عَلِيٍّ عليه السلام ووُلدِهِ وإظهارِ مَحاسِنِهِم بَوارُهُم ، وتَسليطُ حُكمِ الكِتابِ المَنبوذِ عَلَيهِم ، فَحَرَصوا وَاجتَهَدوا في إخفاءِ فَضائِلِهِ ، وحَمَلُوا النّاسَ عَلى كِتمانِها وسَترِها ، وأبَى اللّهُ أن يَزيدَ أمرَهُ وأمرَ وُلدِهِ إلَا استِنارَةً وإشراقا ، وحُبَّهُم إلّا شَغَفا وشِدَّةً ، وذِكرَهُم إلَا انتِشارا وكَثرَةً ، وحُجَّتَهُم إلّا وُضوحا وقُوَّةً ، وفَضلَهُم إلّا ظُهورا ، وشَأنَهُم إلّا عُلُوّا ، وأقدارَهُم إلّا إعظاما ، حَتّى أصبَحوا بِإِهانَتِهِم إيّاهُم أعِزّاءَ ، وبِإِماتَتِهِم ذِكرَهُم أحياءً ، وما أرادوا بِهِ وبِهِم مِنَ الشَّرِّ تَحَوَّلَ خَيرا ، فَانتَهى إلَينا مِن ذِكرِ فَضائِلِهِ وخَصائِصِهِ ومَزاياهُ وسَوابِقِهِ ما لَم يَتَقَدَّمهُ السّابِقونَ ، ولا ساواهُ فيهِ القاصِدونَ ، ولا يَلحَقُهُ الطّالِبونَ ، ولَولا أنَّها كانَت كَالقِبلَةِ المَنصوبَةِ فِي الشُّهرَةِ ، وكَالسُّنَنِ المَحفوظَةِ فِي الكَثرَةِ ، لَم يَصِل إلَينا مِنها في دَهرِنا حَرفٌ واحِدٌ ، إذا كانَ الأَمرُ كَما وَصَفناهُ ۱ .
۳۹۵۰.شرح نهج البلاغة :قالَ أبو جَعفَرٍ : وقَد رُوِيَ أنَّ مُعاوِيَةَ بَذَلَ لِسَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ مِئَةَ ألفِ دِرهَمٍ حَتّى يَروِيَ أنَّ هذِهِ الآيَةَ نَزَلَت في عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» ۲ ، وأنَّ الآيَةَ الثّانِيَةَ نَزَلَت فِي ابنِ مُلجَمٍ ، وهِيَ قَولُهُ تَعالى : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ» ۳ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ مِئَتَي ألفِ دِرهَمٍ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ ثَلاثَمِئَةِ ألفٍ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ أربَعَمِئَةِ ألفٍ فَقَبِلَ ، ورَوى ذلِكَ .
قالَ : وقَد صَحَّ أنَّ بَني اُمَيَّةَ مَنَعوا مِن إظهارِ فَضائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام ، وعاقَبوا عَلى ذلِكَ الرّاوِيَ لَهُ ؛ حَتّى إنَّ الرَّجُلَ إذا رَوى عَنهُ حَديثا لا يَتَعَلَّقُ بِفَضلِهِ بَل بِشَرائِعِ الدّين