327
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

كَتَبتَ إلَيَّ في فاسِقٍ لا يُؤويهِ إلّا مِثلُهُ ، وشَرٌّ مِن ذلِكَ تَوَلّيهِ أباكَ وإيّاكَ ، وقَد عَلِمتُ أ نَّكَ قَد آوَيتَهُ إقامَةً مِنكَ عَلى سوءِ الرَّأيِ ، ورِضا مِنكَ بِذلِكَ ، وَايمُ اللّهِ لا تَسبِقُني بِهِ ولَو كانَ بَينَ جِلدِكَ ولَحمِكَ ، وإن نِلتُ بَعضَكَ ، غَيرَ رَفيقٍ بِكَ ولا مُرعٍ عَلَيكَ ، فَإنَّ أحَبَّ لَحمٍ إلَيَّ آكُلُهُ لَلَّحمِ الَّذي أنتَ مِنهُ ، فَأَسلِمهُ بِجَريرَتِهِ إلى مَن هُوَ أولى بِهِ مِنكَ ، فَإِن عَفَوتُ عَنهُ لَم أكُن شَفَّعتُكَ فيهِ ، وإن قَتَلتُهُ لَم أقتُلهُ إلّا بِحُبِّهِ إيّاكَ .
فَلَمّا قَرَأَ الحَسَنُ عليه السلام الكِتابَ تَبَسَّمَ ، وكَتَبَ إلى مُعاوِيَةَ يَذكُرُ لَهُ حالَ ابنِ سَرحٍ ، وكِتابَهُ إلى زِيادٍ فيهِ ، وإجابَةَ زِيادٍ إيّاهُ ، ولَفَّ كِتابَهُ في كِتابِهِ ، وبَعَثَ بِهِ إلى مُعاوِيَةَ .
وكَتَبَ الحَسَنُ إلى زِيادٍ : مِنَ الحَسَنِ بنِ فاطِمَةَ إلى زِيادِ بنِ سُمَيَّةَ : « الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ » .
فَلَمّا وَصَلَ كِتابُ الحَسَنِ إلى مُعاوِيَةَ ، وقَرَأَ مُعاوِيَةُ الكِتابَ ضاقَت بِهِ الشّامُ ، وكَتَبَ إلى زِيادٍ : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ بَعَثَ بِكِتابِكَ إلَيَّ جَوابَ كِتابِهِ إلَيكَ فِي ابنِ سَرحٍ ، فَأَكثَرتُ التَّعَجُّبَ مِنكَ ، وعَلِمتُ أنَّ لَكَ رَأيَينِ : أحَدَهُما مِن أبي سُفيانَ ، وَالآخَرَ مِن سُمَيَّةَ ، فَأَمَّا الَّذي مِن أبي سُفيانَ فَحِلمٌ وحَزمٌ ، وأمّا رَأيُكَ مِن سُمَيَّةَ فَما يَكونُ رَأيُ مِثلِها ؟ ومِن ذلِكَ كِتابُكَ إلَى الحَسَنِ تَشتِمُ أباهُ ، وتُعَرِّضُ لَهُ بِالفِسقِ ، ولَعَمري لَأَنتَ أولى بِالفسِقِ مِنَ الحَسَنِ ، ولَأَبوكَ إذ كُنتُ تُنسَبُ إلى عُبَيدٍ أولى بِالفِسقِ مِن أبيهِ .
وإنَّ الحَسَنَ بَدَأ بِنَفسِهِ ارتِفاعا عَلَيكَ ، وإنَّ ذلِكَ لَم يَضَعكَ ، وأمّا تَركُكَ تَشفيعَهُ فيما شَفَعَ فيهِ إليكَ فَحَظٌّ دَفَعتَهُ عَن نَفسِكَ إلى مَن هُوَ أولى بِهِ مِنكَ .
فَإِذا قَدِمَ عَلَيكَ كِتابي فَخَلِّ ما في يَدَيكَ لِسَعيدِ بنِ سَرحٍ ، وابنِ لَهُ دارَهُ ، ولا تَعرِض لَهُ ، وَاردُد عَلَيهِ مالَهُ ، فَقَد كَتَبتُ إلَى الحَسَنِ أن يُخبِرَ صاحِبَهُ إن شاءَ أقامَ عِندَهُ ، وإن شاءَ رَجَعَ إلى بَلَدِهِ ، لَيسَ لَكَ عَلَيهِ سُلطانٌ بِيَدٍ ولا لِسانٍ ، وأمّا كِتابُكَ إلَى


