91
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

فَقالَ قائِلٌ مِنهُم : لِأَنَّ الإِمامَ وَكيلُ المُسلِمينَ ، إذا رَضوا عَنهُ وَلَّوهُ ، وإذا سَخِطوا عَلَيهِ عَزَلوهُ .
قالَ : فَلِمَنِ المُسلِمونَ وَالعِبادُ وَالبِلادُ؟
قالوا : لِلّهِ تَعالى .
قالَ : فَاللّهُ ۱ أولى أن يُوَكِّلَ عَلى عِبادِهِ وبِلادِهِ مِن غَيرِهِ ؛ لِأَنَّ مِن إجماعِ الاُمَّةِ أنَّهُ مَن أحدَثَ حَدَثا في مُلكِ غَيرِهِ فَهُوَ ضامِنٌ ، ولَيسَ لَهُ أن يُحدِثَ ، فَإِن فَعَلَ فَآثِمٌ غارِمٌ ۲ .
ثُمَّ قالَ : خَبِّروني عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله هَلِ استَخلَفَ حينَ مَضى أم لا ؟
فَقالوا : لَم يَستَخلِف .
قالَ : فَتَركُهُ ذلِكَ هُدىً أم ضَلالٌ؟
قالوا : هُدىً .
قالَ : فَعَلَى النّاسِ أن يَتَّبِعُوا الهُدى ويَترُكُوا الباطِلَ ويَتَنَكَّبُوا الضَّلالَ .
قالوا : قَد فَعَلوا ذلِكَ .
قالَ : فَلِمَ استَخلَفَ النّاسُ بَعدَهُ وقَد تَرَكَهُ هُوَ؟ فَتَركُ فِعلِهِ ضَلالٌ ، ومُحالٌ أن يَكونَ خِلافُ الهُدى هُدىً ، وإذا كانَ تَركُ الِاستِخلافِ هُدىً ، فَلِمَ استَخلَفَ أبو بَكرٍ ولَم يَفعَلهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ؟ ولِمَ جَعَلَ عُمَرُ الأَمرَ بَعدَهُ شورى بَينَ المُسلِمينَ خِلافا عَلى صاحِبِهِ ؟ لِأَ نَّكُم زَعَمتُم أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله لَم يَستَخلِف ، وأنَّ أبا بَكرٍ استَخلَفَ ، وعُمَرُ لَم يَترُكِ الِاستِخلافَ كَما تَرَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بِزَعمِكُم ، ولَم يَستَخلِف كَما فَعَلَ أبو بَكرٍ ،

1.في المصدر : «فوَاللّه » بدل «قال : فاللّه » ، والمناسب ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

2.الغارِم : الذي يلتزم ما ضَمِنه وتكفّل به ويؤدّيه . والغُرم : أداء شيء لازم (النهاية : ج۳ ص۳۶۳) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
90

بِمَعصِيَةٍ صَغُرَت أو كَبُرَت ثُمَّ اتَّخَذَها دينا ومَضى مُصِرّا عَلَيها فَهُو مُخَلَّدٌ بَينَ أطباقِ الجَحيمِ؟ قالوا : بَلى .
قالَ : فَخَبِّروني عَن رَجُلٍ تَختارُهُ الاُمَّةُ فَتَنصِبُهُ خَليفَةً ، هَل يَجوزُ أن يُقالَ لَهُ : خَليفَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ومِن قِبَلِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ ولَم يَستَخلِفهُ الرَّسولُ؟ فَإِن قُلتُم : نَعَم ؛ فَقَد كابَرتُم ، وإن قُلتُم : لا ، وَجَبَ أنَّ أبا بَكرٍ لَم يَكُن خَليفَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ولا كانَ مِن قِبَلِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ، وأنَّكُم تَكذِبونَ عَلى نَبِيِّ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ فَإِنَّكُم مُتَعَرِّضونَ لِأَن تَكونوا مِمَّن وَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بِدُخولِ النّارِ .
وخَبِّروني في أيِّ قَولَيكُم صَدَقتُم؟ أ في قَولِكُم : مَضى عليه السلام ولَم يَستَخلِف ، أو في قَولِكُم لِأَبي بَكرٍ : يا خَليفَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ فَإِن كُنتُم صَدَقتُم فِي القَولَينِ ، فَهذا ما لا يُمكِنُ كَونُهُ ؛ إذ كانَ مُتَناقِضا ، وإن كُنتُم صَدَقتُم في أحَدِهِما بَطَلَ الآخَرُ .
فَاتَّقُوا اللّهَ ، وَانظُروا لِأَنفُسِكُم ، ودَعُوا التَّقليدَ ، وتَجَنَّبُوا الشُّبُهاتِ ، فَوَاللّهِ ما يَقبَلُ اللّهُ تَعالى إلّا مِن عَبدٍ لا يَأتي إلّا بِما يَعقِلُ ، ولا يَدخُلُ إلّا فيما يَعلَمُ أنَّهُ حَقٌّ ، وَالرَّيبُ شَكٌّ ، وإدمانُ الشَّكِّ كُفرٌ بِاللّهِ تَعالى ، وصاحِبُهُ فِي النّارِ .
وخَبِّروني هَل يَجوزُ أن يَبتاعَ أحَدُكُم عَبدا ، فَإِذَا ابتَاعَهُ صارَ مَولاهُ ، وصارَ المُشتَري عَبدَهُ؟
قالوا : لا .
قالَ : كَيفَ جازَ أن يَكونَ مَنِ اجتَمَعتُم عَلَيهِ أنتُم لِهَواكُم وَاستَخلَفتُموهُ صارَ خَليفَةً عَلَيكُم ، وأنتُم وَلَّيتُموهُ؟ أ لّا كُنتُم أنتُمُ الخُلَفاءَ عَلَيهِ؟ بَل تُؤتونَ خَليفَةً وتَقولونَ : إنَّهُ خَليفَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ إذا سَخِطتُم ۱ عَلَيهِ قَتَلتُموهُ ، كَما فُعِلَ بِعُثمانَ بنِ عَفّانِ !

1.في المصدر : «أسخطتم» ، وما أثبتناه من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24574
صفحه از 520
پرینت  ارسال به