49
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

عَلِيٍّ عليه السلام ووُلدِهِ وإظهارِ مَحاسِنِهِم بَوارُهُم ، وتَسليطُ حُكمِ الكِتابِ المَنبوذِ عَلَيهِم ، فَحَرَصوا وَاجتَهَدوا في إخفاءِ فَضائِلِهِ ، وحَمَلُوا النّاسَ عَلى كِتمانِها وسَترِها ، وأبَى اللّهُ أن يَزيدَ أمرَهُ وأمرَ وُلدِهِ إلَا استِنارَةً وإشراقا ، وحُبَّهُم إلّا شَغَفا وشِدَّةً ، وذِكرَهُم إلَا انتِشارا وكَثرَةً ، وحُجَّتَهُم إلّا وُضوحا وقُوَّةً ، وفَضلَهُم إلّا ظُهورا ، وشَأنَهُم إلّا عُلُوّا ، وأقدارَهُم إلّا إعظاما ، حَتّى أصبَحوا بِإِهانَتِهِم إيّاهُم أعِزّاءَ ، وبِإِماتَتِهِم ذِكرَهُم أحياءً ، وما أرادوا بِهِ وبِهِم مِنَ الشَّرِّ تَحَوَّلَ خَيرا ، فَانتَهى إلَينا مِن ذِكرِ فَضائِلِهِ وخَصائِصِهِ ومَزاياهُ وسَوابِقِهِ ما لَم يَتَقَدَّمهُ السّابِقونَ ، ولا ساواهُ فيهِ القاصِدونَ ، ولا يَلحَقُهُ الطّالِبونَ ، ولَولا أنَّها كانَت كَالقِبلَةِ المَنصوبَةِ فِي الشُّهرَةِ ، وكَالسُّنَنِ المَحفوظَةِ فِي الكَثرَةِ ، لَم يَصِل إلَينا مِنها في دَهرِنا حَرفٌ واحِدٌ ، إذا كانَ الأَمرُ كَما وَصَفناهُ ۱ .

۳۹۵۰.شرح نهج البلاغة :قالَ أبو جَعفَرٍ : وقَد رُوِيَ أنَّ مُعاوِيَةَ بَذَلَ لِسَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ مِئَةَ ألفِ دِرهَمٍ حَتّى يَروِيَ أنَّ هذِهِ الآيَةَ نَزَلَت في عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» ۲ ، وأنَّ الآيَةَ الثّانِيَةَ نَزَلَت فِي ابنِ مُلجَمٍ ، وهِيَ قَولُهُ تَعالى : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ» ۳ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ مِئَتَي ألفِ دِرهَمٍ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ ثَلاثَمِئَةِ ألفٍ فَلَم يَقبَل ، فَبَذَلَ لَهُ أربَعَمِئَةِ ألفٍ فَقَبِلَ ، ورَوى ذلِكَ .
قالَ : وقَد صَحَّ أنَّ بَني اُمَيَّةَ مَنَعوا مِن إظهارِ فَضائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام ، وعاقَبوا عَلى ذلِكَ الرّاوِيَ لَهُ ؛ حَتّى إنَّ الرَّجُلَ إذا رَوى عَنهُ حَديثا لا يَتَعَلَّقُ بِفَضلِهِ بَل بِشَرائِعِ الدّين

1.شرح نهج البلاغة : ج۱۳ ص۲۲۳ .

2.البقرة : ۲۰۴ و۲۰۵ .

3.البقرة : ۲۰۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
48

تَعظيمَهُ لِعَلِيٍّ عليه السلام تَعظيما دينِيّا لِأَجلِ جِهادِهِ ونُصرَتِهِ ، فَالطّاعِنُ فيهِ طاعِنٌ في رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۱ .

۳۹۴۹.شرح نهج البلاغة :قالَ أبو جَعفَرٍ : قَد تَعلَمونَ أنَّ بَعضَ المُلوكِ رُبَّما أحدَثوا قَولاً أو دينا لِهَوىً ، فَيَحمِلونَ النّاسَ عَلى ذلِكَ ، حَتّى لا يَعرِفوا غَيرَهُ ، كَنَحوِ ما أخَذَ النّاسَ الحَجّاجُ بنُ يوسُفَ بِقِراءَةِ عُثمانَ وتَركِ قِراءَةِ ابنِ مَسعودٍ واُبَيِّ بنِ كَعبٍ ، وتَوَعَّدَ عَلى ذلِكَ بِدونِ ما صَنَعَ هُوَ وجَبابِرَةُ بَني اُمَيَّةَ وطُغاةُ مَروانَ بِوُلدِ عَلِيٍّ عليه السلام وشيعَتِهِ ، وإنَّما كانَ سُلطانُهُ نَحوَ عِشرينَ سَنَةً ، فَما ماتَ الحَجّاجُ حَتَّى اجتَمَعَ أهلُ العِراقِ عَلى قِراءَةِ عُثمانَ ، ونَشَأَ أبناؤُهُم ولا يَعرِفونَ غَيرَها ؛ لِاءِمساكِ الآباءِ عَنها ، وكَفِّ المُعَلِّمينَ عَن تَعليمِها حَتّى لَو قُرِأَت عَلَيهِم قِراءَةُ عَبدِ اللّهِ واُبَيٍّ ما عَرَفوها ، ولَظَنّوا بِتَأليفِهَا الِاستِكراهَ وَالِاستِهجانَ ؛ لِاءِلفِ العادَةِ وطولِ الجَهالَةِ ؛ لِأَ نَّهُ إذَا استَولَت عَلَى الرَّعِيَّةِ الغَلَبَةُ ، وطالَت عَلَيهِم أيّامُ التَّسَلُّطِ ، وشاعَت فيهِمِ المَخافَةُ ، وشَمِلَتهُمُ التَّقِيَّةُ ، اتَّفَقوا عَلَى التَّخاذُلِ وَالتَّساكُتِ ، فَلا تَزالُ الأَيّامُ تَأخُذُ مِن بَصائِرِهِم وتَنقُصُ مِن ضَمائِرِهِم ، وتَنقُضُ مِن مَرائِرِهِم ، حَتّى تَصيرَ البِدعَةُ الَّتي أحدَثوها غامِرَةً لِلسُّنَّةِ الَّتي كانوا يَعرِفونَها .
ولَقَد كانَ الحَجّاجُ ومَن وَلّاهُ كَعَبدِ المَلِكِ وَالوَليدِ ومَن كانَ قَبلَهُما وبَعدَهُما مِن فَراعِنَةِ بَني اُمَيَّةَ عَلى إخفاءِ مَحاسِنِ عَلِيٍّ عليه السلام وفَضائِلِهِ وفَضائِلِ وُلدِهِ وشيعَتِهِ ، وإسقاطِ أقدارِهِم ، أحرَصَ مِنهُم عَلى إسقاطِ قِراءَةِ عَبدِ اللّهِ واُبَيٍّ ؛ لِأَنَّ تِلكَ القِراءاتِ لا تَكونُ سَبَبا لِزَوالِ مُلكِهِم ، وفَسادِ أمرِهِم ، وَانكِشافِ حالِهِم ، وفِي اشتِهارِ فَضل

1.شرح نهج البلاغة : ج۱۳ ص۲۸۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24348
صفحه از 520
پرینت  ارسال به