267
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس

سَريرٍ ، وصُلِّيَ عَلَيهِ بِتَكبيرٍ ، ونُقِلَ مِن دورٍ مُزَخرَفَةٍ وقُصورٍ مُشَيَّدَةٍ وحُجُرٍ مُنَجَّدَةٍ ۱ ، وجُعِلَ في ضَريحٍ مَلحودٍ وضيقٍ مَرصودٍ بِلَبِنٍ مَنضودٍ ، مُسَقَّفٍ بِجُلمودٍ ، وهيلَ عَلَيهِ حَفرُهُ ، وحُثِيَ عَلَيهِ مَدَرُهُ ، وتَحَقَّقَ حِذرُهُ ، ونُسِيَ خَبَرُهُ ، ورَجَعَ عَنهُ وَلِيُّهُ وصَفِيُّهُ ونَديمُهُ ونَسيبُهُ ، وتَبَدَّلَ بِهِ قَرينُهُ وحَبيبُهُ ، فَهُوَ حَشوُ قَبرٍ ورَهينُ قَفرٍ ، يَسعى بِجِسمِهِ دودُ قَبرِهِ ، ويَسيلُ صَديدُهُ ۲ مِن مَنخِرِهِ ، يَسحَقُ تُربُهُ لَحمَهُ ، ويَنشَفُ دَمُهُ ، ويَرِمُّ عَظمُهُ ، حَتّى يَومِ حَشرِهِ ، فَنُشِرَ مِن قَبرِهِ حينَ يُنفَخُ في صورٍ ، ويُدعى بِحَشرٍ ونُشورٍ .
فَثَمَّ بُعثِرَت قُبورٌ ، وحُصِّلَت سَريرَةُ صُدورٍ ، وجيءَ بِكُلِّ نَبِيٍّ وصِدّيقٍ وشَهيدٍ ، وتُوَحَّدَ لِلفَصلِ قَديرٌ بِعَبدِهِ خَبيرٌ بَصيرٌ ، فَكَم مِن زَفرَةٍ تُضنيهِ ، وحَسرَةً تُنضيهِ ۳ ، في مَوقِفٍ مَهولٍ ، ومَشهَدٍ جَليلٍ ، بَينَ يَدَي مِلِكٍ عَظيمٍ ، وبِكُلِّ صَغيرٍ ، وكَبيرٍ عَليمٍ ، فَحينَئِذٍ يُلجِمُهُ عَرَقُهُ ، ويُحصِرُهُ قَلَقُهُ ، عَبرَتُهُ غَيرُ مَرحومَةٍ ، وصَرخَتُهُ غَيرُ مَسموعَةٍ ، وحُجَّتُهُ غَيرُ مَقولَةٍ ، زالَت جَريدَتُهُ ۴ ، ونُشِرَت صَحيفَتُهُ . نُظِرَ في سوءِ عَمَلِهِ ، وشَهِدَت عَلَيهِ عَينُهُ بِنَظَرِهِ ، ويَدُهُ بِبَطشِهِ ، ورِجلُهُ بِخَطوِهِ ، وفَرجُهُ بِلَمسِهِ ، وجِلدُهُ بِمَسِّهِ ، فُسُلسِلَ جيدُهُ ، وغُلَّت يَدُهُ ، وسيقَ فَسُحِبَ وَحدَهُ ، فَوَرَدَ جَهَنَّمَ بِكَربٍ وشِدَّةٍ ، فَظَلَّ يُعَذَّبُ في جَحيمٍ ، ويُسقى شُربَةً مِن حَميمٍ ؛ تَشوي وَجهَهُ وتَسلِخُ جِلدَهُ وتَضرِبُهُ زِبنِيَةٌ بَمَقمَعٍ مِن حَديدٍ ، ويَعودُ جِلدُهُ بَعد نُضجِهِ كَجِلدٍ جَديدٍ ، يَستَغيثُ فَتُعرِّضُ عَنهُ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ ، ويَستَصرِخُ فَيَلبَثُ حُقبَةً يَندَمُ .
نَعوذُ بِرَبٍّ قَديرٍ مِن شَرِّ كُلِّ مَصيرٍ ، ونَسأَلُهُ عَفوَ مَن رَضِيَ عَنهُ ، ومَغفِرَةَ مَن قَبِلَهُ ، فَهُوَ وَلِيُّ مَسأَلَتَي ومُنجِحُ طَلِبَتي ، فَمَن زُحزِحَ عَن تَعذيبِ رَبِّهِ ، جُعِلَ في جَنَّتِهِ بِقُربِهِ ،

1.التنجيد : التَّزيين . يقال : بيت مُنَجَّد ، ونُجوده : ستوره التي تُعَلّق على حيطانه ، يُزَيَّن بها (النهاية : ج۵ ص۱۹) .

2.الصديدُ : قيحٌ ودَمٌ (مجمع البحرين : ج۲ ص۱۰۱۵) .

3.الضَّنى: السقِيمُ، وأضناه المرض أي أثقَله، والضِّنى بالكسر: الأوجاع(لسان العرب :ج۱۴ ص۴۸۶ و ۴۸۷) .

