الفَصْلُ التَّاسِعُ : علي عن لسان الأعيان
۹ / ۱
ابنُ أبِي الحَديدِ ۱
۳۹۴۵.شرح نهج البلاغة :إنَّهُ عليه السلام كانَ أولى بِالأَمرِ وأحَقَّ ، لا عَلى وَجهِ النَّصِّ بَل عَلى وَجهِ الأَفضَلِيَّةِ ؛ فَإِنَّهُ أفضَلُ البَشَرِ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأحَقُّ بِالخِلافَةِ مِن جَميعِ المُسلِمينَ . ۲
۳۹۴۶.شرح نهج البلاغة :ما أقولُ في رَجُلٍ أقَرَّ لَهُ أعداؤُهُ وخُصومُهُ بِالفَضلِ ، ولَم يُمكِنهُم جَحدُ مَناقِبِهِ ، ولا كِتمانُ فَضائِلِهِ ، فَقَد عَلِمتَ أنَّهُ استَولى بَنو اُمَيَّةَ عَلى سُلطانِ الإِسلامِ في شَرقِ الأَرضِ وغَربِها ، وَاجتَهَدوا بِكُلِّ حيلَةٍ في إطفاءِ نورِهِ وَالتَّحريضِ عَلَيهِ ، ووَضعِ المَعايِبِ وَالمَثالِبِ لَهُ ، ولَعَنوهُ عَلى جَميعِ المَنابِرِ ، وتَوَعَّدوا مادِحيهِ ، بَل حَبَسوهُم وقَتَلوهُم ، ومَنَعوا مِن رِوايَةِ حَديثٍ يَتَضَمَّنُ لَهُ فَضيلَةً ، أو يَرفَعُ لَهُ ذِكرا ، حَتّى حَظَروا أن يُسَمّى أحَدٌ بِاسمِهِ ، فَما زادَهُ ذلِكَ إلّا رِفعَةً وسُمُوّا ، وكانَ كَالمِسكِ كُلَّما سُتِرَ انتَشَرَ عَرفُهُ ، وكُلَّما كُتِمَ تَضَوَّعَ نَشرُهُ ، وكَالشَّمسِ لا تُستَرُ بِالرّاحِ ، وكَضَوءِ النَّهارِ إن حُجِبَت عَنهُ عَينٌ واحِدَةٌ أدرَكَتهُ عُيونٌ كَثيرَةٌ .
وما أقولُ في رَجُلٍ تُعزى إلَيهِ كُلُّ فَضيلَةٍ ، وتَنتَهي إلَيهِ كُلُّ فِرقَةٍ ، وتَتَجاذَبُهُ كُلُّ طائِفَةٍ ، فَهُوَ رَئيسُ الفَضائِلِ ويَنبوعُها ، وأبو عُذرِها ، وسابِقُ مِضمارِها ، ومُجَلّي حَلبَتِها ، كُلُّ مَن بَزَغَ فيها بَعدَهُ فَمِنهُ أخَذَ ، ولَهُ اقتَفى ، وعَلى مِثالِهِ احتَذى . ۳
1.هو عزّ الدين أبو حامد ابن هبة اللّه بن محمّد بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني : أحد جهابذة العلماء وأثبات المؤرّخين ، ممّن نجم في العصر العبّاسي الثاني ، أزهى العصور الإسلاميّة إنتاجا وتأليفا . وكان فقيها اُصوليّا ، وله في ذلك مصنّفات معروفة مشهورة ، وكان متكلّما جدليّا نظّارا ، اصطنع مذهب الاعتزال ، وعلى أساسه جادل وناظر ، وحاجّ وناقش ، وله مع الأشعري والغزالي والرازي كتب ومواقف . وكان أديبا متضلّعا في فنون الأدب ، متقنا لعلوم اللسان . وكان شاعرا عذب المورد ، مشرق المعنى ، كما كان كاتبا بديع الإنشاء ، حسن الترسّل ، ناصع البيان ، وله مصنّفات كثيرة . ولد بالمدائن ونشأ بها وتلقّى عن شيوخها ، ودرس المذاهب الكلاميّة فيها ، ثمّ مال إلى مذهب الاعتزال ، وتوفّي سنة ۶۵۶ أو ۶۵۵ ق (راجع شرح نهج البلاغة : المقدّمة ص۱۳ ، سير أعلام النبلاء : ج۲۳ ص۳۷۲ الرقم۲۶۵) .
2.شرح نهج البلاغة : ج ۱ ص ۱۴۰ .
3.شرح نهج البلاغة : ج ۱ ص ۱۶ .