289
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

أهلَها عَلى تَمامِ مَرافِقِها ، ثُمَّ لَم يَدَع جُرُزِ ۱ الأَرضِ الَّتي تَقصُرُ مِياهُ العُيونِ عَن رَوابيها ، ولا تَجِدُ جَداوِلُ الأَنهارِ ذَريعَةً إلى بُلوغِها ، حَتّى أنشَأَ لَها ناشِئَةَ سَحابٍ تُحيي مَواتَها وتَستَخرِجُ نَباتَها . ألَّفَ غَمامَها بَعدَ افتِراقِ لُمَعِهِ وتَبايُنِ قَزَعِهِ ، حَتّى إذا تَمَخَّضَت لُجَّةُ المُزنِ فيهِ ، وَالتَمَعَ بَرقُهُ في كُفَفِهِ ۲ ، ولَم يَنَم وَميضُهُ في كَنَهوَرِ رَبابِهِ ومُتَراكِمِ سَحابِهِ ، أرسَلَهُ سَحّاً مُتَدارِكاً ، قَد أسَفَّ هَيدَبُهُ ، تَمريهِ الجَنوبُ دِرَرَ أهاضيبِهِ ودَفَعَ شَآبيبِهِ ، فَلَمّا ألقَتِ السَّحابُ بَركَ بِوانَيها ، وبَعاعَ مَا استَقَلَّت بِهِ مِنَ العِب ءِ المَحمولِ عَلَيها أخرَجَ بِهِ مِن هَوامِدِ الأَرضِ النَّباتَ ، ومِن زُعرِ الجِبالِ الأَعشابَ ، فَهِيَ تَبهَجُ بِزينَةِ رِياضِها ، وتَزدَهي بِما اُلبِسَتهُ مِن رَيطِ أزاهيرِها ، وحِليَةِ ما سُمِطَت بِهِ مِن ناضِرِ أنوارِها ، وجَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلأَنامِ ورِزقاً لِلأَنعامِ ، وخَرَقَ الفِجاجَ في آفاقِها وأقامَ المَنارَ لِلسّالِكينَ عَلى جَوادِّ طُرُقِها ۳ .

۹ / ۳

الجِبالُ مَخازِنُ مِياهِ الأَنهارِ ۴

۵۶۷۳.الإمام عليّ عليه السلام :فَلَمّا سَكَنَ هَيجُ الماءِ مِن تَحتِ أكنافِها ، وحَملِ شَواهِقِ الجِبالِ الشُّمَّخِ البُذَّخِ عَلى أكتافِها ، فَجَّرَ يَنابيعَ العُيونِ مِن عَرانينِ اُنوفِها ، وفَرَّقَها في سُهوبِ بيدِها

1.الجرز : الأرض التي لا نبات بها ولا ماء (النهاية : ج۱ ص۲۶۰) .

2.كُفَّة كلِّ شيء بالضم : طُرّته وحاشيَتُه (النهاية : ج۴ ص۱۹۱) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۱۱۲ ح۹۰ .

4.عندما تسقط الأمطار على الجبال ترتوي تربتها فتنمو فيها الأشجار والزروع ، وتزدهر حياة الإنسان والحيوان . أمّا المياه الفائضة فتمتصّها الجبال لتخزنها في جيوب كبيرة نقيّة باردة . حتى إذا جاء الصيف وقلّت مياه الأنهار ، تفجّرت تلك المياه من الينابيع معيناً عذباً سلسبيلاً ، وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة العلميّة ، التي تفيد أنّ الجبال مخازن مياه الينابيع ، والأنهار ، كما أشار إليها الإمام عليّ عليه السلام في عدّة مواضع (تصنيف نهج البلاغة : ص۷۸۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
288

أنصابِها ، فَأَشهَقَ قِلالَها ، وأطالَ أنشازَها ، وجَعَلَها لِلأَرضِ عِماداً ، وأرَّزَها فيها أوتاداً ، فَسَكَنَت عَلى حَرَكَتِها مِن أن تَميدَ بِأَهلِها أو تَسيخَ بِحِملِها أو تَزولَ عَن مَواضِعِها ۱ .

۵۶۷۱.عنه عليه السلام :فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ ، ونَشَرَ الرِّياحَ بِرَحمَتِهِ ، ووَتَّدَ بِالصُّخورِ مَيَدانَ أرضِهِ ۲۳ .

۹ / ۲

تَسييرُ سَحبِ الأَمطارِ إلى أعالِي الجِبالِ ۴

۵۶۷۲.الإمام عليّ عليه السلام :وفَسَحَ بَينَ الجَوِّ وبَينَها ، وأعَدَّ الهَواءَ مُتَنَسَّماً لِساكِنِها ، وأخرَجَ إلَيها

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۱۱ ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۳۸ ح۱۵ .

2.يؤكّد الإمام عليه السلام على أنّ اللّه سبحانه حين خلق الجبال في الأرض ، جعل لكلّ جبل منها جذرا في الأرض هو الوتد ، ولهذا الوتد وظيفتان : الاُولى : أنّه يحفظ الجبل من التهافت والانزلاق ، كما حدث لجبل السلط قرب عمان ، الذي انزلق من مكانه وسار ، والثانية : أنّ الوتد المغروس في أديم الأرض يمسك طبقات الأرض نفسها ، بعضها ببعض ، فيمنعها من الاضطراب والمَيَدان ، تماما كما نفعل عندما نمسك الصفائح المعدنيّة ببعضها عن طريق غرس مسامير قويّة فيها . هذه وظيفة الجبال بالنسبة لاستقرار الأرض ، أمّا وظيفتها بالنسبة لاستقرار حياة الإنسان فوجود الجبال على الأرض يحافظ على التربة والصخور الموجودة على سطح الأرض من الزوال والانتقال ، ويحفظها من تأثير الرياح العاصفة بها ، فيتسنّى بذلك إقامة حياة إنسانيّة رتيبة في الجبال والسهول والوديان ولو كان سطح الأرض مستويا بدون جبال لكان عرضة للتغيّر (تصنيف نهج البلاغة : ص۷۸۳) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۷۳ ح۱۱۳ ، بحار الأنوار : ج۷۷ ص۳۰۰ ح۷ و ج۴ ص۲۴۷ ح۵ .

4.يبيّن الإمام عليّ عليه السلام في الخطبة ۹۱ نعمة من نِعَم اللّه على عباده ، تتّصل بتحريك الجوّ وما فيه من هواء ورياح وغيوم . ففي تقدير اللّه تعالى أ نّه أجرى في السهول أنهارا ليشرب منها الناس والدوابّ والنبات ، أمّا المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة ، بل سيّر لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح التي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل ، فإذا تبخّر ماء البحر علا في الجوّ لخفّته ، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه ، فتحدث بذلك دورة للرياح ، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلى أعالي الجبال ، فإذا وصلت إلى هنالك فوجئت ببرودة جوّ الجبال ، فتكاثفت وانعقدت أمطارا ، تجري على رؤوس الجبال ، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام(تصنيف نهج البلاغة : ص۷۸۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24454
صفحه از 496
پرینت  ارسال به