الباب الأوّل : بدء الخلق والخلق السماوات ۱
۵۳۴۹.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ يَصِفُ فيها خَلقَ العالَمِ ـ: ثُمَّ أنشَأَ ـ سُبحانَهُ ـ فَتقَ الأَجواءِ وشَقَّ الأَرجاءِ وسَكائِكَ ۲ الهَواءِ . فَأَجرى فيها ماءً مُتَلاطِماً تَيّارُهُ ، مُتَراكِماً زَخّارُهُ ۳ . حَمَلَهُ عَلى مَتنِ الرّيحِ العاصِفَةِ ، وَالزَّعزَعِ ۴ القاصِفَةِ ، فَأَمَرَها بِرَدِّهِ ، وسَلَّطَها عَلى شَدِّهِ ، وقَرَنَها إلى حَدِّهِ . الهَواءُ مِن تَحتِها فَتيقٌ ، وَالماءُ مِن فَوقِها دَفيقٌ ۵ . ثُمَّ أنشَأ
1.تكلّم الإمام عليّ عليه السلام عن خلق الكون في عدّة مواضع من نهج البلاغة . وملخّص نظريّته حول خلق الكون : إنّ أوّل الخلق كان للفضاء الذي فتقه اللّه من العدم ، وشقّ فيه النواحي والأرجاء وطرق الهواء . ثمّ خلق سبحانه في هذا الفضاء سائلاً كثيفا متلاطما ، حمله على متن ريح قويّة عاصفة ، تلُمّه إلى بعضه ، وتحجزه عن الانتشار والاندثار . ثمّ خلق سبحانه ريحا عقيمة من نوعٍ آخر ، سلّطها على ذلك السائل من جهةٍ واحدة ، فبدأت بتصفيقه وإثارته ، حتى مخضته مخضَ السقاء ، وبعثرته في أنحاء الفضاء كالدخان . ومن الغاز الناتج (وهو الهدروجين على ما يظنّ) خلق اللّه السماوات والنجوم والكواكب ، ولا زالت الفراغات بين عناصر المجرّات مليئة بهذا الغاز .
وقد تمّ تشكّل النجوم من هذا الغاز بتجمّع دقائقه في مراكز معيّنة مشكّلة أجراما ، وذلك عن طريق دورانها حول هذه المراكز . وبتبرّد هذا الغاز وتحوّله إلى عناصر أكثر تعقيدا تحوّلت الغازات إلى سوائل كما في الشمس ، ثمّ تحوّلت السوائل إلى جسمٍ صلب كما في الأرض والكواكب السيّارة . . . (راجع تصنيف نهج البلاغة : ص۷۷۷ ـ ۷۸۸) .
2.السُّكاك : الجوُّ ، وهو ما بين السماء والأرض (النهاية : ج۲ ص۳۸۵) .
3.زخر : أي مدّ وكثُر ماؤه وارتفعت أمواجه (النهاية : ج۲ ص۲۹۹) .
4.ريحٌ زَعْزَعٌ : شديدة (لسان العرب : ج۸ ص۱۴۲) .
5.الدُّفاق : المطهر الواسع الكثير (النهاية : ج۲ ص۱۲۵) .