365
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع

اُمَيَّةَ فَقالَ : هكَذا فَلتَكُنِ الرِّجالُ ۱ .

۶۵۵۸.مروج الذهب عن الحارث بن مسمار البهراني :حَبَسَ مُعاوِيَةُ صَعصَعَةَ بنُ صوحانَ العَبدِيَّ وعَبدَ اللّهِ بنَ الكَوّاءِ اليَشكُرِيَّ ورِجالاً مِن أصحابِ عَلِيٍّ مَعَ رِجالٍ مِن قُرَيشٍ ، فَدَخَلَ عَلَيهِم مُعاوِيَةُ يوما فَقالَ : نَشَدتُكُم بِاللّهِ إلّا ما قُلتُم حَقّا وصِدقا ، أيُّ الخُلفَاءِ رَأَيتُموني ؟
فَقالَ ابنُ الكَوّاءِ : لَولا أ نَّكَ عَزَمتَ عَلَينا ما قُلنا لِأَ نَّك جَبّارٌ عَنيدٌ ، لا تُراقِبُ اللّهَ في قَتلِ الأَخيارِ ، ولكِنّا نَقولُ : إنَّكَ ما عَلِمنا واسِعُ الدُّنيا ، ضَيِّقُ الآخِرَةِ ، قَريبُ الثَّرى ، بَعيدُ المَرعى ، تَجعَلُ الظُّلماتِ نورا ، وَالنّورَ ظُلُماتٍ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : إنَّ اللّهَ أكرَمَ هذَا الأَمرَ بِأَهلِ الشّامِ الذّابّينَ عَن بَيضَتِهِ ، التّارِكينَ لِمَحارِمِهِ ، ولَم يَكونوا كَأَمثالِ أهلِ العِراقِ المُنتَهِكينَ لِمَحارِمِ اللّهِ ، وَالمُحِلّين ما حَرَّمَ اللّهُ ، وَالمُحَرِّمينَ ما أحَلَّ اللّهُ .
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الكَوّاءِ : يَا بنَ أبي سُفيانَ ، إنَّ لِكُلِّ كَلامٍ جَوابا ، ونَحنُ نَخافُ جَبَروتَكَ ، فَإِن كُنتَ تُطلِقُ ألسِنَةً ذَبَبنا عَن أهلِ العِراقِ بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ لا تَأخُذُها فِي اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ ، وإلّا فَإِنّا صابِرونَ حَتّى يَحكُمَ اللّهُ ويَضَعَنا عَلى فَرجَةٍ ۲ .
قالَ : وَاللّهِ لا يُطلَقُ لَكَ لِسانٌ .
ثُمَّ تَكَلَّمَ صَعصَعَةُ فَقالَ : تَكَلَّمتَ يَا بنَ أبي سُفيانَ فَأَبلَغتَ ، ولَم تُقصِر عَمّا أرَدتَ ، ولَيسَ الأَمرُ عَلى ما ذَكَرتَ ، أ نّى يَكونُ الخَليفَةُ مَن مَلَكَ النّاسَ قَهرا ، ودانَهُم كِبرا ، وَاستَولى بِأَسبابِ الباطِلِ كَذِبا ومَكرا ؟ ! أما وَاللّهِ ، ما لَكَ في يَومِ بَدرٍ مَضرَبٌ ولا مَرمى ، وما كُنتَ فيهِ إلّا كَما قالَ القائِلُ : « لا حُلِّي ولا سيري » ۳ ولَقَد كُنتَ أنتَ

1.مروج الذهب : ج۳ ص۴۷ .

2.الفَرجَة : وهي الخلوص من شدّة (مجمع البحرين : ج۳ ص۱۳۷۳) .

3.يقال للرجل إذا لم يكن عنده غَناء (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۶۳) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
364

قالَ : وما كانَ جَديلَةُ ؟
قالَ : كانَ فِي الحَربِ سَيفا قاطِعا ، وفِي المَكرُماتِ غَيثا نافِعا ، وفِي اللِّقاءِ لَهَبا ساطِعا .
قالَ : فَمِن أيِّ أولادِهِ أنتَ ؟
قالَ : مِن عَبدِ القَيسِ .
قالَ : وما كانَ عَبدُ القَيسِ ؟
قالَ : كانَ خَصيبا خِضرِما أبيَضَ ، وَهّابا لِضَيفِهِ ما يَجِدُ ، ولا يَسأَلُ عَمّا فَقَدَ ، كَثيرُ المَرَقِ ، طَيِّبُ العِرقِ ، يَقومُ للِنّاس مَقامَ الغَيثِ مِنَ السَّماءِ .
قالَ : وَيحَكَ يَا بنَ صوحانَ ! فَما تَرَكتَ لِهذَا الحَيِّ مِن قُرَيشٍ مَجدا ولا فَخرا .
قالَ : بَلى وَاللّهِ يَا بنَ أبي سُفيانَ ، تَرَكتُ لَهُم ما لا يَصلُحُ إلّا بِهِم ، ولَهُم تَرَكتُ الأَبيَضَ وَالأَحمَرَ ، وَالأَصفَرَ وَالأَشقَرَ ، وَالسَّريرَ وَالمِنبَرَ ، وَالمُلكَ إلَى المَحشَرِ ، وأ نّى لا يَكونُ ذلِكَ كَذلِكَ وهُم مَنارُ اللّهِ فِي الأَرضِ ، ونُجومُهُ فِي السَّماءِ ؟ !
فَفَرِحَ مُعاوِيَةُ وظَنَّ أنَّ كَلامَهُ يَشتَمِلُ عَلى قُرَيشٍ كُلِّها ، فَقالَ : صَدَقتَ يَا بنَ صوحانُ ، إنَّ ذلِكَ لَكَذلِكَ .
فَعَرَفَ صَعصَعَةُ ما أرادَ ، فَقالَ : لَيسَ لَكَ ولا لِقَومِكَ في ذلِكَ إصدارٌ ولا إيرادٌ ، بَعُدتُم عَن اُنُفِ المَرعى ، وعَلَوتُم عَن عَذبِ الماءِ .
قالَ : فَلِمَ ذلِكَ ويلَكَ يابنَ صوحانَ ؟ !
قالَ : الوَيلُ لِأَهلِ النّارِ ! ذلِكَ لِبَني هاشِمٍ .
قال : قم ، فأخرَجُوه .
فَقالَ صَعصَعَةُ : الصِّدقُ يُنبِئُ عَنكَ لا الوَعيدُ ، مَن أرادَ المُشاجَرَةَ قَبلَ المُحاوَرَةِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : لِشَيءٍ ما سَوَّدَهُ قَومُهُ ، وَدِدتُ وَاللّهِ أنّي مِن صُلبِهِ ، ثُمَّ التَفَتَ إلى بَني

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 28095
صفحه از 532
پرینت  ارسال به