179
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

۷ / ۳ ـ ۴

خُطبَةُ الإِمامِ لَمّا بلَغَهُ خَبَرُ سَبِّهِ

۶۳۳۲.الإمام الباقر عليه السلام :خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ بِالكوفَةِ بَعدَ مُنصَرَفِهِ مِنَ النَّهرَوانِ وبَلَغَهُ أنَّ مُعاوِيَةَ يَسُبُّهُ ويَلعَنُهُ ويَقتُلُ أصحابَهُ ، فَقامَ خَطيبا ، فَحَمِدَ اللّهَ ، وأثنى عَلَيهِ ، وصَلّى عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وذَكَرَ ما أنعَمَ اللّهُ عَلى نَبِيِّهِ وعَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : لَولا آيَةٌ في كِتابِ اللّهِ ما ذَكَرتُ ما أنَا ذاكِرُهُ في مَقامي هذَا ، يَقولُ اللّهُ عَزَّوجَلَّ : «وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» ۱ .
اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ عَلى نِعَمِكَ الَّتي لا تُحصى ، وفَضلِكَ الَّذي لا يُنسى . يا أيُّهُا النّاسُ ! إنَّهُ بَلَغَني ما بَلَغَني ، وإنّي أراني قَدِ اقتَرَبَ أجَلي ، وكَأَنّي بِكُم وقَد جَهِلتُم أمري ، وإنّي تارِكٌ فيكُم ما تَرَكَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي ؛ وهِيَ عِترَةُ الهادي إلَى النَّجاةِ ، خاتَمِ الأَنبِياءِ ، وسَيِّدِ النُّجَباءِ ، وَالنَّبِيِّ المُصطَفى . . . .
بِبُغضي يُعرَفُ المُنافِقونَ ، وبِمَحَبَّتي امتَحَنَ اللّهُ المُؤمِنين ، هذَا عَهدُ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ إلَيَّ أنَّهُ لا يُحِبُّكَ إلّا مُؤمِنٌ ، ولا يُبغِضُكَ إلّا مُنافِقٌ . وأنَا صاحِبُ لِواءِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، ورَسولُ اللّهِ فَرَطي ۲ ، وأنَا فَرَطُ شيعَتي . وَاللّهِ لا عَطِشَ مُحِبّي ، ولا خافَ وَلِيّي ، وأنَا وَلِيُّ المُؤمِنينَ ، وَاللّهُ وَلِيّي ، حَسبُ مُحِبِّيَّ أن يُحِبّوا ما أحَبَّ اللّهُ ، وحَسبُ مُبغِضِيَّ أن يُبغِضوا ما أحَبَّ اللّهُ .
ألا وإنَّهُ بَلَغَني أنَّ مُعاوِيَةَ سَبَّني ولَعَنَني ، اللّهُمَّ اشدُد وَطأَتَكَ عَلَيهِ ، وأنزِلِ اللَّعنَةَ عَلَى المُستَحِقِّ ، آمينَ يا رَبَّ العالَمينَ ، رَبَّ إسماعِيلَ ، وباعِثَ إبراهيمَ ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ .
ثُمَّ نَزَلَ عليه السلام عَن أعوادِهِ ، فَما عادَ إلَيها حَتّى قَتَلَهُ ابنُ مُلجَمٍ ـ لَعَنَهُ اللّهُ ـ ۳ .

1.الضحى : ۱۱ .

2.فَرَطَ : تقدّم وسبق القوم (النهاية : ج۳ ص۴۳۴) .

3.معاني الأخبار : ص۵۸ ح۹ ، بشارة المصطفى : ص۱۲ كلاهما عن جابر الجعفي .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
178

حَتّى تمرَّن عليه الصغير ، وهرم الشيخ الكبير ، ولعلّ في أوليات الأمر كان يوجد هناك من يمتنع عن القيام بتلك السبّة المخزية ، وكان يسَع لبعض النفوس الشريفة أن يتخلّف عنها ، غير أنّ شدّة معاوية ـ الحليم في إجراء اُحدوثته ـ وسطوة عمّاله ـ الخصماء الألدّاء على أهل بيت الوحي ، وتهالكهم دون تدعيم تلك الإمرة الغاشمة ، وتنفيذ تلك البدعة الملعونة ـ حكمت في البلاء ، حَتّى عمّت البلوى ، وخضعت إليها الرقاب ، وغلّلتها أيدي الجور تحت نِير ۱ الذلّ والهوان .
فكانت العادة مستمرّة منذ شهادة أمير المؤمنين عليه السلام إلى نهي عمر بن عبد العزيز ، طيلة أربعين سنة ۲ ، على صهوات المنابر ، وفي الحواضر الإسلاميّة كلّها ؛ من الشام إلَى الري إلَى الكوفة إلَى البصرة إلى عاصمة الإسلام المدينة المشرّفة إلى حرم أمن اللّه مكّة المعظّمة إلى شرق العالم الإسلامي وغربه ، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء . . . .
واتّخذوا ذلِكَ كعقيدة راسخة ، أو فريضة ثابتة ، أو سنّة متّبعة ، يرغب فيها بكلّ شوق وتوق ۳ حَتّى أنّ عمر بن عبد العزيز لمّا منع عنها ـ لحكمة عمليّة ـ أو لسياسة وقتيّة ـ حسبوه كأنّه جاء بطامّةٍ كبرى ، أو اقترف إثما عظيما ۴ .

راجع : كتاب «الغدير» : ج ۱۰ ص ۲۵۷ ـ ۲۷۱ .

1.النِّير : الخشبة الَّتي تكون على عنق الثور بأداتها (لسان العرب : ج۵ ص۲۴۷) .

2.كذا في المصدر ، والصحيح : «ستّين سنة» ؛ لأنّ خلافة عمر بن عبد العزيز كانت سنة ۹۹ ه .

3.التوق : هو الشوق إلى الشيء والنزوع إليه (لسان العرب : ج۱۰ ص۳۳) .

4.الغدير : ج۱۰ ص۲۶۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27632
صفحه از 532
پرینت  ارسال به