ولا بِتَركِ حَقِّكَ ، ثُمَّ أخرَجَ مِن جَيبِهِ قِطعَةَ جِلدٍ كَهَيئَةِ طَرَفِ الجَواب ۱ فَكَتَبَ فيها : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم ، فَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ ۲ ، «وَ لَا تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَ لَا تَعْثَوْاْ فِى الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» ۳ ، «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَ مَآ أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ» ۴ . إذا قَرَأتَ كِتابي فَاحتَفِظ بِما في يَدَيكَ مِن عَمَلِنا حَتّى يَقدُمَ عَلَيكَ مَن يَقبِضُهُ مِنكَ ، وَالسَّلامُ .
فَأَخَذتُهُ مِنهُ ، وَاللّهِ ما خَتَمَهُ بِطينٍ ولا خَزَمَهُ بِخِزامٍ ، فَقَرَأتُهُ ، فَقالَ لَها مُعاوِيَةُ : لَقَد لَمَّظَكُمُ ۵ ابنُ أبي طالِبٍ الجُرأَةَ عَلَى السُّلطانِ فَبَطيئا ما تُفطَمونَ .
ثُمَّ قالَ : اُكتُبوا لَها بِرَدِّ مالِها وَالعدلِ عَلَيها . قالَت : ألي خاصٌّ أم لِقَومي عامٌّ ؟ قالَ : ما أنتِ وقَومُكِ ؟
قالَت : هِيَ وَاللّهِ إذَنِ الفَحشاءُ وَاللُّؤمُ ، إن لَم يَكُن عَدلاً شامِلاً وإلّا فَأَنَا كَسائِرِ قَومي . قالَ : اُكتُبوا لَها ولِقَومِها ۶ .
1.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصحيح : «الجراب» كما في المصادر الاُخرى . والجِراب : وعاءٌ من إهاب [جلد ]الشاء (لسان العرب : ج۱ ص۲۶۱) .
2.مضمون الآية ۸۵ من سورة الأعراف .
3.الشعراء : ۱۸۳ .
4.هود : ۸۶ .
5.التَّلَمُّظ : التذوّق ، ولَمَظَ الماءَ : ذاقَه بطرف لسانه ، ولمَّظ فلانا لُماظَةً : أي شيئا يتلمّظه (لسان العرب : ج۷ ص۴۶۱ و۴۶۲) .
6.بلاغات النساء : ص۴۷ ، العقد الفريد : ج۱ ص۳۳۵ ، الفتوح : ج۳ ص۵۹ وراجع الفصول المهمّة : ص۱۲۷ وتاريخ دمشق : ج۴۲ ص۵۸۷ .