وهذان الرأيان كلاهما غير صائب ، ويبالغان في نفي أشعار الإمام .
وبيّن البعض عند نقدهم لرأي المازني بأنّ هناك أبيات مرويّة عن الإمام عليّ عليه السلام لا يمكن تجاهلها بهذه البساطة . ومع أنّ العلاّمة المجلسي يذهب إلى القول بأنّ الحكم على نسبة جميع ما نُسب إلى الإمام عليّ عليه السلام في الديوان المشهور ، موضع تأمّل إلّا أنّه يُقِرّ بأنّ نسبة الديوان إليه أمر مشهور ۱ .
وعلى كلّ حال هناك علائم عريقة في القدم تحمل دلالات على جمع وتدوين شعر الإمام عليّ عليه السلام ؛ فقد كتب النجاشي ضمن إحصائه لآثار أبي أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي الأزدي البصري (م ۳۳۲ ه ) ، ما يلي : وله كتب منها . . . شعره عليه السلام ۲ .
«إنّ أشهر وأقدم الكتب الموجودة من أشعار أمير المؤمنين عليه السلام هو كتاب (أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول) الذي أعدّه قطب الدين محمّد البيهقي الكيدري على أساس مصدرين تولّيا قبل ذلك مهمّة جمع وتدوين هذا الكتاب ، وكذلك على أساس المنقولات التي عُثر عليها بين طيّات الكتب الموجودة . ووصف الكيدري نفسه في مقدّمة الكتاب كيفيّة كتابة هذا الديوان وطبيعة محتواه على النحو التالي :
وقد كنت على قديم الدهر ظفرت بمجموع من أشعاره الجامعة لجلائل الكلم ، وعقابل الحكم ، نحوا من مائتي بيت جمعها الإمام أبو الحسن الفنجكردي رحمه اللّه ، فأنستُ بذلك ، واجتهدتُ فى اقتناص شوارد ، على ما فيه زوائد ؛ إذ لم يكن إلاّ طرفا من طرفه ، ودرّة من صدفه ، إلى أن عثرت بمجموع آخر أبسط منه باعا ،