51
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

واحِدٍ دونَ غَيرِهِما مِن بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، ورُبِّيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله في حِجرِ والِدِ هذا وهذا أبو طالِبٍ ، فَكانَ جارِيا عِندَهُ مَجرى أحَدِ أولادِهِ .
ثُمَّ لَمّا شَبَّ صلى الله عليه و آله وكَبِرَ استَخلَصَهُ مِن بَني أبي طالِبٍ وهُوَ غُلامٌ ، فَرَبّا[هُ] ۱ في حِجرِهِ مُكافَأَةً لِصَنيعِ أبي طالِبٍ بِهِ ، فَامتَزَجَ الخُلُقانِ ، وتَماثَلَتِ السَّجِيَّتانِ ، وإذا كانَ القَرينُ مُقتَدِيا بِالقَرينِ ، فَما ظَنُّكَ بِالتَّربِيَةِ وَالتَّثقيفِ الدَّهرَ الطَّويلَ ؟ فَواجِبٌ أن تَكونَ أخلاقُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله كَأَخلاقِ أبي طالِبٍ ، وتَكونَ أخلاقُ عَلِيٍّ عليه السلام كَأَخلاقِ أبي طالِبٍ أبيهِ ، ومُحَمَّدٌ عليه السلام مُرَبّيهِ ، وأن يَكونَ الكُلُّ شيمَةً واحِدَةً ، وسوسا ۲ واحِدا ، وطينَةً مُشتَرَكَةً ، ونَفسا غَيرَ مُنقَسِمَةٍ ولا مُتَجَزِّئَةٍ ، وأن لا يَكونَ بَينَ بَعضِ هؤُلاءِ وبَعضٍ فَرقٌ ولا فَضلٌ ، لَولا أنَّ اللّهَ تَعالى اختَصَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِرِسالَتِهِ ، وَاصطَفاهُ لِوَحيِهِ ، لِما يَعلَمُهُ مِن مَصالِحِ البَرِيَّةِ في ذلِكَ ، ومِن أنَّ اللُّطفَ بِهِ أكمَلُ ، وَالنَّفعَ بِمَكانِهِ أتَمُّ وأعَمُّ .
فَامتازَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِذلِكَ عَمَّن سِواهُ ، وبَقِيَ ما عَدَا الرِّسالَةَ عَلى أمرِ الِاتِّحادِ ، وإلى هذَا المَعنى أشارَ صلى الله عليه و آله بِقَولِهِ : «أخصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ ؛ فَلا نُبُوَّةَ بَعدي ، وتَخصِمُ النّاسَ بِسَبعٍ» وقالَ لَهُ أيضا : «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» فَأَبانَ نَفسَهُ مِنهُ بِالنُّبُوَّةِ ، وأثبَتَ لَهُ ما عَداها مِن جَميعِ الفَضائِلِ وَالخَصائِصِ مُشتَرَكا بَينَهُما ۳ .

۳۹۵۲.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كَلامِ أبي جَعفَرٍ الحَسَنِيِّ فِي الأَسبابِ الَّتي أوجَبَت مَحَبَّةَ النّاسِ لِعَلِيٍّ عليه السلام ـ: كانَ أبو جَعفَرٍ لا يَجحَدُ الفاضِلَ فَضلَهُ ، وَالحَديثُ شُجونٌ .
قُلتُ لَهُ [أبي جَعفَرٍ] مَرَّةً : ما سَبَبُ حُبِّ النّاسِ لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، وعِشقِهِم

1.الزيادة منّا لتتميم العبارة .

2.السُّوْس : الأصل والطبع والخُلُق والسَّجيّة (لسان العرب : ج۶ ص۱۰۸) .

3.شرح نهج البلاغة : ج۱۰ ص۲۲۱ . راجع : ج ۴ ص ۵۰۳ (تخصم الناس بسبع) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
50

لا يَتَجاسَرُ عَلى ذِكرِ اسمِهِ ؛ فَيَقولُ : عَن أبي زَينَبَ .
ورَوى عَطاءٌ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ شَدّادِ بنِ الهادِ ، قالَ : وَدِدتُ أن اُترَكَ فَاُحَدِّثَ بِفَضائِلِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام يَوما إلَى اللَّيلِ ؛ وأنَّ عُنُقي هذِهِ ضُرِبَت بِالسَّيفِ .
قالَ : فَالأَحاديثُ الوارِدَةُ في فَضلِهِ لَو لَم تَكُن فِي الشُّهرَةِ وَالاِستِفاضَةِ وكَثرَةِ النَّقلِ إلى غايَةٍ بَعيدَةٍ ، لَانقَطَعَ نَقلُها لِلخَوفِ وَالتَّقِيَّةِ مِن بَني مَروانَ مَعَ طولِ المُدَّةِ ، وشِدَّةِ العَداوَةِ ، ولَولا أنَّ لِلّهِ تَعالى في هذَا الرَّجُلِ سِرّا يَعلَمُهُ مَن يَعلَمُهُ لُم يُروَ في فَضلِهِ حَديثٌ ، ولا عُرِفَت لَهُ مَنقَبَةٌ ؛ أ لا تَرى أنَّ رَئيسَ قَريَةٍ لَو سَخِطَ عَلى واحِدٍ مِن أهِلها ، ومَنَعَ النّاسَ أن يَذكُروهُ بِخَيرٍ وصَلاحٍ لَخَمَلَ ذِكرُهُ ، ونُسِيَ اسمُهُ ، وصارَ وهُوَ مَوجودٌ مَعدوما ، وهُوَ حَيٌّ مَيِّتا ۱ .

۹ / ۳

أبو جَعفرٍ الحَسَنِيُّ ۲

۳۹۵۱.شرح نهج البلاغة :كانَ [أبو جَعفَرٍ] يَقولُ : اُنظُروا إلى أخلاقِهِما [رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وعَلِيٍّ عليه السلام ]وخَصائِصِهِما ، هذا شُجاعٌ وهذا شُجاعٌ ، وهذا فَصيحٌ وهذا فَصيحٌ ، وهذا سَخِيٌّ جَوادٌ وهذا سَخِيٌّ جَوادٌ ، وهذا عالِمٌ بِالشَّرائِعِ وَالاُمورِ الإِلهِيَّةِ وهذا عالِمٌ بِالفِقهِ وَالشَّريعَةِ وَالاُمورِ الإِلهِيَّةِ الدَّقيقَةِ الغامِضَةِ ، وهذا زاهِدٌ فِي الدُّنيا غَيرُ نَهِمٍ ولا مُستَكثِرٍ مِنها وهذا زاهِدٌ فِي الدُّنيا تارِكٌ لَها غَيرُ مُتَمَتِّعٍ بِلَذّاتِها ، وهذا مُذيبُ نَفسِهِ فِي الصَّلاةِ وَالعِبادَةِ وهذا مِثلُهُ ، وهذا غَيرُ مُحَبَّبٍ إلَيهِ شَيءٌ مِنَ الاُمورِ العاجِلَةِ إلَا النِّساءُ وهذا مِثلُهُ ، وهذَا ابنُ عَبدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمٍ ، وهذا في قُعدُدِهِ ۳ ، وأبواهُما أخوانِ لِأَب

1.شرح نهج البلاغة : ج۴ ص۷۳ .

2.أبو جعفر بن أبي زيد الحسني : نقيب البصرة ، أحد مشايخ ابن أبي الحديد .

3.القُعدد : قريب من الجَدّ الأكبر (لسان العرب : ج۳ ص۳۶۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24175
صفحه از 520
پرینت  ارسال به