أشراجِها ۱ ، وفَتَقَ بَعدَ الِارتِتاقِ صَوامِتَ أبوابِها ، وأقام رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّواقِب عَلى نِقابها ، وأمسَكَها من أن تَمورَ في خَرقِ الهَواءِ بِأَيدِهِ ۲ ، وأمَرَها أن تَقِفَ مُستَسلِمَةً لِأَمرِهِ ، وجَعَلَ شَمسَها آيَةً مُبصِرَةً لِنَهارِها ، وقَمَرَها آيَةً مَمحُوَّةً مِن لَيلِها ، وأجراهُما في مَناقِلِ مَجراهُما . وقَدَّرَ سَيرَهُما في مَدارِجَ دَرجِهِما ؛ لِيُمَيِّزَ بَينَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِهِما ، ولِيُعلَمَ عَدَدُ السِّنينَ وَالحِسابُ بِمَقاديرِهِما . ثُمَّ عَلَّقَ في جَوِّها فَلَكَها ، وناطَ بِها زينَتَها من خَفِيّاتِ درارِيِّها ومَصابيحِ كَواكِبِها ، ورَمى مُستَرقِي السَّمعِ بِثَواقِبِ شُهُبِها وأجراها عَلى أذلالِ ۳ تَسخيرِها مِن ثَباتِ ثابِتِها ومَسيرِ سائِرِها وهُبوطِها وصُعودِها ونُحوسِها وسُعودِها ۴ .
۵۳۵۱.عنه عليه السلامـ من خُطبَةٍ لَهُ فِي التَّوحيدِ ويَذكُرُ فيها خَلقَ السَّماواتِ ـ: فَمِن شَواهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السَّماواتِ مُوَطَّداتِ بِلا عَمَدٍ ، قائِماتٍ بِلا سَنَدٍ . دَعاهُنَّ فَأَجَبنَ طائِعاتٍ مُذعِناتٍ ، غَيرَ مُتَلَكِّئاتٍ ولا مُبطِئاتٍ . ولَولا إقرارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبوبِيَّةِ وإذعانُهُنَّ بِالطَّواعِيَةِ لَما جَعَلَهُنَّ مَوضِعا لِعَرشِهِ ، ولا مَسكَنا لِمَلائِكَتِهِ ، ولا مَصعَدا لِلكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالعَمَلِ الصّالِحِ مِن خَلقِهِ . جَعَلَ نُجومَها أعلاما يَستَدِلُّ بِهَا الحَيرانُ في مُختَلِفِ فِجاجِ الأَقطارِ . لَم يَمنَع ضَوءَ نورِهَا ادلِهمامُ سُجُفِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، ولَا استَطاعَت جَلابيبُ سَوادِ الحَنادِسِ ۵ أن تَرُدَّ ما شاعَ فِي السَّماواتِ مِن تَلَألُوَ نورِ القَمَرِ ۶ .
۵۳۵۲.عنه عليه السلامـ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ـفَمَن فَرَّغَ قَلبَهُ وأعمَلَ فِكرَهُ ؛ لِيَعلَمَ كَيفَ أقَمتَ عَرشَك ، وكَيفَ ذَرَأتَ خَلقَكَ ، وكَيفَ عَلَّقتَ فِي الهَواءِ سَماواتِكَ ، وكَيفَ مَدَدتَ عَلى
1.أسرَجْتُ العَيبةَ وشرَجْتُها : إذا شَددْتُها بالشَّرَجِ ؛ وهي العُرَى (النهاية : ج۲ ص۴۵۶) .
2.الأيدُ : القُوّة (النهاية : ج۱ ص۸۴) .
3.أي على وجوهِها وطرُقها ، وهو جمع ذِلٍّ (النهاية : ج۲ ص۱۶۶) .
4.نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۱۰۸ ح۹۰ .
5.حِنْدس : أي شَدِيدة الظُّلْمة (النهاية : ج۱ ص۴۵۰) .
6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۲ عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج۷۷ ص۳۰۸ ح۱۳ .