39
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

۳۹۳۳.الأمالي للطوسي عن محمّد بن إسحاق الحضرمي :اِستَأذَنَ عَمرُو بنُ العاصِ عَلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ استَضحَكَ مُعاوِيَةُ ، فَقالَ لَهُ عَمرٌو : ما أضحَكَكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ! أدامَ اللّهُ سُرورَكَ ؟ قالَ : ذَكَرتُ ابنَ أبي طالِبٍ وقَد غَشِيَكَ بِسَيفِهِ فَاتَّقَيتَهُ ووَلَّيتَ . فَقالَ : أ تَشمَتُ بي يا مُعاوِيَةُ ؟ ! وأعجَبُ مِن هذا يَومٌ دَعاكَ إلَى البِرازِ فَالتَمَعَ لَونُكَ ، وأطَّت أضلاعُكَ ، وَانتَفَخَ مَنخِرُكَ ، وَاللّهِ لَو بارَزتَهُ لَأَوجَعَ قَذالَكَ ۱ ، وأيتَمَ عِيالَكَ ، وبَزَّكَ سُلطانَكَ .
وأنشَأَ عَمرٌو يَقولُ :

مُعاوِيَ لا تَشمَت بِفارِسٍ بُهمَةِ
لَقِيَ فارِسا لا تَعتَليهِ الفَوارِسُ

مُعاوِيَ لَو أبصَرتَ فِي الحَربِ مُقبِلاً
أبا حَسَنٍ يَهوي دَهَتكَ الوَساوِسُ

وأيقَنتَ أنَّ المَوتَ حَقٌّ وأنَّهُ
لِنَفسِكَ إن لَم تُمعِنِ الرَّكضَ خالِسُ

دَعاكَ فَصُمَّت دونَهُ الاُذنُ أذرُعا
ونَفسُكَ قَد ضاقَت عَلَيهَا الأَمالِسُ

أتَشمَتُ بي إذ نالَني حَدُّ رُمحِهِ
وعَضَّضَني نابٌ مِنَ الحَربِ ناهِسُ

فَأَيُّ امرِىً لاقاهُ لَم يُلقِ شِلوَهُ
بِمُعتَرَكٍ تُسفى عَلَيهِ الرَّوامِسُ

أبَى اللّهُ إلّا أنَّهُ لَيثُ غَابَةِ
أبو أشبُلٍ تُهدى إلَيهِ الفَرائِسُ

فَإِن كُنتَ في شَكٍّ فَأَرهِج ۲ عَجاجَةً
وإلّا فَتِلكَ التُّرَهّاتُ ۳ البَسابِسُ

فَقالَ مُعاوِيَةُ : مَهلاً يا أبا عَبدِ اللّهِ ، ولا كُلَّ هذا . قالَ : أنتَ استَدعَيتَهُ ۴ .

1.القَذال : جماع مؤخّر الرأس من الإنسان والفرس (لسان العرب : ج۱۱ ص۵۵۳) .

2.الرَّهْج : الغبار (لسان العرب : ج۲ ص۲۸۴) .

3.التُّرُّهات : الأباطيل (لسان العرب : ج۱۳ ص۴۸۰) .

4.الأمالي للطوسي : ص۱۳۴ ح۲۱۷ ، بشارة المصطفى : ص۲۷۰ وراجع وقعة صفّين : ص۴۷۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
38

فَكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عَلِيٍّ مَعَ رَجُلٍ مِنَ السَّكاسِكِ ۱ . . . فَلَمَّا انتَهى كِتابُ مُعاوِيَةَ إلى عَلِيٍّ قَرَأَهُ ، ثُمَّ قالَ : العَجَبُ لِمُعاوِيَةَ وكِتابِهِ ، ثُمَّ دَعا عَلِيٌّ عليه السلام عُبيدَ اللّهِ بنَ أبي رافِعٍ كاتِبَهُ فَقالَ : اُكتُب . . .
فَلَمّا أتى مُعاوِيَةَ كِتابُ عَلِيٍّ كَتَمَهُ عَن عَمرِو بنِ العاصِ أيّاما ، ثُمَّ دَعاهُ بَعدَ ذلِكَ فَأَقرَأَهُ الكِتابَ فَشَمِتَ بِهِ عَمرٌو .
ولَم يَكُن أحَدٌ مِن قُرَيشٍ أشَدَّ تَعظيما لِعَلِيٍّ عليه السلام مِن عَمرٍو مُنذُ يَومَ لَقِيَهُ وصَفَحَ عَنهُ .
فَقالَ عَمرُو بنُ العاصِ فيما كانَ أشارَ بِهِ عَلى مُعاوِيَةَ :

ألا لِلّهِ دَرُّكَ يَابنَ هِندِ
ودَرُّ الآمِرينَ لَكَ الشُّهودِ

أتَطمَعُ ـ لا أبا لَكَ ـ في عَلِيِّ
وقَد قُرِعَ الحَديدُ عَلَى الحَديدِ

وتَرجو أن تُحَيِّرَهُ بِشَكِّ
وتَرجو أن يَهابَكَ بِالوَعيدِ

وقَد كَشَفَ القِناعَ وجَرَّ حَربا
يَشيبُ لِهَولِها رَأسُ الوَليدِ

لَهُ جَأواءُ ۲ مُظلِمَةٌ طُحونُ
فَوارِسُها تَلهَّبُ كَالاُسودِ

يَقولُ لَها إذا دَلَفَت إلَيهِ
وقَد مَلَّت طِعانَ القَومِ : عودي

فَإِن وَرَدَت فَأَوَّلُها وُرودا
وإن صَدَّت فَلَيسَ بِذي صُدودِ

وما هِيَ مِن أبي حَسَنٍ بِنُكرِ
وما هِيَ مِن مَسائِكَ بِالبَعيدِ

وقُلتَ لَهُ مَقالَةَ مُستَكينِ
ضَعيفِ الرُّكنِ مُنقَطِعِ الوَريدِ

دَعَنَّ الشّامَ حَسبُكَ يَابنَ هِندِ
مِن السَّوءاتِ وَالرَّأيِ الزَّهيدِ

ولَو أعطاكَها مَا أزدَدتَ عِزّا
ولا لَكَ لَو أجابَكَ مِن مَزيدِ

ولَم تَكسِر بِذاكَ الرَّأيِ عودا
لِرِكَّتِهِ ولا ما دونَ عودِ

فَلَمّا بَلَغَ مُعاوِيَةَ قَولُ عَمرٍو دَعاهُ ، فَقالَ : يا عَمرُو ، إنَّني قَد أعلَمُ ما أرَدتَ بِهذا .
قالَ : ما أرَدتُ ؟ قالَ : أرَدتَ تَفييلَ ۳ رَأيي وإعظامَ عَلِيٍّ ، وقَد فَضَحَكَ .
قالَ : أمّا تَفييلي رَأيَكَ فَقَد كانَ ، وأمّا إعظامي عَلِيّا فَإِنَّكَ بِإِعظامِهِ أشَدُّ مَعرِفَةً مِنّي ، ولكِنَّكَ تَطويهِ وأنَا أنشُرُهُ ، وأمّا فَضيحَتي فَلَم يَفتَضِحِ امرَؤٌ لَقِيَ أبا حَسَنٍ ۴ .

1.السَّكاسِك : حيّ من اليمن ، أبوهم سكسك بن أشرس ؛ من أقيال اليمن (لسان العرب : ج۱ ص۴۴۲) .

2.كتيبة جأْواء : هي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع (لسان العرب : ج۱۴ ص۱۲۷) .

3.فَيَّلَ رأيه تفييلاً : أي ضعّفه (لسان العرب : ج۱۱ ص۵۳۵) .

4.وقعة صفّين : ص۴۷۰ ـ ۴۷۲ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱۵ ص۱۲۲ ـ ۱۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24465
صفحه از 520
پرینت  ارسال به