295
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

ويَمُرُّ شِبهَ الطّائِرِ عَقلُهُ ، فَقالَ : أ راقِدٌ يا حَبَّةُ أم رامِقٌ ؟ قُلتُ : رامِقٌ ، هذا أنتَ تَعمَلُ هذَا العَمَلَ فَكَيفَ نَحنُ ؟ ! قالَ : فَأَرخى عَينَيهِ فَبَكى ، ثُمَّ قالَ لي : يا حَبَّةُ ، إنَّ لِلّهِ مَوقِفا ، ولَنا بَينَ يَدَيهِ مَوقِفٌ ، لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ مِن أعمالِنا . يا حَبَّةُ ، إنَّ اللّهَ أقرَبُ إلَيكَ وإلَيَّ مِن حَبلِ الوَريدِ . يا حَبَّةُ ، إنَّهُ لَن يَحجُبَني ولا إيّاكَ عَنِ اللّهِ شَيءٌ .
قالَ ثُمَّ قالَ : أراقِدٌ أنتَ يا نَوفٌ ؟ قالِ : لا يا أميرَ المُؤمِنينَ ما أنَا بِراقِدٍ ، ولَقَد أطَلتَ بُكائي هذِهِ اللَّيلَةَ . فَقالَ : يا نَوفُ ، إن طالَ بُكاؤُكَ فِي هذَا اللَّيلِ مَخافَةً مِنَ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ، قَرَّت عَيناكَ غَدا بَينَ يَدَيِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ . يا نَوفُ ، إنَّهُ لَيسَ مِن قَطرَةٍ قَطَرَت مِن عَينِ رَجُلٍ مِن خَشيَةِ اللّهِ إلّا أطفَأَت بِحارا مِنَ النّيرانِ .
يا نَوفٌ ، إنَّهُ لَيسَ مِن رَجُلٍ أعظَمَ مَنزِلَةً عِندَ اللّهِ مِن رَجُلٍ بَكى مِن خَشيَةِ اللّهِ ، وأحَبَّ فِي اللّهِ ، وأبغَضَ فِي اللّهِ . يا نَوفُ ، إنَّهُ مَن أحَبَّ فِي اللّهِ لَم يَستَأثِر عَلى مُحِبّيهِ ، ومَن أبغَضَ فِي اللّهِ لَم يُنِل مُبغِضيهِ خَيرا ، عِندَ ذلِكَ استَكمَلتُم حَقائِقَ الإِيمانِ .
ثُمَّ وَعَظَهُما وذَكَّرَهُما . وقالَ في أواخِرِهِ : فَكونوا مِنَ اللّهِ عَلى حَذَرٍ فَقَد أنذَرتُكُما .
ثُمَّ جَعَلَ يَمُرُّ وهُوَ يَقولُ : لَيتَ شِعري في غَفَلاتي ، أمُعرِضٌ أنتَ عَنّي أم ناظِرٌ إلَيَّ ؟ ولَيتَ شِعري في طولِ مَنامي وقِلَّةِ شُكري في نِعَمِكَ عَلَيَّ ، ما حالي ؟ قالَ : فَوَاللّهِ ما زالَ فِي هذَا الحالِ حَتّى طَلَعَ الفَجرُ ۱ .

۴۳۰۹.الخصال عن نوف البكالي :بِتُّ لَيلَةً عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَكانَ يُصَلِّي اللَّيلَ كُلَّهُ ، ويَخرُجُ ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ ؛ فَيَنظُرُ إلَى السَّماءِ ويَتلُو القُرآنَ قالَ : فَمُرَّ بي بَعدَ هُدوءٍ مِنَ اللَّيلِ ، فَقالَ : يا نَوفُ ، أراقِدٌ أنتَ أم رامِقٌ ؟ قُلتُ : بَل رامِقٌ ، أرمُقُكَ بِبَصَري يا أميرَ المُؤمِنينَ . قالَ :

1.فلاح السائل : ص۴۶۶ ح۳۱۵ ، بحار الأنوار : ج۴۱ ص۲۲ ح۱۳ و ج۸۷ ص۲۰۱ ح۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
294

