۵۲
ضِرارُ بنُ ضَمرَةٍ الضِّبابِيّ
۶۵۶۶.خصائص الأئمّة عليهم السلام :ذَكَروا أنَّ ضِرارَ بنَ ضَمرَةٍ الضِّبابِيِّ دَخَلَ عَلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ وهُوَ بِالمَوسِمِ فَقالَ لَهُ : صِف عَلِيّا .
قالَ : أ وَتَعفِني ؟
قال : لا بُدَّ أن تَصِفَهُ لي .
قالَ : كان ـ وَاللّهِ ـ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، طَويلَ المَدى ، شَديدَ القُوى ، كثيرَ الفِكرَةِ ، غَزيرَ العَبرَةِ ، يَقولُ فَصلاً ، ويَحكُمُ عَدلاً ، يَتَفَجَّرُ العِلمُ مِن جَوانِبِه ، وتَنطِقُ الحِكمَةُ مِن نَواحيهِ ، يَستَوحِشُ مِنَ الدُّنيا وزَهرَتِها ، ويَأنَسُ بِاللَّيلِ ووَحشَتِهِ ، وكانَ فينا كَأَحَدِنا يُجيبُنا إذا دَعَوناهُ ، ويُعطينا إذا سَأَلناهُ ، ونَحنُ ـ وَاللّهِ ـ مَعَ قُربِهِ لا نُكَلِّمُهُ لِهَيبَتِهِ ، ولا نَدنو مِنهُ تَعظيما لَهُ ، فَإِن تَبَسَّمَ فَعَن غَيرِ أشَرٍ ۱ ولَا اختِيالٍ ، وإن نَطَقَ فَعَنِ الحِكمَةِ وفَصلِ الخِطابِ ، يُعَظِّمُ أهلَ الدّينِ ، ويُحِبُّ المَساكينَ ، ولا يُطمِعُ الغَنِيَّ في باطِلِهِ ، ولا يوئِسُ الضَّعيفَ مِن حَقِّهِ ، فَأَشهَدُ لَقَد رَأَيتُهُ في بَعضِ مَواقِفِهِ وقَد أرخَى اللَّيلُ سُدولَهُ وهُوَ قائِمٌ في مِحرابِهِ ، قابِضٌ عَلى لِحيَتِهِ ، يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّليمِ ، ويَبكي بُكاءَ الحَزينِ ، ويَقولُ :
يا دُنيا يا دُنيا ، إلَيكِ عَنّي ، أ بي تَعَرَّضتِ أم لي تَشَوَّقتِ ؟ لا حانَ حينُكِ ، هيهاتَ ! غُرّي غَيري ، لا حاجَةَ لي فيكِ ، قَد طَلَّقتُكِ ثَلاثا لا رَجعَةَ فيها ، فَعَيشُكِ قَصيرٌ ، وخَطَرُكِ يَسيرٌ ، وأمَلُكِ حَقيرٌ ، آه مِن قِلَّةِ الزّادِ ، وطولِ المَجازِ ، وبُعدِ السَّفَرِ ، وعَظيمِ المَورِدِ !
قالَ : فَوَكَفَت ۲ دُموعُ مُعاوِيَةَ ما يَملِكُها ، ويَقولُ : هكَذا كانَ عَلِيُّ عليه السلام ، فَكَيفَ