واحِدٍ دونَ غَيرِهِما مِن بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، ورُبِّيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله في حِجرِ والِدِ هذا وهذا أبو طالِبٍ ، فَكانَ جارِيا عِندَهُ مَجرى أحَدِ أولادِهِ .
ثُمَّ لَمّا شَبَّ صلى الله عليه و آله وكَبِرَ استَخلَصَهُ مِن بَني أبي طالِبٍ وهُوَ غُلامٌ ، فَرَبّا[هُ] ۱ في حِجرِهِ مُكافَأَةً لِصَنيعِ أبي طالِبٍ بِهِ ، فَامتَزَجَ الخُلُقانِ ، وتَماثَلَتِ السَّجِيَّتانِ ، وإذا كانَ القَرينُ مُقتَدِيا بِالقَرينِ ، فَما ظَنُّكَ بِالتَّربِيَةِ وَالتَّثقيفِ الدَّهرَ الطَّويلَ ؟ فَواجِبٌ أن تَكونَ أخلاقُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله كَأَخلاقِ أبي طالِبٍ ، وتَكونَ أخلاقُ عَلِيٍّ عليه السلام كَأَخلاقِ أبي طالِبٍ أبيهِ ، ومُحَمَّدٌ عليه السلام مُرَبّيهِ ، وأن يَكونَ الكُلُّ شيمَةً واحِدَةً ، وسوسا ۲ واحِدا ، وطينَةً مُشتَرَكَةً ، ونَفسا غَيرَ مُنقَسِمَةٍ ولا مُتَجَزِّئَةٍ ، وأن لا يَكونَ بَينَ بَعضِ هؤُلاءِ وبَعضٍ فَرقٌ ولا فَضلٌ ، لَولا أنَّ اللّهَ تَعالى اختَصَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِرِسالَتِهِ ، وَاصطَفاهُ لِوَحيِهِ ، لِما يَعلَمُهُ مِن مَصالِحِ البَرِيَّةِ في ذلِكَ ، ومِن أنَّ اللُّطفَ بِهِ أكمَلُ ، وَالنَّفعَ بِمَكانِهِ أتَمُّ وأعَمُّ .
فَامتازَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِذلِكَ عَمَّن سِواهُ ، وبَقِيَ ما عَدَا الرِّسالَةَ عَلى أمرِ الِاتِّحادِ ، وإلى هذَا المَعنى أشارَ صلى الله عليه و آله بِقَولِهِ : «أخصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ ؛ فَلا نُبُوَّةَ بَعدي ، وتَخصِمُ النّاسَ بِسَبعٍ» وقالَ لَهُ أيضا : «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» فَأَبانَ نَفسَهُ مِنهُ بِالنُّبُوَّةِ ، وأثبَتَ لَهُ ما عَداها مِن جَميعِ الفَضائِلِ وَالخَصائِصِ مُشتَرَكا بَينَهُما ۳ .
۳۹۵۲.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كَلامِ أبي جَعفَرٍ الحَسَنِيِّ فِي الأَسبابِ الَّتي أوجَبَت مَحَبَّةَ النّاسِ لِعَلِيٍّ عليه السلام ـ: كانَ أبو جَعفَرٍ لا يَجحَدُ الفاضِلَ فَضلَهُ ، وَالحَديثُ شُجونٌ .
قُلتُ لَهُ [أبي جَعفَرٍ] مَرَّةً : ما سَبَبُ حُبِّ النّاسِ لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، وعِشقِهِم