القَرنُ الرّابِعَ عَشَرَ
۱۰ / ۵۲
عَبدُ المَسيحِ الأَنطاكِيُّ ۱
۴۰۸۴.شاعر مسيحي ، يقول :
ومُذ أتَت أحمَدَ الهادي نُبُوَّتُهُ
كانَ الوَصِيُّ بِإِيمانٍ مُلاقيها
فَقَد رَأَى الأَسنى يَضيءُ عَلى
مُحَمَّدٍ وَهْوَ يَخفيهِ لِيَخفِيها
وكانَ يَسمَعُ جِبريلاً يُشافِهُهُ
بِها وآياتُهَا الزَّهراءُ يوحيها
مِن قَبلِ سَبعِ سِنينٍ مِن ظُهورِ رَسو
لِ اللّهِ بِالدَّعوَةِ النّاجي مُلَبّيها
وكانَ حَيدَرَةٌ ما طَرَّ شارِبُهُ
في زَهرَةِ العُمرِ يَستَجليحَوافيها
أعوامُهُ لَم تَكُن إلّا ثَلاثَةَ عَشـ
ـرَةَ بِمَلقَى الهُدى قَد كانَ طاويها
إذ ذاكَ قَد رَضِيَ الإِسلامَ مُتَّبِعا
خُطى أبِي القاسِمِ المَأمونِ قافيها
وقَد تَعَبَّدَ لِلخَلّاقِ قَبلَ جَميـ
ـعِ النّاسِ في إِثرِ خَيرِ الخَلقِ تَجريها
وإنَّ أهلَ الهُدى قَد كانَ أوَّلُها
طه وكانَ عَلِيُّ البَرُّ ثانيها ۲
إلى أن قالَ :
آخَى الصِّحابَ مَعَ الأَنصارِ مُتَّخِذا
لِكُلِّ ذاتٍ بِهِم ذاتا تُصافيها
إلّا عَلِيّا فَلَم يَذكُر لَهُ أحَدا
لِذِي الاُخُوَّةِ في عالي مَعانيها
فَجاءَهُ سائِلاً وَالدَّمعُ مُنبَجِسٌ
مِن عَينِهِ وبِهِ سالَت مَآقيها
وقالَ : أينَ أخي حَتّى اُخادِنَهُ ؟
فَقالَ : خِلَّتُنا ماضٍ تَآخيها
أ لَم اُواخِكَ قَبلاً عِندَ هِجرَتِنا
وعِندَما دَعوَتي نادَيتَ راضيها
إنّي أخوكَ بِذِي الدُّنيا وأنتَ أخي
وفِي الجِنانِ إذا ما رُحتَ ثاويها
وقالَ : مَن كُنتُ مَولاهُ فَأَنتَ لَهُ
مَولىً وَصِيَّةُ حَقٍّ جِئتُ اُوصيها
وكانَ ذلِكَ بَينَ النّاسِ أجمَعِها
ووَسْطَ مَجلِسِ مَكّيها وطيبِيها
كَذاكَ كانَ عَلِيٌّ لِلرَّسولِ أخا
عَلَى الشَّدائِدِ ما تَدهى دَواهيها
وكانَ يَحمِلُ فِي المَيدانِ رايَتَهُ
وفَوقَ أنصارِهِ الأَخيارِ يُعليها
وكانَ صاحِبَهُ يُفضي إلَيهِ بِما
في نَفسِهِ مِن رِغابٍ كانَ يَنويها
فَما غَزا غَزوَةَ طه بِسُؤدَدِهِ
إلّا وَحيدَرَةُ المِقدامُ غازيها
ولا نَدا نَدوَةً لِلمُسلِمينَ بِها
إلّا وحَيدَرَةٌ مِن مُستَشاريها
ولا أرادَ لِخَيرِ الدّينِ مَسأَلَةً
إلّا وحَيدَرَةٌ قَد هَبَّ يُجريها
كَذاكَ كانَ وَزيرَ المُصطَفى بِبِنا
أساسِ دَولَتِهِ مُذ هَمَّ يَبنيها
فَقُل لِمَن رامَ أن يُخفي فَضيلَتَهُ
