكُ الأَشتَرُ وثابِتُ بنُ قَيسِ بنِ مُنقعٍ وكُمَيلُ بنُ زيادٍ النَّخَعِيُّ وصَعصَعَةُ بنُ صوحانَ . . . .
إنَّ مُعاوِيَةَ . . . قالَ فيما يَقولُ : وإنّي وَاللّهِ ما آمُرُكُم بِشَيءٍ إلّا قَد بَدَأتُ فيهِ بِنَفسي وأهلِ بَيتي وخاصَّتي ، وقَد عَرَفَت قُرَيشٌ أنَّ أبا سُفيانَ كانَ أكرَمَها وَابنَ أكرَمِها ، إلّا ما جَعَلَ اللّهُ لِنَبِيِّهِ نَبِيِّ الرَّحمَةِ صلى الله عليه و آله ، فَإِنَّ اللّهَ انتَخَبَهُ وأكرَمَهُ ، فَلَم يَخلقُ في أحَدٍ مِنَ الأَخلاقِ الصّالِحَةِ شَيئا إلّا أصفاهُ اللّهُ بِأَكرَمِها وأحسَنِها ، ولَم يَخلُق مِن الأَخلاقِ السَّيِّئَةِ شَيئا في أحَدٍ إلّا أكرَمَهُ اللّهُ عَنها وَنَزّهَهُ ، وإنّي لَأَظُنُّ أنَّ أبا سُفيانَ لَو وَلَدَ النّاسَ لَم يَلِد إلّا حازِما .
قالَ صَعصَعَةُ : كَذَبتَ ! قَد وَلَدَهُم خَيرٌ مِن أبي سُفيانَ ؛ مَن خَلَقَهُ اللّهُ بِيَدِهِ ونَفَخَ فيهِ مِن روحِهِ وأمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدوا لَهُ ، فَكانَ فيهِمُ البَرُّ وَالفاجِرُ وَالأَحمَقُ وَالكَيِّسُ .
فَخَرجَ تِلكَ اللَّيلَةَ مِن عِندِهِم ، ثُمَّ أتاهُمُ القابِلَةَ فَتَحَدَّثَ عِندَهُم طَويلاً ، ثُمَّ قالَ : أيَّهَا القَومُ ، رُدّوا عَلَيَّ خَيرا أوِ اسكُتوا وتَفَكَّروا وَانظُروا فيما يَنفَعُكُم ويَنفَعُ أهليكُم ويَنفَعُ عَشائِرَكُم ويَنفَعُ جَماعَةَ المُسلِمينَ ، فَاطلبُوهُ تَعيشوا ونَعِش بِكُم .
فَقالَ صَعصَعَةُ : لَستَ بِأَهلِ ذلِكَ ولا كَرامَةَ لَكَ أن تُطاعَ في مَعصِيَةِ اللّهِ .
فَقالَ : أ وَلَيسَ مَا ابتَدَأتُكُم بِهِ أن أمَرتُكُم بِتَقوَى اللّهِ وطاعَتِهِ وطَاعَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله . . . ولُزومِ الجَماعَةِ وكَراهَةِ الفُرقَةِ ، وأن تُوَقِّروا أئِمَّتَكُم وتَدُلّوهُم عَلى كُلِّ حَسَنٍ ما قَدَرتُم ، وتَعِظوهُم في لينٍ ولُطفٍ في شَيءٍ إن كان مِنهُم ؟
فَقالَ صَعصَعَةُ : فَإِنّا نأمُرُكَ أن تَعتَزِلَ عَمَلَكَ ، فَإنَّ فِي المُسلِمينَ مَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنكَ . قالَ : مَن هُوَ ؟ قالَ : مَن كانَ أبوهُ أحَسَنَ قِدَما مِن أبيكَ ، وهُوَ بِنَفسِهِ أحسَنُ قِدَما مِنكَ فِي الإِسلامِ ۱ .

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۲۳ وراجع تاريخ دمشق : ج۲۴ ص۹۲ وشرح نهج البلاغة : ج۲ ص۱۳۱ والبداية والنهاية : ج۷ ص۱۶۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
366

وأبوكَ فِي العيرِ وَالنَّفيرِ مِمَّن أجلَبَ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وإنَّما أنتَ طَليقٌ ابنُ طَليقٍ ، أطلَقَكُما رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَأَنّى تَصلُحُ الخلافَةُ لِطَليقٍ ؟ !
فَقالَ مُعاوِيَةُ : لَولا أ نّي أرجِعُ إلى قَولِ أبي طالِبٍ حَيثُ يَقولُ :

قابَلتُ جَهلَهُم حِلما ومَغفِرَةً
وَالعَفوُ عَن قُدرَةٍ ضَربٌ مِنَ الكَرَمِ

لَقَتَلتُكُم ۱ .

۶۵۵۹.ديوان المعاني عن محمّد بن عبّاد :تَكَلَّمَ صَعصَعَةُ عِندَ مُعاوِيَةَ بِكَلامٍ أحسَنَ فيهِ ، فَحَسَدَهُ عَمرُو بنِ العاصِ ، فَقالَ : هذا بِالتَّمرِ أبصَرُ مِنهُ بِالكَلامِ !
قالَ صَعصَعَةُ : أجَل ! أجوَدُهُ ما دَقَّ نَواهُ ورَقَّ سِحاؤُهُ ۲ وعَظُمَ لِحاؤُهُ ۳ ، وَالرّيحُ تَنفجُهُ ۴ ، وَالشَّمسُ تُنضِجُهُ ، وَالبَردُ يُدمِجُهُ ، ولكِنَّكَ يَابنَ العاصِ لا تَمرا تَصِفُ ولا الخَيرَ تَعرِفُ ، بَل تَحسُدُ فَتُقرِفُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ [ لِعَمرٍو ] : رَغما !
فَقالَ عَمرٌو : أضعافُ الرَّغمِ لَكَ ! وما بي إلّا بَعضُ ما بِكَ ۵ .

۶۵۶۰.تاريخ الطبري عن الشعبيـ في ذِكرِ قِيامِ الكوفِيّينَ عَلى سَعيدِ بنِ العاصِ ـ: فَكَتَبَ سَعيدٌ إلى عُثمانَ يُخبِرُهُ بِذلِكَ ويَقولُ : إنَّ رَهطا مِن أهلِ الكوفَةِ ـ سَمّاهُم لَهُ عَشرَةً ـ يُؤَلِّبونَ ويَجتَمِعونَ عَلى عَيبِكَ وعَيبي وَالطَّعنِ في دينِنا ، وقَد خَشيتُ إن ثَبَتَ أمرُهُم أن يَكثُروا ، فَكَتَبَ عُثمانُ إلى سَعيدٍ : أن سَيِّرهُم إلى مُعاوِيَةَ ـ ومُعاوِيَةُ يَومَئذٍ عَلَى الشّامِ ـ .

1.مروج الذهب : ج۳ ص ۵۰ .

2.أي : قِشرُه (لسان العرب : ج۱۴ ص۳۷۲) .

3.اللحاء : هو ما كسا النّواةَ (لسان العرب : ج۱۵ ص۲۴۲) .

4.نفجت الشيء : أي عظّمته (مجمع البحرين : ج۳ ص۱۸۰۸) .

5.ديوان المعاني : ج۲ ص ۴۱ ؛ قاموس الرجال : ج۵ ص۴۹۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 28017
صفحه از 532
پرینت  ارسال به