القَومَ خافوكَ عَلى دُنياهُم ، وخِفتَهُم عَلى دينِكَ ، فَأَرحَلوكَ عَنِ الفَناءِ وَامتَحَنوكَ بِالبَلاءِ . ووَاللّهِ لَو كانَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ عَلى عَبدٍ رَتقا ، ثُمَّ اتَّقَى اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ؛ جَعَلَ لَهُ مِنها مَخرَجا ، فَلا يُؤنِسكَ إلّا الحَقُّ ، ولا يوحِشكَ إلَا الباطِلُ ۱ .
۶۳۹۷.الإمام الصادق عليه السلام :لَمّا شَيَّعَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام أبا ذَرٍّ ، وشَيَّعَهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام ، وعَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ ، وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ ، وعَمّارُ بنُ ياسِرٍ عَلَيهِم سَلامُ اللّهِ ، قالَ لَهُم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : وَدِّعوا أخاكُم ؛ فَإنِّهُ لابُدَّ لِلشّاخِصِ مِن أن يَمضِيَ ، ولِلمُشَيِّعِ مِن أن يَرجِعَ .
قالَ : فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم عَلى حِيالِهِ ، فَقالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : رَحِمَكَ اللّهُ يا أبا ذَرٍّ ! إنَّ القَومَ إنَّمَا امتَهَنوكَ بِالبَلاءِ ؛ لِأَنَّكَ مَنَعتَهُم دينَكَ ، فَمَنَعوكَ دُنياهُم ، فَما أحوَجَكَ غَدا إلى ما مَنَعتَهُم ، وأغناك عَمّا مَنَعوكَ .
فَقالَ أبو ذَرٍّ : رَحِمَكُمُ اللّهُ مِن أهلِ بَيتٍ ! فَما لي فِي الدُّنيا مِن شَجَنٍ ۲ غَيرُكُم ، إنّي إذا ذَكَرتُكُم ذَكَرتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۳ .
۶۳۹۸.الأمالي للمفيد عن أبي جهضم الأزدي عن أبيهـ بَعدَ مُعامَلَةِ عُثمانَ السَّيِّئَةِ مَعَ أبي ذَرٍّ ـ: بَلَغَ ذلِكَ أميرَ المُؤمِنينَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام فَبَكى حَتّى بَلَّ لِحيَتَهُ بِدُموعِهِ ، ثُمَّ قالَ : أ هكَذا يُصنَعُ بِصاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ ! إنّا للّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ .
ثُمَّ نَهَضَ وَمَعَهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام ، وعَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ وَالفَضلُ وقُثَمُ وعُبيدُ اللّهِ ، حَتّى لَحِقوا أبا ذَرٍّ ، فَشَيَّعوهُ ، فَلَمّا بَصُرَ بِهِم أبو ذَرٍّ حَنَّ إلَيهِم ، وبَكى