هَيهاتَ فَالشَّمسُ لا يَخفى تَلاليها
وقُل لِمَن رامَ [أنْ] ۳ يَدنُو لِرُتبَتِهِ
أهوِن عَلَيكَ الثُّرَيّا أن تُدانيها ۴
ثُمَّ قالَ :
وَالعُربُ تَطلُبُ أكفاءً تُزَوِّجُهُم
بَناتِها سُنَّةٌ تَأبى تَعَدّيها
وكُلُّ عَقدٍ بِغَيرِ الكُف ءِ تَحسَبُهُ
عارا عَلَيها لَدَى الأَقرانِ يُخزيها
فَمَن يَليقُ بِبِنتِ المُصطَفى حَسَبا ؟
ومَنْ مِنَ العَرَبِ العَرْباءِ كافيها ؟
ومَن يُناسِبُ طه كَي يُصاهِرَهُ ؟
وَهيَ المُصاهَرَةُ المَسعودُ مُلقيها
غَيرُ العَلِيِّ رَبيبِ المُصطَفى ولَهُ
سَبقُ الهِدايَةِ مُذ نادى مُناديها
فَإِنَّهُ بَعدَ طه خَيرُ مَن وَلَدَت
قُرَيشُ مُنذُ بَرَا الباري ذَراريها
وإنَّهُ بَطَلُ الإِسلامِ تَعرِفُهُ
تِلكَ الحُروبُ الَّتي أمسى مُجَلّيها
وأعلَمُ النّاسِ بِالشَّرعِ المُشَرَّفِ بَعـ
ـدَ المُصطَفى وأجَلُّ النّاسِ تَفقيها
وأطهَرُ النّاسِ نِيّاتٍ وأطيَبُها
قَلبا إذا ما أرَدنا أن نُجاهيها ۵
وأبلَغُ النّاسِ أقوالاً وأفصَحُها
خِطابَةً وَهوَ يُنشيها ويُلقيها
وأزهَدُ النّاسِ فِي الدُّنيا وزُخرُفِها
وأبعَدُ النّاسِ عَن مُغري مَلاهيها
وأرحَبُ النّاسِ صَدرا بِالعُفاةِ إذا
وافَتهُ ما في يَدَيهِ كانَ يوليها
هذَا العَميدُ المُفَدّى كُف ءُ فاطِمَةٍ
وخَيرُ نِدٍّ لَها مِن دونِ أهليها
لِذلِكَ اختارَهُ رَبُّ السّماءِ لَها
بَعلاً وأمسَت بِهِ الدُّنيا تُهَنّيها ۶
1.عبد المسيح الأنطاكي الحلبي : ولد في أنطاكية ـ في سورية ـ من أبوين مسيحيّين ، ونشأ في حلب الشهباء ، وعاش بين المسلمين وتأثّر بهم وتربّى على أيديهم ، ومنهم العلّامة عبد الرحمن الكواكبي الذي كان يدعو إلى إنشاء دولة عربيّة موحّدة مستقلّة ذات سيادة ومنفصلة عن الشرق والغرب .
سافر إلى الخليج الفارسي بعد الحرب العالميّة الثانية ، ونزل على الشيخ خزعل خان أمير المحمّرة آنذاك ، وأصبح معلّما لأولاده . ولد سنة (۱۲۹۱ ه ) وتوفّي سنة (۱۳۴۱ ه ) (ملحمة الإمام عليّ عليه السلام : ص۵) .
2.ملحمة الإمام عليّ عليه السلام : ص۶۴ .
3.الزيادة منّا لتتميم العبارة ، والظاهر أنّه سقط مطبعي .
4.ملحمة الإمام عليّ عليه السلام : ص۹۴ .
5.أجهت السماء : انكشفت وأضحَت (تاج العروس : ج۱۹ ص۳۰۰) .
6.ملحمة الإمام عليّ عليه السلام : ص۱۰۳ .