4.جُرَيَدة : تَصغير جَرْدَة ، وهي : الخِرْقة البالية (النهاية : ج۱ ص۲۵۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
266

قَرُبَ فَبَعُدَ وبَعُدَ فَقَرُبَ ، يُجيبُ دَعوَةَ مَن يَدعوهُ ويَرزُقُهُ ويَحبوهُ ، ذو لُطفٍ خَفِيٍّ وبَطشٍ قَوِيٍّ ورَحمَةٍ موسَعَةٍ وعُقوبَةٍ موجَعَةٍ ، رَحمَتُهُ جَنَّةٌ عَريضَةٌ مُونِقةٌ ۱ ، وعُقوبَتُهُ جَحيمٌ مَمدودَةٌ موبِقَةٌ .
وشَهِدتُ بِبَعثِ مُحَمَّدٍ رَسولِهِ وعَبدِهِ وصَفِيِّهِ ونَبِيِّهِ ونَجِيِّهِ وحَبيبِهِ وخَليلِهِ ، بَعَثَهُ في خَيرِ عَصرٍ وحينِ فَترَةٍ وكُفرٍ ، رَحمَةً لِعَبيدِهِ ومِنَّةً لِمَزيدِهِ ، خَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ وشَيَّدَ بِهِ حُجَّتَهُ ، فَوَعَظَ ونَصَحَ وبَلَّغَ وكَدَحَ ، رَؤوفٌ بِكُلِّ مُؤمِنٍ رَحيمٌ سَخِيٌّ رَضِيٌّ وَلِيٌّ زَكِيٌّ ، عَلَيهِ رَحمَةٌ وتَسليمٌ وبَرَكَةٌ وتَكريمٌ مِن ، رَبٍّ غَفورٍ رَحيمٍ قَريبٍ مُجيبٍ .
وَصَّيتُكُم مَعشَرَ مَن حَضَرَني بِوَصِيَّةِ رَبِّكُم ، وذَكَّرتُكُم بِسُنَّةِ نَبِيِّكُم ، فَعَلَيكُم بِرَهبَةٍ تُسَكِّنُ قُلوبَكُم ، وخَشيَةٍ تُذري دُموعَكُم ، وتَقِيَّةٍ تُنجيكُم قَبلَ يَومٍ تُبليكُم وتُذهِلُكُم ، يَومٌ يَفوزُ فيهِ مَن ثَقُلَ وَزنُ حَسَنَتِهِ ، وخَفَّ وَزنُ سَيِّئَتِهِ ، وَلتَكُن مَسأَلَتُكُم وتَمَلُّقُكُم مَسأَلَةَ ذُلٍّ وخُضوعٍ وشُكرٍ وخُشوعٍ بِتَوبَةٍ وتَوَرُّعٍ ونَدَمٍ ورُجوعٍ ، وَليَغتَنِم كُلُّ مَغتَنِمٍ مِنكُم صِحَّتَهُ قَبلَ سُقمِهِ وشَبيبَتَهُ قَبلَ هَرَمِهِ ، وسَعَتَهُ قَبلَ فَقرِهِ ، وفَرغَتَهُ قَبلَ شُغلِهِ ، وحَضَرَهُ قَبلَ سَفَرِهِ ، قَبلَ تَكَبُّرٍ وتَهَرُّمٍ وتَسَقُّمٍ ، يَمَلُّهُ طَبيبُهُ ، ويُعرِضُ عَنه حَبيبُهُ ، ويَنقَطِعُ غَمدُهُ ، ويَتَغَيَّرُ عَقلُهُ .
ثُمَّ قيلَ : هُوَ مَوعوكٌ وجِسمُهُ مَنهوكٌ ، ثُمَّ جَدَّ في نَزعٍ شَديدٍ ، وحَضَرَهُ كُلُّ قَريبٍ وبَعيدٍ ، فَشَخَصَ بَصَرُهُ ، وطَمَحَ نَظَرُهُ ، ورَشَحَ جَبينُهُ ، وعَطَفَ عَرينُهُ ، وسَكَنَ حَنينُهُ ، وحَزَنَتهُ نَفسُهُ ، وبَكَتهُ عُرسُهُ ، وحُفِرَ رَمسُهُ ، ويُتِّمَ مِنهُ وِلدُهُ ، وتَفَرَّقَ مِنهُ عَدَدُهُ ، وقُسِّمَ جَمعُهُ ، وذَهَبَ بَصَرُهُ وسَمعُهُ ، ومُدِّدَ وجُرِّدَ وعُرِّيَ وغُسِّلَ ونُشِّفَ وسُجِّيَ ، وبُسِطَ لَهُ وهُيِّئَ ، ونُشِرَ عَلَيهِ كَفَنُهُ ، وشُدَّ مِنهُ ذَقنُهُ وقُمِّصَ وعُمِّمَ ، ووُدِّعَ وسُلِّمَ ، وحُمِلَ فَوق

1.الأنَقَ : الفَرح والسرور ، الشيء الأنيق : المُعجِب (النهاية : ج۱ ص۷۶) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24629
صفحه از 496
پرینت  ارسال به