مَدارِيَ مِن فِضَّةٍ ، وما اُنبِتَ عَلَيها مِن عَجيبِ داراتِهِ وشُموسِهِ خالِصَ العِقيانِ ^۱ وفِلَذَ الزَّبَرجَدِ .
فَإِن شَبَّهتَهُ بِما أنبَتَتِ الأَرضُ قُلتَ : جَنًى جُنِيَ مِن زَهرَةِ كُلِّ رَبيعٍ . وإن ضاهَيتَهُ بِالمَلابِسِ فَهُوَ كَمَوشِيِّ الحُلَلِ ، أو كَمونِقِ عَصبِ اليَمَنِ . وإن شاكَلتَه بِالحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصوصٍ ذاتِ ألوانٍ ، قَد نُطِّقَت بِاللُّجَينِ ^۲ المُكَلَّلِ .
يَمشي مَشيَ المَرحِ المُختالِ ، ويَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وجَناحَيهِ ، فَيُقَهقِهُ ضاحِكاً لِجَمالِ سِربالِهِ وأصابيغِ وِشاحِهِ ، فَإِذا رَمى بِبَصَرِهِ إلى قَوائِمِهِ زَقا ^۳ مُعوِلاً بِصَوتٍ يَكادُ يُبينُ عَنِ استِغاثَتِهِ ، ويَشهَدُ بِصادِقِ تُوَجُّعِهِ ؛ لِأَنَّ قَوائِمَهُ حُمشٌ ^۴ كَقَوائِمِ الدِّيكَةِ الخِلاسِيَّةِ ^۵ ، وقَد نَجَمَت مِن ظُنبوبِ ^۶ ساقِهِ صيصِيَةٌ خَفِيَّةٌ ، ولَهُ في مَوضِعِ العُرفِ قُنزُعَةٌ ^۷
خَضراءُ مُوَشّاةٌ . ومَخرَجُ عُنُقِهِ كَالإِبريقِ ، ومَغرِزُها إلى حَيثُ بَطنُهُ كَصِبغِ الوَسِمَةِ اليَمانِيَّةِ ، أو كَحَريرَةٍ مُلبَسَةٍ مِرآةً ذاتَ صِقالٍ ، وكَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعجَرٍ ^۸ أسحَ ^۹ ، إلّا أنَّهُ يَُخيَّلُ لِكَثرَةِ مائِهِ وشِدَّةِ بَريقِهِ أنَّ الخُضرَةَ النّاضِرَةَ مُمتَزِجَةٌ بِهِ . ومَعَ فَتقِ سَمعِهِ خَطٌّ كَمُستَدَقِّ القَلَمِ في لَونِ الاُقحُوانِ أبيَضُ يَقَقٌ ^۱۰ ، فَهُوَ بِبَياضِهِ في سَوادِ ما هُنالِكَ يَأتَلِقُ ^۱۱ .

۵۳۸۱.عنه عليه السلام :فَتَبَارَكَ اللّهُ الَّذي يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ طَوعاً وكَرهاً ، ويُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً ووَجهاً ، ويُلقي إلَيهِ بِالطّاعَةِ سِلماً وضَعفاً ، ويُعطي لَهُ القِيادَ رَهبَةً وخَوفاً ! فَالطَّيرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمرِهِ . أحصى عَدَدَ الرّيشِ مِنها وَالنَّفَسِ ، وأرسى قَوائِمَها عَلَى النَّدى وَاليَبَسِ . وقَدَّرَ أقواتَها ، وأحصى أجناسَها . فَهذا غُرابٌ وهذا عُقابٌ . وهَذا حَمامٌ وهذا نَعامٌ . دَعا كُلَّ طائِرٍ بِاسمِهِ ، وكَفَلَ لَهُ بِرِزقِهِ ^۱ .

۵ / ۲

الطّاووس

۵۳۸۲.الإمام عليّ عليه السلامـ في بَيانِ عَجائِبِ خَلقِ الطّاووسِ ـ: ومَن أعجَبِها خَلقاً الطّاووسُ الَّذي أقامَهُ في أحكَمِ تَعديلٍ ، ونَضَّدَ ألوانَهُ في أحسَنِ تَنضيدٍ ، بِجَناحٍ أشرَجَ قَصَبَهُ ^۲ ، وذَنَبٍ أطالَ مَسحَبَهُ . إذا دَرَجَ إلَى الاُنثى نَشَرَهُ من طَيِّهِ ، وسَما بِهِ مُطِلّاً عَلى رَأسِهِ كَأَنَّهُ قِلعُ دارِيٍّ ^۳ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ ^۴ . يَختالُ بِأَلوانِهِ ، ويَميسُ ^۵ بِزَيَفانِهِ ، يُفضي كِإِفضاءِ الدِّيَكَةِ ، ويَؤُرُّ بِمَلاقِحِهِ أرَّ ^۶ الفُحولِ المُغتَلِمَةِ ^۷ لِلضِّرابِ . اُحيلُكَ مِن ذلِكَ عَلى مُعايَنَةٍ ، لا كَمَن يُحيلُ عَلى ضَعيفٍ إسنادُهُ . ولَو كانَ كَزَعمِ مَن يَزعُمُ أنَّهُ يُلقِحُ بِدَمعَةٍ تَسفَحُها مَدامِعُهُ ، فَتَقِفُ في ضَفَّتَي جُفونِهِ ، وأنَّ اُنثاهُ تَطعَمُ ذلِكَ ، ثُمَّ تَبيضُ لا مِن لِقاحِ فَحلٍ سِوَى الدَّمعِ المُنبَجِسِ ، لَما كانَ ذلِكَ بِأَعجَبَ مِن مُطاعَمَةِ الغُرابِ ! تَخالُ قَصَبَه