إذا اُذِنَ فيهِ بِالنِّداءِ ، ثُمَّ قالَ : آهِ مِن نارٍ تُنضِجُ الأَكبادَ وَالكُلى ، آهِ مِن نارٍ نَزّاعَةٍ لِلشَّوى ، آهِ مِن غَمرَةٍ مِن مُلهَباتِ لَظى .
قالَ : ثُمَّ أنعَمَ فِي البُكاءِ ؛ فَلَم أسمَع لَهُ حِسّا ولا حَرَكَةً ، فَقُلتُ : غَلَبَ عَلَيهِ النَّومُ لِطولِ السَّهَرِ ، اُوقِظُهُ لِصَلاةِ الفَجرِ .
قالَ أبُو الدَّرداءِ : فَأَتَيتُهُ فَإِذا هُوَ كَالخَشَبَةِ المُلقاةِ ، فَحَرَّكتُهُ فَلَم يَتَحَرَّك ، وزَوَيتُهُ فَلَم يَنزَوِ ، فَقُلتُ : إنّا لِلّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، ماتَ وَاللّهِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام ! قالَ : فَأَتَيتُ مَنزِلَهُ مُبادِرا أنعاهُ إلَيهِم ، فَقالَت فاطِمَةُ عليهاالسلام : يا أبَا الدَّرداءِ ، ما كانَ مِن شَأنِهِ ومِن قِصَّتِهِ ؟ فَأَخبَرتُهَا الخَبَرَ ، فَقالَت : هِيَ وَاللّهِ يا أبَا الدَّرداءِ الغَشيَةُ الَّتي تَأخُذُهُ مِن خَشيَةِ اللّهِ ، ثُمَّ أَتَوهُ بِماءٍ فَنَضَحوهُ عَلى وَجهِهِ ، فَأَفاقَ ونَظَرَ إلَيَّ وأنَا أبكي ، فَقالَ : مِمَّ بُكاؤُكَ يا أبَا الدَّرداءِ ؟
فَقُلتُ : مِمّا أراهُ تُنزِلُهُ بِنَفسِكَ ، فَقالَ : يا أبَا الدَّرداءِ ، فَكَيفَ لَو رَأَيتَني ودُعِيَ بي إلَى الحِسابِ ، وأيقَنَ أهلُ الجَرائِمِ بِالعَذابِ ، وَاحتَوَشَتني مَلائِكَةٌ غِلاظٌ ، وزَبانِيَةٌ فِظاظٌ ، فَوَقَفتُ بَينَ يَدَيِ المَلِكِ الجَبّارِ ، قَد أسلَمَنِي الأَحِبّاءُ ، ورَحِمَني أهلُ الدُّنيا ، لَكُنتَ أشَدَّ رَحمَةً لي بَينَ يَدَي مَن لا تَخفى عَلَيهِ خافِيَةٌ . فَقالَ أبُو الدَّرداءِ : فَوَاللّهِ مارَأَيتُ ذلِكَ لِأَحَدٍ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۱ .

۴۳۰۸.فلاح السائل عن حبّة العرني :بَينا أنَا ونَوفٌ نائِمينَ في رَحَبَةِ القَصرِ ؛ إذ نَحنُ بِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في بَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيلِ واضِعا يَدَهُ عَلَى الحائِطِ شِبهَ الوالِهِ ۲ وهُوَ يَقولُ : «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ» إلى آخِرِ الآيَةِ ۳ قالَ : ثُمَّ جَعَلَ يَقرَأُ هذِهِ الآياتِ ،

1.الأمالي للصدوق : ص۱۳۷ ح۱۳۶ ، تنبيه الخواطر : ج۲ ص۱۵۶ ، روضة الواعظين : ص۱۲۵ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۱۲۴ وفيه من «أنا بصوت حزين . . .» .

2.الوَلَه : ذهاب العقل ، والتحيّر من شدّة الوجد (النهاية : ج۵ ص۲۲۷) .

3.البقرة : ۱۶۴ وآل عمران : ۱۹۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24566
صفحه از 520
پرینت  ارسال به