363
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

اللَّهُ» ۱ وكَثَرَتِ الجَلَبَةُ ۲ وَاللَّغطُ ، فَاتَّصَلَ ذلِكَ بِمُعاوِيَةَ فَوَجَّهَ مَن يَكشِفُ النّاسَ عَنهُ ، فَكَشَفوا ، ثُمَّ أذِنَ لَهُم فَدَخَلوا ، فَقالَ لَهُم : مَن هذَا الرَّجُلُ ؟
فَقالوا : رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ يُقالُ لَهُ : صَعصَعَةُ بنُ صوحانَ ، مَعَهُ كِتابٌ مِن عَلِيٍّ .
فَقالَ : وَاللّهِ لَقَد بَلَغَني أمرُه ، هذا أحَدُ سِهامِ عَلِيٍّ وخُطباءِ العَرَبِ ، ولَقَد كُنتُ إلى لِقائِهِ شَيِّقا ، ايذَن لَهُ يا غُلامُ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ .
فَقالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يَا بنَ أبي سُفيانَ ، هذا كِتابُ أميرِ المُؤمِنينَ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : أما إنَّهُ لَو كانَتِ الرُّسُلُ تُقتَلُ في جاهِلِيَّةٍ أو إسلامٍ لَقَتَلتُكَ ، ثُمَّ اعتَرَضَهُ مُعاويَةُ فِي الكَلامِ ، وأرادَ أن يَستَخرِجَهُ لِيَعرِفَ قَريحَتَهُ أطَبعا أم تَكَلُّفا ، فَقالَ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟
قالَ : مِن نَزارٍ .
قالَ : وما كانَ نَزارٌ ؟
قالَ : كانَ إذا غَزا نَكَسَ ، وإذا لَقِيَ افتَرسَ ، وإذَا انصَرَفَ احتَرَسَ .
قالَ : فَمِن أيِّ أولادِهِ أنتَ ؟
قالَ : مِن رَبيعَةَ .
قالَ : وما كانَ رَبيعَةُ ؟
قالَ : كانَ يُطيلُ النِّجادَ ، ويَعولُ العِبادَ ، ويَضرِبُ بِبِقاعِ الأَرضِ العِمادَ .
قالَ : فَمِن أيِّ أولادِهِ أنتَ ؟
قالَ : مِن جَديلَةَ .

1.غافر : ۲۸ .

2.الجَلَب : هو جمع جَلَبَة وهي الأصوات (النهاية : ج۱ ص۲۸۱) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
362

فَدَخَلوا فَسَلَّموا عَلَيهِ بِالخِلافَةِ ، فَقالَ لَهمُ : أنتُم وُجوهُ العَرَبِ عِندي ، ورُؤَساءُ أصحابي ، فَأشيروا عَلَيَّ في أمرِ هذَا الغُلامِ المُترَفِ ـ يَعني مُعاوِيَةَ ـ فَافتَنَّت ۱ بِهِمُ المَشورَةُ عَلَيهِ .
فَقالَ صَعصَعَةُ : إنَّ مُعاوِيَةَ أترَفَهُ الهَوى ، وحُبِّبَت إلَيهِ الدُّنيا ، فَهانَت عَلَيهِ مَصارِعُ الرِّجالِ ، وَابتاعَ آخِرَتَهُ بِدُنياهُم ، فَإِن تَعمَل فيهِ بِرَأيٍ تَرشُد وتُصِب ، إن شاءَ اللّهُ ، وَالتَّوفيقُ بِاللّهِ وبِرَسولِهِ وبِكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وَالرّأيُ أن تُرسِلَ لَهُ عَينا مِن عُيونِكَ وثِقَةً مِن ثِقاتِكَ ، بِكِتابٍ تَدعوهُ إلى بَيعَتِكَ ، فَإِن أجابَ وأنابَ كانَ لَهُ ما لَكَ وعَلَيهِ ما عَلَيكَ ، وإلّا جاهَدتَهُ وصَبَرتَ لِقَضاءِ اللّهِ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ .
فَقالَ عَلِيٌّ : عَزَمتُ عَلَيكَ يا صَعصَعَةُ إلّا كَتَبتَ الكِتابَ بِيَدَيكَ ، وتَوَجَّهتَ بِهِ إلى مُعاوِيَةَ ، وَاجعَل صَدرَ الكِتابِ تَحذيرا وتَخويفا ، وعَجزَهُ استِتابَةً وَاستِنابَةً ، وَليَكُن فاتِحَةَ الكِتابِ « بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ ، سَلامٌ عَلَيكَ ، أمّا بَعدُ . . . » ثُمَّ اكتُب ما أشَرتَ بِهِ عَلَيَّ ، وَاجعَل عُنوانَ الكِتابِ « ألا إلَى اللّهِ تَصيرُ الاُمورُ » .
قالَ : أعفِني مِن ذلِكَ .
قالَ : عَزَمتُ عَلَيكَ لَتَفعَلَنَّ .
قالَ : أفعَلُ ، فَخَرَجَ بِالكِتابِ وتَجَهَّزَ وسارَ حَتّى وَرَدَ دِمَشقَ ، فَأَتى بابَ مُعاوِيَةَ فَقالَ لِاذِنِهِ : اِستَأذِن لِرَسولِ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ـ وَبِالبابِ أزفَلَةٌ ۲ مِن بَني اُمَيَّةَ ـ فَأَخَذَتهُ الأَيدي وَالنِّعالُ لِقَولِهِ ، وهُوَ يَقولُ : «أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّىَ

1.افتَنّ الرجل في كلامه وخصومته : إذا توسّع وتصرّف وجاء بالأفانين (لسان العرب : ج۱۳ ص۳۲۶) .

2.الأزفلة : الجماعة (المحيط في اللغة : ج۹ ص۵۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 28110
صفحه از 532
پرینت  ارسال به