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
326

عَلى ما كانَ مِن طولِ ثَديَيها ونَتنِ رُفغِها ۱ ، فَأَتَيتُهُ بِها ، فَوَقَعَ عَلَيها ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيَّ فَقالَ لي : يا أبا مَريَمَ ، لَاستَلَّت ماءَ ظَهرِي استِلالاً تثيبُ ابنَ الحَبلِ ۲ في عَينِها .
فَقالَ لَهُ زِيادٌ : إنَّما أتَينا بِكَ شاهِدا ، ولَم نَأتِ بِكَ شاتِما ! قالَ : أقولُ الحَقَّ عَلى ما كانَ .
فَأَنفَذَ مُعاوِيَةُ . . . ۳ قالَ : ما قَد بَلَغَكُم وشَهِدَ بِما سَمِعتُم ، فَإِن كانَ ما قالوا حَقّا ، فَالحَمدُ للّهِِ الَّذي حَفِظَ مِنّي ما ضَيَّعَ النّاسُ ، ورَفَعَ مِنّي ما وَضَعوا ، وإن كانَ باطِلاً ، فَمُعاوِيَةُ وَالشُّهودُ أعلَمُ ، وما كانَ عُبيَدٌ إلّا والِدا مَبرورا مَشكورا ۴ .

۶۵۱۳.تاريخ دمشق عن هشام بن محمّد عن أبيه :كانَ سَعيدُ بنُ سَرحٍ مَولى حَبيبِ بنِ عَبدِ شَمسٍ شيعَةً لِعَلِيّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَلَمّا قَدِمَ زِيادٌ الكوفَةَ والِيا عَلَيها أخافَهُ ، وطَلَبَهُ زِيادٌ ، فَأَتَى الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ ، فَوَثَبَ زِيادٌ عَلى أخيهِ ووَلَدِهِ وَامرَأَتِهِ فَحَبَسَهُم ، وأخَذَ مالَهُ ، وهَدَمَ دارَهُ .
فَكَتَبَ الحَسَنُ إلى زِيادٍ : مِنَ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ إلى زِيادٍ ، أمّا بَعدُ ، فَإنَّكَ عَمَدتَ إلى رَجُلٍ مِنَ المُسلِمينَ لَهُ ما لَهُم وعَلَيهِ ما عَلَيهِم ، فَهَدَّمتَ دارَهُ ، وأخَذتَ مالَهُ وعِيالَهُ فَحَبَستَهُم ، فَإِذا أتاكَ كِتابي هذا فَابنِ لَهُ دارَهُ ، وَاردُد عَلَيهِ عِيالَهُ ومالَهُ ، فَإِنّي قَد أجرَتُهُ ، فَشَفِّعني فيهِ .
فَكَتَبَ إلَيهِ زِيادٌ : مِن زِيادِ بنِ أبي سُفيانَ إلَى الحَسَنِ بنِ فاطِمَةَ ، أمّا بَعدُ ، فَقدَ أتاني كِتابُكَ تَبدَأ فيهِ بِنَفسِكَ قَبلي ، وأنتَ طالِبُ حاجَةٍ ، وأنَا سُلطانٌ وأنتَ سوقَةٌ ،

1.الرُّفْغ بالضم والفتح : واحدُ الأرفاغ ، وهي اُصولُ المَغابن كالآباط والحَوالب ، وغيرها من مَطاوي الأعضاء ، وما يَجتمع فيه من الوَسَخ والعَرَق (النهاية : ج۲ ص۲۴۴) .

2.قوله : « تثيب ابن الحبل » هكذا في الأصل ( هامش المصدر ) .

3.بياض في المصدر .

4.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۱۸ وراجع الفخري : ص۱۰۹ وأنساب الأشراف : ج۵ ص۱۹۹ ـ ۲۰۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 28020
صفحه از 532
پرینت  ارسال به